دام برس - فراس رحمة :|
أقامت مديرية سياحة دمشق بالتعاون مع اتحاد الجمعيات الحرفية بدمشق مهرجان الخبز السوري في خان أسعد باشا بدمشق القديمة أمس، وذلك احتفالا برأس السنة السورية (أكيتو).
وتضمنت فعاليات المهرجان لمحة حول إنتاج الخبز وطريقة صناعته وأنواعه الموجودة على الموائد السورية، إضافة لعرض نموذج عن فرن الصاج وصناعة الفخار والقش، كما تخلل المهرجان فقرات غنائية وعروض مولوية.
وفي حديثه لدام برس أكد معاون وزير السياحة المهندس بسام بارسيك أن المهرجان يأتي للاحتفال بمقوم هام من مقومات التراث السوري وهو الخبز والصناعات المرتبطة به، مضيفا أن المهرجان يأتي في إطار الاحتفالات التي تنظمها وزارة السياحة في جميع المحافظات ضمن مهرجان التراث السوري ورأس السنة السورية.
وأشار بارسيك إلى أن سورية كانت من أوائل الأماكن في العالم التي شهدت الحضارة الإنسانية وتمتلك مكونات تراثية وحضارية تسعى وزارة السياحة للتعريف والتسويق لها من خلال هذه المهرجانات.

من جانبه مدير سياحة دمشق المهندس طارق كريشاتي أشار  إلى أن مناسبة عيد رأس السنة السورية 6769 عاما والتي يطلق عليها (أكيتو) تعد أقدم تقويم بالبشرية، وهو بداية فصل الربيع بالنسبة للسوريين القدامى، ويعبر عن بداية بذر وحصاد القمح الذي يصنع منه الخبز السوري، مشيرا إلى أنه من هنا تأتي فكرة المهرجان للخبز السوري وتطوره عبر 7000 عام والمواد التي يصنع منها بالإضافة إلى الحرف التي تدخل في صناعته.

بدوره رئيس اتحاد الجمعيات الحرفية بدمشق عصام الزيبق أشار إلى المهن التراثية المشاركة في المهرجان والتي نالت إقبالا جيدا من الناس، أكد أنهاجاءت لتثبت للعالم  أن هذه المهن التي نعتز بها لازالت قائمة ومستمرة ومتطورة، فمنها الشرقية والتراثية واليدوية بالإضافة إلى الشرقيات والخشبيات والرسم على الزجاج وإعادة التدوير، ومشاركة لوحة فنية مشكلة من 88 ألف بذرة زيتون.

دام برس التقت ببعض الحرفيين المشاركين للتعريف ببعض المهن المشاركة وكان منها مهنة تدوير الأقمشة المستعملة حدثتنا عنها الدكتورة سحر البصير مديرة مشروع خلايا النحل لتدوير الأقمشة المستعملة حيث أشارت إلى أن هذه الحرفة عالمية لكنها في سورية شبه مندثرة، ولها أسماء تراثية موجودة في سورية منها "الجودل، وبقجة التقانة، والمرقعانية" وتسمى عالميا "كويلت"، مؤكدة أنه تم إحياء المهنة من الزوال وأصبح لدينا المادة التي توازي المنتج العالمي بكل منطقة، من خلال استعادة المنتج السوري بطابعه التقليدي، وجعل مدرسة له للتدريب، وبانتساب هذه الحرفة لجمعية الحرفيين أصبحت موجودة وموثقة ولها منهج تدريبي باعتباره مشروع تنموي ثراثي.
 
وحول حرفة حياكة النول والتطريز قالت المهنية مديحة النعمة : تجاوزت النول الكبير الذي يأخذ حجم غرفة واستبدلته بنول صغير يمكن حمله كآلة موسيقية، يعطي إنتاجية النول الكبير بقطب جديدة وديكورات مختلفة.
وإضافة إلى مهنة حياكة النول أيضا صناعة الأحذية كالشاروخ والقبقاب، مضافا عليها قطعة نول دائري.
بالإضافة إلى صناعة إكسسوارات متنوعة مصنوعة من خيط تراثي فائق الجودة  بحيث يبقى محافظا على اللون والشكل والأناقة الكاملة.
 
وبالنسبة لحرفة الفخار أشار الحرفي نبيل علي سيف الدين إلى أن المهنة تعود إلى زمان النبي نوح، والإنسان القديم استعمل الفخار في الأكل والشرب، مؤكدا أن مشاركة المهنة في المهرجان لنثبت للعالم استمرار المهنة وتطورها والحفاظ عليها، مضيفا أننا نقوم بعرض حي لصناعة الفخار لتعريف الناس بكيفية صناعته من المادة الأولى للإنسان وهي التراب.
    
الجدير بالذكر أن رأس السنة السورية (أكيتو) يعتبر أقدم عيد مسجل في تاريخ الشرق الأدنى
 والاحتفال به ما زال مستمرا كدليل  على قدوم الربيع والخصب. عرف السوريون منذ القديم التقويم فقسموا السنة إلى فصول ومارسوا طقوسا استقوها من أنشطتهم الزراعية وارتباطهم بالطبيعة وأرضهم فكانت أعراس البابليين ومن بعدهم الآشوريين تبدأ برأس السنة التي تبدأ عندهم في الأول من نيسان وتستمر 12 يوماً وهي في جوهرها مشاركة منهم للأرض في أفراحها وعودة الخصب إليها مجددا في دورة الحياة.‏
ويعتبر التقويم السوري القديم "اكيتو" الذي استخدمه الآشوريون والسريان الذي يصادف اليوم بداية السنة 6769 منه تقويما يسبق التقويم الفرعوني "التوتية" بما يزيد على 500 عام ويرتبط الاحتفال به بنهاية موسم الأمطار وبدء الخصب ونمو الزرع والثمار.
  كلمة "اكيتو" لغويا تشير إلى موعد بذر وحصاد و هو مظهر لعبادة ذات طابع زراعي عند شعب مشرقي امتلك عمقاً روحيا فريداً تبوأ من خلاله مكاناً رائدا في التاريخ القديم وأسهم في إرساء الأسس الأولى للحضارة الإنسانية.
ويستمر مهرجان التراث السوري في دمشق حتى الثالث من الشهر الجاري.