Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
أبعاد التوغل التركي .. بين الرسائل و«المرسل إليهم»

دام برس :

كتب حسين طليس في سلاب نيوز .. بقدر ما تحيط علامات الإستفهام بالتوغل التركي الذي حصل في سوريا قبل يومين، لنقل ضريح جد العثمانيين سليمان شاه (وفق المعلن)، فإن الكثير من الأجوبة على تساؤلات قديمة من عمر الأزمة السورية، قد وصلت إلى الأذهان عبر هذا التوغل. إجابات أرسلتها تركيا الى جميع المتسائلين، من أصدقاء وأعداء، قالت عبرها كلمتها، وكشفت من خلال عمليتها، ما كانت عليه في الفترة السابقة، ملمّحة الى اتجاهها في المرحلة المقبلة.

قبل شرح  الرسائل التركية وأبعاد عملية التوغل، تجدر الإشارة إلى أمر بالغ الأهمية وأساسي لقراءة الخطوة التركية. فذرائع "التراث التركي" و"الأمن القومي" و"التاريخ العثماني"، التي إستخدمها المسؤولون الأتراك لشرح رمزية الضريح وأهمية نقله، لا تعدو كونها حجج واهية وتشويه متعمد للتاريخ. إذ ان الضريح لا يضم أي جثمان او أثر للجد العثماني، الذي تشير المعلومات التاريخية بكل وضوح لكونه قضى غرقاً في نهر الفرات أثناء عبوره النهر قرب قلعة جعبر عام 1231. ولم يعثر على جثته حينها، ما دفع أبناء عشيرته الذين كانوا يرافقونه، إلى إقامة قبر رمزي له للإشارة الى مكان وفاته. تلك الرمزية، فقدت عام 1968 حين تم بناء سد نهر الفرات، حيث تم تشييد مزار آخر لسليمان شاه على تلة مرتفعة شمال تل "قره قوزاق" بعد حوالي 30 كلم إلى الشرق من مدينة منبج، وذلك عوضاً عن المكان الأصلي للقبر الرمزي الذي بات مغمورا اليوم بالمياه بسبب السد.

أما الهدف من الشرح التاريخي السابق، فهو تعرية الخطوة التركية من أي أبعاد تراثية تاريخية وقومية، إستخدمها الأتراك لتبرير دخولهم الأراضي السورية، قالضريح لا يحوي أي رفات، كما أنه يفتقد الى رمزية مكان الموت، وقد سبق ان تم إستبدال مكانه، ما يعني أنه كان بإستطاعة تركيا، كما حصل سابقاً، أن تعلن عن مكان آخر للضريح دون الحاجة لدخول رتل عسكري ضخم والدخول في عملية خرق للسيادة السورية. وكان بإستطاعة ال40 جندي الذين كانوا يحرسون الضريح أن ينسحبوا بإتجاه تركيا، بنفس الطريقة التي دخلوا فيها وليعلن بعدها عن إصطحابهم للشيء الرمزي (أياً يكن) الذي نقل عبر الرتل، وكان ليكون ذلك أقل لفتاً للأنظار وأكثر سلاسة، لولا أن الهدف كان إستعراضياً بحت، يحمل في عمقه رسائل وإشارات تركية لكافة الجهات، إضافة إلى إختبار أكدت من خلاله أنها ما زالت اللاعب الأول والأقوى في الشمال السوري.

أما عن الرسائل التركية، فهي تكمن في عدة عناصر، المكان.. الزمان.. والأسلوب، أما "المرسل إليه" فقد وقعته تركيا بعبارة "إلى كل من يهمه الأمر". في المكان، فإن دخول تركيا عبر رتل يضم أكثر من 500 جندي و200 مدرعة ودبابة بمرافقة طائرات مروحية، بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، إنطلاقاً من معبر "مرشد بينار" الواصل بين مدينة كوباني وبلدة سروج التركية، والخاضع لسيطرة الأكراد، مروراً بمناطق سيطرة كل من "الجيش الحر" و "جبهة النصرة"، وإنتهاءً في مناطق سيطرة تنظيم "داعش"، يحمل رسالة تقول أن تركيا ما زالت تمسك بزمام الميدان وفصائله في الشمال السوري، وقادرة على ترويض كافة الجهات بمن فيهم الأكراد الذين يكنون العداء العلني لها، و داعش التي لم تعد تقيم وزناً لأي دولة او جهة، والتي أعلنت تركيا جهاراً مشاركتها في الإئتلاف الدولي لمحاربتها. ومع ذلك فقد استطاعت تركيا تأمين دخول وإنسحاب آمن لم يتخلله أي خرق او إشتباك.

لجهة الزمان، فإن وجهة الرسالة تختلف هذه المرة، إذ انها تأتي بعد الإتفاق الذي تم إبرامه بين تركيا وأميركا، والذي يقضي بمساهمة تركيا وإشرافها على تدريب ما يسمى بمسلحي "المعارضة المعتدلة"، وبالتزامن مع خطاب يوضح نية تركية في دخول الصراع مع داعش، وقبيل ساعات من ترحيل عناصر جهادية من تركيا. ما يوضح أن "المرسل إليه" هنا، هي دول إئتلاف الحرب على داعش وعلى رأسها الولايات المتحدة، وهدف الرسالة إظهار إستعدادات تركيّة وجدية غير مسبوقة في دخول الحرب على داعش، مقابل صفقة تدريب "المعتدلين" وما يتبعها من مكاسب مستقبلية في حال نجاح "المعتدلين" بتحقيق الهدف المرسوم لهم في سوريا. ليأتي هذا التوغل تحت حجة سحب نقاط الضعف التركية من قبضة داعش، ترويجاً لجدية تركيا في مساندتها أميركا.

للملف الكردي حصته أيضاً من الرسائل التركية، فبالإضافة لكون العملية في حد ذاتها قد تمت بالتنسيق مع الأكراد كما أكدت مصادر كردية في تصريحات صحفية، وتدل على علاقة وطيدة مستجدة، فإن إختيار المكان البديل للضريح، له رمزيته أيضاً، فبلدة «أشمة» السورية خاضعة اليوم لسيطرة الأكراد، وإن نقل الضريح المحمي من قبل جنودها، بناءً على إتفاقية أنقرة، يشير الى إطمئنان تركي لناحية الأكراد الذين يرسخون التطبيع الجديد للعلاقة مع تركيا، عبر موافقتهم.

يبقى الأسلوب والطريقة التي تمت عبرهما تلك العملية، والتي تتضمن بأغلبها رسائل موجهة للدولة السورية، مفادها تسجيل إعتراض على العمليات العسكرية المقلقة، التي ينفذها الجيش السوري في الريف الشمالي لحلب، إضافة الى إظهار إستعداد للتدخل المباشر منعاً لإسترجاع حلب. ومن جهة أخرى فقد شكل التوغل إختباراً لتدخل أوسع نطاقاً في المستقبل، خصوصاً وأن تركيا تعمل منذ زمن على خلق منطقة للتدخل البري الدائم ومنطقة حظر طيران في شمال سوريا.

بالرغم من كل تلك الإجابات التي وضحتها العملية التركية، إلا أنها فتحت الباب عريضاً على تساؤل أكبر يبدأ من الموقف الأمريكي تجاه هذا التدخل، فهل حصل هذا التوغل الضخم دون علم أمريكي؟ إن لم يكن الامريكي راضٍ عن هذه العملية فهذا يعني إنطلاق حرب محاور تضم محوراً تركياً قطرياً إخوانياً مستقلاً  الى حانب المحاور الأخرى، أما إن كان على علم بهذا التدخل فهذا يعني ضرباً لجميع محاولات البحث عن حلول، سواء في جينيف او في موسكو، والنتيجة واحدة في النهاية.. المنطقة نحو مزيد من التصعيد!

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz