دام برس :
اعلنت وكالة بلومبرج الاميركية للانباء ان السعودية اقتربت من الانتهاء من بناء اول مفاعل نووى لها فى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم و التكنولوجيا فى الرياض ، و التساؤل الذى تبادر فى ذهن الكثيرين ما هى الدوافع الحقيقية التى تجعل السعودية تخطو مثل هذه الخطوة المثيرة للجدل ؟
الأسباب الحقيقية لسعى السعودية الى امتلاك مفاعل نووى :
اولا: بعد هزيمة السعودية فى حرب اليمن امام جماعة انصار الله و ثبوت ضعف جيشها في الحسم البري العسكري علي الارض و هشاشة مخابراتها في تحديد بنك الاهداف الذي من المفترض ان يقوم الجيش بإستهدافه فضلا عن غياب الدقة في الاستهداف عن طياريها ، ادركت القيادة السعودية ان الجيش السعودي جيش هش و غير قادر علي حسم اي معركة يدخلها سواء كانت برية او جوية او مخابراتية ، فكان القرار ببناء مفاعل نووى لتعزيز هيبة السعودية في الاقليم و لتحقيق طموحات حاكم السعودية الفعلي محمد بن سلمان في جعل السعودية القوة الاقليمية الاولي في المنطقة بالتشارك مع إسرائيل ضد القوي الاقليمية الاخري المنافسة للسعودية في قيادة الاقليم خاصة ايران و تركيا .
ثانيا : بعد تولي ترامب سدة الحكم في اميركا و اهانته للقيادة السعودية امام العالم اجمع و ابتزازه لها بورقة الحماية الاميركية لها مما يسميه ترامب الخطر الايراني و بعد ادراك القيادة السعودية ان هناك فجوة بين زمرة ترامب الضيقة و الدولة الاميركية العميقة فتلك الفجوة هي التي منعت ترامب من اغلاق قضية مقتل جمال خاشقجي من التداول في الاوساط السياسية النخبوية الاميركية بشكل كامل ، قررت القيادة السعودية حينها العمل علي ايجاد امر يزيد من قوتها الذاتية و يجعلها اكثر صلابة في مواجهة الضغوط الاميركية عليها في عهد ترامب خاصة ان وضع السعودية الاقتصادي متدهور و اقتصادها يعاني من عجز في الميزانية فأصبحت غير قادرة علي دفع المبالغ الطائلة التي يطلبها منها ترامب عبر عملية ابتزاز مباشرة يقوم بها .
ثالثا : شعرت القيادة السعودية بالخطر بسبب التنسيق الايراني التركي عال المستوي في سوريا و العراق ، فبعد ان كانت السعودية تنافس ايران و تركيا كل منهما بمفرده ، اصبحت السعودية الآن تواجه قوتين اقليميتين متحدتين ليستا حليفتين لكن هناك تنسيق عال بينهما في جبهات اقليمية ساخنة مثل سوريا و العراق ، و مع هزيمة السعودية في حرب اليمن و رفض مصر الانجرار خلفها ضد ايران و سوريا و حزب الله و تعمد مصر عدم ظهور وزير خارجيتها سامح شكري بشكل مكثف اعلاميا في مؤتمر وارسو كرسالة مصرية ناعمة للسعودية انها لن تنضم لاية حملة سعودية ضد ايران و ابتزاز ترامب المستمر لها ، شعرت السعودية انها في حالة عزلة اقليمية غير معلنة خاصة و ان الامارات حليفها الظاهري يورطها في ساحات استنزاف مثل اليمن و ينسحب منها هو ، فمن وجهة النظر السعودية امتلاك مفاعل نووي يعزز هيبتها اقليميا و يقلل اعتمادها علي القوي الخارجية في مواجهة خصومها في الاقليم .
صفقة أميركية سعودية محتملة :
مع اقتراب اعلان الرئيس الاميركي ترامب لبنود ما يعرف بصفقة القرن ربما نري مقايضة سعودية اميركية بحيث تنفق السعودية الاموال اللازمة من اجل تمويل المشاريع الاقتصادية التي تشملها الصفقة و اميركا تعتمد علي السعودية اعتماد شبه كلي في اتمام بناء تلك المشاريع مقابل ان تعطي اميركا السعودية تقنيات التكنولوجيا الاميركية النووية المتطورة وفق المادة ١٢٣ من قانون الطاقة الذرية الاميركي الصادر عام ١٩٥٤ ، و الاشكالية هنا هل ستسمح اميركا للسعودية باعادة المعالجة و التخصيب لليورانيوم ، فاذا سمحت بذلك تكون السعودية قادرة علي انتاج اسلحة نووية و هذا امر وارد خاصة مع تعمق العلاقات السعودية الباكستانية و قدرة باكستان علي مساعدة السعودية في هذا المضمار ، و اذا لم تسمح اميركا للسعودية باعادة المعالجة و التخصيب فلن تستطيع السعودية تحقيق هدفها و هو برنامج نووي عسكري لانه ليس من المنطقي ان تقرر السعودية فجاة انشاء برنامج نووي من اجل توليد الكهرباء و تحلية المياه ، فمع الازمات الداخلية و الخارجية الكبري التي تتعرض لها السعودية يصبح من البديهي الادراك ان برنامج السعودية النووي لن يكون للاغراض السلمية فقط ، و الأزمة التي ستواجه اميركا اذا تساهلت مع السعودية في اعادة المعالجة و التخصيب لليورانيوم هو ان الامارات و مصر و تركيا موقعين جميعهم علي المادة ١٢٣ من قانون الطاقة الذرية الاميركي الذي يتيح لهم الحصول علي التكنولوجيا النووية الاميركية ، فغض اميركا الطرف عن عدم تنفيذ السعودية للمادة ١٢٣ بشكل كامل سيؤدي بالضرورة الي حذو مصر و الامارات و تركيا حذو السعودية و هو ما سيؤدي الي سباق تسلح نووي غير مسبوق في المنطقة ، لذلك محددات العلاقة الاميركية السعودية في الفترة القادمة ستكون دقيقة و معقدة لان السعودية تشعر بالضعف و تسعي لربط ملف مشاركتها في صفقة القرن بملف تساهل اميركا معها في تطبيق المادة ١٢٣ من قانون الطاقة الذرية الاميركي خاصة و انها تمتلك بدائل عن أميركا تمكنها من الحصول علي التكنولوجيا النووية ، من الصين او روسيا علي سبيل المثال لا الحصر ، فهل يكون المفاعل النووي السعودي الشرارة التي ستشعل سباق تسلح نووي في المنطقة ؟ .