دام برس – اياد الجاجة:
لم تمض أيام على تحرير الجنوب السوري من المجموعات الإرهابية المسلحة حتى بدأت تلك المنطقة مرحلة جديدة من تاريخها.
عندما نتحدث عن الجنوب السوري فنحن نخص بالذكر محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء تلك المناطق التي تعتبر خط جبهة أول مع كيان الاحتلال الصهيوني كما أنها المنطقة الكثر خصوبة في المفهوم الزراعي والمناخي.
على الرغم من السنوات العجاف الماضية إلا أن تلك المنطقة تعد بالخير الوفير إذا توفرت الإمكانيات لإعادة استصلاح ما دمره الإرهاب فقد يستغرب البعض من أن المجموعات الإرهابية قد قامت بقطع الأشجار وحرق الأراضي الزراعية من أجل منع أبناء تلك المنطقة من الاستفادة منها وبالتالي المساهمة بشكل مباشر بضرب الخزان الأهم للمحصولات الزراعية والتأثير سلباً على الأمن الغذائي في سورية وذلك جزء من الحرب الإرهابية التي استهدفت كافة جوانب الحياة السورية.
لم تكن سوريا يومًا بحاجة لاستيراد المنتجات الزراعية، بل كان الإنتاج من المحاصيل الاستراتيجية والصناعية يكفي حاجة السوق المحلية ويصدّر الباقي إلى الدول العربية والاتحاد الأوروبي.
الاكتفاء الذاتي الذي كانت تنعم به سوريا جاء نتيجة مقومات عديدة، جعلها قوة إقليمية في المجال الزراعي، بفضل المساحات الزراعية الشاسعة، التي تقدر بحوالي 30% من مساحات البلاد، البالغة 18.5 مليون هكتار وفق تقديرات رسمية لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وهي أعلى نسبة عربيًا إلى جانب تونس، تليها لبنان والسودان.
وكانت الزراعة المهنة الأولى للسكان، وتشكل مصدر دخل لحوالي مليون عامل من أصل خمسة ملايين، وهو حجم القوى العاملة في القطاعين العام والخاص، ويشكل العاملون في الزراعة 17% من إجمالي القوى العاملة، وتشكل 25% من الناتج المحلي الإجمالي المسجّل 60 مليار دولار العام 2010.
كان المزارعون السوريون ينتجون سنويًا 3.5 مليون طن قمح، ومليون طن حمضيات، و700 ألف طن بطاطا، و100 ألف طن تفاح، و1.8 مليون طن شوندر سكري، و135 ألف طن ذرة صفراء، ويوجد في سوريا 106 ملايين شجرة زيتون تنتج مليون طن يكفي الاستهلاك المحلي ويصدر معظمه.
واحتلت سوريا في السابق المرتبة الثانية عالميًا في إنتاج القطن العضوي بعد الهند، وتنتج البلاد مليون طن تقريبًا من مساحات 200 ألف هكتار.
لكن هذه الأرقام، التي تبدو كبيرة للغاية مع حجم استهلاك السكان البالغ 23 مليون نسمة للعام 2010، سرعان ما تبددت مع بدء المشروع التخريبي الممول من الدول الغربية ومحور الاعتلال العربي.
اليوم ومع تحرير المناطق من المجموعات الإرهابية المسلحة ومضي مسيرة المصالحة الوطنية كان لابد من استعادة تلك المناطق ليس على الخارطة الميدانية فقط بل على الخارطة الحكومية ليتم إعادة اعمارها زراعياً وخدمياً.
من هنا جاء الجولات المتكررة لرئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس حيث شملت تلك الزيارات الأخيرة محافظتي القنيطرة ودرعا.
المهندس خميس أكد من درعا على أهمية تلك المنطقة على كافة الأصعدة وقال:" نحن اليوم في درعا بتوجيه من الرئيس الأسد لإعادة بناء كل حجر وزراعة كل شبر تم تدميره والمبلغ المخصص لتأهيل البنى التحتية والخدمات في محافظة درعا مفتوح " ولتثبيت القول بالعمل وتحت شعار إعادة زراعة كل شبر في محافظة درعا التي تشكل الأراضي الزراعية نسبة 62% من مساحتها الإجمالية جال الوفد الحكومي في حقول لزراعة التبغ والبندورة في منطقة ازرع واستمع من الفلاحين إلى متطلباتهم وتم تكليف مديرية الزراعة بتوزيع الغراس مجانا على الفلاحين الذين تضررت حقولهم بفعل الأعمال الإرهابية وتأمين متطلباتهم من الأسمدة والبذار والآليات.
كما قامت الحكومة برصد 2.5 مليار ليرة كمبلغ أولي لإعادة تأهيل مبقرة مزيريب وإنشاء معمل ألبان وأجبان فيها، كما سيتم رفد المسطحات المائية في درعا بالإصبعيات السمكية، إضافة إلى رفد فلاحي المحافظة بالبكاكير ودعم رؤية المحافظة لتأمين المساحات اللازمة لإنشاء مصانع للصناعات الزراعية "
هذا وقد اطلع الوفد الحكومي على مشروع محطة /خربة غزالة / لضخ المياه الذي تم تنفيذه خلال فترة الحرب بتكلفة /1.5/ مليار ليرة، حيث يؤمن هذا المشروع المياه إلى مدينة درعا من مسافة 16 كم ويضخ 320 م مكعب في الساعة الأمر الذي يكفي حاجة المحافظة من المياه لسنوات قادمة.
كما وجه المهندس خميس كلف المعنيين الإسراع بوضع مخطط تنظيمي لمحافظة درعا يحقق الفائدة المثلى لها، حيث كلف بتشكيل فريق يضم المحافظة ووزارة الاشغال العامة والإسكان ونقابة المهندسين وغرف التجارة والزراعة والصناعة والاكاديميين و أساتذة الجامعات لوضع مخطط عصري للمحافظة خلال /6/ أشهر من تاريخه.
كثيرة هي الأرقام التي تم رصدها كما هي المشاريع التي بدأت الحكومة بتنفيذها في العديد من المحافظات السورية والهدف منها استعادة سورية موقعها على جدول الأمن الغذائي.
ولابد لنا من التنويه بأن السيد رئيس مجلس الوزراء يقوم بمتابعة تلك المشاريع على أرض الواقع والتأكد من نسب التنفيذ وتقويم أي خطأ ناجم عن الروتين إضافة لمكافحة حالات الفساد.