دام برس ـ طرطوس ـ سهى سليمان :

بمناسبة الذكرى السبعين لعيد الجلاء وتكريماً للمجاهد الشيخ صالح العلي ونضالاته مع رفاقه ضدّ المستعمر الفرنسي، انطلقت يوم الأحد 17 نيسان 2016 فعاليات مهرجان الشيخ صالح العلي بدورته التاسعة عشر في ساحة الضريح بمدينة الشيخ بدر، والذي يستمر حتى 23 من الشهر نفسه.
وكان محافظ طرطوس والحضور قاموا بزيارة ضريح المجاهد الشيخ صالح العلي حيث قُرأت الفاتحة على روحه وروح جميع شهداء سورية من مدنيين وعسكريين، كما افتتح المحافظ وصحبه الساعة الحادية عشر ظهراً أولى فعاليات المهرجان، والتي تضمنت معرضاً للمهن التراثية والتقليدية لاتحاد الحرفيين بطرطوس ومعرض آخر للفن التشكيلي لفرع اتحاد الفنانين التشكيليين بطرطوس بمشاركة عدد كبير من الفنانين والحرفيين.
كما تمّ الافتتاح الرسمي للمهرجان بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء الأبرار ومن ثم ألقيت عدد من الكلمات أكدت على أهمية تزامن المهرجان مع عيد الجلاء والذي يمثل تكريماً لرموز الرجولة والتضحية والفداء لطرد المستعمر الفرنسي، كما ركزت الكلمات على تضحيات الجيش السوري وإيمانه بالوطن وعظمة أبنائه وصمودهم ضد أشكال الإرهاب كافة، في حين أعقب ذلك مهرجان شعري قدم فيه عدد من الشعراء قصائد من وحي المناسبة عبرت عن استنباط قيم التاريخ المشرف وقصص الجلاء التي تزيد السوريين عزماً ولمحة وطنية في مواجهة الظروف التي تمر بها البلاد، ومن أبرز المشاركين (صالح سلمان، سائر إبراهيم، سومر عبد اللطيف ـ جازية الشيخ علي، محمود حبيب وغيرهم).
وقد حضر الافتتاح محافظ طرطوس السيد صفوان أبو سعدى والرفيق غسان أسعد أمين فرع الحزب في طرطوس ومدير ثقافة طرطوس الأستاذ كمال بدران وعدد من رؤساء المراكز الثقافية في المحافظة، إضافة إلى عدد كبير من الشخصيات الدينية والحزبية والرسمية والشعبية.
حضور متميز ولافت، وتأكيد على النهج النضالي
وعلى هامش المهرجان كان لمؤسسة "دام برس" الإعلامية لقاءات متنوعة مع عدد من الحضور الرسمي والشعبي:
مدير ثقافة طرطوس الأستاذ كمال بدران تحدث عن دور الشيخ المجاهد صالح العلي في مقارعة العثمانيين، وأنه أول من أطلق الرصاص في وجه العدوان الفرنسي، وهو صاحب المقولة الشهيرة عندما وردت الأنباء عن احتلال دمشق من قبل الاستعمار الفرنسي مستذكراً قوله: "من أراد الدفاع عن الوطن ليتبعني ومن يرد فليذهب إلى الشيطان، فوالله لن أترك السلاح حتى يستقل هذا الوطن أو أموت".
كما أكد الأستاذ كمال أن المهرجان هو استمرارية لنهج وتضحيات هؤلاء المجاهدين الكبار التي تشكل نبراساً مضيئاً لنا ولجيلنا الجديد ليستمد قوته من نبض الماضي وبريقه الذي يضيء للأبناء والأحفاد طريقهم في الدفاع عن وطنه، راجياً من الله تعالى أن يكون الاحتفال بالنصر والاستقلال الناجز قريباً، بهمة وتلاحم الجيش مع القائد والشعب، وتحرير آخر شبر من هذه الأرض عما قريب.
ووجه كلمة إلى المرابطين والجيش السوري على جبهات القتال معبراً عن الاحترام والتقدير للجيش السوري الذي سطر أروع الملاحم في هذا العصر من خلال متابعته للنهج الذي بدأه الأجداد منذ العشرينيات من القرن الماضي.
وفيما يتعلق بالحراك الثقافي فوعد مدير ثقافة طرطوس الجمهور في المحافظة بالدفاع من خلال الكلمة جنباً إلى جنب مع الجندي السوري وضرورة تلازم هذين المسارين (الثقافة والسلاح)، وصولاً إلى عزة الوطن وكرامته، كما نتمنى من الله أن يوفقهم في تنشيط الثقافة والاهتمام بالمثقفين ليقوموا بدورهم ويكونوا مؤثرين فاعلين لتحقيق الرسالة الإنسانية الثقافية الهادفة إلى بناء الإنسان.
مشاركة فعالة للحزب الشيوعي السوري في المهرجان
وبدوره السيد جودت منجا عضو اللجنة المركزية وأمين فرع الحزب الشيوعي في طرطوس أشار إلى أهمية تزامن المهرجان مع عيد الاستقلال الذي يعد عيداً وطنياً ومن أعظم الأعياد التي استطاع جيشنا ومجاهدينا من خلاله تحرير الأرض والحفاظ على سيادة الجمهورية العربية السورية ودحر الاستعمار الفرنسي الذي احتل البلاد لفترة زمنية طويلة.
وأضاف أنه المهرجان يشكل تقليداً سنوياً لإحياء النبض الثوري وإعادة الذاكرة لكلّ الأجيال والتمثل والاقتداء برجالات الثورة وإنجازاتهم وتضحياتهم ونضالهم ضدّ المستعمر الفرنسي ومعارك الجلاء المشرفة التي حققت الاستقلال، منوهاً بقدرة الشعب السوري على تحقيق الانتصارات الكبيرة من خلال وحدته الوطنية وصموده ووقوفه إلى جانب الجيش بمعركته المصيرية، إضافة إلى الحسّ الوطني الكبير الذي يتمثل به هذا الشعب العظيم، والذي يدافع بإمكاناته كافة من أجل رفعة وسيادة الوطن.
اتحاد شبيبة الثورة: أحفاد للمجاهدين
وقد ركز عدد من شباب اتحاد شبيبة الثورة على ضرورة المشاركة بهذا المهرجان حيث عبّرت نورا سلمان عن فخرها كجيل يمثل أحفاد الشيخ صالح العلي الذي دافع وقاتل مع رفاقه المجاهدين ضدّ الاحتلال الفرنسي وكان أول من أطلق النار بوجهه، حتى تابع نضاله ليتحقق الاستقلال الكبير، في حين ركز حيدرة علي ضرورة استمرارية النهج النضالي للحصول على الاستقلال الأكبر الذي يتجلى في التخلص من المجموعات المسلحة التي دمرت البلد وهجرت أبنائه، إضافة إلى استقلالية القرار وتحقيق السيادة الوطنية التي لا يمكن أن يمسّها أحد.
ووجه هذا التجمع الشبابي تحية إكبار وإجلال لذوي الشهداء مقدرين تضحيات أولادهم وصبرهم الذي ساهم في صون الوطن وحمايته من غدر الأعداء، وداعين من الله تعالى أن ينصر الجيش السوري في معركته ضد الإرهاب.
أعضاء مجلس الشعب: المعركة سياسية وميدانية
العمل على استدراك كافة الثغرات لإيصال الحقوق إلى أصحابها
وفي لقاء خاص مع عدد من أعضاء مجلس الشعب في محافظة طرطوس:
السيدة نورا سليمان حسن (عضو مجلس الشعب)، وهي زوجة وأم شهيد، تطرقت إلى أهمية فوزها في الانتخابات عن الفئة (أ)، وأن ذلك يشكل مسؤولية كبيرة على عاتقها لتحمل قضايا المواطنين وخاصة ذوي الشهداء وتعمل على معالجة ما أمكن منها.
وعن سؤالها عن المهام التي يمكن القيام بها من أجل إيصال المعونات إلى مستحقيها من ذوي شهداء وجرحى ذكرت أن لا شكّ أن هناك لجان كثيرة تعمل بهذا الخصوص سنقوم بالتعاون معهم من أجل تنظيم هذه القضايا، مؤكدة على استكمال الإجراءات اللازمة واستدراك الثغرات كافة لحصول الجميع على حقوقهم بعد أن قدم أولادهم أرواحهم من أجل رفعة هذا الوطن.
أما السيدة ديما علي سليمان (عضو مجلس الشعب) شقيقة الشهيدين (شعيب ويعرب سليمان) اللذان استشهدا في يوم واحد كل منهما في محافظة (حلب وإدلب)، والفائزة بأعلى نسبة بالأصوات في انتخابات مجلس الشعب لدورة عام 2016 عن الفئة (أ) في محافظة طرطوس، فقد ذكرت أنها من أحفاد الشيخ صالح العلي بنهجه الذي تربى عليه جيلها وإنشاء الله سيحملون الأمانة ويؤدون الرسالة الوطنية بكل صدق ومحبة، مضيفة أنه كما كان الشيخ صالح العلي الطلقة الأولى بوجه المستعمر الفرنسي ستكون مع جيلها الصخرة الأولى التي تتحطم عليها كل المؤامرات.
أما عن مشاركتها في مهرجان الشيخ صالح العلي كعضو مجلس شعب، فقد أوضحت أن المعركة في سورية لا تتجزأ هي معركة سياسية وميدانية، وكما يتابع الجيش السوري مهامه في ميدان المعارك، لا بدّ من مواكبة انتصارات الجيش السوري بالعملية السياسية ونكون جنباً إلى جنب معه، ونتحمل مسؤولياته تجاه الشعب ونثبت للعالم أن الشعب في سورية متمسك بالدستور وبالقانون وبالدولة، وهو شعب يحترم المؤسسات ويستطيع إجراء انتخابات رغم كل الظروف القاسية التي تمرّ عليه.
وأضافت أن إجراء الانتخابات في هذه الأزمة لهو دليل على الوعي السياسي الذي يتمتع به الشعب، وعلى قوة إيمانه بأرضه ووطنه وجيشه وقائده، كما نوّهت بأهمية حصولها على أعلى نسبة أصوات في الانتخابات وما يحملها ذلك من مسؤولية كبيرة تجاه الشعب متمنية من الله تعالى أن يساعدها لتكون على قدر المسؤولية والثقة التي منحها إياها الناخبون.
روح الثورة مزروعة في نفوس الجميع
ومن بين الحضور التقت "دام برس" مع إحدى السيدات المعمرات والتي تدعى "قمرية شاهين"، حضرت لاحترامها وتقديرها للشيخ صالح العلي والتي تعتبره المثل والقدوة، حيث أوضحت أن تتذكر وفاته لكنها لم تعاصر نضاله، وإنما كان من عاصره يتحدثون لها عن جهاده الكبير الذي بذله مع رفاقه المجاهدين، داعية من الله تعالى أن يحمي الوطن وينصر الجيش في معركته ضدّ الإرهاب.
الاتحاد النسائي في صافيتا: المهرجان رسالة تحية لأرواح الشهداء
وللاتحاد النسائي الشهداء حضور كريم ولافت، حيث التقينا بمجموعة سيدات من رابطة الاتحاد النسائي في صافيتا، حيث بيّنت السيدة فاتن أهمية المشاركة بهذه الفعالية والتي تتجلى في ردّ الدين والوفاء لتضحيات الأجداد الذين قدموا الكثير من أجل استقلال البلد، وأن هذا المهرجان رسالة تحية لأرواح الشهداء أحفاد الشيخ المجاهد صالح العلي، مؤكدة على انتهاج مسيرته ومسيرة جميع الشهداء الذين سطروا بدمائهم أروع ملاحم البطولة.
وركزت السيدة "أم سامي" على مشاركة المرأة في مثل هذه الفعاليات التي تثبت للعالم أن الحياة في سورية مستمرة وسوف تنتصر بإرادة شعبها، كما أشارت إلى دور المرأة الفعال على جبهات القتال جنباً إلى جنب مع الرجل، كما كانت في القديم أيام الثورة ضد المستعمر الفرنسي، إضافة إلى مشاركتها في جميع المعارض الفنية ومجالات الحياة كافة.
****
وفي التقرير القادم نحاول أن نقدم لكم لمحة عن معرض التراث والفن التشكيلي من خلال لقاءات مع أبرز المشاركين المتميزين فيه.