Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 12:08:09
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
نقد الذات لا جلدها ... بقلم: سامر يحيى
دام برس : دام برس | نقد الذات لا جلدها ... بقلم: سامر يحيى
دام برس :
وجد الملك خلال جولته الاعتيادية ينبوع ماء تتجمهر الناس حوله، فوجّه بالعمل على تنظيمه لمنع الهدر والتزاحم إلى ما هنالك ... فقرر المسؤولون تنظيم العملية عبر تعيين موظّف وتعيين إدارة لهذا الموظّف وإقامة بناء للمؤسسة لأنّ عدد موظّفيها صار كبيراً لتعدّد الاختصاصات، بهدف متابعة الموضوع، لكن بعد فترةٍ زمنية وبجولته الاعتيادية رأى الملك بناءً ضخماً لم يكن من قبل، فأعلمته الحاشية بأنّه تم بناءً على توصياته إقامة مؤسسة لمتابعة شؤون الينبوع، فدخل للبناء ليجد الموظّف نائماً والصنابير معطّلة، وقام المسؤول بالحديث عن المنجزات التي تحققت، متّهماً الأحوال الجوية، وسوء استخدام المواطن مسؤولية ما لحق بالمشروع.
وأنّه تم تشكيل لجنة لوضع دراسة للنهوض به مجدداً (منقول بتصرّف).
 هذه الحكاية تؤكّد أنّ المؤسسة ليست أبنيةً وموظّفين، إنّما مجموعة الوسائل المادية والبشرية والمالية للقيام بالمهام المنوطة بها والدور الملقى على عاتقها، فكيف بالمؤسسات الوطنية في ظل تعرّض سوريتنا لحربٍ إرهابية وحصارٍ اقتصادي إلى ما هنالك... التي واجبها القيام بدورٍ استثنائي ومضاعف بعيداً عن التسويف والتبرير أنّى كان منطقياً، وتشخيص الأخطاء لإيجاد الحلول لا الاعتراف بالأخطاء تحت شعار الشفافية والاستمرار بنفس الخطى التي أدّت لتلك الأخطاء، استثمار موارد الوطن وطاقاته وقدراته بأقصى جهدٍ وطاقة، لا الادعاء بأنّه تفضّل على الوطن بأنّه لم يغادره، أو لم يحصل على جزءٍ مما يقدّمه للوطن، تفعيل المتابعة والمحاسبة وتقييم الأداء والإنتاج، لا الادعاء بوصول غير الكفؤ والانتهازيين مبررين ذلك بّأنه من الطبيعي أن يحصل ذلك ببلدٍ يمر بحربٍ إرهابية متجاهلين أن الشعب السوري عريق وحيوي يملك مؤسسات عريقة ومتخصصة بكل جزئية، دورها تكاملي لا تنافسي، تقييمي وتقويمي لا إهمال وتواكل، تفعيل دور كل موظّف وتشجيعه على أداء واجبه ومضاعفة عطائه وتقديم أفكارٍ للنهوض بعمل مؤسسته، لا الاكتفاء بقيامه بالجزء البسيط المطلوب منه، تحت شعارات خلّبية.
ولو كان قادراً على النفاق والازدواجية والحديث عن منجزاتٍ هي جزءٌ بسيطٌ من عمله، ومنها نظرياً لم يطبّق على أرض الواقع، مما يؤدي لإصابة الموظّف الكفء والقادر على العطاء والإبداع وتقديم الأفكار والرؤى البناءة بالإحباط واليأس والاحتراق الوظيفي. المؤسسة ليست جمعيةً خيريةً، ولا مجرّد راتباً شهرياً، أو تحقيقاً لمصلحةٍ خاصة، إنّما عملٌ وطني يهدف لمضاعفة عملية الإنتاج والاستثمار الأمثل للموارد بما ينعكس تلقائياً لتحقيق مصلحة أبناء الوطن ككل، المتابعة الجديّة واليومية والنقاش مع الموظّفين أنى كان دورهم بعيداً عن التسليم بوجود وسطاء بين المدير وموظّفيه، مغلقاً الأبواب بدخوله وخروجه من مؤسسته متجاهلاً أدنى تفاصيل التي تؤدي لإظهار مؤسسته بالشكل الأمثل بدءاً من النظافة وليس انتهاءً بالحفاظ على صيانة موارد وممتلكات وأثاث المؤسسة، متابعة ما يصدره ويقرره ويطلبه من العاملين لديه عبر النقاش والحوار الدوري، لا إسناد المسؤولية لوسطاء ولو كانوا مدراء بمؤسسته، فالكثير من الأفكار والرؤى لتطوير العمل المؤسساتي تصطدم بجدار الإدارة الوسطى المباشرة، ومن الخطأ الفادح أن يشكو من عدم تجاوب موظّفيه، وأنّه يقوم بدوره ودور الآخرين، متجاهلاً أن القائد الإداري يجب أن يمتلك الحكمة والحنكة والحزم بآنٍ معاً، ليتمكن من معالجة المشكلة وعدم تكرارها مستقبلاً ولا يكرّر حديثه بعد فترةٍ، لأن الاجتماع والنقاش الجاد مع موظّفيه مهما كبر عددهم، بعيداً عن المحاضرة التنظيرية الأكاديمية المعسولة.
يضيف إليه فائدةً ويمنحه قدرةً أكبر على اتخاذ القرار وتقييم الأداء وكسب الوقت، ويحقق التفاعل المؤسساتي والمتابعة الجدية للانطلاق بعجلة إنتاج مؤسسته أنّى كانت خدمية أو اقتصادية إلى ما هنالك، ومهما كان جدول عمله مضغوطاً، بعيداً عن جلد الذات، وتحميل المسؤولية أو تحمّلها، لأنّه يملك الأدوات التي تسمح له بتفعيل دور كل موظّفٍ، والاطلاع على كل بيانات ومعطيات المؤسسة والأدوات الممكنة للتطوير والتمييز بين الغثّ والثمين، ونقد الذات الموضوعي البنّاء لا جلدها، بما يساهم بابتكار الحلول لمعالجة المشكلات وإزالة العوائق لا تبريرها، وتفادي حصولها مستقبلاً، وأن الشفافية والصدق مع الذات تعني استنهاض الهمم للسير بالطريق الأسمى وتطوير المنجزات، لا الاعتراف بالخطأ والتقصير وإدانة الذات وتجاهل إنجازاتٍ ضخمة قامت بها مؤسساتنا رغم كل الحروب التي تعرّضت لها، والعمل على استقطاب الرأي العام ليكون عوناً لها لاستكمال مسيرة التطوير والتحديث، لا إدانة جزءٍ من سوء تصرّف بعضاً من عناصر المؤسسة على أنّه سوء تصرّف المؤسسة بأكملها.
إن تدارك كل الأخطاء والعمل على التجاوب مع الإيجابيات والانطلاق بقوّة في النهوض بوطننا يحتاج إدارة علاقاتٍ عامة حقيقية بكل معنى الكلمة، تكون صلة الوصل بين المؤسسة وجمهورها الداخلي، وكذلك جمهورها الخارجي للوصول للهدف الأسمى الذي ينشده جميع أبناء الوطن وبُنَاتِه.
التساهل لا يعني الفوضى، والحزم لا يعني الاستبدادية، الشفافية والصراحة والمصداقية لا تعني الشكوى والتبرير وتحميل المسؤولية وتحمّلها، إنّما قيام كل منا بدوره واستثمار جهوده للسير بالطريق القويم والنهج السليم مسترشدين بخطب وتوجيهات وكلمات سيّد الوطن، أوفياء لدماء وعرق وتضحيات أخوتنا في قوى الجيش العربي السوري والأمن الداخلي، لتحرير ثرى سوريتنا من دنس الإرهاب وصيانة حدودها وتحقيق أمنها واستقرارها، والاستفادة من جهود الشرفاء بكل مؤسساتنا الذين كانوا سنداً وعوناً في استمرار عطائها ونجاحاتها وازدهارها، وتلافي الأخطاء والعثرات التي تعرّضت أو قد تتعرّض لها.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz