Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الخطة الأميركية الرابعة «من القلمون الى حرمون» تلفظ أنفاسها..

دام برس :

عمر معربوني
عندما قرّرت اميركا ومن معها إطلاق الحرب على سوريا، كان ذلك بنتيجة تخطيط طويل الأمد يمتد الى نهاية عقد الخمسينيات عندما انتقل ملف المنطقة من الفرنسيين والبريطانيين الى الأميركيين بعد العدوان الثلاثي الذي تعرضت له مصر، حيث بدأ التداول بما يسمّى "مخطط كيسينجر" الذي نعيش بحسب المخططين الأميركيين فصله ما قبل الأخير، وهو فصل الفوضى العارمة والشاملة الذي يسبق الإعلان عن اعادة تقسيم المنطقة على اسس مختلفة عن سايكس - بيكو، وهو التقسيم القائم على اسس مذهبية وطائفية وقومية وما الى ذلك من مسميات مرتبطة بالإنتماءات، في حين ان اتفاقية سايكس - بيكو احدثت التقسيم على اسس مرتبطة بالجغرافيا ارتبطت بالظروف القائمة ما بعد الحرب العالمية الأولى.

وإن كنّا لسنا بوارد استعراض المراحل التفصيلية التي شهدها المخطط، نعترف ان فصولًا كثيرة منه قد تحققت للأسف، وهي تحييد مصر عبر كامب دايفيد وتوريط العراق بحرب ضروس مع ايران وتدميره فيما بعد واتفاقية وادي عربة مع الأردن، واتفاقية اوسلو وهي الإتفاقية الأخطر والتي جرت تحت عنوان القرار الفلسطيني المستقل بهدف تعميم عملية الفصل بين المسارات السياسية وحصر القضية الفلسطينية بالفلسطينيين وحدهم ليشكل ذلك فيما بعد عنوانًا منتشرًا وصل الى مرحلة الإغراق في الوطنية على شاكلة "لبنان اولًا" كمثال للدلالة على الوضع الذي وصل اليه العرب.

سوريا التي تواجه الآن بقيت في الأساس وحدها على امل ان يتم اخضاعها كما حصل مع باقي الدول العربية، وهو الأمر الذي لم يتحقق رغم شراسة الهجمة والإمكانيات التي وُضعت ولا تزال من اجل تحقيق الهدف بتفتيت سوريا كقلب نابض وناظم للأمة ضمن مسار غير مسبوق من التضليل والتجهيل لم تشهدة المئة عام الأخيرة من حياة المنطقة.

اسقاط سوريا الذي لم يتحقق بعد خمس سنوات ونصف مرّ بعدة مراحل قبل الدخول في العمل العسكري المباشر، حيث كانت اميركا ومن معها يأملون ان يتم اسقاط سوريا بنماذج شبيهة بما حصل في تونس ومصر، إلّا ان القرار اتجه نحو اعتماد النموذج الليبي عبر اصدار قرار من مجلس الأمن يتيح لأميركا ضرب الجيش السوري وتحديدا سلاحي الجو والدفاع الجوي وسلاحي المدرعات والمدفعية، إلّا ان القرار لم يصدر بسبب "الفيتو" الروسي والصيني.

وبناءً على المستجدات المرتبطة بقرار الدولة مواجهة الهجمة وبناءً على الموقف الروسي والصيني الحازم، اتجهت اميركا الى الإعتماد على الخطط البديلة ومنها استخدام الجماعات الإرهابية التي تدرجت في اطلاقها سواء على صعيد المسميات او المهمات، وكانت ركائز الخطط الجديدة تعتمد على تطويق سوريا من حدودها مع دول الجوار وتحديدًا لبنان والأردن وتركيا، حيث كان الحراك المضاد ينطلق من المناطق الحدودية في درعا على حدود الأردن وتل كلخ والقصير على الحدود مع لبنان وجسر الشغور على الحدود مع تركيا.

وسميت هذه الخطط بارقام واسماء، وكانت الخطة المرتبطة بربط القلمون بقمة حرمون تحمل اسم الخطة الرابعة وتقضي بالسيطرة على كامل السلسلة الجبلية الممتدة من مشارف حمص شمالًا وصولًا حتى القنيطرة جنوبًا، على ان تكون الانطلاقة من المدن الأساسية في هذا الإمتداد. وعليه، كانت الزبداني اولى المدن التي اعلن الإرهابيون السيطرة عليها ليتم تحويلها الى مركز قيادة وربط اساسي، فيما شكلّت عرسال بالتوازي قاعدة اخلاء وامداد وادارة، وتوالى سقوط القرى والمدن بيد الإرهابيين على امتداد المنطقة المذكورة وكان الهدف هو تطويق العاصمة دمشق واسقاطها.

هذا الأمر الذي تنبهت له القيادة السورية وضع منطقة حوض دمشق الممتدة من الحدود اللبنانية السورية عند نقطة المصنع وصولًا الى مشارف العاصمة، مع تأمين منطقة قطنا ويعفور واجزاء اساسية من سفوح منطقة بردى على رأس اولويات القيادة العسكرية، حيث تم حسم معارك قطنا وجديدة عرطوز وتم احكام السيطرة على اطواق حماية دمشق، وهي سيطرة لا تزال مستمرة حتى اللحظة حيث أمّنت ولا تزال الحماية الأساسية للعاصمة السورية.

بعد تأمين القيادة العسكرية الحماية المباشرة للعاصمة، انطلقت العمليات لإستعادة السيطرة على مناطق القلمون ابتداءً من تل كلخ والقصير في ارياف حمص، لتنطلق العمليات بعدها من الشمال الى الجنوب على كامل قرى ومدن القلمون التي تم تحرير معظمها مع اجزاء كبيرة من التلال وصولًا الى الزبداني المحاصرة، حيث يمكننا القول ان نسبة السيطرة في هذا الإمتداد تصل الى 93% وهي نسبة كبيرة اذا ما استثنينا حوض وادي بردى الذي يدخل في شبه هدنة ومصالحة باستثناء بعض العمليات المتحركة.

وكما توقعنا سابقًا، فإنّ عمليات مؤكدة بعد الزبداني ستتركز على داريا ومحيطها وكذلك على الغوطة الشرقية حيث باتت مساحة سيطرة الإرهابيين تتقلص يومًا بعد يوم.
ومع حصول تسوية داريا واستعادة الدرخبية واتمام تسوية المعضمية اليوم وما سبق من انهاء وضع الهامة وقدسيا، يمكننا القول إنّ تحرير خان الشيح واستعداد بلدة زاكية للدخول في مصالحة سيجعل الأمور تتسارع في بلدات وادي بردى لإتمام المصالحة، ما يعني ان منطقة القلمون وريف دمشق الغربي باتت بمعظمها تحت سيطرة الدولة، وهذا يعني بما لا يدع مجالًا للجدال ان الخطة الأميركية الرابعة تلفظ انفاسها الأخيرة وان الدولة السورية قد حققت الهزيمة بواضعي الخطة وادواتهم، وهو مؤشر لا يختلف عما يحصل في حلب وارياف حمص وغيرها من المناطق حيث تذهب بالأمور باتجاه تقريب امد نهاية الحرب التي لا ندعي انها ستنتهي غدًا الا ان خطرها على سوريا بات اقل بكثير من اللحظة التي انطلقت فيها الحرب.

*ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
بيروت برس

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz