دام برس:

أكد الدكتور بشار الجعفرى مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن الحكومة السورية تعمل بأقصى طاقاتها لتوفير الاحتياجات الإنسانية الضرورية لمواطنيها وأمنت مراكز إيواء مؤقت للأسر المهجرة لبت احتياجاتها مطالبا الجميع بمواقف شجاعة للاعتراف بالخطأ وللوقوف فى وجه الإرهاب العابر للحدود الذى يطول سورية ويضرب بعرض الحائط جميع التوافقات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب.

وقال الجعفري في كلمة له خلال جلسة لمجلس الأمن أمس في إطار البند المعنون "الحالة في الشرق الأوسط" خصصت لمناقشة الحالة في سورية من المنظور الإنساني: إن الحكومة السورية ماتزال تعمل بأقصى طاقاتها انطلاقا من مسؤولياتها وواجباتها تجاه شعبها لتوفير الاحتياجات الإنسانية الضرورية لمواطنيها بالرغم من كل ما تتعرض له من ضغوط سياسية واقتصادية وإعلامية.

المجموعات الإرهابية تأتي إلى سورية عبر حدود الدول المجاورة لتعيث فسادا وتنشر الإرهاب والعنف وتدمر كل ما تستطيع من وسائل معيشية للمواطنين

وأضاف الجعفري إن من ضمن هذه الضغوط يأتي استمرار الإجراءات القسرية الاقتصادية الأحادية الجانب المفروضة من بعض الدول الأعضاء في هذه المنظمة الدولية على الشعب السوري علاوة على ما يتعرض له الاقتصاد السوري من ضغوط وتلاعب بالعملة السورية وكل ذلك مترافقا باستمرار دعم مجموعات إرهابية مسلحة تأتي إلى سورية عبر حدود الدول المجاورة لها لتعيث فسادا وتنشر الإرهاب والعنف في البلاد وتدمر كل ما تستطيع من وسائل معيشية للمواطنين السوريين من بنى تحتية ومحاصيل زراعية ومساعدات إنسانية.

وأوضح الجعفري أن الحكومة السورية شاركت بفعالية وجدية تامة في المفاوضات التي نتج عنها وضع خطة الاستجابة المنقحة الخامسة الإنسانية وذلك حفاظا منها على التعاون البناء مع منظمة الأمم المتحدة وبهدف التعاطي بواقعية وإيجابية مع الآثار الإنسانية الناجمة عن الأحداث الراهنة.

وقال الجعفري نرحب بتوسيع أهداف الخطة ومشاريعها لتشمل دعم الحكومة السورية في جهودها من أجل إعادة تأهيل القطاعات العامة الحيوية وإعادة بناء البنية التحتية الأساسية التي لحقت بها أضرار كبيرة نتيجة استهدافها بشكل ممنهج من المجموعات الإرهابية المسلحة.

وأشار الجعفري إلى أن الجهات الحكومية السورية قامت بغرض تنسيق الجهود الوطنية والدولية وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها دون تمييز بتشكيل اللجنة العليا للإغاثة كهيئة وطنية تعنى بشؤون المتضررين من الأحداث الراهنة بإعادة الأسر المهجرة إلى منازلها وذلك من خلال تأمين مراكز الإيواء المؤقت للأسر المهجرة وتلبية احتياجاتها وتوفير مصادر التمويل اللازمة.

ولفت الجعفري إلى أن الحكومة السورية افتتحت حتى تاريخ 17 حزيران 2013 ما يقارب 830 مركزا لديها لإيواء المهجرين بشكل مؤقت على مستوى البلاد وتضم هذه المراكز مدارس ومراكز رعاية اجتماعية وأبنية ومنشآت حكومية أخرى وقد بلغ إجمالي عدد الأسر المهجرة نحو 918 ألف أسرة في جميع محافظات سورية كما تم تشكيل لجنة حكومية أخرى معنية بإعادة الإعمار لتعمل على التعويض عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات الخاصة جراء الأعمال التخريبية ولإعادة تأهيل وصيانة البنى التحتية والمرافق العامة التي تعرضت لأضرار واسعة.

وقال الجعفري إن الحكومة اتخذت العديد من الخطوات لتسهيل عمل منظمات الأمم المتحدة في المجال الإغاثي ومنها زيادة عدد المنظمات غير الحكومية العاملة في سورية إلى 14 منظمة دولية ناهيك عن 82 جمعية مؤهلة موزعة على جميع الأراضي السورية كما سمحت الحكومة للمنظمات الدولية بالقيام بأكثر من 200 زيارة ميدانية لتقييم الاحتياجات ونقل المساعدات وبلغ عدد المكاتب الفرعية في المحافظات ثلاثة مكاتب.. كل ذلك يضاف إلى قيام برنامج الغذاء العالمي بتوزيع مئات الآلاف من السلل الغذائية.

تعاون الحكومة السورية مع الأمم المتحدة محكوم ضمن إطار ميثاق الأمم المتحدة

وأضاف الجعفري إن تعاون الحكومة السورية مع الأمم المتحدة محكوم ضمن إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرار الجمعية العامة رقم 46-182 والمبادىء التوجيهية الملحقة به وخطة الاستجابة والحكومة السورية ملتزمة بهذه الأحكام التزاما تاما لكنها تطالب بنفس الوقت الأمانة العامة للأمم المتحدة والدول الأعضاء أن تبدي نفس الالتزام بهذه المواثيق وخاصة ما يتعلق منها بالاحترام الكامل لسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها.

وقال الجعفري إن الحرص على السكان المدنيين يجب ألا يكون انتقائيا أو استنسابيا أو مسيسا فإصدار بيانات حول وجود 2500 شخص من السكان المدنيين المحاصرين في حمص والذين تحرص الحكومة السورية كل الحرص على سلامتهم ووصول المساعدات الإنسانية إليهم وفك الحصار الذي تفرضه المجموعات الإرهابية المسلحة عليهم لا يمكن أن يحول دون النظر بمنظار أشمل إلى ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة من حصار لمئات الآلاف من السكان في سورية فلم نر أو نسمع أي بيان مشابه من الأمم المتحدة حول المأساة الإنسانية التي تسببها المجموعات الإرهابية المسلحة ومن يقف وراءها من دول أعضاء في هذه المنظمة الدولية في قرى ريف حلب الشمالي وإدلب التي يسكنها مئات آلاف من السكان المدنيين ممن هم تحت الحصار منذ أكثر من عام وتحاصرها المجموعات الإرهابية المسلحة التي تتوغل داخل سورية عبر الأراضي التركية.

ألا يستحق أكثر من مليون مدني في حلب نظرة اهتمام من الأمانة العامة للأمم المتحدة

وتساءل الجعفري ألا يستحق أكثر من مليون مدني في حلب نظرة اهتمام من الأمانة العامة للأمم المتحدة وهم الذين يعانون إرهاب المجموعات الإرهابية المتطرفة التي سمعها القاصي والداني في شبكات التواصل الاجتماعي وعبر بيانات "جبهة النصرة الإرهابية" والقاعدة.. ألا تستحق قريتي نبل والزهراء المحاصرتين منذ أكثر من عام لتحرك ولو بسيطا من الأمم المتحدة لمحاولة فك الحصار عن هاتين القريتين لكن الاهتمام ينصب فقط على 2500 من المدنيين ممن هم موجودون في حي من أحياء حمص ويتم تجاهل وتناسي مئات آلاف من السوريين المحاصرين من الإرهابيين على كامل امتداد المنطقة الشمالية من سورية.

وبالعودة إلى حمص قال الجعفري إن الحكومة السورية قامت بتوجيه دعوة رسمية إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإرسال قافلة مساعدات إنسانية بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر العربي السوري لإغاثة المدنيين المحاصرين في حمص القديمة والذين تتخذهم المجموعات الإرهابية المسلحة دروعاً بشرية والعمل على إجلائهم من تلك المناطق.

واضاف الجعفري إنه خلافا لمزاعم بعض مسؤولي الأمم المتحدة الذين يسعون لتبرير موقفهم حول إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود الدولية بزعم أن الحكومة لا تسهل وصول المساعدات إلى المناطق كافة فإن الأرقام والإحصاءات الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة بدمشق ومنها برنامج الغذاء العالمي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر تشير إلى أن ما يزيد على ستين بالمئة من المساعدات الدولية توجهت إلى المناطق التي تشهد نشاطا للمجموعات الإرهابية المسلحة مقابل أربعين بالمئة فقط ذهبت إلى المناطق الأخرى.

وأشار الجعفري إلى إن التقرير الصادر عن مفوضية اللاجئين بتاريخ 23 أيار 2013 على سبيل المثال يوضح أنه تمكن 14 من قوافل الأمم المتحدة المشتركة بين الوكالات من إيصال المساعدات إلى مناطق ساخنة كانت غير قابلة للوصول سابقا بنجاح بما فيها حلب وإدلب وحمص وديرالزور لأكثر من 975 ألف شخص إضافة إلى وصول قوافل مساعدات غذائية من برنامج الغذاء العالمي إلى الأسر المتضررة في كل من النشابية ومعضمية الشام ودوما في ريف دمشق والميادين في ديرالزور.

وتابع الجعفري إنه حسب مصادر وكالات الأمم المتحدة نفسها فقد سيرت الأمم المتحدة عشر قوافل مساعدات لنحو مليون مستفيد خلال النصف الأول من العام الحالي من بينها قوافل إلى مناطق أعزاز وكرامة وباب الهوى وأطمة على الحدود مع تركيا وإلى تلبيسة في حمص وسرمين في محافظة إدلب.

ضعف التمويل لايزال يشكل أحد العوائق الرئيسية في تنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية

وأشار الجعفري إلى أن ضعف التمويل لايزال يشكل أحد العوائق الرئيسية في تنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية إذ بعد إطلاق وكالات الأمم المتحدة وشركائها الإنسانيين أكبر نداء إنساني للسوريين مؤخرا نتفاجأ جميعا أنه لغاية تاريخ اليوم لم يتجاوز حجم ما تم توفيره من مساهمات سوى خمسة وثلاثين بالمئة فقط من المبلغ المخصص لتنفيذ خطة الاستجابة داخل سورية مؤكدا أنه حسب تقارير الأوتشا نفسها وفي حال لم يتم تلقي التمويل الملائم في الوقت المطلوب فإن استدامة تسليم المساعدات المنقذة للحياة ستكون معرضة للخطر بحلول شهر أيلول.

وتابع الجعفري يستمر المهجرون السوريون بالعودة إلى بيوتهم وأعمالهم بشكل تدريجي وخاصة أولئك الذين غادروا إلى الدول المجاورة ولابد هنا من الإشارة إلى ما وثقته تقارير منظمات الأمم المتحدة الدورية وخاصة تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي أكدت استمرار العودة التلقائية للمهجرين السوريين من الأردن والعراق وتركيا حيث عاد نحو 68 ألف مواطن سوري من الأردن طواعية إلى سورية منهم 9 آلاف سوري في شهر حزيران وحده فقط معظمهم من مخيم الزعتري وعودة أكثر من 45 ألف سوري من تركيا و9 آلاف من العراق.

وقال الجعفري إننا نأسف في ذات الوقت للجوء بعض الحكومات إلى سحب الوثائق الثبوتية للمواطنين السوريين المقيمين على أراضيهم لمنعهم من العودة إلى بلادهم بل لجوء بعض هذه الحكومات إلى تخويف المهجرين السوريين من العودة الطوعية إلى بلادهم.

الماكينة الإعلامية والسياسية والدبلوماسية ماتزال تصدر الأرقام المبالغ بها والمشوهة

وأضاف الجعفري إن الماكينة الإعلامية والسياسية والدبلوماسية ماتزال تصدر الأرقام المبالغ بها حينا والمشوهة حينا آخر بشأن أعداد القتلى والمهجرين والمعتقلين في سورية مشيرا إلى أن هذه الأعداد والإحصائيات تستند إلى مصادر غير مهنية علاوة على كون بعض تلك المصادر كالمؤسسة الأمريكية التي كلفت رسميا من بعض الجهات في الأمم المتحدة إجراء العملية الإحصائية ترتبط بدول لها مواقف عدائية معروفة تجاه سورية.

وأوضح الجعفري أن هذه الجهات التي تقدم وتتبنى هذه الأرقام لم تتكلف فحص خلفية كل قتيل أو مهجر كما لم تتحمل عناء معرفة نسبة الشهداء من الجيش العربي السوري وقوات الأمن من ضمن هذه الإحصائيات.. هذا الجيش الذي يواجه على مدار الساعة إرهابا غير مسبوق وإرهابيين وجماعات متطرفة يتم استقدامها من مختلف أصقاع العالم لتخريب سورية ولقتل السوريين.

وقال الجعفري لعلنا نشهد فترة تاريخية تتطلب مواقف شجاعة من الجميع للاعتراف بالخطأ وللوقوف في وجه هذا الإرهاب العابر للحدود الذي يطول سورية حاليا ويضرب بعرض الحائط جميع التوافقات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب.

الإرهاب سيصل إلى الدول التي ترعى الإرهابيين

وأضاف الجعفري اننا اليوم أمام شكل جديد من الإرهاب.. إرهاب موصوف معلن يأخذ أشكالا عديدة البعض يسميها "الجهاد " والبعض يسميها نضالا مسلحا والبعض الآخر يسميها "جهادا جنسيا" وكل هذا الإرهاب عابر للحدود ويتم في وضح النهار وبعلم حكومات دول أعضاء في هذه المنظمة الدولية مشيرا إلى أن مصادر معارضة سورية اليوم تقول إن "جبهة النصرة" المرتبطة بالقاعدة تنوي إعلان دولة سورية الإسلامية في شمال سورية في نهاية شهر رمضان.. وهؤلاء الإرهابيون العابرون للحدود يأتوننا عبر حدودنا المشتركة مع تركيا.. اتجاهات سلفية تكفيرية تسمي نفسها "جهادية "تشرف عليها حكومات تناصب سورية العداء وتمول هذا الإرهاب الذي لا يقتل غير السوريين.

وأشار الجعفري إلى أن هذا الإرهاب سيصل إلى الدول التي ترعى الإرهابيين وقد وصل إلى بعض هذه الدول وإن لم تتدارك الدول الأعضاء هذا الإرهاب فإنه سيقض مضجعنا جميعا وسيأتي يوم تندم فيه حكومات بعض الدول الأعضاء على ما تقوم به بحق سورية شعبا واقتصادا وبنى تحتية.

وقال الجعفري نحن نقاتل نيابة عن العالم كله الإرهاب التكفيري الأصولي الذي قاتله البعض في أفغانستان ثم قاتله البعض الآخر في مالي والنيجر ونيجيريا والعراق ولبنان ومصر وليبيا وتونس.. هذا هو الإرهاب الذي نواجهه في سورية هو إرهاب غير منفصل عن الإرهاب الذي تواجهونه جميعكم.. السلاح من ليبيا يأتي عبر قوافل رسمية في سفن وطائرات تهبط وترسو في موانئ ومطارات دول أعضاء في هذه المنظمة الدولية.. ملايين الأطنان من الأسلحة تأتي إلى سورية بعلم الجميع ثم يأتي من يذكرنا بأن هناك 2500 مواطن مدني في حمص ينبغي على مجلس الأمن أن يتدخل لإنقاذهم.. ملايين السوريين يعانون الإرهاب الممول خارجيا هذه هي الحقيقة التي يجب أن نعالجها اليوم.