دام برس:
بدعوة من رابطة الجالية العربية في المجر قدّم الدكتور الشيخ عبد القادر ميهالفي بالاج مدير دار الإفتاء الأوروبي و المؤسس و الشيخ الأول للجالية الإسلامية في المجر محاضرة بعنوان: "المذهب الوهّابي و انتشاره و مخاطره" و ذلك في يوم الجمعة 15 أيّار 2015 في دار القوميات في العاصمة الهنغارية بودابست.
و قد قدّم للمحاضرة الدكتور جول بشارة رئيس منتدى من أجل سورية مذكّرا المشاركين بيوم النكبة الفلسطينية التي عصفت بالفلسطينيين و العرب و المسلمين و كان نتيجتها إقامة الكيان الصهيوني الإسرائيلي على أرض فلسطين.
و بعد أن رحّب رئيس رابطة الجالية العربية في المجر الدكتور السيد حسن علي بالحضور العربي و المجري الكبير و قدّم نبذة عن السيد المحاضر، بدأ المحاضر موضوعه بإيجاز تاريخي لما قبل الفترة التي بدأ فيها مؤسس المذهب محمد ابن عبد الوهّاب بنشر أفكاره، و أكّد على دور النفوذ البريطاني في خلق هذا المذهب المتطرف خدمة لأغراض البريطانيين في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر ميلادي. و حسب الرواية الرسمية تحدّث المحاضر عن ولادة المؤسس في منطقة نجد في الجزء الثاني من القرن الثامن عشر ميلادي في بيئة حنبلية محافظة و عن ترحاله إلى مكة المكرمة و محاولته نشر أفكاره هناك حيث لم تلاقي استحسان كبير شيوخ مكة المكرمة الذي قام بدوره بطرد محمّد ابن عبد الوهاب من مدينته. بعدها ذهب إلى المدينة المنوّرة و هناك آزره الشيخ السندي الذي ساعده كثيراً على نشر مبادئه المتزمّته.
وبعد عودة محمّد ابن عبد الوهّاب إلى نجد قام و بمساعدة آل سعود و بالتحديد محمد بن سعود بتأسيس الدرعية كعاصمة له و لمذهبه. و تحدّث عن الإتفاق الذي صاغه الفريقان و الذي يقضي بأن يقدّم آل عبد الوهّاب المشورة الدينية مقابل الدعم السياسي و العسكري لآل سعود و هذا ما يدل عليه تولّي آل الشيخ و هم من سلالة محمد إبن عبد الوهاب لمنصب مفتي الديار المقدّسة حتى يومنا هذا . كما تحدّث عن القلاقل و البلبلة التي خلقها هذا المذهب بين القبائل العربية في نجد و الحجاز و الذي طال خطره في فترة ما مدينة كربلاء المقدّسة في العراق و غيرها مما اضطر محمد علي الكبير والي مصر أنذاك لتوجيه حملة عسكرية دمّر فيها مدينة الدرعية ولكنه اضطر للإنسحاب من هناك تحت الضغط البريطاني. و استعاد المذهب الوهّابي بعدها نشاطه حتّى قيام المملكة العربية السعودية حيث حاز منظّرو هذا المذهب على رعاية خاصة حتّى يومنا هذا. و أشار إلى وجود نظرية ذات اسس تاريخية يصعب دحضها تفيد بأن مؤسس الحركة الوهّابية هو سليل تاجر يهودي من مدينة البصرة يدعى إبراهيم بن مردخاي بن موشيه.
و قد ذكر المحاضر تأثير أفكار الشيخ إبن تيّميه المولود في حرّان والذي عاش في دمشق على الكثير من أفكار معتنقي هذا المذهب و خاصة ما يتعلق بتكفير بقية المذاهب الإسلامية و و كل الديانات التي لا تتطابق معتقداتها مع مايعتقده الوهابيون، حيث تمّ فهم موضوع التكفير بشكل خاطيء. كما تطرق إلى دور هذا الفكر الوهّابي في نشر الإسلام السياسي و خاصة ما عرف فيما بعد بحركة الإخوان المسلمين و غيرها و حتّى غدا هذا الفكر المنطلق الأساسي لأفكار القاعدة و بناتها من الحركات الإرهابية المتطرفة مثل طالبان و النصرة و داعش و بوكو حرام و غيرها.
و خلال تطور الفكر الوهّابي تمّ تشويه مفاهيم اساسية في الإسلام و خاصة مفهوم الجهاد الذي تمّ استغلاله من قبل قوى عالمية كبرى كالرأسمالية و الصهيونية، فحوّلته إلى إرهاب يخدم هذه القوى و ينشر الفتنة بين المسلمين.
و بعد انتهاء المحاضرة تمت مناقشة مواضيع كثيرة من بينها الوضع الحالي في سورية، و خلال جوابه على أحد الاسئلة و رغم إشارته إلى أنه لا يريد الإدلاء برأي معين حول ما يجري في سورية، إلّا أنه اشاد بدور الرئيس المجاهد بشار الأسد في جهاده لحماية بلده و شعبه من إرهاب تشارك فيه اكثر من 84 دولة و أنّه في النهاية يدافع بكل قوة عن الإسلام الحضاري في وجه التطرف الإسلامي المصطنع و الذي يهدف إلى القضاء على الإسلام كدين سماوي سمح.
وقد شكر المشاركون في المحاضرة للدكتور الشيخ إنفتاحه و منطقيته و تحليله العميق لمخاطر الفكر الوهّابي و خطره و داعميه على افسلام أولاً و على الأمن العالمي ثانياً.
الدكتور جول بشارة
منتدى من أجل سورية في هنغاريا