دام برس - تغريد سامي يازجي:

نظرا لأهمية علم الاجتماع وخاصة في الدول النامية التي لا تعطي للجانب السيكولوجي حيزا كما تهتم بالجانب الفيزلوجي على عكس الدول المتقدمة , التي تعتبر الطب النفسي وعلم الاجتماع من أهم الأعمال دراسة وعملا ,ونظرا لما يعانيه مجتمعنا من مشاكل اجتماعية معقدة , أصبح لعلم الاجتماع ضرورة في حياتنا اليومية بالأخص فيما يتعلق بعمر الشباب من الناحية السلوكية . لذا أجرت دام برس لقاءً مع الدكتورة ميرنا دلالة باحثة في علم اجتماع الأزمات والمشاكل الاجتماعية وعلاجها سلوكيا  في مركز البحوث والدراسات الاجتماعية في فرنسا وكان الأتي :
تم نشر أطروحتك الجامعية في كتاب باللغة الفرنسية من قبل مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية في فرنسا باعتبارها أفضل أطروحة دكتوراه جامعية لعام 2010 , والكتاب بعنوان التصورات الاجتماعية لمفهومي الصحة والمرض , مقارنة بين الشباب الجامعي الفرنسي والسوري , إلى ماذا كانت تهدف فكرة الكتاب ؟
ارتكز الكتاب حول فكرة جوهرية كانت بمثابة نقطة انطلاق أساسية ومنهجية للبحث وهي مفهوم التصور الاجتماعي للصحة والمرض وكل ما يرتبط بهما من قضايا تتمثل بـالعادات اليومية كالسلوك الصحي, أسباب ومحددات الصحة والمرض, مصادر المعلومات المتعلقة بهذين المفهومين, أشكال العلاج الطبية وغير الطبية المستعملة, بالإضافة إلى دور العائلة في حال المرض أثناء فترة العلاج, وأخيرا دور التقدم الطبي والتكنولوجي.

اعتمدنا المنهج المقارن كإجراء منهجي علمي بغية دراسة وتحليل هذه المفاهيم التي كنا قد أشرنا إليها مسبقا, وذلك لدى مجموعتين اجتماعيتين مختلفتين, أو بعبارة أخرى ضمن مجموعتين من الشباب الجامعي ينحدرون من ثقافتين مختلفتين هما الشباب الجامعي الفرنسي والسوري مدرجين بالطبع مفهوم الثقافة وتأثيره على تصوراتهم أي مواقفهم وأرائهم, وكذلك سلوكهم المرتبط بكل الأفكار المطروحة سابقا.
وكان في الواقع اختيارا موفقا لهذا المنهج الذي أوضح بشكل علمي ودقيق أوجه التشابه والاختلاف بينهما, والذي كان في الحقيقة الهدف المنشود لهذا البحث معتمدين كذلك على برنامجين إحصائيين أساسيين هما: sas و spss والذي زودنا كل واحد منهما بمخططات ورسوم بيانية وجداول إحصائية أغنت الدراسة بشكل ممتع ومفيد.
تم نشر الكتاب من قبل دار نشر الجامعية الأوروبية التي تبنت جميع تكاليف الطاعة والنشر مع مركز البحوث المختص بالأزمات والمشاكل الاجتماعية ,وتم نشر الكتاب على أشهر المواقع الالكترونية العالمية في فرنسا ,أمريكا ,المملكة المتحدة ’ كندا , استراليا , ألمانيا , الصين , ما الهدف من اهتمام دار النشر لموضوع الكتاب ؟
دار النشر الجامعية الأوروبية هي دار النشر العلمي للشباب وهي التي تبنت نشر هذا الكتاب مجانا بالترابط مع مركز البحوث المختص بالأزمات والمشاكل الاجتماعية الذي درست فيه وكنت عضوا فيه أيضا وتحديدا ضمن الفريق المختص بالجانبين الصحي والتربوي.
هدف هذه الدار هو تطوير وتعميق عملية تبادل الخبرات والأفكار والبحوث العلمية بين الباحثين من كافة أنحاء العالم بمن فيهم صناع القرار, والهدف من ذلك هو توظيف هذه الخبرات في إعادة رسم ملامح أوروبا المستقبل في المجالات العلمية والثقافية والتقنية. طبعا بعد عودتي من فرنسا أبلغت من قبل هذه الدار أنه تم اختيار بحثي من بين العديد من الأبحاث ومن قبل لجنة مختصة آخذين بعين الاعتبار نقطتين أساسيتين للاختيار: جودة العمل الأكاديمي أولا وطبيعة الموضوع المدروس أو المبحوث ثانيا, فتم نشره بداية ككتاب على مستوى الاتحاد الأوروبي وبعد فترة تم تعميمه على كافة أنحاء العالم بما فيها المواقع الالكترونية.
عملت ِ في مركز البحوث كمعالج سلوكي , كيف يتم هذا العلاج ؟ وهل سيكون هناك علاج سلوكي في سوريا  ؟
من الدراسات والأعمال التي اكتسبتها (ولكن بجهد شخصي) وكان لمركز بحوث الأزمات والمشاكل الاجتماعية دورا هاما في ذلك هو عملي كمعالج سلوكي كونه يخدم اختصاصي بالدرجة الأولى ونظرا لأهميته ودوره الأساسي لمجتمعاتنا ثانيا.
وهذا المنهج العلاجي CBT THERAPY  BEHAVIOR COGNITIVE  هو ببساطة شكل من أشكال العلاج الذي يهدف تحقيق تغييرات في سلوك الفرد بالشكل الذي يجعل حياته وحياة المحيطين به أكثر فعالية وايجابية, وهو يستند بشكل أساسي على الحقائق العلمية والتجريبية المختصة بميدان السلوك, وهو يقوم أيضا على أساليب العلاج الذهني أو المعرفي التي ترتكز على فكرة تعديل الأساليب الخاطئة من التفكير والتدريب على حل المشكلات أو الإلمام التربوي والتعليمي بالمشكلات التي يتعرض لها الفرد. بالإضافة إلى الأساليب التي تشمل المهارات والتفاعل الاجتماعي الجيد من خلال ملاحظة النماذج السلوكية والتدريب على الثقة بالنفس.
وبعبارة أخرى هو محاولة لتعديل الحالات المرضية لكن بوسائل غير طبية. وفي الواقع يتم اللجوء إلى هذا النوع من العلاج في حالات كثيرة منها: التحكم بالقلق والخوف, حالات الاكتئاب, التحصن ضد الضغوط, المشاكل والاضطرابات السلوكية لدى (الأطفال والمراهقين وأخرى مرتبطة بالشيخوخة), الوصول إلى صورة الذات المثالية... الخ.
وأنا في صدد التحضير لفتح عيادة (كابينيه) للعلاج السلوكي, وخاصة بعد إلحاح العديد من الأصدقاء وأصحاب الاختصاص بمن فيهم الأشخاص الذين هم بحاجة لمثل هذا المركز.
نراك ِ في العديد من النشاطات التي تقوم بها جامعة تشرين , بالإضافة إلى عملك كمدرسة في الجامعة , هل تحدثينا عن هذه النشاطات ؟
فور عودتي من فرنسا كنت ومازلت أقوم بتدريس العديد من المقررات في قسم علم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ومقرر علم الاجتماع والصحة في كلية التمريض في جامعة تشرين بالإضافة إلى بعض المحاور الثقافية المقررة في الدورة التمهيدية للمعهد الوطني للإدارة العامة.
شاركت مؤخرا وفي اليوم السابع بتقديم محاضرة تعريفية وذلك بتوجيه من مركز المهارات والتوجيه المهني في جامعة تشرين وبإدارة الدكتور نيرودا بركات الذي يشكر على جهوده الحثيثة في المتابعة والعمل دائما نحو الأفضل. في هذه المحاضرة التعريفية تناولت بالشرح علم الاجتماع كاختصاص التعريف به, أبرز الميادين التي يشتمل عليها الأهداف العامة التي يقوم عليها والمهارات العامة والذهنية والمهنية والعملية التي بإمكان الطالب الجامعي أن يكتسبها عند دراسته لهذا الاختصاص الممتع والذي له دور مهم وأساسي جدا في المجتمع علما أن التسمية الفعلية له هو (علم المجتمع).
لكن وللأسف لم يأخذ حقه حتى الآن لا من ناحية الاهتمام ولا من ناحية رفده بمركز بحوث يكون فيه لعلم الاجتماع الدور الأساس كما في البلدان المتقدمة.

كانت لك ِ عدة مقالات تطرح مشاكل المجتمع , ما هي المقالات التي كتبتها وما الهدف من تلك المقالات ؟
نشرت مقالة بعنوان (جنوح الأحداث مشكلة تواكب العصر ما السبيل لحلها) تناولت فيها مشكلة جنوح الأحداث والتي تعتبر من أهم المشكلات الاجتماعية التي تواجه كافة المجتمعات ولم نكتف بصدد هذا الموضوع بالتشخيص وإنما حاولنا طرح جملة من الحلول لتفادي وتخطي هذه المشكلة.
ومقال آخر بعنوان (لماذا تجنح الفتيات ...... من منظور علم الاجتماع). حاولت فيها تشخيص السلوك بحثا عن الأسباب والدوافع المتحكمة بالشباب وتحديدا الفتيات من جهة ومحاولة لوضع الإجراءات والضوابط الكفيلة بعدم انحرافهم, ذلك الانحراف الذي سيلحق الضرر بهم وبمجتمعهم من جهة أخرى, وقد تم التركيز على هذه الشريحة بوصفهم أمهات المستقبل والمسؤول المباشر في مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص عن أي خطر يمكن أن يحدق بالأولاد وصولا إلى وضع الحلول الوقائية والعلاجية لهذه الظاهرة. ومن المقالات الأخرى التي كان لها صدى بناء على رأي الكثيرين من الزملاء والأصدقاء وشريحة من المجتمع كونها إشكالية العصر الحالية هي مقالة بعنوان (اكتئاب المراهقة.. من وجهة نظر علم الاجتماع).
ما أخطر ظاهرة اجتماعية برزت في مجتمعنا , وما الإجراءات التي قمتي بها لطرح هذه المشكلة ؟
فالاكتئاب ظاهرة خطيرة كثر انتشارها مؤخرا بين الناس عموما والمراهقين على وجه الخصوص فجهدت في كتابة مقال(اكتئاب المراهقة.. من وجهة نظر علم الاجتماع), استعرضت هذه الظاهرة من خلال توضيح أنواعها وأسبابها المباشرة وغير المباشرة وصولا إلى الحديث عن أبرز العلاجات التي يمكن اللجوء إليها لتجاوز وتفادي هذه الظاهرة الخطيرة ومبرزين أيضا دور العلاج السلوكي في التحقيق وعلاج مثل هذه المشاكل.
كلمة أخيرة :
أنهي دائما حديثي في أي لقاء صحفي أو تلفزيوني بالتأكيد على الدور الأساس الذي يلعبه علم المجتمع كاختصاص وخاصة في مثل هذه ظروف, فنحن ننادي دائما وضمن أهدافنا التعليمية بضرورة ربط مخرجات التعليم بسوق العمل لذلك هناك بعض الميادين كعلم الاجتماع لم يفعل دورها بالشكل المطلوب حتى الآن مع الإشارة إلى أن العديد من الأزمات والمشاكل (بكافة أشكالها) التي تعاني منها  إنما تعود بشكل رئيسي إلى تهميش دور مثل هذه العلوم.