دام برس :
في تطور مفاجىء واستثنائي يفتح المنطقة على كل الاحتمالات ويشكل رداً كبيراً على «قانون قيصر» الاميركي بتجويع الشعب السوري، أفرغت امس عدة سفن ايرانية بينها سفينة الشحن العملاقة «شهركود» المواد الغذائية الضرورية في مرفأ اللاذقية، وقد رافقتها البوارج الحربية الايرانية وأمنت وصولها الى اللاذقية، على ان تصل بواخر النفط خلال اليومين القادمين. كما ان سفنا تجارية روسية وصلت الى الموانىء الحربية السورية في طرطوس. ومن الطبيعي ان يساهم ذلك في التخفيف من الازمة المعيشية بشكل تدريجي، لكن هذا التطور يفتح المنطقة على كل الاحتمالات.
هذا التطور يعكس القرار المتخذ من قبل محور المقاومة بالدفاع عن سوريا مهما كانت النتائج، وبأن الحرب «التهويلية» الاعلامية من ابواب الوضع الاقتصادي والتظاهرات والحصار والانتخابات الرئاسية تخفف احداثها، اما التركيز على تظاهرة السويداء وكأنها الاستثناء في هذا العالم الغارق في تظاهرات عمت واشنطن وكل دول اوروبا، وتصدى رجال الشرطة بكل الاساليب للمنتفضين، فيما تظاهرات السويداء حصلت دون ضربة كف واحدة رغم الشعارات التي رفعت وباعتراف المعارضين انفسهم.
وحسب مصادر متابعة للاوضاع، فإن الاشهر المقبلة وحتى الانتخابات الاميركية حبلى بالتطورات والمفاجآت المفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها الحرب المحدودة والشاملة نتيجة الاصرار الاميركي الداعم لاسرائىل بضم الضفة الغربية للكيان الاسرائيلي وتأجيل تقسيم غور الاردن الى السنة المقبلة، وهذا القرار سيعلنه نتنياهو في تموز وسيواجهه الفسطينيون بانتفاضة جديدة وشاملة ستعم الضفة والقطاع، وأنجز الفلسطينيون كل الترتيبات اللوجيستية لاشعال الانتفاضة واستمرارها حتى تتراجع عن خطواتها.
وحسب المصادر، فإن ترامب الغارق بالمشاكل الداخلية وتراجع حظوظه الرئاسية حسب الاستطلاعات الاخيرة، يدرك ان الوصول الى صفقة لصالح اسرائيل في المنطقة ربما تكون «قارب» النجاة الوحيد لعودته الى البيت الابيض، وبالتالي سيعمل لتحقيق هذه الخطوة وانجاحها مهما كانت النتائج ومهما كانت السيناريوات عبر حرب محدودة او شاملة. من اجل هذا الهدف وهذا يتطلب حصاراً شاملاً للمنطقة وترامب يدرك ان العقبة الكبرى امام مشروعه هو حزب الله وهذا يعني ايضا فتح الساحة اللبنانية علي كل الاحتمالات في ظل «مجنونين» في اسرائيل واميركا.
وحسب المصادر، فان ترامب من اجل الوصول الى هدفه بالعودة الى البيت الابيض يحاول ممارسة سياسة «العصا والجزرة» مع محور المقاومة، عبر التهديد بالحرب وفي الوقت نفسه ارسال اشارات تعلن استعداده لصفقة كبيرة عبر معادلة انسحاب اميركي شامل من سوريا مقابل تمرير محور المقاومة ضم الضفة الغربية، مع تنازلات في لبنان، لكن محور المقاومة وحسب المصادر المتابعة رفض العرض الاميركي مؤكداً الوقوف الى جانب الفلسطينيين ودعمهم لاسقاط هذا المشروع، وهذاما جعل واشنطن ترسل التهديدات في كل الاتجاهات وتحديداً للبنان وسوريا وفلسطين ومنع وصول اي مساعدة مع تصعيد عمليات القصف الجوي ضد سوريا من واشنطن واسرائيل.
وحسب المعلومات، فان محور المقاومة لن يقدم اي ورقة لترامب قبل الانتخابات الاميركية مهما وصل حجم تهديداته حتى الحرب الشاملة فالمأزق اميركي بامتياز، كما ان واشنطن تريد من محور المقاومة تسهيل الاتصالات الاميركية ـ العراقية من اجل الوصول الى نتائج مقبولة. هذا هو جوهر الصراع الحالي ومحور المقاومة قرر التصدي لمشروع ترامب وعدم السماح بتجويع الشعب السوري، لان سقوط النظام بات خارج الحسابات وعلى بعض اللبنانيين قراءة ما يجري في المنطقة بشكل جيد ولا يمكن فصل التطورات اللبنانية عن صورة الاحداث في المنطقة، فالمسألة ليست اسقاط حكومة حسان دياب وإقفال المعابر، بل ضم الضفة الغربية، ولا يمكن لهذا المشروع ان يمر الا بالتصعيد والضغط وتحديدا في لبنان للوصول الى عدم الاستقرار والمناوشات المتنقلة لالهاء حزب الله وإغراقه في اللعبة الداخلية والتصدي لمثيري ملف سلاح المقاومة، لكن ما يجري ليس بمستوى احداث تبدلات جذرية في الداخل تطيح التوازنات الحالية. واذا اعتقد البعض ان الفرصة سانحة لاحداث انقلاب في المشهد السياسي من خلال الدولار والحصار وإسقاط الحكومة، فعلى هؤلاء الاتعاظ من تجارب الماضي القريب والبعيد، واللعبة كبيرة جداً بين الامم ولا مكان فيها للصغار ولا رحمة ولا شفقة. وهذا يتطلب الهدوء كمقدمة لمعالجة الملف النقدي رغم ان العلاج مستحيل نتيجة رهانات خارجية للبعض وحسابات داخلية رخيصة للبعض الآخر، والنتائج على «المعترين».
الديار -رضوان لديب