Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 20:31:43
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
أين تبخرت المعارضة السورية ؟ بقلم : عامر أبو فراج
دام برس : دام برس | أين تبخرت المعارضة السورية ؟ بقلم : عامر أبو فراج

دام برس :

تعددت أدوات الحرب على سورية بين السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية، إلا أن الهدف كان واحداً، وهو إسقاط الدولة، وإن كنا نتحدث عن إحدى تفرعات الأدوات السياسية المستخدمة، فنحن نتكلم عما سمي يوماً "المعارضة السورية"، التي كان لا بد من إيجاد أرضية سياسية لها، تتكئ وتشتغل عليها دول العدوان، وتُسوقها فيما بعد على أنها "ممثلة شرعية وحيدة عن الشعب السوري بديلاً عن النظام الديكتاتوري"، حسب مزاعمهم.
وأولى الخطوات التحضيرية للوصول إلى الهدف المنشود، بدأت بالدعم غير المحدود، مالياً من أنظمة خليجية، ولوجيستياً من النظام التركي، فتأسست عشرات التنظيمات المعارضة، تحت مسميات مختلفة، كـ"أصدقاء الشعب السوري" أو "مجلس اسطنبول" وما شابه، وفي الحقيقة فإن هذه الشخصيات لم تكن إلا أبواقاً تعتلي بعض منابر الإمبراطوريات الإعلامية كـ "العربية" و"الجزيرة"، لتشتم، وتحرض، وتبث السموم، وتؤجج معاناة الشعب السوري، الذي كان يقع تحت قصف التنظيمات الإرهابية على امتداد الجغرافية السورية، بل أكثر من ذلك، كانت هذه الهياكل المعارضة، داعمة لهذا القصف الذي كانت تسيل بسببه دماء الآلاف ممن كانوا يدَّعون أنهم أخوة لهم، بذريعة ضرورة إسقاط النظام السوري، وأذهب أبعد من ذلك لأقول إن جزءاً يسيراً من هذه المعارضات كان بحد ذاته إرهابياً، والدليل على ذلك:

من منا لم يسمع بتنظيم "جيش الإسلام" الإرهابي الذي أسسته المملكة العربية السعودية ومولته ومدته بكل أنواع الدعم المادي واللوجستي، ووقع الاختيار وقتذاك على السوري زهران علوش، الذي تتلمذ على يد دعاة الوهابية أثناء دراسته في السعودية، ليتزعم هذا التنظيم، والذي كان يحتل جزءاً كبيراً من الغوطة الشرقية بريف دمشق، وقد تولى زهران قيادة الجناح العسكري لـ"الجيش"، على أن يتولى أخاه محمد علوش قيادة الجناح السياسي بمرحلة موازية أو لاحقة، وهو ما حصل بالفعل، فتحول الشقيق من إرهابي قاتل إلى متحدث باسم "المعارضة السورية" في اجتماعات جنيف.

توجهت ذات مرة بالسؤال إلى مسؤول سوري قائلاً: كيف تجلسون على طاولة واحدة مع الإرهابيين؟ فأجابني وقتها أن هذا الجلوس تفرضه الضرورة السياسية، ولكي لا يقال في مرحلة من المراحل أن دمشق رفضت الحوار أو أنها لا تدعم الحل السياسي، علماً أن القيادة السورية تعلم علم اليقين حقيقة هؤلاء الإرهابيين ومرجعيتهم الرئيسية، ولعلمها بذلك فهي لم تفاوض يوماً من الأيام أياً من هذه الكيانات الإرهابية بشكل مباشر، وإنما كانت تفاوض أسيادها، وقد أشار ذات مرة الرئيس السوري بشار الأسد إلى هذه الجزئية بالذات، وقد روى لي جارٌ (يقطن في نفس البناء الذي يسكن فيه زهران علوش بمدينة دوما في الغوطة الشرقية قبل العام 2011) كيف تم تهديده بالقتل هو وعائلته إن لم ينضم إلى صفوف التنظيم الإرهابي، وكيف أن زهران قال له ذات مرة: سنقدم لك مبلغ 300 ألف دولار لتدخل صفوفنا وتكون جزءاً من الجناح السياسي الذي سيديره أخي (محمد)، وكل الأمور ستكون على ما يرام، فقد تم تجهيز كل شي، وكل ما سنطلبه الآن من السعودية سيكون مجاباً على الفور، لدينا مئات الآلاف من الدولارات، وحصة الدعم الشهرية المقدمة لـ"جيش الإسلام" تقارب 50 مليون دولار، فكن مطمئن، إلا أن هذا الشخص رفض عرض الانضمام رفضاً قاطعاً، وكانت النتيجة أن كُسّرت عظامُه وبقي عامين في المشفى يخضع للعلاج بسبب التعذيب الذي تعرض له من قبل زهران وحاشيته، وأضاف قائلاَ: ربما تذكر زهران أنني كنت صديقاً له منذ الطفولة وجاراً له، وإلا لكان قتلني أسوة بالمئات من الذين تمت تصفيتهم بأمر منه.

وهناك حادثة أخرى رواها لي منشق عن كيان معارض قائلاً: عندما كانت جلسات التفاوض تعقد في جنيف بين الجانبين السوري والمعارضة وأثناء تواجدنا في الفنادق الفاخرة، كانوا يجلبون لنا كل ما نحتاجه إلى مكان إقامتنا داخل الفندق، عداك عن الأموال التي كانت تغدق علينا من كل ناحية وصوب، وكل ما كان علينا فعله هو أن ندافع بشراسة عن "الورقة المطبوعة"، وكان يقصد قائمة الطلبات والشروط التي عليهم الاستماتة في الدفاع عنها ومحاولة فرضها على الجانب السوري في المفاوضات.

ذكرت هاتين الحادثتين لأعطي تعريفاً بسيطاً عما سمي يوماً "المعارضة السورية"، ولدي العشرات من الأدلة والبراهين التي تعرّي وتفضح هذه المعارضات، ولن أستفيض في الحديث عنها، لأطرح السؤال اليوم:
أين أصبح هؤلاء؟؟؟ أو الأصح، أين تبخروا؟؟؟ لماذا لم نعد نسمع عنهم شيئاً؟؟؟ هل انتهت المهمة التي أوكلوا بها؟؟؟ أم وصل مشغلو هؤلاء إلى نتيجة مفادها الفشل؟؟؟ أم أن الغباء السياسي كان سيد الموقف الذي حكم مواقفهم ووجودهم وتقديراتهم البلهاء؟؟؟ وهم الذين كانوا يفتقرون إلى أدنى مستوى من التعاطي السياسي أو حتى المعرفة الدنيا بمصطلح الحياة السياسية، وهم الذين أضاعوا بوصلة الشرف والنزاهة الوطنية، وهنا لا أقصد جميع أطياف المعارضة، وإنما أخص بالذكر تلك التي ارتهنت للخارج، وباعت ضمائرها، وارتضت أن تكون بيادق شطرنج تحركها أحجار أخرى ذات فاعلية أكبر، وتدير خيوط المؤامرة تجاه سوريا، أليس حقاَ لنا أن نتوجه بالسؤال لمن ما زال يعتقد واهماً بنزاهة هؤلاء أو يدافع عن أحقية سلوكهم ومنهجهم، أن كيف لمعارضة أن تحكم وطناً، وهي تقدم في الوقت ذاته أوراق اعتمادها سلفا وخدمة للكيان الصهيوني؟؟؟ ألم يفعل ذلك المعارض كمال اللبواني؟؟؟ ألم يستنجد وفريقه بكيان العدو لـ"حماية" الشعب السوري من "النظام السوري الديكتاتوري" على حد توصيفه؟؟؟ ألم يعد بأنه سيتنازل عن الجولان السوري المحتل حتى قيام الساعة فيما لو دعمت "إسرائيل" وصول المعارضة إلى الحكم؟؟؟ ألم يدعو إلى ضرورة التطبيع مع "إسرائيل"؟؟؟ فعن أي معارضة كنا أو ما زلنا نتحدث الآن؟؟؟
المعارضة لم تكن يوماً إلا حصان طروادة لاحتلال دمشق وتسليمها لمحور الشر الذي يرعاه الشيطان الأكبر (أميركا)، و لم تكن أيضاً إلا أداة سياسية يجب أن تستخدم كدمية وتستثمر بيد المايسترو الذي أدار لعبة الاحتلال والاستهداف بحق سوريا، وإن كنا نتحدث عن أكثر من ثمان سنوات من الحرب على هذا البلد، فإننا نتحدث عن تبخر دراماتيكي لها، لم يبق منه إلا رائحة الخيانة العظمى، التي سرعان ما ستزول وتصبح هي الأخرى من الماضي، مع اقتراب النصر النهائي لمحور المقاومة في حرب الدفاع عن سوريا.

عامر أبو فراج
إعلامي سوري مقيم في دمشق

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz