دام برس ـ سهى سليمان ـ طرطوس :
أي موت ذاك الذي يجعل شجرة الميلاد يتيمة، فتتهاوى الشمس والقمر، لتتأرجح ثلاثة أنجم في عمر الورد يتامى تتناقلها رياح الفقدان، وأين المفرّ من ذاك القدر، وهل هناك معجزة تعيد فيها من ذهب، أو تمسح تلك الدموع الفتية التي ستحفر طويلاً معاناة على وجنات أطفال المستقبل.
نعم، للموت فنون، يتلذذ في تلقيننا إياها، حيث تتلقى الزوجة نبأ استشهاد زوجها وهي على سرير المرض، فتغمض عينيها لتسدل الستار على حياة عاشتها معه ومع أطفالها.
فمن المؤكد أن الشهيد مازن محمد غانم ذو الـ 34 عاماً، عندما لبى نداء الوطن واستشهد لأجله وزوجته وأطفاله، لم يكن بحسبانه أن الموت سيخطف زوجته ليبقى مستقبل الأولاد مفتوحاً على مصراعيه.
ومن المؤكد أيضاً أن الزوجة ماجدة إسماعيل أحمد وعمرها 32 عاماً، لم تستطع أن تكمل حياتها بعيداً عن زوجها الشهيد فلازمها المرض حتى استسلمت للموت، تاركة أطفالها في عهدة الأهل والأحبة.
مؤسسة "دام برس" الإعلامية، زارت منزل الشهيد مازن والأطفال حيث يقيمون مع عائلتهم الجديدة وجدّتهم التي تساهم بشكل كبير في تربيتهم لتسمع منهم قصة من مآسي الحرب على سورية .
خمسة أطفال في عهدة العم المريض
حدثنا الأهل أن الشهيد مازن كان متطوعاً في الحرس الجمهوري يؤدي خدمته في منطقة حرستا وأثناء الاشتباكات في المنطقة استشهد مازن بتاريخ 17 كانون الأول 2016.
أما الأم ماجدة فقد كانت تعاني من "الكريب" حيث ارتفعت درجة حرارتها وأصابها التهاب السحايا ما أدى لوفاتها في 27 كانون الأول 2016، أي بعد عشرة أيام من تلقيها نبأ استشهاد زوجها.
والآن مايا ولميس وحيدر ثلاثة أغصان فتية تلقى رعايتها من العم (شقيق الأب) حسن محمد غانم وزوجته السيدة سهى إبراهيم أحمد، حيث يتوليان تربية ورعاية أطفال الشهيد إضافة إلى طفلين لهما (أحمد ويعقوب)، وعلى الرغم من أن السيد حسن مصاب بمرض سرطان الدم والأمعاء، ولا يزال يتلقى العلاج والجرعات الكيمائية في اللاذقية.
أما السيدة سهى قالت إنها سعيدة بتربية أولاد الشهيد فهم أطفال لا ذنب لهم ويجب علينا رعايتهم وتعويضهم عن الحنان الذي فقدوه، مؤكدة أنه حتى ولو عانت بعض الصعوبات لكنها لن تستسلم لها وستؤدي رسالتها الإنسانية بكلّ إخلاص.
وأضافت أن الطفلة مايا في الصف الثالث الابتدائي، في حين لميس دخلت الصف الأول، أما الطفل حيدر عمره عام واحد، وهو لا يزال يحبو على الأرض دونما استطاعته المشي.
مطالب بقبول الأطفال الأيتام في مدارس أبناء الشهداء
بدورها أم الشهيد تحمدت ربها وشكرته راجية منه أن يلهمها الصبر والعون للمساهمة في تربية الأطفال، كما ترحمت على أرواح الشهداء الشرفاء الذين استبسلوا في الدفاع عن الأرض والعرض.
السيد محمود متطوع في البحرية يتنقل في الساحل السوري لتأدية واجبه الوطني، لديه ثلاثة أطفال أيضاً، وهذا ما أعاقه عن اصطحاب أطفال أخيه لإعانتهم في منزله، لكنه لا يوفر أي جهد ممكن لمساعدتهم.
وشرح السيد محمود معاناته الطويلة لتسجيل الطفلتين (مايا ولميس) في مدارس أبناء الشهداء بدمشق، حيث كان الردّ بأن هناك ضغط كبير على المدارس ولا يمكن قبولهما، مطالباً جميع الجهات المعنية بالمساعدة الفورية وقبول الطفلتين في المدارس بحكم أنهما ابنتا شهيد ويتيمتان، مؤكداً أن ذلك من حقهما الطبيعي.
ووجهوا نداءً عاجلاً لجميع الجهات المعنية في مدارس أبناء الشهداء بدمشق، وجميع الجهات المسؤولة لإنصاف أطفالنا، أبناء الشهداء الذين هم أمانة في أعناقنا بعد أن ضحى أباهم في سبيل هذا الوطن، فمن حقهم أن يعيشوا بكرامة وأن يحصلوا على مكان دائم ومستقر بعد أن فقدوا الحنان والعطف من والديهما.