دام برس :

يدوّن التاريخ أن رهانات آل سعود على تفتيت اليمن والاقتتال الداخلي الدائم سقطت كلها، ولم تفلح المليارات السعودية التي أنفقتها الرياض في إحداث شرخ جدي في النسيج اليمني، بل نشهد اليوم تماسكاً متيناً بين المكوّنات الشعبية والحزبية جعل من القرار اليمني غير قابل للكسر أو الاهتزاز خلف قيادة خبرت التعامل مع مثل هذه المخططات، ولن تستطيع السعودية في عدوانها تحقيق هدفها باجتثاث حركة أنصار الله (الحوثيون).

وبالتالي لن يكون هناك مجال للمساومة أو التراجع حتى إسقاط المشروع الاستعماري السعودي الجديد….

حفلة جنون يقودها الملك سلمان

لطالما قاوم الشعب اليمني التسلّط السعودي وخاض بسبب ذلك ستة حروب ويخوض اليوم حرباً سابعة فرضها عليه حكام آل سعود الذين ورّطوا أنفسهم وأبناء الجزيرة العربية في أزمة متدحرجة لن يكون هؤلاء قادرين على التخلص من تداعياتها، ولا بد أن نتائجها ستنعكس عليهم سلباً في شتى المجالات السياسية والعسكرية وعلى مستوى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. ويبدو أن ملك السعودية سلمان الذي يقود حفلة الجنون في اليمن قد التبس عليه نموذج البحرين الذي ما زال يصر شعبه على المواجهة السلمية، فاندفع بتحريض من بعض الموتورين في العائلة الحاكمة ليعلن الحرب على الشعب اليمني وفي رأس أهدافه القضاء على الحوثيين وإبادتهم عن بكرة أبيهم، وإعادة اليمن إلى بيت الطاعة السعودي، ولكن هل سينطبق حساب الحقل السعودي على البيدر اليمني؟!

نيران اليمن ستحرق قصور آل سعود

قدّمت القيادة اليمنية الكثير من الفرص وفتحت يديها أمام المبادرات المختلفة تحت عنوان تحقيق الاستقرار وتمتين اللحمة الوطنية، ولكن التعنّت السعودي أحرق كل المسارات من خلال إعلان الحرب على اليمن، وحكام آل سعود يدركون أن كل ترساناتهم العسكرية وطائراتهم وصواريخهم لن تجني سوى الفشل، وأن كل الجولات الجوية لن تحسم أي معركة، وبالتالي فإن الموعد المحتّم سيكون في الميدان، حيث سيكون الامتحان الحقيقي والتطبيق الفعلي.

أقحم حكام آل سعود أنفسهم في عنق الزجاجة، وفتحوا الباب أمام تصعيد خطير لن تقف تداعياته عند حدود اليمن وستدخل المنطقة العربية كلها في حرب غير محسوبة العواقب. ولن يتأخر اليمنيون كثيراً حتى يبدأوا بالتحرك وسيجد السعوديون أنفسهم أمام استحقاق جدي لم يحتسبوه بدراية، ولن تنحصر الحرب في حدود الاستنزاف القاسي بل ستنتقل إلى قلب المناطق السعودية، التي تشهد غلياناً سرعان ما سيبدأ بالظهور، وستصل نيرانه عاجلاً أم آجلاً إلى قصور آل سعود، ولن تجد المملكة السعودية من يتحرك لحمايتها، فلا أمريكا مستعدة اليوم لمد يد العون لهم ميدانياً، ولا “إسرائيل” جاهزة لخوض حرب بالوكالة، بل إن معظم التحليلات والمواقف الإسرائيلية تعرب عن ارتياحها لما يجري من مواجهة عربية – عربية، وتعتبر أن السعودية تشن اليوم حرباً بالوكالة عن “إسرائيل” ستؤدي إلى إضعاف محور الممانعة في المنطقة.

هل يتحمل السعوديون قوافل توابيت أبنائهم؟

ويوضح أكثر من خبير عسكري أن الجيش السعودي لم يختبر قدراته حتى اليوم في أي مواجهة ميدانية، على الرغم من الدورات العسكرية والتدريبات التي تلقاها على أيدي الجيش الأميركي، وأن المجازر التي ترتكبها الطائرات السعودية في غاراتها على المناطق اليمينة ليس مؤشراً على التفوّق بقدر ما هي مؤشر على إفلاس في الخيارات والقرارات، وهناك الكثير من التجارب السابقة التي هزم فيها اليمنيون العسكر السعودي، وتوغّل الحوثيون عميقاً في المناطق السعودية شمالاً، في حين كان الجنود السعوديون يلوذون بالفرار، ولم تنفع زيارات الأمراء والمسؤولين السعوديين في رفع معنوياتهم المحبطة، ويؤكد هؤلاء أن تجربتي العامين 2008 و 2010 خير دليل على عجز الأداء السعودي أمام الإصرار اليمني، وبالتالي فإن المحك الأساسي سيكون في المواجهات البرّية.

وطالما سطّر الشعب اليمني ملاحم الصمود والعزم، وأذاق المملكة مرارة الهزيمة مرات عديدة من قبل، ودحر جنودها وأسقط رموزها في الداخل، يمتلك اليوم كل المقوّمات العسكرية والأمنية والمعنوية التي تمكّنه من صنع الانتصار مرة جديدة، ومن المؤكد أن العائلات السعودية التي اعتادت العيش براحة تحت مظلة الحماية الأمريكية لن تكون قادرة على تحمّل رؤية توابيت القتلى من أبنائها وهي تتوالى يومأً بعد يوم قادمة من المستنقع اليمني.

محطات سوداء في تاريخ آل سعود

• مع إعلان المملكة السعودية عام 1932 شن آل سعود حرباً ضد اليمن انتهى باتفاق الطائف عام 1934 خسرت فيها اليمن مؤقتا أراضيها في عسير ونجران وجيزان.

• عمل نظام آل سعود على دعم الامام أحمد لإخماد ثورة العام 1948 في اليمن للقضاء على الثورة في أيامها الاولى.

• استقدم نظام آل سعود جنود مرتزقة من مختلف دول العالم لإخماد الثورة اليمنية التي اندلعت عام 1962.

• عمل نظام آل سعود على فرض نظام حكم في اليمن يتلاءم معهم برفضهم النظام الجمهوري في اليمن وفرض صلح مع الملكيين عام 1970 ليصبح الملكيون جزءاً من النظام اليمني.

• موّل نظام آل سعود عملية اغتيال الرئيس ابراهيم الحمدي عام 1977 الذي قاد حركة 13 يونيو الذي أعلن مشروعه الوطني المستقل لبناء الدولة اليمنية الحديثة، فكان أول شهداء مشروع الوحدة اليمنية.