دام برس :

للدماغ الروسي مواصفات خاصة تختلف عن الآخرين من النظراء كالأمريكيين وغيرهم من الغربيين، عقلانية وبرودة أعصاب لتحقيق نتائج بناءة تحقق مصالح موسكو الإستراتيجية دون التسبب بإشعال منطقة، كما دأبت واشنطن أن تفعل، وتاريخ هاتين القوتين يشهد على هذا الكلام، إذ لم تكن روسيا دولةً محتلة بذات المفهوم العدواني الذي كانت عليه أمريكا ولا تزال.

فيما يتعلق بالملف السوري يريد الأمريكي أن تكون دمشق منطلقاً لحرب المئة عام بين المسلمين أنفسهم،الروس يريدون تعزيز وجودهم على المياه الدافئة وإحلال منطقة أمن قومي هادئة أي منطقة الشرق الأوسط وبالأخص تلك الدول التي ربطتها مع موسكو علاقات تاريخية جيدة جيداً مثل مصر وسوريا، بالتالي هناك مشروعان متضاربان بين الأمريكيين والروس.

يستمر الأمريكي بالحديث عن ضرورة حل سياسي سوري، وكذلك الروسي، إلا أن الأول مستفيد من حالة الاستنزاف والستاتيكو الموجودة على الأرض السورية، فيما الروسي يعمل على تغييرها بنحو إيجابي.

واشنطن تحدثت عن معارضة معتدلة فلم تجدها حتى الآن! هي لم تستطع جمع سوى 64 مسلحاً فقط لتدريبهم تحت يافطة اعتدالها! الروس يفهمون اللعبة ويرون أنه طالما هناك معارضة مشرذمة كهذه فإن الحل قد يطول!.

ضمن هذا السياق دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المعارضة السورية إلى توحيد مواقفها، انطلاقا من ضرورة إجراء حوار مع دمشق، معتبرا أن هذه الجهود من أهم مقدمات حل الأزمة في سوريا.

إذاً فإن تشرذم معارضة البزات والكرافات ذات الواجهة "العلمانية" وتناحر الميليشيات المسلحة ذات التوجهات الإسلاموية، كلها أسباب في إطالة الإرهاب والعنف وعدم الوصول إلى تفاهم، لا أحد يمون على أحد بين تلك الفصائل والحركات والتيارات، فضلاً عن كونها جميعاً مخترقة استخباراتياً ومرتبطة بغالبيتها بقرار عواصم إقليمية وعالمية، ما يزيد من تعقيد الوضع، بالتالي لا يمكن الحديث عن بداية تبلور حل سياسي إلا من خلال البدء في جمع تلك المعارضات، والعنوان العريض لجمعها هو شرط أساسي وواضح، الجلوس على مائدة الحوار مع الحكومة الشرعية في دمشق ودون شروط مسبقة، هو أيضاً تأكيد جديد على ثبات الموقف الروسي مما يجري في سوريا.

عربي برس