دام برس- غزل الموسى - اللاذقية :
إحدى تجارب الحرب على سورية كانت تدهور الوضع المالي للمواطنين بعد أن جارت عليهم الأوضاع الحياتية والمعيشية، فلن يغفر لبعض المواطنين السوريين ضيق حالهم وبقائهم دون منزل من أن يتعرضوا لاستغلال أصحاب العقارات والسماسرة، فالأزمة هنا لم تعد تقتصر على القذائف والتفجيرات بل تعدت ذلك لتدفع من نجا منها إلى ضائقة مالية قد تجعله يتخذ من الحديقة العامة مسكنا له.
لم يقتصر الارتفاع الجنوني لإيجارات المنازل أو الغرف على العاصمة دمشق بل انتشر هذا الغلاء ليشمل كل منطقة تعيش حياة "شبه" طبيعية في ظل الظروف التي تشهدها البلاد، فالساحل السوري كان أحد المناطق التي لازالت تشهد إلى اليوم تدفقاً كبيراً من المهجرين لاسيما من المناطق الشمالية كحلب و إدلب، فشرع أصحاب العقارات بجعل التناسب طردياً بين عدد المهجرين وإيجارات البيوت، وفي جولة لدام برس على بعض المكاتب العقارية في مدينة اللاذقية، علق بعضهم على الإيجارات التي تجاوزت في كثير من الأحيان دخل المواطن، فالمنزل ذو العشرة آلاف شهريا قبل ست سنوات ستجده الآن - إذا كنت من ذوي الحظ الجيد - متسلقاً إلى طابق ال50 ألف شهريا كحد أدنى.
ولم تتوقف حياكة هذه المشكلة على خيط المهجرين فقط بل كان هناك عدة خيوط أخرى، كان أبرزها طلاب الجامعات الوافدين من المحافظات فمن لم يحالفه الحظ بالحصول على السكن الجامعي اتجه لحل الإيجار، ولم يجد الكثير منهم المراعاة المطلوبة لوضعه كطالب.
من وجهة نظر قانونية أوضح أحد المحاميين لدام برس أن الإشكاليات التي يمر فيها المواطنين عند اللجوء للإيجار، كالموافقات الأمنية التي يتفاوت زمن إصدارها من شخص لآخر، و العقود التي بات ملاك العقارات  يفضلوها شهرية كي يستطيعون رفع سعر الإيجار وقتما شاءوا، مستغلين عدم وجود قانون ينص على حد أعلى للإيجار، و بالنظر لكثرة العقبات التي قد تعترض المستأجر الجديد لجأ بعضهم إلى عقد العارية الذي حدده القانون المدني وفق عدة مواد، تبدأ بالمادة /602/ التي تعرف العقد كما يلي : العارية عقد يلتزم به المعير أن يسلم المستعير شيئا غير قابل للاستهلاك ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو في غرض معين  على أن يرده بعد الاستعمال، حيث وجد كلا الطرفين (المؤجر والمستأجر) في بعض الحالات من هذا القانون ملاذا من الإجراءات التي تأخذ فترة طويلة.
من ناحية أخرى وجد البعض من مراكز الإيواء حلاً مؤقتاً للارتفاع الجنوني في إيجار العقارات والبعض الآخر من العائلات تقاسموا عبء المبلغ المطلوب شهريا، هي حلول تلاعب فيها المواطن السوري على الأزمة الراهنة لكن إلى متى سيبقى الضمير في هذه المشكلة رهينة من رهائن الحرب ؟