دام برس :

سيحتفل الروسي على طريقته بعد أن فرض رغبته على راعي البقر المعتد بنفسه، فتصنيف "النصرة" كهدف للغارات الجوية إنجاز روسي يستحق الوقوف عنده. صحيح بأن الإدارة الأمريكية كانت قد صنفت "جبهة النصرة" على لائحة التنظيمات الإرهابية، لكنها فعلت ذلك مع وقف التنفيذ، بمعنى آخر هي صنفتها إرهابية دون أن تتخذ أي إجراء بحقها، وهنا يجب التذكير بموقف عدد من الشخصيات الـ "المعارضة" التي غضبت عند إعلان خبر تصنيف "النصرة" على لائحة الإرهاب الأمريكية ومنهم معاذ الخطيب الذي دافع عن النصرة أمام ما يسمّى "مؤتمر أصدقاء سورية" بنسخته الرابعة في مراكش المغربية، معتبراً أنها ليست بإرهابية ودعا وقتها واشنطن لإعادة النظر في قرارها تصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية، يضاف له أيضاً موقف جورج صبرا الذي قال على شاشة شبكة سي ان ان الأميركيةً أنه "لا يفهم سبب إدراج أميركا جبهة النصرة على لائحة الإرهاب"، زاعماً بأن  الشعب السوري يعتبر "النصرة" جزءاً من "الثورة"!
أما عن ردود فعل الأنظمة الخليجية تجاه الجبهة خلال سنوات الحرب السورية، فقد كان بارزاً ما تمناه وزير الخارجية القطري  خالد بن محمد العطية في العام 2015 من "جبهة النصرة" بفك ارتباطها بتنظيم "القاعدة"، وهنا نتسائل كيف يمكن لنظام كالنظام القطري أن يتمنى شيئاً من منظمة إن كان يراها إرهابية أساساً؟ يُضاف إلى ذلك وجود تقارير إعلامية تفيد بأن تمويل النصرة عند بدء تأسيسها كان سعودياً.
إذاً أمام تلك المعطيات سنرى الآتي: أمريكا غضت الطرف عن "النصرة" سابقاً بالرغم من تصنيفها إرهابية وذلك كرمى لعيون النظام السعودي والشخصيات المعارضة المرتبطة به كالخطيب وصبرا، هناك دعم سعودي للنصرة في البدايات وتمنيات قطرية من الجبهة لفك ارتباطها مع "القاعدة" منذ أكثر من عام، بالتالي فإن رضوخ الأمريكي للرغبة الروسية يعني توجيه صفعة إهانة لكل من السعودي والقطري ومن تُسمى بجوقة المعارضة الخارجية.
الآن باتت واشنطن ملزمة أمام موسكو بتوجيه ضرباتها هي الأخرى ضد "جبهة النصرة"، إذا لم يعد الأمريكي مضطرا لمسايرة حلفائه الخليجيين وجماعة المعارضة بتحييد "النصرة" عن القصف الجوي، وقد حذرت روسيا سابقاً من أن المنظمات والحركات التي لا تفك ارتباطها بـ"جبهة النصرة" ستكون هدفاً مشروعاً للطيران الروسي وسيتم التعامل معها كما يتم التعامل مع "النصرة"، حاولت واشنطن لوهلة أن تراوغ علّها تعطي الجماعات المسلحة المتعاونة مع "النصرة" بعض الوقت، لكن هذا الوقت نفذ وبات على الجميع التعامل مع الحقيقة القائلة بأنه لا يمكن استهداف "داعش" فقط بل يجب سحق أي جماعة تعتنق ذات الفكر وأولها "جبهة النصرة"، فكثيرة هي الحركات التي لا تختلف عن "النصرة" سوى بالاسم وبعدم إعلان مبايعتها للظواهري.
لقد نجحت موسكو بفرض معادلتها ورغبتها، ستكون النصرة ثاني أقوى ميليشيا مسلحة في مناطق المعارضة على موعد مع السحق، الآن بات كل من "داعش"و"النصرة" عدو مشترك بالنسبة للأمريكي من جهة والروسي والجيش السوري من جهة أخرى.
صحيح أنه لم يتم تصنيف كل من ميليشيا "أحرار الشام" و"جيش الإسلام" كحركات إرهابية، لكن موسكو ستسير في هذا الاتجاه مستقبلاً لأنها تعلم بأن هذين الفصيلين لا يختلفان عن "النصرة" و"داعش" عقائدياً، كل القصة أنهما يتمتعان بدعم تركي وسعودي علني، وهذا التطور قد يكون بدايةً تمهد الطريق لوضع منظمات مسلحة أخرى على لائحة التصفية.

عاجل - علي مخلوف