دام برس -إدلب -حاوره - بلال سليطين :

منذ اللحظات الأولى للأزمة وأعضاء حزب البعث متأهبون ومستعدون للدفاع عن الوطن وهم لم يغادروا الساحات في وقت كان مطلوب منهم فيه الاستيعاب والصبر قدر المستطاع، هذا ما قاله أمين فرع إدلب لحزب البعث العربي الاشتراكي "عبد السلام الأحمد" خلال حوار خاص أجراه معه مراسل دام برس في مكتبه بمحافظة إدلب، وهذا نصه:

* كيف هو واقع مدينة إدلب بعد عامين ونصف من الأزمة؟

** بعد دخول قوات الجيش العربي السوري إليها في العام الماضي أصبحت مدينة إدلب آمنة، والوضع فيها جيد ومستقر، وهي تمثل هيبة الدولة بكل مؤسساتها وبكل أركانها داخل مدينة إدلب وفي بعض مراكز المدن الرئيسية في المحافظة (جسر الشغور، وأريحا).

وحديثاً تمت السيطرة على جبل الأربعين الذي يشرف ويطل على مدينة أريحا وحتى حدود محافظة إدلب من جهة تركيا ويؤمن الحماية الأمنية للأوتستراد الواصل بين اللاذقية ومدينة إدلب الذي يمثل شريان الحياة للمحافظة ومركز المدينة.

* هذا فيما يتعلق بالجانب الأمني، ماذا عن الجانبين الاجتماعي والسياسي؟

** غالبية أبناء محافظة إدلب بعد أن أصبحت الصورة واضحة وجلية ينتظرون عودة الأمن والأمان إلى كل المحافظة، ودخول الجيش العربي السوري لبقية المناطق ليكونوا جنباً إلى جنب معه في المعارك ومؤازرته.

ومن خلال تواجدك لدقائق في هذا المكتب تلاحظ العديد من رفاقنا في الكتائب البعثية واللجان وجيش الدفاع الوطني يدخلون إلينا ويتواصلون معنا في مواضيع الدفاع عن المحافظة، وتلمس من حديثهم أنهم متواجدون ويقفون إلى جانب الجيش العربي السوري في الخطوط الأولى، وقد قدموا عشرات الشهداء.

* من خلال تجربتكم مع وجود مقاتلين مدنيين من نفس المحافظة، كيف تقيمون هذه التجربة وهل تدعون لتكريسها في العديد من المحافظات الأخرى؟

** أهل المدينة أولى بالدفاع عنها، وهذه الناحية مهمة جداً جداً، لأن الجيش له الدور الأساسي، لكنه لا يستطيع التواجد في كل بلدة وقرية إنها الحقيقة، واليوم نحن بأمس الحاجة لأبناء المجتمع المحلي لكي يقوموا بالدور مكان الجيش بعد خروجه، وهذا ما عملنا عليه في هذه المحافظة وأسسنا الكتائب البعثية وجيش الدفاع الوطني واللجان الشعبية، لكونهم الأعلم بالمنطقة وعارفين بكل تفاصيلها.

وقد تلقيت العديد من الاتصالات من مناطق ينتشر فيها الإرهابيون، أكد خلالها أهالي تلك المناطق أنهم مستعدون ليكونوا مقاتلين جنباً إلى جنب مع الجيش، لإعادة الأمن والأمان لهذا البلد، بعد أن سلبته إياهما حرية التكفير والإرهاب.

* على ذكر الإرهاب، ما هي حقيقة ما حدث في أريحا، وكيف ارتكبت تلك المجازر الإرهابية فيها؟

** بعد خروج المجموعات الإرهابية المسلحة من مدينة أريحا، قمنا بوضع حواجز للتفتيش واخترنا عناصرها من أهالي المدينة بين كتائب ولجان وقوات دفاع وطني، وفي نفس الوقت كان هناك أعداد كبيرة من المسلحين في جبل الأربعين القريب من المدينة، فقام هؤلاء القتلة باستغلال فرصة غياب الجيش ووجود مقاتلين من نفس المدينة أقل قدرة وعدداً من الجيش، وقاموا باجتياح أريحا ومارسوا بحق أهلها الإرهاب بكل إشكاله، من قتل وذبح واعتداء على الأعراض وسلب ونهب لممتلكات كل شخص أو عائلة يعمل أفرادها للدفاع عن أريحا.

وقد سقط نتيجة هذا الاعتداء مئات الضحايا من مختلف عائلات القرية، حيث ذبحوا آل عيد وعلى رأسهم كبير العائلة وهو في السابعة والسبعين من العمر، وكذلك آل الصواف في "كفرزيبا" ذبحوا أطفالهم، وتم قتل الناس دون تمييز بين مدني أو عسكري، ومارسوا الرعب بكل إشكاله ضد المواطنين، على مبدأ أن كل من يكون مع الدولة يحق لهم النيل من عرضه وأرضه وممتلكاته، حتى لو كانوا أهالي مدينة بأكملها.

* باعتبار أنك ابن محافظة إدلب ومن موقعك في فرع الحزب، بماذا تفسر هذا الإصرار من قبل المسلحين على حصار إدلب، وقطع طرق الإمداد عنها؟

** الأوتستراد الرابط بين إدلب وأريحا واللاذقية، هو شريان الحياة بالنسبة للمحافظة، وهذا الأوتستراد كان يقع ضحية لإجرامهم كلما حاولوا دخول المدينة وفشلوا في ذلك وقتل عدد كبير منهم على مشارفها، حيث كانوا ينتقمون من المدينة عبر قطع الاوتستراد (شريان الحياة) وممارسة سياسة الحصار على أهالي إدلب البالغ عددهم في المناطق الآمنة حوالي /600000/ نسمة، لكن في كل مرة كان الجيش العربي السوري يتدخل ويفشل مخططاتهم ويفتح الطريق ويفك الحصار، والطريق اليوم آمن والدخول إلى مدينة "إدلب" ميسر.

* في ظل هذا الظرف كيف هو الواقع المعيشي في إدلب؟

** في ظل الظروف الحالية الوضع جيد جداً، بعض الأحيان يحدث إشكالات في تأمين الكهرباء بسبب استهداف المجموعات الإرهابية محطات التوليد أو الأسلاك أو الأبراج، وأحياناً يتم استهداف أو قطع المياه عن مدينة إدلب، فالمدينة تتغذى من محطة سيجر، وهم كثيراً ما يقومون بقطع الخط الواصل بين "سيجر" و"إدلب" كنوع من أنواع الضغط على الناس المقيمين في المدينة لأنهم يعتبرون كل مقيم فيها محسوب على الدولة، علماً أن الناس المقيمين في مدينة إدلب هم أضعاف سكانها الدائمين لأنها تعتبر اليوم الملاذ الآمن لأبناء المحافظة بشكل عام.

لكن بالعموم الوضع للأفضل وبمجرد فتح الاوتستراد تدخل كميات كبيرة من المواد تؤمن احتياجات المواطنين، وعلى سبيل المثال في موضوع البنزين كل سيارة تحصل على /50/ لتراً شهرياً توزع على دفعتين، وكذلك المازوت هناك لجان من الحزب تساهم في توزيع المازوت، والوضع مقبول.

وبعد مرور عامين ونصف على بدء الأزمة مازالت جميع حاجيات الحياة اليومية مؤمنة وكذلك الرواتب، وهذا يدل على قوة سورية بجيشيها واقتصادها.

* كفرع لحزب البعث في إدلب، هل تقومون بأي عمل سياسي على مستوى المحافظة، كفتح قنوات تواصل مع المعارضة على سبيل المثال؟

** عملنا مطولاً على فتح قنوات التواصل مع المواطنين بالإطار العام، فالدولة هي الصدر الحنون الذي يتسع للجميع، وحتى بالأمس كنت أتواصل مع فعاليات وشخصيات وأناس تغرر بهم وانساقوا خلف قضايا كيدية، ويومياً هناك أشخاص غرر بهم تحت عناوين مختلفة وضغط عليهم يتواصلون معنا لوحدهم، وهناك استجابة كبيرة لمحاولات التواصل من قبلنا خصوصاً في المرحلة الأخيرة.

* حدث مؤخراً تغيير على صعيد القيادة القطرية، ما الذي تغير على صعيد الجهاز الحزبي، وهل عادت الروح حقاً إلى الحزب؟

** القيادة الجديدة هم رفاقنا وهم ثقة المؤسسة الحزبية وقائدها، والهدف من التغيير هو الوصول إلى الأفضل، وفي فرع إدلب وبظل الظروف الحالية والضغوط التي تمارس على أي رفيق بعثي في أي عمل سياسي أو مهمة أعدنا ترميم /5/ شعب حزبية بعد حلها، وهذا التغيير أعطى دافعاً للعمل بشكل أكبر والتغيير دائما يخلق دماً جديداً ورؤية جديدة والمكلف بمهمة يكون متحمسا للعمل أكثر.

* البعض يتهم الحزب بعدم القيام بدوره والغياب عن الساحة، ماهو ردكم؟

** نحن موجودون منذ بداية الأحداث وتحديداً في إدلب، محافظة أول شهيد بعثي في سورية، وهذه ليست بجديدة علينا ففي أحداث الثمانينات كنا أول من قاتل ودافع وحمى البلد، وفي بداية الأحداث الراهنة كنا عندما نطلب /100/ مقاتل لفرع الحزب يأتينا /500/، وطردنا المسلحين بالعصي والحجارة عدة مرات، لكن كان مطلوب منا الاستيعاب والصبر، أما في هذه المرحلة فالوضع مختلف، ورفاقنا موجودون على مختلف الجبهات ويؤدون مهامهم على أكمل وجه في كل المعارك الدائرة في هذه المحافظة.

* هل مازال يسمع صدى مجزرة جسر الشغور في أرجاء محافظة إدلب؟

** ما حدث في مجزرة الجسر هو التعبير الدقيق لثقافة وسلوك هؤلاء القتلة، وكذلك ما حدث في قرى ريف اللاذقية، وما حدث في أريحا لا يقل لؤماً عما حدث في الجسر وريف اللاذقية، فعدونا حقير ولئيم ووضيع، وهو يريد تدمير الدولة وقتل الإنسانية، لقد مارسوا الإرهاب بكل إشكاله.

لكن لمجزرة الجسر وقع مختلف، ومازال صدى ألمها يتردد في أذهان كل صاحب حس إنساني ليس فقط في إدلب وإنما في العالم كله.

تصوير : الياس كتور