Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 25 نيسان 2024   الساعة 22:36:03
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الأميركيّون .. ومخاطر اللعب بالنار في سوريا وأوكرانيا!

دام برس :

عندما دعا رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النوّاب الأميركيّ مايكل روجرز يوم الخامس من آذار عام 2014 إلى فتح تحقيق بشأن ما وصفه بـ "سوء تقدير" وكالة المخابرات المركزيّة لما يمكن أن يصدر عن روسيا من ردودِ أفعالٍ تجاه وتيرة تطوّرات الأزمة الأوكرانيّة وقتذاك، وتحديدًا من جهة ما تضمّنته تقارير الوكالة وتحليلاتها من تأكيداتٍ على أنّ الرئيس فلاديمير بوتين "لن يجرؤ على فرض سيطرته على شبه جزيرة القرم"، فإنّ هذه الدعوة التي جاءت بعد مرور أربعةِ أيّامٍ فقط على موافقة أعضاء مجلس الاتّحاد الروسيّ بالإجماع على "السماح باستخدام القوّات المسلّحة الروسيّة داخل الأراضي الأوكرانيّة من أجل إعادة الاستقرار السياسيّ والاجتماعيّ إلى هذا البلد"، كانت بمثابةِ تأكيدٍ على ضلوع الولايات المتّحدة في التخطيط للحركة الانقلابيّة ضدّ إدارة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، ولا سيّما أنّ مساعدة وزير الخارجيّة للشؤون الأوروبيّة والآسيويّة فيكتوريا نولاند لم تكن قد كشفت النقاب بعد عن أنّ بلادها رصدت ميزانيّة بقيمة خمسة مليارات دولار لدعم الانقلابيّين الأوكرانيّين.

ما حدث إثر ذلك هو أنّ الرئيس بوتين أقدم فعلًا على ضمّ شبه جزيرة القرم ذاتِ الأغلبيّة الروسيّة في جنوب أوكرانيا، وذلك في سياق خطوةٍ أوحت منذ البداية بأنّ النطاق الجغرافيّ المحدّد لأيّ مهمّةٍ عسكريّةٍ روسيّةٍ مرتقبةٍ في المستقبل، لن يقتصر على مساحة السبعةِ والعشرينَ ألفَ كيلومترٍ مربّعٍ التي تقوم فوقها شبه الجزيرة وحسب، بل يمكن أن يشتمل على مختلف أنحاء البلاد، علاوةً على أنّ المدى الزمنيّ الذي يمكن أن تأخذه هذه المهمّة سيبقى مفتوحًا على كلّ الاحتمالات، الأمر الذي دفع المسؤول الأميركيّ، أي مايكل روجرز، إلى إصدار مذكّرة تقضي بإعادة النظر في جميع التقارير والتحليلات الاستخباراتيّة المتعلّقة بالوضع الأوكرانيّ، علمًا أنّ ذلك لم يَحُل في الحقيقة دون استمرار الولايات المتحدة في اللعب على حبال ذلك الوضع، وحشدِ ترسانةٍ ضخمةٍ من المواقف والتصريحات والإجراءات التصعيديّة الموجّهة ضدّ روسيا، ضاربةً عرض الحائط بكلّ ما يمكن أن تخلّفه مغامراتها المشتركة مع حلفائها الأوروبيّين من عواقبَ وخيمةٍ على الأمن والسلم والاستقرار في العالم.

وبناءً عليه، فإنّ ما يبدو لافتًا في الوقت الراهن هو أنّه على رغم قيام الأميركيّين خلال العامين الماضيين بإبقاء شبه جزيرة القرم خارج نطاق مسارح وميادين مغامراتهم واستهدافاتهم المباشِرة، فإنّ السيناريو الذي كشفته صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" يوم أمس السبت عن أنّ المحاولة التخريبيّة للمجموعات الأوكرانيّة التي تسلّلت مؤخّرًا إلى القرم هي "رأس الحربة في معركةٍ بدأها الأميركيّون" ضدّ روسيا، يشي بأنّه أقرب إلى الواقع مقارنةً مع أيّ سيناريو آخر، ولا سيّما أن هذه المحاولة تزامنت مع ارتفاع منسوب القلق والارتياب والاستياء الأميركيّ جرّاء كلّ ما نجم عن التقارب الروسيّ – التركيّ الأخير من مواقفَ وإشاراتٍ ورسائلَ مبطَّنةٍ وغير مبطَّنةٍ لا تصبّ بأيّ شكلٍ من الأشكال في مصلحة الولايات المتّحدة.

وإذا كان من السابق للأوان التكهّن بالمدى الذي يمكن أن تذهب إليه الخطط الأميركيّة في مجال استهداف القرم الروسيّ بشكلٍ مباشِر، فإنّ ما يبدو واضحًا من دون لُبسٍ في الوقت الحاليّ هو أنّ التجارب السابقة كانت قد علّمتنا أنّه من الخطأ الفادحِ الاعتقادُ بأنّ الرئيس بوتين سيحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت لكي يعزّز خطوط بلاده الدفاعيّة في مواجهة أيّ تحرّكٍ مشبوهٍ من شأنه تعريض الأمن القوميّ الروسيّ للخطر، ولا سيّما أنّ هذا الرجل الذي عُرف عنه أنّه أوتي بعينيْ صقر، ومَلَكةٍ أمنيّةٍ على درجةٍ عاليةٍ من الاستشعار، يؤمن إلى درجة اليقين بأنّ الأيادي الخارجيّة السوداء التي أشعلت الأزمة الأوكرانيّة، وراحت تُمعن في صبّ الزيت على نارها، لم تكن تستهدف في الأساس سوى النفخ في اتّجاه إيصال الحريق إلى الخاصرة الروسيّة، ظنًّا منها بأنّ ممارسة الضغوط على قصر الكرملين في موسكو، يمكن أن تؤدّي إلى إرغام قيادته على القبول بإعادة خلط الأوراق فوق مسرح السياسة الدوليّة، بما يضمن الحدّ الأدنى من إمكانيّة إيجاد الفرص اللازمة للعمل على إعادة قلب موازين القوى لصالح الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيّين، أملًا بردّ الاعتبار إلى هيبتهم السياسيّة التي ما زالت تواجه الخيبة تلو الأخرى، ليس على صعيد الملفّ الأوكرانيّ وحسب، وإنّما في ملفّات أخرى لا تقلّ أهميّة عنه، وعلى رأسها ملفّ الأزمة السوريّة الذي لا يختلف اثنان في الوقت الحاليّ على أنّ روسيا أظهرت براعةً فائقةً في إدارته، وتصويب إبرة بوصلته صوب التسوية والحلّ.. وإنّ أيلول لناظره قريبُ!

لبناان 24 - جمال دملج

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz