خاص دام برس - حاوره - بلال سليطين :

تكاد تكون كلمة مصالحة هي الكلمة الأكثر تداولاً في الشارع السوري وعلى شاشات التلفزة وفي وسائل الإعلام، ولا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن مبادرة أو مشروع أو فكرة تصب في خانة المصالحة الوطنية والحوار الوطني وما إلى ذلك، لكن مؤخراً دخل على مصطلح المصالحة كلمة "الاجتماعية" عندما أطلق الشيخ أحمد شيخو والفريق المساعد له مبادرة حملت عنوان اللجنة الأهلية للمصالحات الاجتماعية في سورية والتي اتخذت لها فروعاً في المحافظات السورية.

موقع دام برس كان له وقفة مع رئيس اللجنة الاهلية للمصالحات الاجتماعية الشيخ "أحمد شيخو" للحديث عن مبادرة المصالحة وأسباب تراجع دور المسجد في ظل مدٍ تكفيري سيطر على العديد من المنابر، وهذا نص الحوار:

* ما هو المقصود باللجنة الأهلية للمصالحات الاجتماعية؟

** تسمية اللجنة لها منحيين، المنحى الأول تمييزها باسمها كي لا تلتصق بأسماء ماضية، خصوصاً وأن تلك الأسماء ارتبطت بأفعال غير مقبولة ووعود غير صادقة واغلاق هواتف وعدم الرد على الناس، وكان هم أصحاب تلك المبادرات هو تصدر شاشات التلفزة، كما أن هذا الاسم حصل على تزكية وزير المصالحة الوطنية الذي قال لي أريدك أن تتميز بلجنة حتى تعرف فيها من خلال اسم وعمل يقدم لاحقاً.

أما المنحى الثني فهو مرتبط بعملها وشخصياتها، فالاهلية هي من الشعب وخصوصاً الشخصيات التي لديها موقعها بين الناس وصوتها مسموع من الآخرين، والاجتماعية هي في أن اللجنة الاجتماعية هدفها الأول هو أن تعيد المجتمع إلى اجتماعيته ومحبته، وكلمة اجتماعية لم نقل فيها الدينية ولا الجغرافية ولا المذهبية وإنما قلنا تجمع اجتماعياً كل طوائف وشرائح سورية وتعمل على إعادة تصحيح ما تهدم من المجتمع اجتماعياً فكرياً وثقافياً وميدانياً.

* قلت في حديثك أمام زملائك في اللجنة أنه يجب أن يعود المسجد ليعمر ويبني، ماذا سيكون دور المسجد في عملية المصالحات؟

** قلت السبب الأول في الأزمة هو الخروج من المسجد بالفكر التكفيري والوهابي والإجرامي والفكر المستورد من السعودية وقطر اللتان لا تمتان للإسلام بصلة، صحيح أن السعودية فيها قبر النبي والكعبة المشرفة لكن الإسلاميين فيهم ليسوا بإسلام وكذلك بعض الدول الخليجية، لأن الإسلام بحقيقة وجوهره هو أن يحب الإنسان أخيه الإنسان وأن تكون رديفاً مع أخيك في البناء وان اختلفت معه في الرأي والمعتقد.

* هل من الممكن أن يكون هناك تواصل مع خطباء المساجد لكي يكون لهم دورٌ في عملية المصالحة الاجتماعية من خلال خطبهم؟

** هذا ما أردت أن أقوله... فدور المسجد كما كان هداما ًمن تكفيريين دخلوا عليه بطريقة أو بأخرى اليوم دور المسجد أساسي، ويجب أن يكون هناك علماء متأصلون معتدلون وفاهمون لحقيقة الدين وأن ينشروا هذه الثقافة على المنابر وفي القنوات وأن توجد لهم الحاضنة من مؤسسات ومن شعب لأنه هذا ديننا بكل طوائفنا، وقد تشاطرت القول في لقاء خاص مع السيد رئيس الجمهورية على أنه يجب أن يبنى فكر معتدل في أبنائنا القادمين من خلال علماء معتدلين وجدوا أن الوطنية الحقيقية تكون في الدعوة للمحبة والسلام وأن الدين الحقيقي هو الأخلاق، وكان مجمل اللقاء مع سيادة الرئيس هو في الدعوة إلى الأخلاق لأن المسيحية والبوذية تدعو للأخلاق وكذلك الإسلام جاء ليتمم مكارم الأخلاق.

لكن ليس كل مسلم وكل مسيحي يعمل بالأخلاق، ويجب أن يكون هناك أخلاق للداعي ومن يدعو الناس للصدق يجب ألا يكون كذاباً ..... إلخ

لذلك فاليوم دعوة هؤلاء المشائخ يجب أن تكون بالصدق، واليوم يجب أن نبحث عن المعتدلين ونوظفهم في موقعهم الصحيح.

واليوم لدينا /75/ رجل دين معتدلين في كل سورية وليسوا محسوبين على أحد وهم مستعدون للعمل على المنابر وأن يطلقوا دعوات للحوار ويساهموا في دفع الناس نحوه معتمدين على سمعتهم الطيبة ومكانتهم لدى الجمهور.

* قلت أن الوهابيين كفار وهم مجرمين وقتلة، ألا ترى أن هذا الكلام ضرب المصالحة بمقتل؟ كيف ستتحاور مع من تقول أنه مجرم وكافر؟

** الوهابيون مجذرين ومأصلين بالفكر التكفيري والإجرامي.

* لكن أصبح لهم حضورهم ووجودهم على الأرض السورية اليوم؟

** هؤلاء عليك أن تضعهم جانباً فهم رافضون للحوار في كل مفاصل الأزمة وقبلها، هم عندما يجلسون إلى إنسان آخر يريدون إقناعه بالإجبار والقوة أن فكرتهم هي الصحيحة.

* ولكن هكذا لن نصل إلى مصالحة؟

** هؤلاء ليس معهم مصالحة، الوهابيون في كل سورية والكرة الأرضية يرفضون المصالحات، هم رفضوا  الحوار، وهم يريدون العنف واستمرار المعارك.

الوهابي المتأصل في وهابيته لن يصالحك لذلك فأنت لم تقتل المصالحة معه، نحن نريد من غرر به وتألم ونعمل على إعادته إلى حضن الوطن وتضميد جراحه، نحن سنحاور من ليس منتفعاً من الوهابية وعميلاً لها أما من لديهم جذور في السعودية لا مصالحة ولا حوار معهم لأن هذه رغبتهم فهم أعداء سورية.

* أين كان المسجد ولماذا لم يقف في وجه هذا المد التكفيري قبل الأزمة، في لحظة واحدة تبين لنا وجود آلاف التكفيريين الذي كان بعضهم موجوداً في حضن السلطة.. من يتحمل المسؤولية؟

** هذا السؤال يجب أن يوجه للمختصين في الدولة حول دور العلماء أين كان، فصاحب القرار آنذاك هو من يتحمل المسؤولية، وتحديدا ًوزير الأوقاف السابق وبعض من سبقوه.

واليوم لولا وزير الأوقاف الحالي وسماحة المفتي ورئيس اتحاد علماء بلاد الشام ومن معهم من أصحاب الفكر الإسلامي المعتدل والسمح والمحب لكانت الأزمة أصعب من ذلك بكثير.

* أفهم من كلامك أن الصراع اليوم بين إسلام معتدل متسامح وبين إسلام قائم على القتل؟

** نعم، الحرب في البداية هي حرب على الإسلام، وسورية فيها الإسلام الشامي الحقيقي الذي صدره للعالم كله، ومعاهدنا وجامعاتنا استقطبت من العالم كله مئات الطلاب الذين استقوا الإسلام الحقيقي من منبعه في الشام وصدروه للعالم، اذهب إلى القوقاز وطشقند ترى دعاةً إسلاميين تماماً تماماً كالدعاة الذين يدعون في الشام لهذا الفكر المعتدل، وقد أتوا به من الشام التي دعا لها النبي.

لذلك فان الاسلام في سورية محارب، ويريدون القضاء عليه وعلى دعاته لتدمير الاسلام وتشتيت المسلمين.

* أسماء لجانكم، لجنة لمراقبة الفساد وتطبيق القوانين، لجنة للإشراف والمتابعة، ولجنة للاشراف على توزيع المعونات ... إلخ وهذه الاسماء لتحويلها إلى افعال تحتاج دولة بحالها، ما الذي يضمن لكم أن الدولة ستسمح لكم التدخل بعملها في هذه المواضيع؟

** هذه اللجان ليست مهمتها أن تدخل في لجان المحافظة، مهمتها الإشراف وأن تساعد بالآراء، وهذا ما اتفقت عليه مع السيد الوزير.

فاللجنة تشرف لأنه حدث تجاوزات وتمييز وواسطات في بعض الأماكن، وترفع مقررها إلى اللجنة المركزية التي تبلغ الجهات المسؤولة.

* أفهم من كلامك أنه سيسمح للجنة بالدخول إلى المهجرين في المدينة الرياضية، هل لديكم ضمانات بهذا الخصوص؟

** ملفات مراكز الإيواء والتهجير والمساعدات من اختصاصنا ومهماتنا وواجباتنا الرئيسية، ولكن استغرب وجود منع وتدقيق على موضوع الدخول والخروج إلى المدينة الرياضية، وسنعمل على التنسيق مع السيد المحافظ بهذا الخصوص.

* لديكم لجنة لمراقبة تطبيق القوانين والفساد، فرضاً عرفتم بوجود فساد في مديرية ما هل سيسمح لكم بالدخول إلى المديرية وفتح ملف الفساد فيها؟

** من مهام لجنتنا التي اتفق عليها الإشراف على والإشارة إلى، أن تشير إلى أن الدائرة أو المديرية الفلانية فيها فساد، في حالات خاصة يوجد عن طريق ما نرفعه إلى وزير الدولة من يعالج هذا الفساد وإذا ما تعالج يوجد طرق أخرى وقنوات خاصة لمعالجة هذا الفساد.

وسأضرب لك مثالاُ، أحد أسباب إقالة محافظ ادلب الأخيرة هي تقارير فرع لجنتنا بادلب عن عرقلته تسيير أمور المواطنين في المحافظة.

** هذا يعني أن لجنتكم ستلعب دوراً وصائياً؟

** وصائي عملي وانت فسر لوحدك.

* موضوع العملي، اليوم إذا شكل المحافظ لجنة معينة هل سيكون هناك ممثل لكم في هذه اللجان؟

** إذا دعتنا المحافظة عند التشكيل سنكون موجودين، وسنكون أول من يبادر لخدمة المحافظة.

* وإذا لم تدعوكم كيف ستشرفون على عمل اللجنة، ومعلوم أنه من المستحيل العمل إذا لم تكونوا ضمن اللجان في المحافظات؟

** إذا لم يكن لدينا ممثل في اللجان الحكومية فإن لجنتنا باستقلاليتها لها قناة غير قناة المحافظة لإيصال الشكاوى والمعاناة في موضع ما، وبإمكانها أن تكشف كل حالات التلاعب.

* ماذا عن المحافظات الساخنة، اليوم لدينا محافظات ملتهبة والوضع فيها مؤلم والاشتباكات قائمة، فهل لديكم تواصل مع مسلحين أو المعارضين للوصول إلى حل سلمي ووقف إطلاق نار؟

** بالتأكيد ... يوجد الآن تنسيق مع قادة من جبهة النصرة وكتائب الجيش الحر، ولدينا مكتب شبه سري وبالتنسيق مع المعنيين في الدولة نتحاور من خلاله معهم ونخفف من حالة التطرف ونساعدهم على إلقاء السلاح وتسوية أوضاعهم لكي يشاركوا في الحوار ليكونوا بنائين.

هل لديكم ضمانات؟

نعم لدينا ضمانات.

* ما هي مطالب المسلحين من خلال تواصلكم معهم؟

** لا أريد الإفصاح الآن لكي لا نجهض الحل وحرصاً على سلامة من يحاور ويفاوض، لأنه إذا حدث أي ارتياب قد تفشل الجهود ونخسر المزيد من الدماء.

* ما هو المطلوب للانضمام إليكم في هذه اللجنة؟

** الباب مفتوح، وكل من يجد في نفسه المواطن الأبيض القادر على الحفاظ على سيادة الوطن، ويؤمن بموضوع الحوار ويرفض العنف.

وكل من يريد الحفاظ على الوطن والعمل لإنهاء الأزمة، والعمل تطوعي وليس فيه تعقيدات ولا إجراءات معقدة، وليس لدينا أي صفة مادية أو تبرعات، ولدينا في كل محافظة أمين سر يفتح المكتب على حسابه ويتكفل بالتكاليف المادية من اتصالات وحوارات ولقاءات.

* ماذا عن علاقتكم  بوزارة المصالحة الوطنية؟

العلاقة طيبة، وأنا أوجه الشكر للسيد وزير المصالحة الوطنية على الجهود التي يبذلها والاعمال التي يقوم بها في سبيل انجاز المصالحة.