Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 19 آذار 2024   الساعة 16:21:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
المناضل العربي هادي دانيال لدام برس: النظام التونسي يترنح بعد الاغتيالات الأخيرة، ، والرئيس الأسد يحتل مكانةً رمزيّة عالية عند المزاج الشعبي التونسي
دام برس : دام برس | المناضل العربي هادي دانيال لدام برس: النظام التونسي يترنح بعد الاغتيالات الأخيرة، ، والرئيس الأسد يحتل مكانةً رمزيّة عالية عند المزاج الشعبي التونسي

دام برس – حاوره - بلال سليطين :

ضيفنا هو مناضل ومقاوم عربي سجله حافل بالنضال ضد الاحتلال الاسرائيلي، وهو  سوري يقيم في تونس ويرفض أن يحمل جنسية اخرى غير السورية رغم عضويته في منظمة التحرير الفلسطينية وتفرغه فيها منذ العام 1973 إلى هذه اللحظة.
إنه المناضل والشاعر "هادي دانيا" الذي كان لنا معه الحوار التالي للوقوف على آخر المستجدات على الساحة التونسية بعد الاغتيالات الأخيرة وموقع سورية مما يحدث في تونس:

نص الحوار:
* هل هناك محاولة لتصفية اليساريين والقومين في تونس؟

** مِن المُلاحَظ أنّ المُسْتَهدَفَين حتى الآن(شكري بلعيد ومحمد البراهمي) كانا الزعيمَيْن الأكثر مصداقية في المعارضة اليسارية والقوميّة التونسية ، بوعيهما السياسي ومواقفهما الوطنيّة والقوميّة - خاصة إزاء المؤامرة التي تستهدف سورية شعبا ودولة ودورا - ونصاعة تاريخهما النضالي وسيرتهما الشخصيّة النقيين وطنيا من أي ارتباط خارجي - وهذا لا يتوفّر في زعامات أخرى بما في ذلك المحسوبة على اليسار والقومية العربية هنا ، وأيضا مواجهة الشهيدين بلعيد والبراهمي المتواصلة إلى آخر شهيق وزفير من نفَسيْهِما للسياسة الإخوانجيّة الداخلية والخارجيّة. وبالتالي تمّ انتقاؤهما هَدَفين للتّخلُّصِ منهما كخصمين للمشروع الإمبريالي الصهيوني الرجعي لهما تأثيرهما الشعبي في تونس ، ولأنّ كلّاً منهما بمثابة صاعق يُمكِن لنزعه أن يُفجِّر البركان التونسي كي تعمّ الفوضى "الخلّاقة" بعد أن قامت حركة النهضة بالدور التجزيئي التقسيمي للمجتمع كما أسلفنا ، وهو الدور المرسوم لها، والذي سيتضاعف ويأخذ طابعا أكثر عنفا عندما تدرك أنّ مدّة صلاحيّتها في السلطة انتهت حتى عند سادتها الأمريكان الذين رفعوها إلى سدّة الحكم ، للإتيان ببديل عنها مرتبط مثلها بالأجندة الأمريكية قد يكون ليبرالياً. وتوقيت تفجير البركان له علاقة باستهداف الجزائر المطلوب إحاطتها من الشرق بفوضى مسلّحة في ليبيا وتونس بعد الاطمئنان على عداء العرش المغربي واستعداده لأداء الدور المطلوب منه ضد الجزائر ، ولتأكيد ذلك تمّ بالتزامُن مع اغتيال المناضل التونسي "محمد البراهمي" اغتيال الناشط الليبي "عبد السلام المسماري" المناوئ للإخوان المسلمين في بنغازي لضمان ديمومة الفوضى في ليبيا . ومن المفيد الإشارة إلى أنّ السلفيين الإرهابيين الذين ينفّذون - على الأرجح - عمليات الاغتيال ليسوا هم المخططين ، بل مجرّد أدوات تنفيذ في المخطط الصهيو أمريكي مثلهم مثل إرهابيي تنظيم القاعدة الذين نفّذوا الحرب على الجيش السوفييتي في أفغانستان واعتداءات 11أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكيّة ، خاصّة وأنّ تونس باتت مرتعا لأجهزة المخابرات الأجنبية بما في ذلك "الموساد" الإسرائيلي.

* ما هي الاسباب التي تقف خلف اغتيال "البراهيمي" حسب وجهة نظرك؟

** إضافةً إلى الأسباب التي كنت ذكرتها أعلاه ، أشير إلى أنّ الشهيد "محمد البراهمي" رجل متديّن بمعنى أنه يصلي ويصوم ويزكّي وأدى فريضة الحج ثلاث مرّات وهذا له قيمته المُضافة عند عامة الناس ، وهو من عشيرة نافذة في ريف محافظة سيدي بوزيد الفقير والمُهَمَّش ، مما يزيد في ردود الفعل الغاضبة المتوقعة على اغتياله ، والتي كان أوّلها إعلان أهالي محافظة سيدي بوزيد إنفصالهم عن السلطة التونسية المركزية وتشكيل لجنة حكماء من الأهالي تدير شؤون المحافظة.

* هل تآمر جماعة "الاسلام السياسي" على الثورة التونسية، وسرقوا ثمارها؟

** كما أنا لا أعتبر ماحصل ثورة وطنية (يوضح ذلك في السؤال الأخير)، بل هي "ثورة فوضى خلاقة" انقلاب عسكري مع مَشاهد مسرحيّة في الشوارع شارك فيها آلاف من العامّة الذين توهّموا أنهم ينخرطون في ثورة وطنيّة، وحينها كان الإسلاميون من حركة النهضة أو السلفية الجهادية إما في السجون أو خارج تونس ومعظمهم - بما في ذلك الغنوشي - كانوا لاجئين في أوربا الغربية خاصة ، عند "الطاغوت الكافر"، وكانوا ومازالوا مرتبطين بأجهزة هذا "الطاغوت" الإستخباريّة ، فهي إذن "ثورة مسبقة الصنع " دفعهم أسيادهم الذين صنعوها إلى أن يركبوها مسبقا ، لأغراض شرحناها آنفا كما شرحتها بالتفصيل المٌملّ في كتبي الثلاثة الأخيرة المتعلقة بهذا "الربيع العربي" و"ثوراته" وأوهامه وما تمخّض عنه ، وهذه الكتب هي على التوالي "ثورات الفوضى الخلاقة:سلال فارغة"2011 ، "الربيع العربي يتمخض عن خريف إسلامي بغيوم صهيونيّة" 2012، و"أوهام الربيع العربي: الوعي القطيعي" 2013. وجميعها صدرت هنا في تونس.

* ما مدى إمكانية قيام سيناريو "تمرد" تونسي على غرار مصر يطيح بالحكومة القائمة حالياً؟ *

** قبل عملية الاغتيال البشعة لاقت حركة "تمرُّد" المصريّة صداها في تونس ، وتشكّلت حركة "تمرّد" التونسية وجمعت مئات آلاف التواقيع المطالبة برحيل نظام حركة النهضة ، كما قامت الجبهة الشعبية التي كان الشهيد "البراهمي" أحد قادتها ببعث حركة مماثلة بعنوان "خنقتونا" ، لكن ظروف تونس تختلف خاصّة بعد أن بدأت حركة النهضة تستعدّ لإجهاض فاعليّة هاتين الحركتين بالتهديد والوعيد والإجراءات "القانونية" لشيطنتهما مسبقا، لكن بعد عمليّة الاغتيال واصطفاف قوى المعارضة والاتحاد العام التونسي للشغل وإعلان العصيان المدني في أكثر من محافظة وسقوط الشهيد " بلمفتي" في المواجهة مع الشرطة في محافظة قفصة ، واستقالة قرابة ثلث أعضاء المجلس التأسيسي"البرلمان المؤقت" واعتصام الآلاف المستمر ليلا نهارا أمام المجلس المذكور ، باتت حركتا "تمرّد"و"خنقتونا" رافدين لحركة شعبية حزبية ونقابية وجمعياتية أكبر وأشمل ، والنظام يترنّح ويقاوم سقوطه ، وقد يطول ترنّحه خاصّة بعد انقسام لوحظت بوادره في وزارة الداخلية عندما قام جزء من قوى الأمن بحماية المعتصمين أمام المجلس التأسيسي بينما شارك جزء آخر من قوى الأمن ميليشيات النهضة المسماة "روابط حماية الثورة" في الهجوم على المعتصمين بالعصيّ والقنابل المسيلة للدموع. ويبقى الرّهان على تدخّل الجيش ، لكنّ الجيش التونسي يبقى أقلّ عدة وعتادا ومختلفا في عقيدته عن الجيش المصري مثلا ، ناهيك عن احتمال أنه بات مثله مثل قوى الأمن مخترقا من حركة النهضة.

* أين فلسطين من الشارع التونسي الغاضب الآن؟ *

** تمثّل حضور فلسطين في الشارع التونسي الغاضب الآن ، في رفع العلم الفلسطيني والعلم السوري في جنازة الشهيد "الإبراهمي" وفي التنديد من خلال الهتافات واللافتات في بقية المظاهرات والاعتصامات بتواطؤ حركة النهضة مع المشروع الصهيوني والتنديد بلقاءات كانت قد جمعت بعض قادتها بشخصيات صهيونية كلقاء رئيسها راشد الغنوشي بأعضاء منظمة "أيباك" في واشنطن ولقاء نائبة المجلس التأسيسي النهضاوية "محرزيّة العبيدي" بصهاينة في باريس ، وكذلك إدانة حؤول ممثليّ حركة النهضة بالمجلس التأسيسي دون إدراج بند يجرّم التطبيع مع العدو الصهيوني في مشروع الدستور التونسي الجديد. وبشكل عامّ لم تغادر فلسطين الوجدان الشعبي التونسي وقواه الحيّة وإن كان بعض نخبه السياسية والثقافية والأكاديمية والإعلامية فد قام بخطوات تطبيعية مع "إسرائيل".

* هل تغيرت نظرة التونسيين لما يحدث في سورية؟

** نعم تغيّرت كثيرا ، وشملَ هذا التغيّر الكثير من النّخب السياسيّة ، والسبب في ذلك صمود الجيش العربي السوري وتماسك الدولة السورية، فعلى هذا الصمود والتماسك بنى الروس والصينيون والإيرانيون ودول البريكس وغيرهم تحالفا دوليا حول القضيّة السوريّة في مواجهة المشروع الصهيوأمريكي ليس ضد منطقتنا ودولنا فقط بل ضد شعوب ودول العالم ومصالحها الوطنية والقوميّة كافة ، وسبب هذا التغيّر أيضا انكشاف الإخوان المسلمين كأدوات لهذا المشروع وفشلهم الذريع في تقديم أبسط ماينتظره منهم الذين "انتخبوهم" تحت وطأة الدعاية التي استغلت المشاعر الدينية الطبيعية عند الناس الذين توهّموا أن هؤلاء "الإخوان المسلمين" يخافون الله وبالتالي سيكونون رحيمين بمحكوميهم ، لكنّ سنةً من حكمهم في مصر وسنتين في تونس شكّلت عند الناس اقتناعا بأنّ حكم الإخوان المسلمين أكثر فسادا وظلما من حكم الجنرالين مبارك وبن علي ، ففي ظلّهم غاب الأمن والأمان حتى في حدوده الدنيا وسالت دماء الناس في الشوارع وافتقدوا الحدّ الأدنى أيضا من الأمن الغذائي والاجتماعي وتعرّفوا على ضروبٍ من المتاجرة بالدين ما كانت تخطر لهم في بال ، وزادت مشاهد القتل والسحل وتقطيع الرؤوس وتدمير المؤسسات والمنشآت وبيوت القرويين وأحياء المدن وغيرها من الجرائم ضدّ الإنسانيّة التي يرتكبها الإرهابيون باسم "الجهاد" في سوريا اقتناعا عند الناس هنا بأنّ ما يحصل في سوريا ليس ثورة شعب بل هي حرب ضدّ السوريين شعبا ودولة خطَّطَ لها الغربُ المتصهين وينفّذها الإخوان المسلمون دولا وتنظيمات سياسية وعسكرية ، وكان لمقتل الإرهابيين التونسيين على الأراضي السوريّة أثره المُعاكس لما كان يتوقّعه مَن أرسلوهم ، عند عائلاتهم التي حمّلت نظامَ حركة النهضة مسؤولية المتاجرة بدماء أبنائها إرضاء لتركيا وقطر والسعوديةوخدمة لمصالح تل أبيب وواشنطن ، وعلى الرغم من كلّ الضخّ الإعلاميّ لشيطنة الدولة والجيش والقيادة في سوريا فقد تشكلت سوريا في وجدان وعقول أغلبية الشعب التونسي أيقونةً وطنية وقومية للنضال ضد المشروع الصهيوأمريكي وأدواته "الخارجيّة" ، واحتلّ الرئيس الدكتور بشار الأسد مكانةً رمزيّة عالية عند المزاج الشعبي التونسي . وبفضل صمود جيشنا العربي السوري ودَحْر كلّ مَن تطاوَلَ على حرمة ترابنا الوطني تراجَع كثيراً نشاطُ شبكاتِ تجنيد الشباب التونسيين للقتال في سورية لأنّها تُواجَه برفض شعبيّ أوّلا.

* لماذا يلجأ الإخوان المسلمون ومن لفَّ لفهم للاغتيالات في هذه المرحلة؟ *

** أضيف إلى ماسبق وذكرته بهذا الصدد ماكان قد أشار إليه الشهيد "شكري بلعيد" ، وهو أنّ حركة النهضة كلّما ضاق عليها الخناق السياسي ، تلجأ إلى العنف لإعادة البلاد إلى المربّع الأوّل . لذا كان يحذّر رفاقه من الإنجرار إلى العنف عندما تحاول حركة النهضة استدراجهم إليه. ومن جهتي أشير كذلك إلى أنّ حركة النهضة وسواها من الحركات الثيوقراطية التي تنشط سياسيا وتحكم باسم الدين تعدّ نفسها الناطقة باسم الله ، ولذلك لاتقبل رأيا أو فعلاً مُخالِفا لإرادتها التي تعدّها إرادة الله ، لذلك هم يكفّرون مَن لايمتثل لآرائهم في الدين والدنيا وحين يرون في مَن يُخالفهم مَصْدَرَ إحراج يُسارعُون إلى قتله بدَمٍ بارد.

* كيف تقيم الواقع السياسي التونسي حالياً؟

** بعد إسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي في سياق تآمري لاستئناف تنفيذ خطة "برنارد لويس" التي بدأ تنفيذها إثر أحداث 11أيلول 2001في نيويورك و واشنطن بشنّ حربين على أفغانستان والعراق كانت كلفتهما العسكرية عتاداً وجنوداً ،والمالية،والسياسية والأخلاقيّة فوق طاقة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على التحمّل، فتمّ اللجوء إلى ما أسمّيه "ثورات الفوضى الخلاقة" التي درج المعنيّون بها على تسميتها "ثورات الربيع العربي" ، بحيث تكون كلفة هذه "الثورات / الحروب " من الرصيد البشري والمالي والسياسي والأخلاقي لشعوب الدول المستهدفة ، بعد أن استأنفوا تنفيذ خطّة "لويس" الصهيوأمريكية الرامية إلى إعادة تقسيم مجتمعات وجغراسياسية الدول القائمة ضمن حدود ما يُسمّى الشرق الأوسط الكبير من الباكستان إلى مراكش واستبدالها بدويلات فاشلة تقوم على أسس دينية وطائفية وعرقية وعشائريّة تدور في فلك دولة إسرائيل اليهودية الكبرى ، وفي هذا السياق يتمّ وضع اليد الصهيوأمريكية على ترسانة الباكستان النووية والمشروع النووي الإيراني وتفكيك الجيوش العربية الأربعة الكبرى التي تشكل خطرا استراتيجيا على الكيان الصهيوني ، وأعني هنا الجيش العراقي السابق ، والجيش المصري، والجيش السوري والجيش الجزائري، وفي هذا السياق أيضاً يتمّ تصفية القضيّة الفلسطينيّة.

لإنجاز ذلك تمّ توظيف الإسلام السياسي بتنظيماته السياسية(الإخوان المسلمين بأحزابهم ذات التسميات المختلفة:الحرية والتغيير في مصر ، النهضة في تونس ..إلخ) والعسكرية الإرهابية (تنظيم القاعدة بفروعه ذات التسميات المختلفة : النصرة في سورية ، أنصار الشريعة في تونس،السلفية الجهادية .إلخ) ، وذلك نظرا لنجاعة هذا التوظيف في تجزئة المجتمعات ودفعها إلى الفوضى"الخلاقة صهيوأمريكيا" ، وفي تدمير مؤسسات الدول المستهدفة وثرواتها البشرية والطبيعية.وإلى جانب الإسلام السياسي تمّ حشد النزعات العشائرية والحركات الإنفصالية العرقيّة لاستكمال هذه الفوضى التي تُمَهِّد لإعادة تقسيم الدول المطلوب تقسيمها كما أسلفنا. إذن بات واضحا أنّ الإدارة الأمريكية هي التي جاءت بالقاعدة إلى أفغانستان والعراق وإلى مايسمى "دول ثورات الربيع العربي : تونس،ليبيا، اليمن،سورية .. بينما لعبت حركة حماس دور القاعدة في مصر وغزة" وهي التي دفعت الإخوان المسلمين إلى سدّة الحكم في تونس ومصر. وكما بات واضحا وكما تريد واشنطن لم تستقرّ الأوضاع ولن تستقر في أيٍّ من دول مايسمى "الربيع العربي" إلى أن تُتمّ تنفيذ خطة "برنارد لويس".

ففي تونس مجتمع أغلبيّته الساحقة عربية مسلمة سنية مالكية ، وبعد قرابة العامين من حكم حركة النهضة انقسم المجتمع سياسيا إلى علمانيين وإسلاميين وطائفيا إلى مالكيين ووهابيين وشيعة.

وبات نشاطُ الدعوة العرقية "البربرية" علنيا ، وعلى الرغم من الثورة الإجتماعية التي أنجزها النظام البورقيبي بدأت العشائريّة تستعيد أشكالا من التعبير عن نفسها في المجتمع. ولأوّل مرّة منذ الإستقلال تشهد تونس ثلاث عمليات اغتيال سياسية خلال الستة أشهر الأخيرة : الأولى طالت الشهيد "لطفي نقض" ممثل حركة نداء تونس الليبرالية في محافظة تطاوين في الجنوب التونسي حيث قامت ميليشيا حركة النهضة بسحله حتى الموت ، والثانية اغتيال الشهيد "شكري بلعيد" أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد اليساري رمياً بالرصاص أمام منزله في المنزه السادس بولاية أريانة اللصيقة بالعاصمة التونسية ذات صباح باكر ، ومنذ أيّام اغتيال الشهيد "محمد البراهمي" المنسق العام للتيار الشعبي القومي الناصري أمام منزله أيضا في حي الغزالة بولاية أريانة كذلك ، وقبيل منتصف النهار بأربع عشرة رصاصة ، وغداة اغتياله تمّ لأول مرّة تفجير عبوة ناسفة بسيارة تابعة للحرس الوطني التونسي ، ناهيك عن أحداث جبل الشعانبي حيث تتمترس مجموعة إرهابية من السلفيين الجهاديين التونسيين والجزائريين الذين زرعوا الجبل القريب من الحدود الجزائرية بالألغام. يُضاف إلى ذلك تواصل نشاط تهريب الأسلحة من ليبيا إلى الداخل التونسي. إذن فقد المواطن التونسي في ظل حكم النهضة الأمن والأمان ، وتضاعفت البطالة لأن الاستقرار الأمني شرط ازدهار أو تواصل نشاط السياحة والاستثمار ، وانهار الدينار التونسي أمام الدولار، وارتفعت أسعار العقارات والمواد الغذائية وغيرها بسعار جنونيّ ، وتضاعفت الجريمة الجنائية كما ونوعا ، فلأوّل مرّة تنتشر بكثافة جرائم اغتصاب الأطفال إناثا وذكورا بين ثلاث وتسع سنوات، وتراكمت الأوساخ وانتشرت الأمراض التي لم تعرفها تونس منذ عقود طويلة كالملاريا والكوليرا ، وبات الاستيراد والتصدير مقتصرا على استيراد الدعاة الخليجيين والمصريين وتوريد الإرهابيين السلفيين ومجاهدات النكاح إلى سورية ومالي والعراق وغيرها. وسياسيا انتخب المجلس الوطني التأسيسي في 23 تشرين الأول 2011 لمدة سنة يقوم خلالها بوضع دستور جديد للبلاد وقانون انتخابات جديد وهيئة مستقلة تشرف على تنظيم الإنتخابات البرلمانية والرئاسية ، وبدوره انتخب المجلس رئيسا مؤقتا وانبثقت عنه حكومة مؤقتة . وفي 23تشرين الأول 2012 انتهت شرعية المجلس وبالتالي الرئاسة والحكومة المؤقتتين ، بدون الوصول إلى وضع دستور جديد وقانون انتخابات وهيئة تشرف على تنظيمها.

واستمرت النهضة في الحكم كأمر واقع بهدف كسب المزيد من الوقت للسيطرة على مؤسسات الدولة وبخاصة المؤسستين الأمنية والعسكرية كي تضمن نتائج الإنتخابات القادمة إن حصلت من خلال تزويرها. و إلى جانب السياسة الخارجية المرتهنة للولايات المتحدة وقطر وتركيا والمتواطئة مع الكيان الصهيوني حيث أصرّت حركة النهضة على الحؤول دون وضع بند يجرم التطبيع مع الصهيونية في مشروع الدستور الجديد ناهيك عن زيارات رئيسها راشد الغنوشي المتكررة إلى منظمة اللوبي الأمريكي الصهيوني في واشنطن "أيباك" ، لا بدّ لهكذا معطيات أن تجعل المشهد السياسي التونسي على صعيد النخبة والشعب محتقناً والبلاد بركاناً يغلي استياءً وغضباً .

* باعتبارك من المناضلين لأجل فلسطين، كيف تقيم موقف الاخوان المسلمين من القضية الفلسطينية بعد عام من حكهم لمصر؟

** الإخوان المسلمون منذ تأسّست حركتهم لم يكن مشروعهم وطنيّا ولا قومياً، وسيرتهم مع عبد الناصر معروفة حين رفضوا القتال إلى جانب الشعب المصري. وكانوا في فلسطين ضدّ الثورة الفلسطينيّة ويعتبرون شهداءها "فطائس" ، وحتى حركة حماس ليس لها أي مشروع وطني ، فقد ظلّت وفيّة لكونها فرعا لحركة الإخوان في مصر . وتبيّن لاحقا أنّ كل ما كانت تسعى إليه هو إقامة إمارة إسلامية في غزة ، وبخطاب مزدوج كانت تتحدث للسوريين والإيرانيين وحزب الله عن تمسّكها بفلسطين التاريخية وفي الوقت نفسه تدعو الأمريكيين إلى تجريبها - كما صرح خالد مشعل على قناة الجزيرة سنة2008 - وستكون أأنجع لهم في خدمة مصالحهم مِن السلطة في رام الله. و" الصحبي عتيق " رئيس كتلة حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي التونسي قال إنّ " اسماعيل هنية هو الذي نصح إخوانه في حركة النهضة بعدم إدراج فصل في الدستور التونسي الجديد يُجَرِّم التطبيعَ مع الكيان الصهيوني ". وأنا أصدّقه ولكن لا أعذرُهُ.فبعد أن تحوّلت حركة حماس رسميا إلى كتيبة من كتائب " حَمَد آل ثاني " الثورية ، وبعد أن علمنا بأنّ "أبطال موقعة الجمل " في ساحة التحرير بالقاهرة كانوا من حركة حماس وارتكبوا فعلتهم بالتنسيق مع حركة الإخوان المسلمين برئاسة محمد مرسي " صديق شيمون بيريز الوفي" ، وبعد أن وَرَدَنا نبأ مصرع القيادي في حركة حماس " أحمد خليل أبو فادي " ليس في مواجهة العدو الصهيوني على أرض فلسطين المحتلة بل وهو يواجه الجيش العربي السوري في محافظة درعا ، باتَ على مَن كان غير متأكّد أن يتأكّد مِن أنّ حركة المقاومة الإسلامية - حماس ، هذا هو اسمها الذي لم يُشِرْ إلى أنّها حركة وطنية فلسطينية ، هي وُجِدَتْ أصلا لمقاومة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ، وبالتنسيق مع المخابرات الأردنية وإسحق رابين ، وحتى عندما كانت ترمي بصاروخ على هَدَفٍ إسرائيليٍّ ظاهر فإنّ الهدَفَ الباطنَ كان منظمة التحرير الفلسطينية والقضية الوطنية الفلسطينية. وبالمناسبة فإنّ زيارة خرتيت قَطَر السابق إلى شخبوط غزّة كانت تعني : أولاً حاجة قطرائيل إلى شراء كل رصيد حركة حماس "المقاوم؟" بأربعمئة مليون دولار أملاً بأن تستر الدوحةُ عوراتها صهيونية الشكل واللون والرائحة التي أسقطت عنها أدوارُها التآمرية في ليبيا وسورية وتونس ومصر واليمن آخرَ ورقة توت كما يقال ، بهذا الرصيد "الفلسطيني؟". ثانياً أن تغطّي مُسبقاً دوراً قَطَريّاً جديدا في دعم سياسة التهويد الصهيونية للأراضي الفلسطينية كانت الدوحة قد دشنته بتقديم مواد البناء إلى الصهاينة بُناة المستوطنات في الضفة الغربية مختومة بعبارة " هدية من الشعب القطري" . ثالثا أن تكافئ حركةَ حماس على انسحابها من دمشق وانخراطها السياسي والعسكري والتحريضي في المؤامرة الغربية التركية الخليجية الإسرائيلية ضد الدولة السورية . رابعاً أن تُعَمِّق الإندفاع الإنفصالي لحكام غزّة كي يتسع الشرخ الفلسطيني - الفلسطيني القائم بين حركة فتح الوطنية الفلسطينية وحركة حماس الإسلامية الإخوانية وتحبط مسعى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من أجل الإعتراف بفلسطين دولة عضوا في منظمة الأمم المتحدة . خامسا أن تخلع رسميا العباءة الوهابية على مَشْيَخَةِ الشيخ اسماعيل هنية وشركاه كنموذج للكيانات التي يتم التمهيد لإقامتها على أنقاض الدول القائمة حاليا عبر نشر الفوضى "الخلاقة " بهذا "الربيع العربي" الذي تمخّضَ عن خريف إسلامي بغيوم صهيونية ، في سياق إقامة "الشرق الأوسط الكبير " من الباكستان حتى مراكش تنفيذا لمخطط " برنارد لويس" الذي وضعه إثر أحداث أيلول / سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن ، هذا الشرق الأوسط الكبير الذي يُرادُ له أن يتكوّن من كيانات فاشلة على أسس دينية ومذهبية وعرقية وقَبَليّة منتفخة بعروشٍ بدون جيوش ، تدور جميعها في فلك دولة إسرائيل اليهودية الكبرى . سادسا لفت الأضواء إلى " الدور القطري الإقليمي " المزعوم الذي استهلكته و أفقدته الأزمة السورية صلوحيته باكرا....إلخ إلخ .. وحماس هذه باتت تتحرك علناً في سورية ومصر كميليشيا للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يقوده شيخا الفتنة (يوسف القرضاوي وراشد الغنوشي) . وليس الإخوان المسلمين في أراضي 48 بأفضل حال فزعيمهم "رائد صلاح" دعا أنصاره في مهرجان بقرية "عارة" المحتلة إلى الزحف لتحرير سورية من "الإحتلال البعثي" ، ومؤخرا في شهر رمضان أقام شيمون بيريز الرئيس الإسرائيلي مأدبة إفطار لقادة ومشايخ الحركة الإسلامية الأخوانية في فلسطين 1948، وعلى رأسهم أتباع الشيخ رائد صلاح الذي كان قد أبرم تفاهما مع جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلي "شين بيت" العام الماضي يقضي بغضّ النظر عن إرسال المسلحين من حركته "للجهاد في سوريا". وقد سافر العشرات منهم بالفعل، لاسيما من قرى منطقة المثلث، ومن بلدة "أم الفحم" التي تعتبر مركز أنشطة وتحركات رائد صلاح وجماعته!. ومثَلُ حماس مثلُ إخوان مصر الذين كانوا ينتقدون التزامَ نظام حسني مبارك باتفاقيات كامب ديفيد المشؤومة ، فما أن صعدوا إلى الحكم حتى أرسل مرسي رسالته الشهيرة إلى صديقه العزيز شيمون بيريز بعد أن أكّدَ لسادَتِهِ الأمريكان التزامَه باتفاقيات كامب ديفيد ، وأباح دم أي مصريّ يلحق أذى بالسفارة الإسرائيلية في القاهرة مبنى وبعثةً. إنّهم يزعمون أنّ هدفهم الاستراتيجيّ هو إقامة الخلافة الإسلاميّة ولذلك هم غير معنيين بأي مشروع وطنيّ أو قوميّ ، بل يرون في كلّ مشروع وطني أوقوميّ عائقا دون مشروعهم المزعوم ، لذلك يبقى استرجاع أولى القبلتين وثالث الحرمين وتطهيره من دنس الإحتلال الصهيونيّ أمرا مؤجّلا ، أماّ "الجهاد" ضدّ أي مشروع وطنيّ وقوميّ فهو فرض عاجل . فما الذي ننتظره من الإخوان المسلمين في مصر تجاه فلسطين وقد قال مرشدهم المصري قولته الشهيرة "طز في مصر"؟

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   انشالله
انشالله منرجع منشوف تونس وكل البلاد العربية رجعت للاستقرار والازدهار
غابي حنا  
  0000-00-00 00:00:00   فلسطين
العرب نسيوا فلسطين إلا سوريا ستبقى فلسطين قضيتها الأولى ولا تخلي عن هذه القضية
كريم سعد  
  0000-00-00 00:00:00   الاغتيالات
اغتيال المناضلين يزيد من وعي الشعوب العربية على وحشية الاخوان و عدم قبولهم لرأي يخالف رأيهم
سهى جديد  
  0000-00-00 00:00:00   الاخوان المسلمين
الاخوان المسلمين يشكلون كارثة على كل بلدان الوطن العربي ومن يسمح للاخوان أن يحكموه لا يستحق الوجود
زيد عبدالكريم  
  0000-00-00 00:00:00   تونس
أين دور هؤلاء المناضلين التونسيين في زياد وعي الشعب التونسي وعمليات غسل الدماغ التي يقوم بها أعداء الأمة ضد الشباب التونسي وإرسالهم إلى سوريا لقتل الشعب السوري بحجة الجهاد
سماح ناصر  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz