دام برس ـ طرطوس ـ سهى سليمان :
تعد الطفولة مرحلة حساسة وحرجة والتأثير فيها ضروري جداً، لما له أثر في تكوين شخصية الطفل المستقبلية، ولذلك نجد أغلب الجمعيات تعنى بالطفل من كافة النواحي وخاصة في ظل الظروف التي يعيشها أطفالنا خلال الأزمة السورية.
ولكل جمعية برامج متنوعة تهدف بشكل أساسي إلى غرس قيم ومبادئ وأخلاق عالية لتشكيل بصمة إنسانية من خلال برامج ثقافية وترفيهية.
وانطلاقاً من ذلك زارت مؤسسة "دام برس الإعلامية" مخيم جمعية "راية الشهيد" في غابة تلة بمحافظة طرطوس، وكان لها بعض اللقاءات مع القيمين على هذا النشاط لتسليط الضوء على أهدافه:
المخيمات وسيلة للتعلم عن طريق الفنون
رئيس مجلس إدارة جمعية "راية الشهيد" السيدة رحاب الناصر تحدثت أن الجمعية تأسست في عام 2012، ولكن هذه السنة حصلوا على الترخيص، مضيفة أن هذا المخيم هو سادس تجمع، وفقاً لمناطق الأهالي المنضمة للمؤسسة (جبلة ـ النبي متى ـ القرداحة ـ طرطوس).

وأوضحت أن الجمعية تعمل على متابعة أبناء الشهداء حيث ترعى ما يقارب 100 ابن شهيد خلال السنة، خاصة في فصلي الصيف والشتاء، حيث ننشأ في فصل الشتاء يوم واحد بسبب المناخ، ويقتصر المخيم على نشاطات ترفيهية ووجبة غداء.
كما يتم متابعة الأطفال من حيث الدراسة وتقصيرهم أو نجاحهم، حيث يتم التواصل مع الأهالي وإرسال معلمين إلى منازلهم لإعطائهم دروساً إضافية.
وعن هدف المخيمات ذكرت السيدة رحاب أن المخيم يساعد من خلال برامج ترفيهية وتثقيفية في بناء وصقل الشخصية والقدر على الحوار والتعبير عن نفسه، واكتساب مهارات جديدة من خلال التعلم والفنون، وتفريغ الشحنات النفسية وزرع قيم الانتماء والحوار والمشاركة والتعاون والنظافة والنظام والإبداع، إضافة إلى برامج دعم نفسي للأطفال.
وختمت حديثها بأنهم معنيون بمتابعة الأطفال من عمر 5 سنوات وما فوق، وقد انضم للجمعية أطفال أصبحوا الآن متطوعين ليضاف إلى الجمعية أطفال جدد.
أبناء الشهداء لهم رعاية مطلقة
أما لجين عبد الحق أمين صندوق جمعية "راية الشهيد" فقد أشارت إلى أن المخيم خاص بأبناء الشهداء، حيث تم البدء به كمخيمات ترفيهية للأطفال منذ بداية الأزمة السورية، نجمع فيها أبناء الشهداء بمخيم يجمع بين الترفيه والتعليم.

وأكدت أن الجمعية مستمرة بإقامة هذه المخيمات منذ خمس سنوات، وتعمل على تبني الأطفال لينضموا إلى المخيمات ويتم رعايتهم ليكبروا ويصبحوا متطوعين للعمل في المخيم.
ونوهت بأن هذا النشاط الترفيهي التعليمي يهدف إلى بناء جيل جديد لسورية بعد الدماء التي سقطت على هذه الأرض، وأن أبناء الشهداء يجب أن يتلقوا رعاية مطلقة بعد أن فقدوا أباءهم.
تطور كبير للأطفال وأساليب يدوية متنوعة
بدوره طارق شحادة أمين سر جمعية "راية الشهيد" تحدث عن النشاطات المقامة في المخيم، حيث يضم ما يقارب 75 طفلاً من مختلف الفئات العمرية (6 ـ 16 سنة)، وتتنوع النشاطات بين الموسيقية والفنية والثقافية إضافة إلى الرعاية والصحية والنفسية والاجتماعية.

كما يركز المخيم على إعطاء دروس فنون يدوية لتعليم الأطفال أساليب جديدة للأشغال اليدوية غير المعجون، من خلال تشكيل أشكال بسيطة بالعجين، ليتم تلوينها وعرض المنتج الختامي في معرض بالحفل الختامي.
وعن مدى تأثر الأطفال بهذه النشاطات بيّن طارق أن الأطفال أبدوا تطوراً كبيراً رغم المدة القصيرة، وتقدم كبير بين اليوم الأول والختام وذلك من خلال مراقبة تصرفاتهم وأعمالهم الفنية وانضباطهم بقواعد الصحة والسلامة.
قواعد أساسية في النظافة والطعام
ومن المطبخ حيث المتطوعة نور صالح تعمل في المخيم منذ 5 سنوات، تقوم بمتابعة أمور الطبخ والطعام للأطفال، متبعة قواعد أساسية في النظافة والغسيل وغيرها.

أوضحت نور أن هناك ثلاث وجبات أساسية تتخللها وجبة إضافية لأن الأطفال لديهم طاقات عالية ويجب تعويضها من خلال الأكل.
الأطفال هم جيل المستقبل
أما الطفلة مريم من بيت عانا ابنة الشهيد غاندي صبح أوضحت أنها سعيدة جداً في المخيم، وخاصة أنها تتعلم مهارات جديدة وتشارك أصدقائها في الألعاب والموسيقا، كما أنها تتعلم المحبة والتعاون والعمل الجماعي.
المشرفة ليا خضور قالت إن المخيم بنشاطاته يهدف إلى تعليم الأطفال الموسيقا والقيم والمبادئ والنظافة من خلال عروض مسرحية أو محاضرات ثقافية ليتم الاستفادة منها.

متطوعون من أبناء الشهداء: سعيدون جداً ومتفاعلون
بدورها الطفلة عبير فندارة ابنة الشهيد عادل فندارة الذي استشهد في إدلب في عام 2012، وهي موجودة في المخيم منذ بداية نشاطاته، حيث كانت موجودة في الراية الأولى والآن هي متطوعة لتعليم عدد من الأطفال.

تحدثت أن كل مشرف له عدد من الأطفال حيث يتم العناية بهم بشكل كامل من حيث الأكل والشرب والنظافة والتعليم، كما يتم تدريبهم على ترتيب الخيم والألبسة الخاصة بهم وغسيل الأيدي والأوجه وتنظيف الأسنان والنظافة العامة في الغابة.
من جهته الطفل علي إبراهيم ابن الشهيد فائز علي إبراهيم الذي استشهد بحماة في عام 2012، وهو الآن متطوع  بعد أن أصبح عمره 18 عاماً، ذكر أنه من ضمن نشاطات المخيم مسابقة لأفضل خيمة من حيث النظافة والترتيب وأنه يتم تسليمهم راية المخيم، بعد تعليمهم على أساليب ترتيب فرشهم وأغطيتهم ومن خلال ذلك يتم تطبيق هذه الأمور في المنزل.
في الختام نشكر كل الجهات المعنية وكل الجمعيات التي تحاول تقديم المساعدة لأبناء الشهداء لتجاوز محنتهم، وتدريبهم على تعلم مهارات مهمة واكتساب صداقات جديدة وإشراكهم في العمل الجماعي، كما تشكر مؤسسة "دام برس" الإعلامية القيمين على هذا المخيم التعليمي الترفيهي، وتتمنى له وللجميع التوفيق والنجاح.