دام برس :

تصر الحكومة التركية على خرق القانون الدولي، ومن خلال إسقاط طائرة استطلاع سورية كانت تقوم بمهام لجهة رصد تحركات الميليشيات المسلحة ومقرات القيادة والتحكم في الشمال السوري يعطي دليلاً جديداً على خرق النظام التركي الذي يقوده إخواني الهوى رجب طيب أردوغان لقوانين مجلس الأمن المتعلقة بتقديم الدعم للميليشيات المسلحة الإرهابية، لكن الإلزام الشديد الذي وضعته المؤسسة الأممية لقوانينها بتطبيق الفصل السابع بحق الجهات المخالفة لهذه القوانين، محض وهم.

فالمصلحة الأمريكية العليا تقتضي بأن تبقى هذه القوانين مجرد حبر على ورق، كما إن واشنطن تشرعن لنفسها ولحلفاءها هذه الخروقات تحت مسميات عدة، فإن كانت إدارة البيت الأبيض تذرعت بمواجهة داعش لتدريب من تسميهم "المعتدلون" من الميليشيات المسلحة في سوريا، فإن إسقاط طائرة الاستطلاع السورية يأتي من خلف ستار "خرق الأجواء التركية" على الرغم من إن مكان سقوط الطائرة يثبت عكس ذلك.

في الحدث الشمالي ثمة مصالح متقاطعة للاعبين الإقليمين، فالسعودية سارعت إلى التقارب مع النظام التركي لتكون حاضرة ضمن مشهد الناتج عن عملية فصل جزء من الشمال السوري عن الدولة وتحويله إلى منطقة آمنة أو عازلة محمية بحظر طيران، في حال تم الأمر في هذه الصورة، كما إن الكيان الإسرائيلي الذي تهزه انتصارات الجيش العربي السوري والمقاومة في منطقة القلمون يبحث لنفسه عن مكان في المشهد، وبكون التحالفات على الأرض تؤكد إن الائتلاف المعارض يبرر التحالف مع جبهة النصرة، فإن الأمريكيون ملزمين بتوجيه الرأي العام نحو المسألة الشمالية على إنها ناتجة عن تحالف للميليشيات المعتدلة ضد الدولة السورية، لتخرج التنظيمات الإرهابية من الصورة، على الرغم من تبني جبهة النصرة لكل الهجمات الانتحارية والتي نفذت من قبل ميليشيا "جند الشام" المكونة من مقاتلين من جنسيات شيشانية وتركمانستانية، و أوزباكية، مما يؤكد أن أردوغات وثلته يعترفون بدعم جبهة النصرة بشكل مباشر في الشمال السوري، من خلال تحويل كل المقدرات والقدرات التركية لصالح الإبقاء على موازين القوى في الشمال على ما هو عليه.

 وفي هذا المشهد أيضاً، يأتي إسقاط الطائرة ليؤكد النظام التركي على دعمه الكامل للميليشيات، وما كانت أنقرة تنفيه من تقارير إعلامية تتحدث عنه من دعم للميليشيات بات اليوم واقعاً ملموساً بدليل مصور، وباعتراف تركي رسمي، وبالتالي يمكن القول إن الجاني اعترف، وباعتبار إن القاعدة القانونية تقول إن الاعتراف سيد الأدلة، فلماذا لم يسمع مجلس الأمن الدولي هذا الاعتراف، ولماذا لم يصدر أي تصريح عن الأمم المتحدة يدعو فيه بان كي مون إلى ضرورة الالتزام بالقوانين الدولية، أو على الأقل لماذا لم يظهر كي مون ليعبر عن قلقه كما يفعل في أي من الملفات الدولية الساخنة، بما فيها الملف السوري، كما هو الحال في الملفات والمواضيع التي يفيد قلقه فيها التوجهات الأمريكية.

بالجرم المشهود، وباعتراف موثق، يكون إسقاط طائرة الاستطلاع السورية من قبل سلاح الجو التركي، خرق واضح وصريح لقوانين مجلس الأمن المعنية بدعم المسلحين، وعلى ذلك يمكن القول إن مجلس الأمن اليوم بات ملزماً بتطبيق "الفصل السابع" بحق النظام التركي، لكن الواضح إن أي خطوة في هذا السياق لن تتخذ، وسيكون الأمريكيون حاضرون للدفاع عن النظام التركي بكونه يقوم بدور الوسيط لا أكثر في تنفيذ المشروع الصهيوأمريكي في سوريا، وبالتالي فإن الحفاظ على أردوغان وثلته في سدة الحكم التركي من ضرورات الأمن القومي الأمريكي، وملف أمن إسرائيل.

عربي برس - محمود عبد اللطيف