دام برس – غزل الموسى – اللاذقية :
على وقع الخطوات الثابتة ساروا، ولكن وجهتهم لم تكن ميداناً اعتاد على بأسهم و اعتادوا على قسوته، بل كانت نحو المدينة الرياضية في اللاذقية التي لم تخفت الإضاءة في صالتها منذ السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر، حتى تصل إلى التاسع منه لتكون شاهدةً مرة أخرى على دقات القلوب التي خفقت في زمنٍ توقف نبضه قبل الأوان.
علت الأنغام و توجهت الإضاءة لتدلّ على دخولهم، ألف ومئة  شابة وشاب من الجيش السوري وقوى الدفاع الشعبي من أسر الشهداء، لتبدأ بزفتهم الفرحة السادسة كأضخم عرس جماعي أقامته سيريتل ومؤسسة أمانة الشهيد، بإصرار يترجم نفسه كل سنة على أرض الواقع و مسؤولية الوقوف مع أسر الشهداء "عالحلوة والمرة" كما شرح رئيس قسم الإعلام في شركة سيريتل علاء سلمور لدام برس : "بأعناقنا نضع أمانة إكمال هذا المشروع الذي خططنا له منذ البداية فهذا العرس الجماعي جزأ لا يتجزأ من دعم الشهداء و أسرهم وهو أيضاً بمثابة احتفالية فرح جديدة نحرص كعائلة سيريتل على أن تكون أكثر تميزاً في كل مرة، وهذا العام التحدي كان بزيادة عدد العرسان عما كان عليه في الأعراس الجماعية السابقة ".

وعن خصوصية اختيار مدينة اللاذقية لهذا الحدث الضخم وضّح سلمور :" طبيعة المدينة الرياضية التي تجمع هذا العدد الكبير جعلت الاختيار يقع عليها، فالحضور اليوم سيتجاوز السبعة آلاف شخص بالإضافة إلى العرسان الذي بلغ عددهم ألف ومئة ".
لن تستطيع المرور بين هذا العدد الهائل من الأثواب البيضاء التي أتت من مختلف المناطق السورية دون أن يدفعك الفضول للتساؤل عن قصة كلٍ منها و عن الأشهر و السنوات التي أحصتها حتى وصلت لهذه اللحظة، فكانت " قمر" التي وصلت من مصياف لا تخفي فرحها بعد أن جمعها القدر مع "جعفر حمدان" الذي قضى خدمته بمنطقة أثريا في حلب، كما شرح  "أحمد ملحم" لدام برس أنه فضّل أن يشارك رفاقه بهذا اليوم المييز لاسيما أنه تسرح منذ فترة وجيزة.

"لم تكن فكرة العرس الجماعي واردة لدينا " يقول الجندي "وسيم"  لدام برس ويكمل:" بعد أن قررنا القيام بحفلة صغيرة لفرحة زواجنا سمعنا وعن طريق الصدفة بهذه المبادرة، ففضلنا أن تكون فرحتنا أكبر"
ومن حماه وتحديداً صوران أتى " عبد الرحمن الدراجي" الذي يقضي خدمته في منطقة القنيطرة ليتشارك بهذا اليوم مع باقي زملائه في الجيش السوري، بعد أن انتظرته " ديانا" لثلاث سنوات حتى يجتمعوا سوية تحت سقف واحد.
 
حضر الفنانون كأول المدعوين ليكونوا إلى جانب من قدم للبلد أمانها و يشاركوهم بتخليد " حكاية النصر" من خلالِ مسرحية روت قصصاً عن المناطق السورية المختلفة، برؤية المخرج سيف الدين سبيعي و بمشاركة كل من الفنانين: رنا الأبيض، فادي صبيح، رواد عليو، عبير شمس الدين و خالد القيش الذي غير مكانه من مقدماً للحفل في الفرحة الخامسة إلى المشاركة بالتمثيل في العرض المسرحي للفرحة السادسة التي تحدث عنها القيش لدام برس :" لو لم يكن قد سبقها خمس فرحات بنجاح تام لما كنا الآن بالسادسة، و الشيء الأهم أن هذه المبادرة كانت قادرة في كل مرة على الوصول إلى أحق الأشخاص بالاستفادة منها، وهم الجيش السوري الذي لا نستطيع أن نقدم لهم ما قدموه لنا ولكننا نحاول دائماً أن نكون معهم".

" شعور بالفخر و الاعتزاز أن نكون اليوم واقفين إلى جانب هؤلاء الأبطال " يبيّن الفنان محمد قنوع  لدام برس :" يجب علينا كفنانين أن نلبي أي دعوة تشبه بمضمونها هذه الفرحة، بغض النظر عن أي مقابل فبعد أن أدى رجال الجيش واجبهم تجاهنا يجب علينا أن نؤدي واجبنا تجاهه"
 بالنشيد السوري بدأ هذا الحدث الضخم مراسيمه الذي شارك فيها غنائياً شهد برمدا، ميرنا ملوحي، بهاء اليوسف، طوني قوبا، هالة القصير ومحمود القصير الذي عبّر عن سعادته بالتواجد للمرة الثانية في هذا الحدث الضخم حيث شرح لدام برس :" هي فرحة للشعب السوري بكل أطيافه، فالجيش ضحى بأغلى ما يملك ومن حقه أن يصل إلى هذا اليوم بحدث ضخم كالعرس الجماعي " 

حاولت الكاميرات أن تلتقط كل ضحكةٍ و كل نظرةٍ خجولة ولكن المشهد كان أكبر من أن يؤخذ بعدسة واحدة، فالحب هنا تغلب على الجراح، ولوّحَ بأيادٍ منتصرة خُيّل للموجودين أنها شُهبٌ تمر على الأمنيات لتستجيب لها، فبات جميع الحاضرين يهمسون بالدعوات بألا يفارق الفرح هؤلاء العرسان وأن يبقى إلى جانبهم بعد أن بدأوا بخطّ آمالهم على الأيام المقبلة.