Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الانتخابات المحلية التركية لعام 2014 .. إعداد: مركز الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التركي

دام برس:

سنة 2014 تعد فترة حاسمة في تحديد ملامح السياسة التركية للسنوات القادمة, فهي السنة الانتخابية بامتياز, حيث تتهيأ القوى السياسية التركية لخوض عملتي إنتخاب متعاقبتان (الانتخابات المحلية في 30 آذار, الانتخابات الرئاسية في 14 آب). وإن نجاح أو فشل الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية القادمة سيكون له بالغ الأثر على حسابات حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية في عام 2015.
تهدف الدراسة إلى تقديم رؤية مقتضبة عن مواقف الأحزاب السياسية التركية في الانتخابات القادمة وكذلك تحليل ثلاثة قضايا رئيسية (عملية السلام الكردية, أحداث جيزي بارك, والشرخ بين حزب العدالة والتنمية وحركة غولن) ستشكل عوامل حاسمة في رسم نتائج الانتخابات.
مقدمة
أتم حزب العدالة والتنمية العشر سنوات في الحكم في عام 2013, وتعرض الحزب لتحديات داخلية عديدة أبرزها أزمة الانتخابات الرئاسية لعام 2007 عدم رفض نظام الوصاية العسكري السماح لأحد مرشحي الحزب في أن ينتخب رئيساً للجمهورية. وفتحت قضية حظر الحزب في عام 2008 إلا أن حزب العدالة والتنمية استطاع أن يخرج أقوى من ذي قبل لاكتسابه تأييداً كبيراً ضد تسلط العسكر.
وفي شهري أيار وحزيران من العام 2013 جابه العدالة والتنمية تحدياً غير مسبوق عندما احتشدت قطاعات معينة من المجتمع في الشوارع للتظاهر ضد الحكومة في ما عرف باحتجاجات جيزي بارك Gezi Park. لم يجد المتظاهرون حزباً سياسياً كبديل يعبرون من خلاله عن معارضتهم فلجأوا إلى الشارع للتعبير عن احتجاجهم. وبذلك اغترب المحتجون عن العملية السياسية الشرعية. ومثلت الاستجابة لاحتجاجات الشارع تحدياً أمام جميع الأحزاب السياسية. ولم تجد أحزاب المعارضة طريقة فعالة لتحويل احتجاجات الشارع ضد الحكومة إلى أصوات انتخابية تصب في صالحها. وعلى أي حال سيكون لإرث تلك الاحتجاجات أثر ملموس على الدورة الانتخابية القادمة.
وبرزت أكبر التحديات أمام حكومة العدالة والتنمية في شهر كانون الأول من العام 2013 بما يعرف بقضايا الفساد والرشوة. وكان التحدي مختلفاً هذه المرة فالخصم هو شبكة منظمة جيداً من مدعين عامين وضباط شرطة وقضاة مرتبطون بحركة غولن Gülen movement. ويعود تاريخ الصراع السياسي بين حركة غولن وحزب العدالة والتنمية إلى مطلع عام 2012 عندما حاول أحد المدعين العامين استجواب هاكان فيدان Hakan Fidan مدير الاستخبارات الوطنية على خلفية إنخراطه في مفاوضات سرية نيابة عن الحكومة مع زعيم حزب العمال الكردستاني, عبد الله أوجلان. وعندما فشلت محاولات حركة غولن لصد قرار الحكومة في إغلاق المدارس الخاصة في خريف عام 2013 استهدفت الحركة  وزراء الحكومة بفتح ملفات الفساد والرشوة والابتزاز المالي. هذا الشرخ بين العدالة والتنمية وحركة غولن سيؤثر في نتائج الانتخابات ولكن بشكل غير حاسم.
وباقتراب موعد الانتخابات المحلية (البلدية) المقررة في أخر الشهر الحالي, يرجح أن يكون تأثير أحداث جيزي بارك وصراع العدالة والتنمية-مع حركة غولن ذا أهمية حاسمة. كما أن حل المسألة الكردية – نزع سلاح حزب العمال الكردستاني مقابل توسيع دائرة الحقوق السياسية والثقافية للأكراد – سيكون له تأثير حاسم في هذا الموسم الانتخابي. فقضية الأكراد لا تخص الحركات السياسية الكردية فقط بل هي مؤشر لتحديد كيفية العلاقة بين الدولة التركية ومواطنيها. وبتركيز حزب العدالة والتنمية على القضايا القومية في حملته للانتخابات المحلية, سيتحدد توجه العديد من الناخبين بموجب موقفهم من عملية حل المسألة الكردية. ويمكن القول بأن حل المسألة الكردية سيكون له تأثير كبير في عملية الانتخابات على المدى البعيد إذا ما قورن بالأثر المحدود لأحداث جيزي بارك  وصراع العدالة والتنمية-حركة غولن.
ركزت أحزاب المعارضة, باستثناء حزب السلام والديمقراطية الكردي, على تهم الفساد ضد حكومة العدالة والتنمية كأساس لحملتها الانتخابية القادمة. وفي حال تمكن حزب العدالة والتنمية من تجاوز أزمة الفساد وفاز بالانتخابات المحلية, يتعين عندئذ على أحزاب المعارضة الإتيان ببرنامج انتخابي أكثر شمولاً من مجرد الاعتماد على فشل الحزب الحاكم.
يقدم هذا التقرير تحليلاً للأحزاب السياسية الأربعة الممثلة في البرلمان والمشاركة في الانتخابات المحلية. وسيتم إلقاء الضوء على البرامج الانتخابية لكل حزب, واستراتيجيات الحملة الانتخابية. وسيناقش التقرير القضايا الرئيسية الثلاثة التي يرجح أن يكون لها تأثير كبير على العمليات الانتخابية (المحلية والرئاسية والبرلمانية).
حزب العدالة والتنمية (AKP) نحو الانتخابات المحلية
يشاع الاعتقاد بأن قضية الفساد جعلت الانتخابات المحلية كتصويت ثقة أو استفتاء على حكومة حزب العدالة والتنمية عموماً وعلى مستقبل إردوغان خصوصاً. نتيجة لأحداث احتجاجات جيزي بارك في الصيف الماضي وفضيحة الفساد في 17 كانون الأول الماضي وصراع العدالة والتنمية-حركة غولن أصبحت أجواء الانتخابات المحلية القادمة أقرب ما تكون إلى أجواء الانتخابات العامة.
جولة الانتخابات المحلية هي الأولى في ثلاثة عمليات انتخابية, وينظر إليها كبروفة تحضيرية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وبالنتيجة زادت الانتخابات المحلية من استقطاب المناخ السياسي في تركيا وهو ما جعل أجواء الانتخابات محتقنة. قام الحزب المعارض الرئيسي, حزب الشعب الجمهوري, خلال حملته الانتخابية وبمساندة حركة غولن باستهداف شخص رئيس الوزراء رجب إردوغان بتسريب تسجيلات صوتية تدينه بالفساد دون النظر فيما إذا كانت تسجيلات حقيقية أم مزورة.
ينظر العديد من المراقبين والمعنيين إلى نتائج الانتخابات المحلية على أنها تصويت ثقة على حزب العدالة والتنمية وعلى إردوغان. وأشارت بعض المصادر من الحكومة إلى أن نسبة 40% من الأصوات سيعد تخطي لعتبة النجاح, وهي أقل مما حققه الحزب في الانتخابات العامة لعام 2011 (50%), ولكنها تبقى أكبر من نسبة الـ38.8% التي أحرزها الحزب في انتخابات عام 2009. ومن هذا المنظور يمكن القول بأن أي نسبة تتجاوز 40% من أصوات الناخبين يحرزها الحزب في الانتخابات المحلية ستقوي من موقف وعزيمة إردوغان وحزبه وتشجعه على خوض الانتخابات الرئاسية في شهر آب. وفي حال أتت نتائج الانتخابات مخيبة لآمال حزب العدالة والتنمية (أقل من 40% من الأصوات) فيرجح عندئذ عدم ترشح إردوغان للرئاسة. وعوضاً عن ذلك قد يعدل الحزب من نظامه الداخلي الذي لا يجيز ترشح العضو للبرلمان لأكثر من ثلاث دورات متتالية, ويمهد الطريق أمام إردوغان لشغل منصب رئاسة الوزراء لدورة قادمة.
يولي حزب العدالة والتنمية الأهمية القصوى لعدد الأصوات التي سيحصل علها في الانتخابات المحلية ويبدو أنه يبدّي ذلك على عدد الإدارات المحلية التي سيفوز بها, حيث أن عدد الأصوات هو معيار النجاح أو الفشل في "تصويت الثقة" الذي تجسده العملية الانتحابية. وفق هذا المنظور, سيركز الحزب على تحقيق أعلى هامش من الأصوات المؤيدة له في المناطق التي يُرجح أن يفوز بها. وفي المناطق التي تقل فيها شعبيته عن حزب آخر مسيطر سيسعى العدالة والتنمية إلى تقليص الفجوة في الأصوات بينه وبين الحزب الخصم الذي يرجح فوزه قدر المستطاع.
ولتأمين زيادة الأصوات رشح حزب العدالة والتنمية مجموعة من الأسماء والشخصيات الرفيعة (منهم ثلاثة وزراء سابقين و11 عضو برلمان وعدد من قادة الحزب) حتى في المناطق والبلديات التي لا يحظى فيها بتواجد قوي. والسمة المشتركة بين مرشحي الحزب أنهم يتمتعون بسمعة طيبة بين الجمهور لنجاحهم في أداء المهام التي كانوا يشغلونها.
وفي حملته الانتخابية ركز خطاب حزب العدالة والتنمية وبخاصة إردوغان على إتهام حركة غولن بإقامة بنية مستقلة داخل الدولة التركية (دولة داخل دولة) لخدمة مصالحها وأجنداتها على حساب المصالح العامة. وكانت العديد من التيارات السياسية التركية (الكردية, الليبرالية, العلمانية, والإسلامية) تشكو من تغلغل حركة غولن داخل مؤسسات الدولة وخاصة القضاء والشرطة وتشكيلها رابطة خاصة من الموظفين الحكوميين لخدمة مصالح الحركة, ولم تستجب الحكومة إلى تلك المخاوف والانتقادات إلا مؤخراً. وفي حملته الانتخابية سلط إردوغان الضوء على تورط حركة غولن بالتنصت على آلاف المكالمات الهاتفية وقدم تفاصيل متعلقة بنشاطات الحركة وتوعد بأن يكون تطهير الدولة من مثل تلك النشاطات غير القانونية أحد أولوياته.
لم تعد القضايا المحلية والخدمات هي محور برامج الأحزاب التركية في الانتخابات المحلية, فالقضية الأن سياسية بامتياز والرهان على مستقبل إردوغان وحزب العدالة والتنمية. ومن هنا تشكل الانتخابات المحلية القادمة نقطة إنعطاف هامة في السياسة التركية, وكذلك تبذل الأحزاب السياسية جهوداً مضاعفة في الحملة الانتخابية القادمة تقارب تلك المكرسة عادة للانتخابات العامة.
حزب الشعب الجمهوري نحو الانتخابات المحلية
حزب الشعب الجمهوري (CHP) هو أقدم الأحزاب التركية ويناهز عمر الحزب الـ 90 عاماً. وينيط الحزب بنفسه مهمة بناء المجتمع بما يوافق تصورات مؤسسي الجمهورية التركية. ويتطلب تنفيذ تلك المهمة فرض عملية إنتقال الحياة السياسية والاجتماعية عبر التدخل في الحياة اليومية للمواطنين. ومع تبني نظام التعددية الحزبية في خمسينات القرن الماضي بدأ الأتراك يعبرون عن إمتعاضهم من سياسة التدخل التي انتهجها حزب الشعب. وبالنتيجة لم يستطيع الحزب بلوغ السلطة وحده منذ ذلك التاريخ.
ويمكن القول بأن الفشل الذي رافق حظوظ الحزب الانتخابية منذ عام 1950 فرض ضرورة التغيير في الحزب. وحصد الحزب نجاحاً في انتخابات عامي 1973 و1977 بقيادة بولنت أجاويد. ونتيجة للإنقلاب العسكري في 12 أيلول 1980 تم إغلاق حزب الشعب الجمهوري, وأعيد تشكيل الحزب في عام 1992. ولم يفلح الحزب في تحقيق أي إنتصار انتخابي مهم منذ إعادة تشكله سواءً على مستوى الانتخابات المحلية أو العامة – في عام 1995 تجاوز الحزب العتبة الانتخابية بأدنى هامش للأصوات بـ10.7% في الانتخابات العامة, وكذلك الأمر في الانتخابات العامة لعام 1999 حيث حاز على 8.7% من الأصوات فقط.
ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002, أصبح حزب الشعب الجمهوري أكبر ثاني حزب ممثل في البرلمان, حيث حاز على 19.37% من أصوات الناخبين في عام 2002. وبقيادة دينيز بايقال, الذي استقال من قيادة الحزب في عام 2010 إثر تسرب مقاطع مصورة فاضحة له, بنيت استراتيجية الحزب على مبادئ العلمانية والقومية, ومن هنا تنبت جذور الخلاف بين حزب الشعب الجمهوري وحزب العدالة والتنمية.
بالنسبة لحزب الشعب الجمهوري يشكل حزب العدالة والتنمية خطر على العلمانية ويتهدد بتقسيم البلاد ويضر بالنظام التركي, ويشترك في ذلك المنظور العديد من اللاعبين السياسيين في تركيا. من الواضح اليوم بأن الجهات الوصية tutelary actors  التي تتبنى وجهة نظر مماثلة حول خطر حزب العدالة والتنمية تحاول إضعاف وتهميش حزب العدالة منذ توليه السلطة.
ومن الجدير بالذكر أن حزب الشعب الجمهوري بقيادة بايقال أبدى معارضة شديدة لسياسة الحكومة التركية وتوجهها نحو تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والسعي نحو الحصول على العضوية في الاتحاد. غير أن الحزب فشل في ترجمة مواقفه عبر صناديق الاقتراع ولم يحقق النتائج المرجوة في الانتخابات المحلية لعامي 2004 و2009 والانتخابات العامة لعام 2007. وفي عام 2010 تسلم كمال كليجدار أوغلو قيادة الحزب من سلفه بايقال.
• حزب الشعب الجمهوري بقيادة كليجدار أوغلو:
احتاج الحزب إلى تجديد خطابه السياسي وكادره ليزيد من فرص فوزه بالسلطة. وتخلى كليجدار أوغلو عن خطاب العلمانية المتشدد, وركز في خطابه على حاجات ومشاكل الناس اليومية ودعى إلى إقامة "دولة اجتماعية" social state. كما أبدى كليجدار أوغلو إنفتاحاً أكبر بخصوص القضية الكردية وعملية إعادة صياغة الدستور التركي من سلفة بايقال. وانتقد قادة الحزب الجمهوري بضراوة السياسة الخارجية لحكومة العدالة والتنمية التي تتعارض مع المصالح التركية بحسب قولهم, واتهموا الحكومة بالابتعاد عن مبدأ أتاتورك القائل "السلام في الوطن, السلام في الخارج".
دعم كليجدار أوغلو إيجاد حل للقضية الكردية, ولكنه عارض بشدة استراتيجية التسوية التي تطبقها حكومة العدالة والتنمية. وينتقد حزب الشعب الجمهوري من قبل الفاعلين السياسيين الأكراد لعدم طرحه أي مبادرة أو رؤية سياسية لكيفية حل القضية الكردية. ويعد هذا النقد أحد أبرز العيوب الملاصقة للحزب في الانتخابات وخاصة في المناطق التي تقطنها الجماعات الكردية.
وعمل الحزب بقيادة كيلجدار أوغلو على تجديد دماء الحزب باستقطاب الدماء الشبابية والنساء, وتوسيع كوادر الحزب لتضم الديمقراطيين الاجتماعيين والاشتراكيين اليساريين وكذلك رحب الحزب بأعضاء يحملون توجهات الوسط اليميني.
• الانتخابات المحلية: الأجندة والحملة الانتخابية:
يسعى الحزب إلى زيادة فرصه بالفوز في الانتخابات المحلية عبر تبني استراتيجية جديدة توصل الحزب لمختلف أطياف المجتمع. يملك حزب الشعب الجمهوري مرشحين من مختلف الأطياف السياسية اليسارية واليمينية. وفي أنقرة على سبيل المثال ومن أجل جذب كتلة اليمين التصويتية في انتخابات المدينة قام  حزب الشعب الجمهوري بترشيح منصور يافاش، عضو سابق في حزب الحركة القومية, بعد انتقال يافاش إلى صفوف حزب الشعب قبل الانتخابات بشهرين تقريباً ليواجه مرشح الحزب الحاكم ابراهيم مليح غوكتشيك.
وركزت الحملة الانتخابية للحزب على قضية الفساد الحكومي لتزعزع قواعد حزب العدالة والتنمية. وتعهد كيلجدار أوغلو بتخفيض سعر البنزين وبالتركيز على القضايا الاقتصادية وتنمية قطاعات الزراعة والتجارة. ويهدف الحزب إلى ترجمة إحتجاجات جيزي بارك وخلافات غولن-حزب العدالة والتنمية إلى أصوات انتخابية تصب في صالحه. وتقوم استراتيجية الحملة الانتخابية التي يديرها كيلجدار أوغلو على تعزيز مكانة الحزب وترسيخ أقدامه في الانتخابات المحلية استعداداً للانتخابات البرلمانية في عام 2015.
• حزب الحركة القومية (MHP) نحو الانتخابات المحلية:
شارك حزب الحركة القومية في معظم الانتخابات التركية خلال العقود الأربعة الماضية. وشارك الحزب بقيادة دولت باهتشلي في حكومة عام 1999 الائتلافية إلى جانب حزب اليسار الديمقراطي وحزب الوطن الأم (ANAP).
وخلال العقد الماضي عانى الحزب من ضعف أداءه الانتخابي حيث تأثر بالأزمة السياسية التي شهدتها الحكومة الإئتلافية بين عامي 1999 و2002, والأزمة الاقتصادية لعام 2001. ولم يتمكن الحزب من تجاوز عتبة الـ10% الانتخابية وبقي خارج البرلمان. وفي انتخابات عام 2004 تمكن الحزب من تحصيل 14.27% من الأصوات ودخول البرلمان. وكانت الانتخابات العامة لعام 2007 آخر إنتخابات استطاع خلالها الحزب من أن ينافس في منطقة وسط الأناضول. وساهم ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية لحزب العمال الكردستاني بين عامي 2004 و2007 واحتشاد القوميين ضد الإرهاب والقضية الكردية خاصة في مدن أضنة ومرسين وأنطاليا وأيدين وشانكيري ساهمت في النجاح النسبي الذي حققه حزب الحركة القومية في الانتخابات العامة لعام 2007.
ويرجح أن يحوز حزب الحركة القومية على نسبة أصوات تقارب الـ15% في الانتخابات المحلية القادمة في حال عدم وجود أي عوامل تغيير بارزة كتصاعد إرهاب حزب العمال الكردستاني.
• الأجندة السياسية والاستراتيجية الانتخابية لحزب الحركة القومية:
كان ينظر إلى الانتخابات المحلية في تركيا على أنها يوم انتخابي غير أن الانتخابات المحلية المقررة في 30 آذار أصبحت متصلة بالعملية الانتخابية برمتها وتمثل المرحلة التمهيدية والجولة الأولى للانتخابات الرئاسية المقررة في شهر آب, وتصويت لمنح الثقة للحكومة الراهنة في ضوء الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد وفشل عملية صياغة الدستور واحتجاجات جيزي بارك وقضايا فساد الحكومة وقضية محاكمة الإنقلابيين (قضية أرغينيكون).
ويتوقع أن يلعب حزب الحركة القومية دوراً محورياً في تحديد نتائج الانتخابات المحلية حيث أن تحالفه المحتمل مع حزب الشعب الجمهوري سيؤثر في النتائج الانتخابية. وينتقد حزب الحركة القومية سياسات حكومة العدالة والتنمية الداخلية والخارجية, غير أن الحزب اتخذ موقفاً حذراً ومتحفظاً اتجاه قضايا الفساد وأحداث جيزي بارك ولم يسارع في إعلان موقفه السياسي من تلك الأحداث. وتبنى الحزب ذات الموقف الحذر اتجاه عملية التسوية الكردية غير أنه سرعان ما أعلن معارضته لسياسات الحكومة في التفاوض مع الأكراد.
ويقيم حزب الحركة القومية السياسة الخارجية التركية على أسس أثنية من منظور ضمان مصلحة الأتراك والتركمان, وفي حالة السياسة التركية اتجاه مصر على سبيل المثال وجد الحزب أن حكومة العدالة والتنمية تتدخل في الشؤون الداخلية لمصر حيث لا مصلحة عرقية لتركيا في ذاك البلد.
ويعاني حزب الحركة القومية من إنقسامات داخلية بين صفوفه وهو بحاجة لرأب الصدع الداخلي وتوحيد صفوفه في الانتخابات القادمة وينبغي على قيادة الحزب التحاور مع المعارضة.
وتركز الأجندة الانتخابية للحزب على البعد القانوني لقضايا الفساد والرشوة وتهمل وجود أي بعد سياسي للقضية لممارسة الضغوط على حزب العدالة والتنمية. ووجه باهتشيلي تهمة الفساد لإردوغان وحزب العدالة والتنمية, ولكنه توخى الحذر عندما أشار إلى إمكانية تورط حركة غولن في تشكيل تنظيم موازي داخل الدولة.
وفي استراتيجيته الانتخابية ينظر حزب الحركة القومية إلى الانتخابات المحلية على أنها نقطة إنعطاف السياسة التركية. وصرح باهتشيلي بأنه "يجب أن يكون الـ30 من آذار تمهيداً للأيام المصيرية التي سيخسر بها حزب العدالة والتنمية صناديق الإقتراع لمصلحة دولتنا ومستقبل أمتنا ولمصلحة أرضنا." وربما تكون لغة باهتشيلي نابعة من حقيقة أن حزب الحركة القومية ليس لديه أمل في النجاح في الانتخابات المحلية.
إن أفضل ما يمكن أن يحققه حزب الحركة القومية في انتخابات الثلاثين من آذار سيكون الحفاظ على البلديات التي بحوزته والفوز بالقليل من البلديات الأخرى في الأرياف. ومن غير المتوقع حدوث أي هبوط أو ارتفاع جذري في نسبة التصويت للحزب.
• حزب السلام والديمقراطية (BDP) نحو الانتخابات المحلية:
حزب السلام والديمقراطية هو الممثل القانوني للحركة السياسية الكردية ويعد أخر ممثلي حزب العمال الكرستاني في البرلمان التركي. ويتحضر الحزب للانتخابات المحلية بثقة أكبر مصدرها عملية السلام الهادفة لتسوية القضية الكردية ووضع حد لثلاثين عاماً من النزاع بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية. ودخلت الحكومة التركية في محادثات سلام مع عبد الله أوجلان في أواخر العام 2012 وتم الاتفاق على وقف اطلاق النار في عام 2013. وخلال العملية تم تطبيق مجموعة من الإصلاحات من قبل حكومة أنقرة ومنها رفع الحظر عن الهوية واللغة الكردية.
يعد حزب العدالة والتنمية أكبر منافسي حزب السلام والديمقراطية في المناطق ذات الغالبية الكردية. وفي الانتخابات العامة السابقة تمكن الحزب من حجز 35 مقعداً في البرلمان. وفي الانتخابات المحلية لعام 2009 فاز حزب السلام بمئة مقاطعة وبلدية بالإضافة إلى ثمانية محافظات. ويهدف الحزب إلى مضاعفة مكتسباته في الانتخابات المحلية القادمة.
وسمى الحزب مرشحيه في مناطق شرق وجنوب شرقي تركيا ويدعم مرشحي حزب الشعب الديمقراطي في المناطق الغربية. وتأسس حزب الشعب الديمقراطي في 15 تشرين الأول 2013 بدعوة من أوجلان. وعلى غرار الأحزاب الأخرى قام حزب السلام والديمقراطية بانتقاء مرشحيه من بين الشخصيات البارزة في الحزب. ويعمل الحزب على تسييس نتائج الانتخابات قدر الإمكان فهو يهدف إلى تحقيق فوز ساحق ليظهر كالفاعل الوحيد في المناطق ذات الغالبية الكردية.
ساهمت عملية السلام الكردية في توحيد صفوف الأكراد ولعب حزب السلام والديمقراطية دور الوسيط بين الحركة السياسية الكردية والدولة التركية. وفي حملته الانتخابية أعلن الحزب عن تبنيه مفهوم "الحكم الذاتي الديمقراطي" democratic autonomy الذي أشير إليه أول مرة من قبل أوجلان. وفي رسالة وجهها للأكراد في 9 آذار 2014 من سجنه, قال أوجلان بأن "الانتخابات المحلية في 30 آذار ستكون بمثابة استفتاء للأكراد". وفسر العامة مفهوم "الحكم الذاتي الديمقراطي" كخطوة أولى على طريق كردستان المستقلة, ولذلك تعرض حزب الشعب الديمقراطي الكردي لاعتداءات في المناطق الغربية.
• إرث احتجاجات جيزي بارك:
تجسد احتجاجات جيزي بارك أحد أبرز التطورات السياسية-الاجتماعية التي شهدتها تركيا في السنوات الأخيرة, ومن المرجح أن يطال أثر وإرث تلك الحادثة ونتائجها الأجندات السياسية-الاجتماعية المستقبلية لتركيا. ورغم إنطلاقها كاحتجاجات على قرار حكومي معين يخص مسألة خدمية في ساحة تقسيم, سرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى مظاهرات ضد الحكومة تقودها مطالب سياسية عامة. ويمكن تقسيم أحداث جيزي بارك إلى ثلاثة مراحل:
1. مرحلة البداية onset phase: بادر مجموعة نشطاء بالاحتجاج ضد مشروع الحكومة  في ساحة تقسيم.
2. مرحلة التسييس: تمتد من 1 إلى 15 حزيران 2013, وخلال تلك الفترة بلغت الاحتجاجات أوجها نتيجة تدخل قوات الشرطة واستعمالهم العنف ضد المتظاهرين, وتحولت الأحداث إلى احتجاجات ضد الحكومة.
3. مرحلة الانحسار weakening phase: انحسرت حدة الاحتجاجات وأثرها بعد اقتحام قوات الأمن للساحة في 15 حزيران 2013.
وانقسم المشهد السياسي التركي بخصوص الأحداث بين مؤيد يرى في المظاهرات عملية ديمقراطية وسلمية ومدنية وبين معارض يرى فيها عداءً للديمقراطية ومحاولة للانقلاب على الحكومة المنتخبة. واستمر الخلاف بين مؤيدي ومعارضي الاحتجاجات حتى بعد إنتهائها.
سلطت الأحزاب والتيارات السياسية المعارضة للحكومة الضوء على الاحتجاجات البيئية السلمية وأغفلوا عمداً الإشارة إلى الأبعاد السياسية-الاجتماعية التي تكشفت للعيان في المراحل الأخيرة للاحتجاجات. وفي المقابل يركز مناصرو الحكومة على الأبعاد السياسية-الاجتماعية لتلك الأحداث ويصوروها كجزء من حزمة مسيسة إلى جانب قضايا الفساد لاحقاً هدفها إسقاط الحكومة بواسطة الفوضى وحركة الشارع لتقويض العملية الديمقراطية. كل طرف يستخدم ذات الحادثة ولكن من وجهة نظر مختلفة تماماً ليدعّم موقفه في الانتخابات المحلية المقررة في 30 آذار.
اتخذت جميع الأحزاب السياسية التركية موقفاً من أحداث جيزي بارك. وتبنت أحزاب المعارضة الرئيسية مواقف مؤيدة للاحتجاجات ومن أبرزها حزب الشعب الجمهوري وحزب السلام والديمقراطية. غير أن حزب السلام والديمقراطية لم يتبنَ ذات الموقف الداعم اتجاه قضايا الفساد ويعو ذلك إلى دعمه لعملية السلام لايجاد تسوية سلمية للقضية الكردية والتي يقودها حزب العدالة والتنمية الحاكم.
رغم التوقعات التي ترجح احراز حزب العدالة والتنمية لانتصار انتخابي آخر في انتخابات الـ30 من آذار ليضاف إلى سجله انتصاراته الانتخابية السابقة, تركت أحداث جيزي بصمة واضحة على الأجندة السياسية التركية. بالإضافة إلى ذلك, ألصقت تلك الأحداث سمعة استبدادية بشخص رجب إردوغان. وساهمت سياسات حكومة إردوغان عقب فضيحة الفساد في ترسيخ صورة المستبد التي باتت تلاصق إردوغان. اتخذت حكومة العدالة والتنمية مجموعة اجراءات سياسية لصد هجمات ما أسمته "الدولة ضمن الدولة" في إشارة مباشرة إلى حركة غولن. سارعت الحكومة إلى استصدار قانون إعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين ويدعو القانون إلى فرض وصاية سياسية مباشرة من قبل وزير العدل على القضاء وبذلك انتهكت الحكومة مبدأ فصل السلطات. وأصدرت الحكومة قانون الانترنت وهو ما رأت فيه المعارضة محاولة لفرض سيطرة الحكومة على حركة الشارع.
ورسخت تلك الأحداث مجتمعة من مشاعر الاحباط لدى فئات عديدة في المجتمع التركي باتت تشعر بأنها مهمشة وغير ممثلة سياسياً. وزاد من احتقان الشارع حادثة مقتل بيركين إيلفان Berkin Elvan وعمره 15 سنة الذي توفي في 11 آذار 2014 اثر أصابته قي أحداث جيزي بارك, وكذلك مقتل شاب "علوي" مؤخراً كان يتظاهر ضد مقتل الأطفال.
وباختصار يمكن القول بأن هنالك مشهدين محتملين في تركية سيكون لهما تأثير مباشر في نتائج الانتخابات القادمة. إن مناصري حزب العدالة والتنمية يميلون إلى الاعتقاد بأن أحداث جيزي بارك وقضايا الفساد ما هي إلا محاولات لتلويث صورة الحزب الحاكم قبل الانتخابات القادمة, وفي ضوء ذلك سيكون على حزب العدالة والتنمية اتباع أحد طريقين:
1. السيناريو الأول: في حال حاول حزب العدالة والتنمية التعتيم على مزاعم الفساد والتملص من أي مسؤولية له في احتجاجات جيزي بارك, فربما سيضر بالأرضية الأساسية التي بنى عليها نجاحاته السابقة وهي العملية الديمقراطية.
2. السيناريو الثاني: إذا استوعبت الحكومة احتجاجات ومظالم المحتجين في ساحة تقسيم وأجازت اتباع الطرق الديمقراطية لترجمة تلك المظالم وإذا خضع الوزراء المتهمين بالفساد لمحاكمات شفافة ونزيهة سيعزز حزب العدالة والتنمية من مصداقية العملية الديمقراطية ويزيد من فرص تحسين صورته.
• آثار عملية السلام:
قبلت الحكومة التركية خوض المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني وزعيمه المسجون عبد الله أوجلان بهدف التوصل لحل للقضية الكردية واتفق الطرفان على خطة عمل تنص على نزع سلاح حزب العمال الكردستاني وتخليه عن مساعي إقامة دولة كردستان في مقابل الاعتراف بحقوق الأكراد السياسية واللغوية في إطار عملية التحول الديمقراطي في تركيا.
وساهمت الظروف الاقليمية في إنجاح الاتفاق المبدئي على إطلاق عملية السلام بين الطرفين.  إن النزاع في سوريا والأزمة في العراق بين حكومة كردستان العراق وحكومة المالكي في بغداد أثارت مخاوف أوجلان في أن يفقد سيطرته على حزب العمال الكردستاني وبالتالي تصاعد النزعة الانفصالية عن تركيا وهو أمر لا يخدم أوجلان ولا الدولة التركية.
وبرز حزب السلام والديمقراطية كفاعل رئيسي في عملية السلام. وتبنى الحزب مواقف أقل حدة من باقي أحزاب المعارضة تجاه أحداث جيزي بارك وقضايا الفساد, حيث فضل الحزب تمثيل مصالح وحاجات قاعدته الشعبية والانتخابية, الأكراد, على أن يماشي توجهات الشارع.
• انصار حركة غولن يعتدون على السياسة:
تشهد تركيا صراعاً حاداً على السلطة بين حكومة حزب العدالة والتنمية وحركة غولن. واتخذ الصراع أبعاداً وأشكالاً مختلفة (سياسية وقضائية). سيكون للجانب القضائي للأزمة أثراً كبيراً على سمعة تركية العالمية بما يخص الشفافية واستقلالية القضاء ومكافحة الفساد. وهي قضايا ترتبط مباشرة باستقطاب الاستثمارات الأجنبية وبالتالي تؤثر على النمو الاقتصادي للبلاد.
وتعود جذور الصراع بين التيارين الإسلاميين (حركة غولن وحزب العدالة والتنمية) إلى سنوات خلت, وكان أبرزها مسألة إقفال المدارس الخاصة, والتي تفجرت في شهر تشرين الثاني عام 2013 عندما أعلن إردوغان ووزير التربية في حكومته عن عزم الحكومة إصدار قانون لإغلاق نظام مدارس التعليم الخاص. وبحكم إمتلاكها ربع ما تحويه تركيا من مدارس للتعليم الخاص, رأت حركة غولن في توجه حكومة العدالة والتنمية استهدافاً وخطراً مباشراً لها ولنفوذها ولبنيتها التنظيمية التي تعتمد على المدارس الخاصة في التمويل واستقطاب الأعضاء لدرجة كبيرة. وكان أن شنت حركة غولن حملة إعلامية مكثفة للضغط على الحكومة لتقلع عن متابعة قرار إغلاق المدارس الخاصة ولكن دون جدوى. ولجأت الحركة إلى تصوير القرار كجزء من حملة تقودها الحكومة تستهدف تدمير الحركة. ولاثبات ذلك بدأت الحركة بتسريب وثائق سرية عن اجتماع لمجلس الأمن القومي عقد في عام 2004, والتي تزعم أن الحكومة لجأت للضغط العسكري للقضاء على حركة غولن. لكن تلك الادعاءات تتناقض مع واقع ازدهار الحركة بشكل لافت منذ عام 2004.
واتبعت حركة غولن سياسة ابتزازية ضد خصومها عبر التهديد بكشف وثائق أو تسريب مكالمات هاتفية أو مقاطع مصورة فاضحة لشخصيات حكومية. وقامت الحركة بتسريب بعض المقاطع المسجلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ومثل هذا السلوك الابتزازي ليس جديداً في السياسة التركية. في عام 2010 تم نشر مقطع فيديو فاضح لرئيس حزب الشعب الجمهوري السابق دينز بايقال مما دفعه للاستقالة, وفي عام 2011 تم تسريب مكالمات مسجلة لعدد من كبار قادة وشخصيات حزب الحركة القومية مما دفع معظمهم لتقديم الاستقالة, واتهم قائد الحزب باهتشيلي حركة غولن بأنها وراء التسريبات.
وما يزيد من الاعتقاد بأن فضائح الفساد والرشوة جزء من عملية سياسية للضغط على الحكومة هو أن الأدلة كانت قد جُمعت قبل ما يقارب الستة أشهر ولكن المدعين العامين انتظروا حتى شهر كانون الأول للبدء بالتحقيق وذلك مع اقتراب موعد الدورة الانتخابية ليلحق أكبر قدر من الضرر بحزب العدالة والتنمية.
إن الاسلوب الذي أُديرت به عملية فضائح الفساد والرشوة يكشف عن وجود أتباع لحركة غولين يعملون بشكل مستقل ضمن مؤسسات الدولة, وخاصة في سلك الشرطة وجهاز القضاء. ولجأت حركة غولن إلى اتباعها في هيئة المدعين العامين أول مرة ضد الحكومة في شباط 2012 عندما استدعي رئيس المخابرات التركية, هاكان فيدان, للمثول أمام المحكمة لإشرافه على إدارة مفاوضات سرية مع حزب العمال الكردستاني. وكان إردوغان هو من أوكل لفيدان تلك المهمة. إن حركة غولن تعارض المفاوضات مع الأكراد وتحرك أتباعها في القضاء لإفشال عملية تسوية القضية الكردية.
• السياسة الخارجية والانتخابات المحلية:
قيل الكثير عن الآثار الكبيرة المتوقعة لنتائج الانتخابات القادمة (المحلية والرئاسية لعام 2014) على السياسة التركية المحلية. وبغض النظر عن افتقار الحملات الانتخابية لذكر القضايا السياسية الخارجية, سيكون لنتائج الانتخابات أثر مباشر على السياسة الخارجية التركية وتوجهاتها بخصوص عدد من القضايا الخارجية ومن أبرزها العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي, الموقف من الأزمة السورية, وتوتر العلاقات مع العراق, والمسألة القبرصية, والعلاقات مع إيران والتقارب المحتمل مع إسرائيل.
قد تكون الأزمة في سورية موضوعاً للجدال في الانتخابات التركية. منذ إندلاع الأزمة انحازت الحكومة التركية إلى طرف المعارضة السورية وقدمت لها الدعم. وخلفت الأزمة في سورية بعض الانعكاسات على الداخل التركي. من جهة أولى دفعت الأزمة الانسانية إلى تدفق أفواج ضخمة من اللاجئين السوريين إلى داخل الأراضي التركية وهو ما توافق مع أعباء اقتصادية كبيرة وتوترات داخلية. كما أن توقف التجارة مع سوريا وعبرها زاد من الاعباء والتكاليف الاقتصادية للحرب. ومن جهة أخرى شهدت بعض المناطق التركية الحدودية مع سوريا أحداث أمنية مرتبطة بالصراع الدائر في سوريا ومنها حادثة سقوط قذائف على قرية تركية سقط على إثرها عدد من القتلى الأتراك.
وتعرضت الحكومة التركية لانتقادات شديدة من قبل جماعات عديدة وأحزاب سياسية بسبب سياساتها في سوريا. وعلى سبيل المثال أقدم أعضاء برلمانيون من حزب الشعب الجمهوري على زيارة الرئيس الأسد وانتقدوا دعم تركيا للمعارضة.
ويتوقع أن تكون العلاقات التركية مع إيران محوراً آخر للتنافس في هذا الموسم الانتخابي, وخاصة مع وجود مزاعم تربط إيران بقضية الفساد الحكومي أو ما يعرف بعملية 17 كانون الأول. وبالمثل قد تصبح مسألة العضوية في الاتحاد الأوروبي موضعاً للحملات الانتخابية للأحزاب. ويمكن لأحزاب المعارضة أن تستعين بتصريحات بعض البرلمانيين الأوروبيين أو تقرير المفوضية الأوروبية حول تركيا كأداة في حملتها الانتخابية ضد الحزب الحاكم.


المصدر:
Hatem Ete, Yunus Akbaba, Galip Dalay, Sami Orçun Ersay, Kiliç Buğra Kanat and Kadir Üstün, “Turkey’s 2014 Local Elections,” Foundation for Political, Economic and Social Research –SETA (March 2014)

مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية
          د. بسام أبو عبد الله

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz