Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الزراعة في سورية ... واقع .. وتحديات

دام برس- سومر إبراهيم :

لم تترك الأزمة والحرب الدائرة في سورية جانباً من جوانب الحياة إلا وطالته بسوء ، ولم يسلم قطاعاً من قطاعات الدولة الخدمية منها والإنتاجية إلا وتأثر سلباً إلى حدٍّ كبير وتسبب بخسارات مادية مرعبة .

وأحد هذه القطاعات وأهمها هو قطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني ؛ والذي تكمن أهميته فيما يحققه من أمنٍ غذائيٍ وتوازن معيشي في حياة المواطن بما يعادل التوازن الذي يحققه الأمن العام .

وقد تعرض هذا القطاع لأضرارٍ كبيرة لا يمكن إحصاؤها سواءً ما يخص الإنتاج الزراعي أو المنشآت الحكومية والآليات والكوادر البشرية المشرفة عليه ؛ مما سبب تراجعاً تدريجياً ومنطقياً للإنتاج الزراعي وخاصةً المحاصيل الإستراتيجية من قمح وشوندر سكري وقطن وغيرها ؛ فقد تدنى إنتاج البلاد من القمح إلى حوالي 25% هذا العام حيث كان متوقعاً 2 مليون طناً في حين لم يتجاوز الإنتاج 600 ألف طن ، وكذلك في الشوندر السكري حيث لم يتعدى المحصول إلا ما أنتجه سهل الغاب في محافظة حماة  والذي لم يبلغ 60 ألف طن وحوالي 300 طن من السكر الأبيض في شركة سكر تل سلحب التي أنتجت في عام 2012 حوالي 40 ألف طن ؛ ويندرج الأمر على الشعير الذي لم يتجاوز إنتاج هذا العام 150 ألف طن وكذلك الأقطان والبقوليات والأشجار المثمرة .

أما الثروة الحيوانية فقد شهدت نفوقاً غير مسبوق في القطعان من أبقار وأغنام وماعز من خلال الذبح العشوائي والتهريب مما سبب قلة وغلاء في منتجها  .

وكان من الأسباب الرئيسية لهذا التدني في الإنتاج هو الوضع الأمني السيء في الكثير من المناطق السورية وخاصةً الأرياف عصب الزراعة السورية  الأمر الذي حال دون وصول الكثير من الفلاحين إلى أراضيهم وعدم زراعتها ومن جهة أخرى أضعف العناية بالمحصول عند آخرين الذي يحتاج عناية يومية مستمرة على كامل عمر الموسم الزراعي ، وكذلك تسبب الوضع الأمني في عزوف الكثير من المربين عن تربية المواشي نظراً لصعوبة تأمين المواد العلفية وعدم توفر مراعي آمنة .

وأيضاً ما أثر بشكل سلبي على المنتج الزراعي وخاصةً هذا العام هو انحباس الأمطار وشح المياه وقلة الموارد المائية البديلة مما سبب جفافاً مبكراً وعطشاً لأغلب المحاصيل الشتوية وندرة في المحاصيل الصيفية . كما وأثر هذا الجفاف على الثروة الحيوانية نتيجة غياب الغطاء النباتي في أغلب مناطق الرعي الآمنة.

وكان لقلة توفر المشتقات النفطية وصعوبة وصولها في الوقت المناسب دوراً سلبياً بشكل غير مباشر كذلك على الإنتاج الزراعي .

وعلى الرغم من هذا التراجع في الإنتاج والصعوبات التي تعترض العملية الإنتاجية إلا أنها لم تتوقف وبقيت مستمرة وصامدة بفضل الفلاح الذي أصرّ على زراعة أرضه تحت كل الظروف والمعاناة التي تعترضه  ، بالإضافة إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها الجهات المعنية بمتابعة العملية الإنتاجية متمثلة بوزارة الزراعة والمديريات والفروع التابعة لها في المحافظات ؛ والتي لم تتوانى يوماً عن تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة وقبل موعد زراعة المحصول ، ومحاولة ترشيد استهلاك مياه السقاية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المحاصيل التي تعرضت لظروف مناخية خارج السيطرة وخاصة هذا العام .

بالإضافة إلى إحداث مشاريع حيوية داعمة مثل مشروع تطوير الثروة الحيوانية التي حظي باهتمامٍ كبيرٍ من الجهات الحكومية على المستويات العليا من أجل الحفاظ قدر الإمكان على أعداد القطيع وتقديم الدعم المالي والدوائي والعلفي مجاناً للمربين ، وكذلك مشاريع الري الحديث والمنطقة الشمالية الشرقية وصناديق الدعم الزراعي والتخفيف من آثار الجفاف التي تستهدف أكبر شريحة من الفلاحين وتكون قريبة منهم وتعينهم على إنجاز أعمالهم وتقدم لهم الدعم المادي للتعويض قدر الإمكان عن الأضرار التي تلحق بمحاصيلهم وبالتالي تدفعهم إلى العطاء أكثر بما يحقق زيادة الإنتاجية بالنسبة لوحدة المساحة  .

ولا ننسى الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة الزراعة بالتعاون مع هيئة البحوث العلمية الزراعية لاستكشاف واستنباط أصناف ملائمة ومناسبة للظروف المناخية المتغيرة التي تتعرض لها المنطقة ، وكذلك التعاون مع المنظمات العالمية لتطوير الزراعة السورية وإنجاح المشاريع المحدثة وتحقيق التنمية المستدامة على الرغم من الظروف القاسية والحصار العالمي المجحف المفروض على البلاد .

وحاولت وزارة الزراعة بكوادرها الفنية والإدارية أن تلعب دوراً إيجابياً في تحقيق الاستقرار السلعي للمواد الغذائية النباتية والحيوانية في السوق ودخولها كمنافس رئيسي في بعض المنتجات وهذا ما فعلته المؤسسة العامة للدواجن بإدارتها النشيطة فعلى الرغم من الأضرار الكبيرة التي تعرضت لها منشآتها قدمت المنتج بوفرة و بأسعار منافسة لقي رضاءً عند المواطن السوري .

وبالتالي ورغم وجود بعض السلبيات فقد ساهم قطاع الزراعة في سورية بـ 50% من الدخل الوطني بعد تراجع وغياب الكثير من القطاعات الحيوية والإنتاجية الأخرى .

والذي يؤكد ذلك ولا أحد يستطيع نكرانه هو عدم غياب أي منتج زراعي مهما كان نوعه عن السوق وتوفره بكثرة بمتناول يد المواطنين على اختلاف شرائحهم المعيشية وفي أصعب الظروف ، كما وتم تصدير الفائض من بعضها عن طريق إيجاد أسواق بديلة ، وإن لحظنا هذا العام بعض الغلاء في الأسعار ولكن لا يقاس عليها مقارنة مع الأعوام السابقة والجهود المبذولة لتأمينها  .

ولأن وطناً يأكل مما يزرع و ينتج ...  لا يمكن أن يهزم ، وكون الزراعة هي صمام الأمان الحقيقي في أي بلد .... ندعو الحكومة المقبلة إلى إيلاء قطاع الزراعة الاهتمام الأكبر وإعطاء الفلاح أينما وجد اهتماماً خاصاً ومكانة أكبر في المجتمع والوقوف بشكل فعلي على المشاكل والصعوبات التي تعترض عمله وحلها كونه كان عامل الصمود الحقيقي إلى جانب الجيش العربي السوري في هذه الحرب القذرة التي تعرضت لها سورية.

الوسوم (Tags)

وزارة   ,   السوري   ,   الإرهاب   ,   الزراعة   ,   السورية   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz