دام برس _ ريتا قاجو :
يبدو أن فورز التحالف اليساري في الانتخابات التشريعية اليونانية، سيكون نقطة تحول مفصلية في سياسات اليونان بالنسبة للاتحاد الأوروبي على المستوى الاقتصادي وربما السياسي أيضاً.
حزب "سيريزا" بقيادة رئيسه الشاب " ألكسيس تسيبراس" ما لبث تسلم زمام الأمور في البلاد، حتى عبر عن انتقاده الصريح والمباشر للعقوبات الاقتصادية التي ينوي الاتحاد الأوروبي فرضها على روسيا ، مؤكداً أن الاتحاد لم يأخذ بمشورة اليونان مطلقاً في هذا الشأن، فصرحت اليونان على لسان وزير خارجيتها الجديد "نيكوس كوتزياس" أنها ستتخذ موقفاً ديمقراطياً من العقوبات ضد روسيا في اجتماع بروكسل.
موجة من المواقف التي تعكس عدم الارتياح من سياسات الحزب الجديد، عبرت عنها أطراف أوروبية عديدة، فألمانيا صاحبة الدين الأكبر هددت بما أسمته قبولها الاستغناء عن اليونان خارج الاتحاد الأوربي، ثم ما لبث تراجعت عن حدة هذا التصريح على لسان أنجيلا ميركل.
ولعلّ أن ما يمكن وصفه "بصلابة" الموقف الأوروبي تجاه الديون اليونانية، لا يوجد أية دلالات تضمن استمراره، فهذه المواقف قد تلين وتفتح أبواب من التشاور والمرونة، خوفاً من أن تهب رياح التغيير لتطال بلدان أوروبية، ويفوز فيها أحزاب يسارية تشابه في سياستها المعادية للتقشف حزب "سيريزا".
رئيس الوزراء اليوناني الجديد الذي فاز حزبه بأغلبية 149 مقعداً في البرلمان، تعهد برفع سياسة التقشف عن شعبه، والبدء بمفاوضات جديدة حول الديون التي وصلت إلى أكثر من 320 مليار دولار، والتخفيف من الضرائب عن الطبقات الفقيرة والوسطى وإلقاء العبء الأكبر منها على الأثرياء، وتأتي الوعود "الوردية" للرئيس الشاب في ظل موجة من المخاوف الأوروبية الغير مرتاحة لسياسات الحكومة الجديدة.
وفي الوقت الذي يعد فيه "تسيبراس" الشعب اليوناني الذي جاع وتشرد أكثر من ثلثه، ووصلت بطالته إلى 25%، يخرج رئيس  بنك "برينبرغ" الألماني ليصف هذا برهان "انتصار الغضب على الخوف"، وبدوره يقول رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" ، أن الخيار اليوناني يعني معارضة سياسة التقشف وهو ما يشكل قلقاً على الاقتصاد الأوروبي.
إذاً مخاوق عديدة أثارتها نتائج الانتخابات اليونانية، التي يعتبرها البعض جسراً يمهد عبور حركات يسارية أوروبية إلى الحكم، فحزب "يوكيب" البريطاني المعارض سيستغل هذه النتائج لصالحه كما يرى مراقبون، وقد يطال التغيير فرنسا وبريطانيا وإيطاليا.
مقرضو اليونان من دول الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي وصندوق النقد الدولي، دعوا أثينا إلى احترام التزاماتها المالية، بينما يستمر تحالف "سيريزا" بالثبات على موقفه من وعوده وطرحه المتعلق باستقلال اليونان عن منطقة اليورو، ويبقى الرهان على ما ستحمله الأيام المقبلة من تغييرات ومدى تأثيرها على علاقة اليونان بأوروبا والعالم، خاصة بعد إعلان نيتها إعادة النظر من موقفها من حلف الناتو، وهو ما يشكل تهديداً على الاستقرار السياسي والاقتصادي لأوروبا، بعد النصر الكاسح لسيريزا الذي رفع منذ البداية شعار مناهضته للرأسمالية.