Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
تعليم عال بلا حدود .. بقلم : الدكتور وائل معلا

دام برس

يلجأ العديد من جامعات العالم إلى افتتاح فروع دولية لها في بلدان أخرى لأسباب مختلفة. فبعض هذه الجامعات يرى في ذلك فرصة لتحقيق عائدات مالية إضافية من أقساط الطلاب المنتسبين إلى فروعها الدولية، وخاصة في حال انخفاض التمويل الحكومي لها.
في حين ترى جامعات أخرى في تلك الافتتاحات فرصة لها لظهور أوضح على الساحة الدولية، وتحسيناً لمنزلتها العالمية، وقدرة أكبر على التنافس في سوق التعليم العالي الدولية.
ومن جهة أخرى يشجع العديد من دول العالم الجامعات العريقة من دول أخرى على تأسيس فروع لها على أراضيها، عن طريق منحها حوافز على شكل دعم مالي أو إعفاءات ضريبية، أو بتخصيصها بأراض، وغيرها من الحوافز، لما لذلك من أهمية في توفير فرص تعليمية إضافية عالية الجودة للطلاب في بلدهم الأم، وتعزيز تواصل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بين الفرع الخارجي والجامعة الأم ما يؤدي لمزيد من التفاعل الجماعي والعمل المشترك وبناء جسور التفاهم بين الشعوب من مختلف الثقافات. إضافة إلى أن ذلك يسهم في تطوير مناهج جامعية جديدة تتلاءم مع الاحتياجات المحلية، ويعد وسيلة ناجعة لتوفير هيئة تدريس وطنية ذات خبرة أكاديمية عالمية، ناهيك عن خلق فرص جديدة للبحث العلمي. صدر مؤخراً تقرير عن «مرصد التعليم العالي بلا حدود» Observatory of Borderless Higher Education، وهو منظمة أبحاث مقرها بريطانيا، كشف أن آسيا قد أصبحت الآن المستقطب الرئيسي لفروع الجامعات العالمية في الخارج بعد نحو عقد من الزمن شهدت فيه منطقة الشرق الأوسط توسعا كبيراً في عدد هذه الفروع الدولية، لكن توسع الجامعات نحو دول الشرق الأوسط ولاسيما في منطقة الخليج قد تباطأ الآن، بحسب وليام لاوتون مدير المرصد، على حين يتسارع حالياً في دول الشرق الأقصى. ووفقا للتقرير الصادر عن المرصد وهو بعنوان: « الفروع الخارجية الدولية للجامعات: بياناتها وتطورها» والذي استند إلى معلومات تم الحصول عليها من مسح أجري في النصف الثاني من عام 2011، فإن الصين تعدُّ الآن واحدة من أكثر الدول استقطاباً لفروع الجامعات الأجنبية، إذ تستضيف حالياً 17 فرعا لجامعات عالمية مقارنة بعشرة فروع قبل عامين وهناك سبعة فروع أخرى يجري الإعداد لافتتاحها قريباً. تليها سنغافورة بـ18 فرعا، بعد أن كان عدد الفروع فيها 12 في عام 2009. وعلى المستوى العالمي هناك اليوم نحو 200 فرع افتتحتها الجامعات العالمية في الخارج وتمنح فيها الجامعات الأم درجات علمية لطلاب يتابعون التحصيل فيها في أوطانهم. في حين كان عدد فروع الجامعات الخارجية 160 فرعا في عام 2009، و82 فرعا في عام 2006. ويتوقع أن يفتتح 37 فرعا جامعيا دوليا آخر على مدى العامين القادمين، معظمها تعود لجامعات بريطانية وأميركية. ومن بين الجامعات التي حددها المرصد، 13 جامعة وكلية أميركية افتتحت فروعا لها في الصين وكوريا الجنوبية ورواندا وغيرها. ومن اللافت للنظر أنه لا توجد فروع جديدة مزمع افتتاحها في دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن كانت المستقطب الرئيسي لفروع الجامعات الدولية خلال العقد الماضي، إذ استضافت وحدها في عام 2009 ما يقارب ربع الفروع الدولية للجامعات في العالم. لكن مركز ثقل هذه الفروع آخذ في التحول نحو الشرق الأقصى بعيداً عن دول الخليج. وحسب التقرير فإن الدعم المالي من الحكومة المضيفة هو العامل الحاسم في كثير من الحالات، وغالباً ما تكون الحكومات المضيفة على استعداد لتحمل المخاطر المالية الأساسية الناتجة عن إقامة فرع جامعي، من خلال حوافز على شكل منح نقدية، وأراضٍ، وإعفاءات ضريبية. فعلى سبيل المثال أبدت حكومة سنغافورة استعدادها لتغطية جميع تكاليف إنشاء فرع لواحدة من أعظم وأغنى جامعات العالم وهي جامعة ييل Yale University. إن رغبة الحكومات المضيفة لفروع الجامعات الأجنبية في إقامة ما يسمى الأقطاب التعليمية Education Hub على أراضيها يعدّ عاملاً أساسياً في إقامة هذه الفروع، فمعظم الفروع الجامعية التي أحدثت في قطر وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تقع في «أقطاب تعليمية» أصبحت في حد ذاتها مطمحا للعديد من الحكومات الآسيوية، ولاسيما في شرق آسيا. وتعدّ سنغافورة من بين دول جنوب شرق آسيا الأكثر نجاحا في تحقيق تطلعاتها لإقامة «أقطاب تعليمية». إذ ارتفع عدد فروع الجامعات الأجنبية المفتتحة فيها من 12 إلى 18 فرعاً في غضون عامين، من بينها المدرسة العليا لإدارة الأعمال في فرنسا التي افتتحت فرعاً لها في سنغافورة بدعوة من هيئة النقد، وفرعان لجامعتي لندن ومانشستر البريطانيتين، وفرع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، وفروع لمراكز البحوث العائدة لجامعة ستانفورد من الولايات المتحدة. كذلك تخطط كل من جامعتي غلاسكو في اسكتلندا وييل في الولايات المتحدة لافتتاح فروع لها في سنغافورة. كما تطمح كل من ماليزيا وكوريا الجنوبية وسريلانكا إلى إقامة «أقطاب تعليمية» فيها أسوة بسنغافورة، تحشد فيها مجموعة كبيرة لفروع جامعات أجنبية عالمية عريقة. أما بالنسبة لبلدان منشأ هذه الجامعات، فما زالت الولايات المتحدة المصدّر الأساسي لأكبر عدد من فروع الجامعات في الخارج، لكن فرنسا وبريطانيا تعدان حالياً الدولتين الأسرع نموا في تصدير التعليم العالي إلى العالم. فقد أحدثت فرنسا في مواقع عدة في أوروبا وشمال إفريقيا وشرق آسيا سبعة وعشرين فرعا جامعيا، 12 منها تتبع لجامعة أزياء ESMOD International Fashion University. وأما بريطانيا التي كان لجامعاتها في عام 2009 ثلاثة عشر فرعا دوليا في مختلف أنحاء العالم، فقد تضاعف الآن تقريباً عدد هذه الفروع ليصل إلى 25 فرعاً، أحدثها أربعة فروع أحدثتها جامعة لندن في كل من أديلايد (استراليا)، وقطر وكازاخستان وسنغافورة، وثلاثة فروع لجامعات بريطانية عدة في الهند.
و لأميركا 78 حرما جامعيا في أنحاء العالم، وأكثر من ثلث الفروع الجامعية الخارجية المقرر افتتاحها في العامين المقبلين تعود لجامعات أميركية. أما استراليا التي كان لديها 14 فرعا جامعيا في الخارج في عام 2009، فقد أصبح لديها الآن 12 فرعا أحدثتها في كل من الهند وسيريلانكا. والجدير بالذكر أن ظاهرة افتتاح فروع خارجية لم تعد حكراً على الجامعات الأميركية والفرنسية والبريطانية، فمنذ فترة وجيزة بدأت جامعات من دول غير تقليدية مثل الهند وماليزيا وإيران بتأسيس حضور لها في الخارج أيضا، الأمر الذي يعدّ نمطا جديداً ناشئا من التبادل العلمي والثقافي إذ تقوم جامعات بلدان نامية بإنشاء فروع خارجية لها في بلدان نامية أخرى. وحسب تقرير المرصد فإن واحدا من بين كل خمسة فروع دولية أنشئت في الخارج نبعت من بلدان لا تعد بلداناً تقليدية مصدرة للتعليم العالي. واللافت في الأمر تزايد عدد هذه الفروع ليصل عدد تلك التي افتتحتها جامعات من بلدان الجنوب إلى 34 فرعاً (أي ما يعادل 17% من مجمل الفروع المفتتحة)، مقارنة بـ26 فرعا قبل عامين. وتعد الهند الدولة الرائدة في تصدير الخدمات التعليمية من العالم النامي، إذ لديها 17 فرعا جامعيا خارجيا، عشرة منها في دولة الإمارات العربية المتحدة وأربعة في موريشيوس. وجامعة الصداقة الهندية لديها أيضاً حرم جامعي في لندن. كما أن جامعة ليمكوكوينج الماليزية للتكنولوجيا الإبداعية Limkokwing University of Creative Technology لديها فروع في كمبوديا والصين وبوتسوانا وليسوتو، وفرع في لندن. وتعد جامعة آزاد الإسلامية Islamic Azad University في إيران الوافد الجديد إذ لديها فروع في أفغانستان وأرمينيا ولبنان وتنزانيا ودبي. كما أن لديها حرماً جامعياً في أكسفورد. واستنادا إلى موقع جامعة آزاد الإلكتروني فإنها تخطط لافتتاح فروع أخرى لها في كندا وطاجاكستان وماليزيا.
ومن جهتها، تعكف الصين على إقامة حرم جامعي في لاوس لتوثيق العلاقات التجارية المهمة مع هذا البلد. ونظرا لمدى نشاط الصين في استخراج الموارد الطبيعية في إفريقيا، فمن غير المستبعد افتتاح المزيد من الفروع الجامعية الصينية في تلك القارة، وعلى الأخص في السودان وأنغولا وزامبيا ونيجيريا. كما تخطط جامعة ولاية بكين لإنشاء حرم جامعي لها في سريلانكا. ولم تتخلف جامعة كمبالا الدولية في أوغندا عن إحداث فروع لها في كل من كينيا وتنزانيا. ولا يتوقع المراقبون تفجّراً عددياً للجامعات بين بلدان الجنوب فعدد الفروع الخارجية المفتتحة فيها يظل أقل بكثير مما يفتتح بين بلدان الشمال، لكن الديناميكية في بلدان الجنوب مختلفة عن تلك الموجودة في بلدان الشمال، إذ لا تسعى فقط لتحقيق الربح المادي بل تهدف بشكل أساسي لخدمة أهداف التنمية الشاملة. ذاك هو مثلاً حال حرم الجامعة الأوغندية في كل من كينيا وتنزانيا، والذي يهدف لتحقيق هدف سام هو «التنمية الإقليمية ونقل المعرفة. وفي سورية لم نشهد حتى الآن افتتاح أي فرع لجامعة أجنبية على الرغم من أن القانون يسمح بذلك، كما أنه لا يوجد لأي جامعة سورية فرع خارج أراضي الجمهورية العربية السورية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن جامعة «تربية مدرس» الإيرانية تخطط حالياً لافتتاح فرع لها في اللاذقية بالشراكة مع جامعة تشرين وتحت اسم «جامعة الفارابي»، كما أن جامعة دمشق افتتحت خلال السنوات الماضية العديد من البرامج التعليمية المشتركة على مستوى الماجستير بالشراكة مع جامعات أجنبية عريقة وفي اختصاصات مطلوبة جداً في سوق العمل كالمصارف والتمويل، وحماية البيئة، وترميم الأبنية القديمة والمواقع الأثرية، وهندسة الاتصالات المتقدمة، والتخطيط الإقليمية والتنمية المستدامة وغيرها. والعديد من هذه البرامج يؤدي إلى الحصول على شهادتين من جامعة دمشق، ومن الجامعة الشريكة. دروس كثيرة يمكن أن نستقيها مما سلف. فالتجربة العالمية إن لم يكن من الحكمة إسقاطها على الواقع المحلي، يمكن على الأقل دراسة أبعادها ومحاولة الاستفادة من نتائجها. ولعل أهم فائدة لظاهرة افتتاح فروع جامعية في الخارج هو تيسير نقل المعرفة، والاستفادة من الخبرات العلمية العالمية المرموقة، وإتاحة الفرصة أمام أبنائنا للتحصيل العلمي الرفيع وباختصاصات فريدة دونما حاجة لأن يتغرّبوا، وخلق بيئة للبحث العلمي التفاعلي تنعكس نتائجها على عملية التطوير بكل أبعادها، وإدخال الجامعات الوطنية في بيئة تنافسية مع جامعات أجنبية، وهو أمر حاسم للوصول بمؤسسات التعليم العالي إلى المستويات المرجوة. لكن استقطاب الجامعات العالمية المرموقة يحتم تشجيعها وتقديم الحوافز لها أسوة بما قامت به دول شرق آسيا، وهو أمر يصب في النهاية في مصلحتنا العلمية. وكما أننا يمكن أن نشكل على المدى البعيد «قطباً تعليمياً» فتصبح سورية مهد الحضارات وملتقى الثقافات واحة علم تتجمع فيها فروع لجامعات عالمية عدة، يمكن للجامعات السورية افتتاح فروع تخصصية محددة لها في أماكن أخرى من العالم لتصبح منارة علم ورسول حضارة، لكن تحقيق هذا الحلم يقتضي رفع مستوى مؤسسات التعليم العالي لدينا بتطبيق أعلى معايير الجودة على برامجها التعليمية لتفرض نفسها وتكون قادرة على المنافسة داخليا وخارجياً.
أ. د. وائل معلا

اقرأ أيضا ...
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz