خاص دام برس - بلال سليطين :

بعد أن كان الإنسان يحلم بالمستقبل والزواج والاستقرار بالإضافة إلى البيت والسيارة وما إلى ذلك من الأحلام الشائعة والمشروعة، أصبح حلمه الوحيد أن يعود التيار الكهربائي إلى العمل حتى يستحم ويغسل ثيابه ويقضي حاجاته .... إلخ.

قد يكون انقطاع التيار الكهربائي مبرراً ومشروعاً للدولة بسبب الظرف الاستثنائي الذي تمر به سورية واستهداف هذه الخدمة الحيوية من قبل المجموعات المسلحة وأكاد أجزم أن معظم الناس رغم انزعاجهم من انقطاع التيار الكهربائي إلا أنهم لا يعتبرون ذلك كارثة كبرى ويتأقلمون مع التقنين معتبرين أنه حالة اضطرارية وحاجة للحكومة السورية، لكن ما يثير حفيظة هؤلاء المواطنين خصوصاً في مدينة جبلة هو الانقطاع العشوائي للتيار الكهربائي فأن يكون بين التقنين والتقنين تقنين فهذه كارثة لا يمكن تحملها.

بالإطار العام تقطع الكهرباء في مدينة جبلة التي لا تعاني من أي مشكلة أمنية /3/ ساعات وتأتي /3/ ساعات وهكذا، لكن المشكلة تكمن في أنه يلحق بهذا الانقطاع عشرات الانقطاعات الأخرى بدون مبرر أو تبرير من قبل القائمين على مصلحة الكهرباء في جبلة.

لقد تحمل المواطن عبء الانقطاع الذي أثقل كاهله خلال المرحلة السابقة لأنه يعلم أن المحطة الحرارية في بانياس لم تكن تعمل لكن ومع عودتها إلى العمل بات من حق المواطن أن يرفض الطريقة التي يبنى التقنين على أساسها والتي تدوم لساعات وساعات وإن قبلها فإنه يرفض ما يرافقها من عشوائية في القطع، حيث تجد في المدينة نفسها أحياءُ يقطع فيها التيار الكهربائي لأكثر من /16/ ساعةً متواصلة في حين يكون التيار موصولاً في أحياء مجاورة، علماً أنه عندما كانت المحطة الحرارية معطلة لم يصل الانقطاع إلى هذا الحد.

السيدة "مها" من حي "الجبيبات الغربية" في "جبلة" اتصلت بمسؤولي الكهرباء عشرات المرات لتسألهم عن سبب الانقطاع الطويل وحرمانهم من الكهرباء فكانت الاجابات بكل بساطة هناك عطل، دقائق وتأتي الكهرباء، لا أعرف ماذا أقول لك .... إلخ من الإجابات التي لا تغني ولا تثمر بحسب السيدة "مها" التي تحرم يومياً من الكهرباء لحوالي /16/ ساعة (منذ أيام فقط) وبالتالي هي تتساءل كيف نستحم وكيف يدرس أبناؤنا وكيف وكيف وكيف وكيف .... إلخ.

حال "مها" مقبول أمام حال "هيفاء" التي تسكن في حي العمارة الذي قطعت فيه الكهرباء لأيام تأتي /5/ دقائق وتقطع لساعات ورغم كل المحاولات والضغط من قبل أهالي الحي على دائرة كهرباء "جبلة" إلا أن أحداً ما لم يجد حلاً للمشكلة وكلما ضغطوا عليهم زيادة يقولون لهم الخزان لا يحتمل وهو معطل ونحن الآن نصلحه (إي شو ما بيحلالكن الإصلاح غير بالساعات التي تأتي فيها الكهرباء أصلحوه في ساعات التقنين).

تبرير الانقطاع في خارج وقت التقنين بأنه إصلاح أمر مرفوض وغير مقبول طالما أن لديكم ورشات إصلاح موجودة ومناوبة وبإمكانها استثمار ساعات التقنين في الإصلاح وإيجاد الحلول والمشاكل خصوصاً وأن ساعات التقنين طويلة وليست قصيرة.

هذا الانقطاع لم يخلوا من التعليقات الساخرة من قبل المواطنين الذين انهالت تعليقاتهم على صفحات الفيسبوك كزخ المطر رافضين هذا الانقطاع الغير مبرر والغير منطقي والغير مقبول من قبلهم، حتى أن الانقطاع أحيى في الأذهان ما حدث قبل أيام عندما كتب متشددون اسلاميون على حائط مؤسسة كهرباء بعدما أحرقوها "لا نريد كهرباء النظام.. نور الإيمان يكفينا" وكأن البعض في مديرية الكهرباء يتعاملون مع الكهرباء بناءً على هذه العبارة !!!!.

الشعارات والخطب الوطنية لن تدفئ مواطناً ولن تنير مصباحاً يقرأ طالب تحت أشعة نوره ولن تغسل ثياب طفل .... إلخ، المواطن يريد كهرباء وهي حق طبيعي له لكنه في الوقت نفسه يحتمل التقنين لكنه لا يحتمل العشوائية ومن حقه على القائمين أن ينظموا له الانقطاع ويحددوا ساعاته وأوقاته لكي ينظم وقته وعمله على أساسه، المواطن الذي تحمل طوال الاشهر الماضية وصبر على الدولة من حقه عليها أن تحترمه مؤسساتها وتتعامل معه بأسلوب محترم ومنظم فيما يتعلق بالانقطاع، ولا يمكن لمديرية الكهرباء أن تصلح الأعطال من وقت المواطن فلتصلحا من وقت التقنين....