Logo Dampress

آخر تحديث : الأربعاء 17 نيسان 2024   الساعة 00:30:02
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
أرمينيا اليوم وأمنيات المغتربين ... بقلم : آرا سوفاليان

دام برس:

أرمينيا اليوم دولة حرة مستقلة، ولكن الآتي هو الأصعب، لأن المحافظة على الاستقلال أصعب من تحقيقه، خاصة وأن الارمن لم ينالوا من حقوقهم إلا النذر اليسير، فقطعة المعدن التي تخرج من كور الحداد يتم تشكيلها ثم تبريدها لتأخذ شكلها النهائي، فكيف هي الحال اذا كانت قطعة المعدن هذه لم تخرج من الكور بعد؟
تركيا كدولة هي الدولة التي ورثت السلطنة العثمانية وهي الدولة التي ورثت دولة الاتحاد والترقي وهي عين الدولة التي ورثت الدولة الكمالية...وقد آلت الى هذه الدولة كل بلاد الأرمن وكل السهول والجبال والأنهار والبحيرات والمزارع والغابات، والقرى والبلدان والبيوت والكنائس والأديرة والأسواق والورشات والمصانع والمال والحلال والثروة والأطفال وذهب النساء والنساء اللواتي تم تزويجهن قسراً من رجال قتلوا ازواجهن فكان هذا الزواج قتلٌ على قتلْ، وترويع يومي، فليس هناك أصعب من ان تنام المرأة في فراش قاتل زوجها وقاتل أهلها وكل أقربائها وتتعرض للإغتصاب.
انتحرت معظم تلك النساء برمي انفسهن من أماكن عالية، أما اللواتي بقين على قيد الحياة فلقد تم اغتصابهن وأنجبن، وكانت كل واحدة منهن تقول معزية نفسها...أنا أعيش من أجل أولادي وكان أولادها موضع سرّها ويعرفون كل شيء ويعرفون ان نصف دمهم أرمني ويعرفون ان امهم ذاقت عذاباً لا تحتمله الجبال...وهؤلاء هم جزء من الذين يتجمعون في ميدان بيازيد وبأيديهم صور أجدادهم أو بالأحرى أخوالهم، ولافتات كتبت عليها أشياء غريبة لم تعرفها تركيا من قبل...وهؤلاء هم جزء من الذين يتجمعون أيضاً في ساحة تقسيم وينادون بأشياء ويتحدثون عن أشياء لم يجرؤ أحد على التحدث بها من قبل...تركيا ورثت كل شيء ووضعت يدها على كل أملاك الغائبين، والأرمن ليسوا غائبين بل مغيبين وعودتهم مستحيلة تحت طائلة القتل، وأموالهم تركوها مكرهين وكذلك أرضهم وبيوتهم وسندات التمليك معهم، وتحولوا الى شتات، في سوريا والعراق وايران والاردن ولبنان ومصر واليونان وقبرص وفي بولونيا واوروبا الشرقية وفي ايطاليا وفرنسا واسبانيا والبرتغال والمانيا وبلجيكا والسويد والدانيمارك والنرويج وفنلندا وبريطانيا وآخرون في اميركا وكندا واميركا الجنوبية، وفي اوستراليا ودول اخرى، هؤلاء تركوا اراضيهم وتركوا مكرهين كل ما يتعلق بهم، والعدالة تقود الى الاعتراف بالذي حدث، وتقود أيضاً الى عودة هذه الاملاك والاموال الى أصحابها المغيبين قسراً، وأن يتم تعويضهم، خاصة وأن جرائم الابادة العرقية لا تنتهي بالتقادم وتحملها الدول بالتوارث من الاجداد الى الأولاد الى الأحفاد...وهذا من بديهيات القانون الدولي.
تركيا الحديثة ليست الدولة التي نفذت الابادة بحق الأرمن بل السلطنة العثمانية ودولة الاتحاد والترقي والدولة الكمالية، أما تركيا اليوم فهي الوارثة، ولكنها ورثت مالاً حراماً.
ومعظم الاراضي الأرمنية لا زالت ترزح تحت الاحتلال التركي والأذري وآرتساخ لا زالت تناضل من أجل البقاء وقطعت ولله الحمد أشواطاً متقدمة، والأحلام الطورانية لا تزال تداعب مخيلة الأتراك، وهذه الأحلام لن تتحقق بدون إزالة أرمينيا عن خارطة الوجود، والحمد لله أن هذه الأشياء هي تحت مسمى الأحلام بل أضغاث الأحلام...وكانت كذلك ولا تزال.
الحكومة الرشيدة في ارمينيا الحالية تعرف كل ذلك وتتوقع كل شيء وتعرف أن الحق بجانب القوة، وتعرف أن القوة هي العلم والتعليم واحترام الانسان.
وتعرف أن الوجوه المكفهرة لأعدائنا لا تصلح لغير التسول، وهذه الخاصة كانت ولا زالت تلازمهم منذ ان تحولت ارمينيا الى دولة حديثة متطورة وصار الاقتراب من حدودها من المحرمات ويحسب له ألف حساب، فالحق كان ولا يزال الى جانب القوة وسيبقى كذلك لطالما أن العدالة ليست في متناول الضعفاء،  فالحل إذاً هو الخروج من هذه الدائرة والانضمام لدائرة الأقوياء وهذا ما حدث.
أما أمنيات المغتربين أو الغائبين من الأرمن وبالأحرى المغيبين قسراً فلقد مرت في طورين الطور الأول وهو طور الاعجاب بأرمينيا الصغيرة التي نهضت كطائر العنقاء بعد ان اراد لها الأعداء أن تكون أثراً بعد عين، واستطاعت أن تقف على قدميها بثبات وقوة، فلقد كان الزائر من أرمن الشتات ينزل في مطار يريفان الدولي فتسبقه دموعه،  ويسجد مقبّلاً لأرض وطنه وهو الانسان الذي تعود أن يكون بلا وطن، وينفق خلال اقامته في ارمينيا كل ما معه، ويتخلص أثناء عودته،  من البقية الباقية من الروبلات التي لديه في المطار مهما بلغت،  بأي طريقة ، فيعطيها لمن يقع عليه أو يصادفه عرضاً في المطار، كائناً من كان...المهم ان يكون أرمنياً ، ويعود محملاً بالهدايا يعطيها للأقرباء والاصدقاء بفرح وسعادة بالغين، لقد تم افساح المجال لزيارة ارمينيا السوفياتية، وذهب أصغر أولاد ابن عم والدي الى هناك مصطحباً زوجته واولاده، وعاد وذهبنا لزيارته وكانت على الجدار صورة معدنية مذهبة لأرمينيا الصغيرة ونهضت زوجته وأشارت الى اللوحة الصغيرة المذهبة وقالت لنا: هذه ارمينيا انظروا كم هي جميلة، صغيرة جداً ولكن جميلة، انظروا انها تشبه طائر الحمام...ووضعت السيدة شاهدة يدها اليمنى ومررتها من نقطة على الحدود وصعدت بها الى الاعلى والتفت الى جهة اليسار وعادت الى النقطة التي بدأت منها وقالت: صغيرة جداً ولكن جميلة تشبه طائر الحمام في وضع الطيران...نطلب من الله ان يحفظها ويبقيها لنا سالمة...هذه الزيارة فعلت بي الكثير خاصة وأنني صرت أعرف الكثير بعد أن قرأت الكثير.
أما اليوم فإن أمنيات المغتربين تمر في الطور الثاني وعوامله هي الآتية:
كنا نعرف ان اسهامات الارمن وارمينيا في الاتحاد السوفياتي السابق رفعت من اسهم الأرمن في هذه الدولة العظمى التي لا زالت دولة عظمى، ولكننا لم نتوقع أن يتم تحجيم اذربيجان بهذه السرعة...الاخلاص مع كل البشر عدا غلات الأتراك يؤدي الى نتائج طيبة والحمد لله الذي قدّر ان لا تتغير هذه الخصلة في شعبنا الأبي على الرغم مما حدث لنا في الكارثة الكبرى في العام 1915 عندما ضاع وطننا وضاع استقلالنا، واليوم يجب دعم التسلح والحصول على اكبر قدر من السلاح الاستراتيجي، حتى ولو أن هذا السلاح يعتبر غير قابل للإستخدام...ولكنه الطريق الوحيد، للخطوة المنطقية القادمة وهي استعادة اراضينا المغتصبة في ارمينيا الغربية حتى آخر شبر وهي جلّ أمنيات كل الارمن حول العالم وارمن المغترب منهم، وعند ذلك سيفقد الميزة من يهدد شعوب المنطقة بسلاح قطع الماء...وهذا الماء يعلم الله انه ينبع من هضبة أرمينيا، وسلاح التدخل العسكري خاصة وان من ورث كل ملكنا لا زال يهدد ويتوعد وينكر الذي حدث لنا ويرفض مجرد التحدث عن اراضينا والعالم كله يعرف أن هذه الارض لنا منذ ألفي عام قبل الميلاد، ومغتصبوا الأرض الجدد لم يكن لهم وجود في هذه المنطقة قبل الحروب الصليبية، فلقد جاؤوا على شكل قبائل همجية روعوا أهلها وشعبها وشعوب المناطق المجاورة واختتموا حفلتهم بجريمة الابادة الكبرى التي أدت الى قتل مليون ونصف ارمني وسبعمائة وخمسون ألف سرياني وآشوري وكلداني وصابئي ونصف مليون أزيدي من شعوب المنطقة التي تمت ملاحقتهم حتى جبال سنجار في العراق ومليوني يوناني اورثوذوكسي، ومثلهم من البلغار والرومان وأهل القرم.
أرمينيا الحالية واحة من الجمال، فالعائدون من زيارة ارمينيا يقولون انها موطن الجمال والسحر والمعاملة الكريمة الطيبة، وللسياحة موارد عظيمة، وجبل آراراد أهمها، فللأرمن طقوس مع هذا الجبل بقمتيه Medzen Masisماسيس الكبير وPoker Masisماسيس الصغير، حيث يقفون في مواجهة هذا الجبل من الشطر الشرقي المحرر، فيغنّون للجبل وينشدون الأشعار، ويداعبون صخوره ولو عن بعد بآلات النفخ الدودوغ والزورنا والشفيك وبطبول الرقص الدهول، ويرقصون هناك بفرح عظيم، لقد اختار الله ان يكون هذا الجبل مرسى سفينة نوح، وصار هذا الجبل للشعب الأرمني وتحول الى رمز مقدس، وسيعود لأصحابه الأصليين مهما طال الغياب...وعند ذلك سيدعوا هذا الجبل المقدس أرمن الشتات ليعودوا الى ارمينيا الغربية التي طردوا منها غدراً وصبراً وقسراً، فيشاركوا بتحريرها، محققين أمنياتهم المشروعة... فتنتفي الحاجة لإستعمال مصطلح MEDZEN YEGHERN  (المصيبة الكبرى)  لينام هذا المصطلح أخيراً بين طيّات كتب التاريخ.
آرا  سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
arasouvalian@gmail.com
 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   نحن ألمنا واحد معكم
إن معاناة الأرمن لا ننساها فأهلي كانوا دائماً يذكرون كيف السريان الآراميين والآرمن كانت أيام هروبهم من جبروت الأتراك ويذكرون كيف كانت الخبزة بيدهم يقسموها ليتقاسموا مع الأرمن ويرموها إلى سجون فيها أرمن بلا أي أكل حتى جدي هرب اركاً كل شيئ لأنه كان سيذبح في الوقت اللذي ضاعت فيه حقيقة مهمة وهي أن معاناة الأأرمن واللآراميين السرسان استغلها كل من كان دخيل بأراضينا من آشورين وغيرهم استغلوا كل شيئ ليكون لهم بجة انتمائهم المتأر للمسيحية أخذوا دولة وفصلوها لبنان ليعودوا ويمارسوا عنصريهم كما كانت أصول الآشوريين كبدو من القطيف بالأصل قبل إنتقالهم شمالاً وإحتلالهم لنينوى التي بناها الآراميون واخذوا اللغة الآرامية وكل شيئ قشوه لأنهم الآشوش ( أو الآشور يعني العدو ) وهم وقبائل الأعراب ومن احتلوا شمال سروريا هجروا الآراميين والأرمن واليوم هم فقط بقيوا ليمثلوا السرسان رغم أن كلمة سرسان تختلف عن أسيريان اللذين هم الآشوريين المنتحلين للمارونية وقضوا على الموارنة الأصلين الآراميين ليسيطروا ويكون لهم دولة من خلال الدين
موراني آرامي سرياني حقيقي  
  0000-00-00 00:00:00   سؤال يحيرني
أنا أعرف أن الأرمن قد ذاقوا عذابات الإبادة ويعرفون معنى أن تكون أرضك محتله، هل تفسر لي لماذا تقيم ارمينيا علاقات مع اسرائيل التي لا تختلف عن تركيا بشيء فهي تحتل أرضنا وقد ارتكبت مجازر يندى لها الجبين
مو مهم  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz