Logo Dampress

آخر تحديث : الأربعاء 24 نيسان 2024   الساعة 18:38:27
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
دعوة للحوار وأخرى للأفكار .. بقلم : محمّد لواتي
دام برس : دام برس | دعوة للحوار وأخرى للأفكار .. بقلم :  محمّد لواتي

دام برس :

ما ينتظر العالم الإسلامي اليوم أكثر مما مضى، العالم يتغيّر فالأفكار الجديدة تكاد تغطّي المساحة الأرضية كلها.. والخوف من الإسلام لم يعد مقتصراً على أعدائه التقليديين، بل أضيف إليه الخوف من الداخل، خاصة في الدويلات الخليجية التي لا تملك قرارها السياسي في ظل الاتفاقيات السرية المُبرَمة بينها و بين الغرب وبالتحديد الولايات المتحدة الأميركية. كل الدول الإسلامية تقريباً تعاني من عقد الماضي. الماضي المملوء بالثقوب، وتخشى أن تزول المفاهيم الوثنية التي ظلت عالقة ببعض أنظمتها، فالدول العربية التي تدّعي الإسلام بالحُكم السلالي، الأموال العامة فيها تعبث بها طائفة بإسم "صاحب الجلالة" و "النسب الشريف"!

والقصور على كثرتها تعجّ بالغلمان والجواري وكأن الإسلام جاء من أجل هذا و كفى. أوانه جاء ليحمي الفساد لا ليُلغيه. الانطلاقة الوهّابية المشوِّهة للإسلام تبدو واضحة على أفكار الجيل الجديد الذي يدّعي الدولة الإسلامية في الإمارة أو الخلافة كما حدث في الجزائر في التسعينات وما يحدث الان في سوريا وغيرهما ، بل أن السعودية أيضاً الآن تعاني أصولية سياسية متطرّفة وتتبنّى مبادئ فوضوية مدعّمة من إطراف عدّة، إطراف همّها الحفاظ على العرش ولو غرق الشعب كله في الفقر والمجاعة، وإن التبرير للأخطاء يصبّ في النهاية في خانة الخيانة.. إن النظام الدولي الأحادي الذي تكوّن بعد سقوط الاتحاد السوفياتي جاء لبسط الهيمنة عن طريق العولمة، فإذا به يخلق انفجاريات أكثر حدّة ، و تكاد تشمل العالم كله .. إذ أن ما أصاب الأيديولوجية الماركسية مُحتَمل جداً بل وأكيد أن يصيب عما قريب الأيديولوجية الرأسمالية وهي الآن على المحك الصيني الروسي ... وما بين أوروبا و أميركا الآن من صراع ضد أي منهما يحتوي الحيّز الأكبر في العالم ويدعو إلى وضع علامات استفهام جديدة ضده في العالم العربي الإسلامي . علامات قد تكون مُحيّرة وحادّة ومعذّبة، وقد بدأت هذه العلامات الدموية في أكثر من مكان. حتى في العالم الغربي .. إن عنصريّة الرئيس ترامب بل نازيّته الجديدة خلقت أتباعاً مشوّهين في المنظومة الفكرية بما يُنادي به "أميركا أولاً" بدليل ما يحدث في نيوزيلاندا وغيرها من إرهاب صفته بالتأكيد الغطرسة الترامبية، وهو أمر مروّع للضمير الإنساني( إسلاميوه ومسيحيوه..) فالكل اليوم صار ينظر إلى العالم بمنظارٍ واحدٍ تقريباً، سواء ضد الهيمنة الأميركية أو ضد التراجع المروّع لأوروبا.. وصدقَ الكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل للسلام" غونتير أغراس" أنا لن أظل صامتاً لأني سئمت النفاق الغربي ..
النظام الدولي الأحادي حاول أن يجعل من العالم خارطة فضفاضة، إن بواسطة الحروب الأهلية أو بواسطة الإفناء لبعض الدول التي تحاول الإفلات من الرقابة النارية التي يطرحها هذا النظام في الرؤى وفي المنهج ،هو بالتأكيد نظام الإمبراطورية الأميركية الآتية أصلاً من تحت الأشلاء. أشلاء الهنود الحمر، والمقاومة الإسلامية ، والإسلاميون فيها عموماً يعيشون حالة استثنائية ،إن في واجهة الرفض لهذ الهيجان الدموي أو في الساحة السياسية أمام هذا التحدّي العنصري لأميركا لكل القِيَم والأعراف، فالتحديات الفكرية التي تطرحها أنظمة اللاوعي ستظل تواجَه بتحديات سياسية من المقاومة إن في الداخل أو في الخارج، فالرهان على الفكر الأخلاقي المميّع لدى قادة الموالاة للغرب في ضوء هذه التحديات يشبه إلى حد ما الرهان على المثاليات الغيبية في سد الفجوات الاقتصادية والاجتماعية والإيديولوجية ، في زمن الحرب الاقتصادية تدقّ أبواب كل العالم. إن حال الأمّة العربية أسوأ حال ، فقد تعدّدت الأزمات ويصعب في الوقت الراهن تطويعها ما دام الغرب يتحكّم في اقتصاديات أغلب البلدان العربية ، وما دام حكّام هذه الجغرافيا العربية يسعون إلى تكديس الثروات لحسابهم من دون الاستجابة للرأي العام ومتطلّبات المستقبل ،أو على الأقل للشريحة الاجتماعية المفكّرة فيه والحامِلة للهمّ الفكري وللأعباء الكبرى التي يطرحها النظام الدولي الجديد ، هذه الشريحة بحُكم ثقافتها الأصيلة وصلتها بالأفكار الجديدة وضعت في أكثر من بلد إسلامي داخل بيوت من الإسمنت وأغلقت عليها الأبواب من كل جانب.
الاستبداد و أزمة الوعي
أزمتنا إّن، أزمة وعي حضاري، فكري، أخلاقي ، ولا أعتقد أننا نستطيع أن نفكّ أسرنا من هذه الغيبوبة إلا بالعودة إلى الذات و الاعتراف بصاحب الاختصاص في أي علم وأي فن ، ونضع فعلاً الحصان الذي يقود العربة أمامها لا خلفها كما هي الحال الآن، وأن التخلّي عن الأفكار الجاهزة والمُسبَقة أكثر من ضرورة، وأن يتنازل الحكّام عمّا هم عليه الآن، أي الحكم القائم على المنطق الاستبدادي، والتمايز الأسَري حتى وإن كانت هذه الأسَر لا تساوي شيئاً إن في التاريخ أو في الفَهْم السياسي، وأن نجعل من الدين ثورة ضد المفاهيم الخاطئة التي ألصقت به لأسباب سياسية ، أو لأسباب تتعلق بنظام الحُكم ، والسلطنة والإمارة و أكثر الإمارات تعيش الفجور الاجتماعي فضلاً عن الضياع السياسي والشرود العقائدي.
إن هذه الأمّة لا يمكنها رغم الغفلة التي سقطت فيها أن تكوّن بشعوبها أمّة بعيدة عن الحدث أو صناعة الحدث متى توافرت لها الشروط الأساسية للنهوض السياسي . فالديمقراطية هي سلّم الآمال الكبرى لها وإن بدت الأزمة الاقتصادية مُستعصية الحل، لقد كان لكل خارطة فكرية نظرة وطنية ، وأخرى عالمية وإن لكل منهما بُعده الحضاري والأخلاقي في كل الأسئلة التي سمعناها وقرأناها، والتفكير بهذه الشمولية يعني في أبسط الرؤى تفكيراً واعياً، إذ أن العالم اليوم وبفضل الثورة الإعلامية أصبح مجرّداً من الحدود الجغرافية وحتى من الحدود السياسية، وإن التفكير في ظل هذا الامتداد المعرفي الذي يلفّ العالم وفق فلسفة لا تقيّدها الحدود الجغرافية، تفكير قد لا يؤدّي إلا للذوبان في الأطر الجامدة أو البقاء في الدائرة الجغرافية المحدّدة ، والتي هي دائرة غير كافية وغير قادرة على توفير - ولو جزئياً - الجانب الحضاري الذي يتطلّبه موقعنا في خارطة العالم.
هناك فرق بين الأيديولوجية وبين الانفتاح على العالم في ثورته العلمية، فجانبنا العقيدي هو الرصيد الأساسي ، غير أن هذا الجانب لا يرضى بالتحجّر في مذهبية فكرية معيّنة ،أو في ماضوية مُغلقة كما هي الحال في المذهب الوهّابي التكفيري ، بل إن هذا التأصيل أعطى له في هذا الجانب الأفق الرحب والامتداد المعرفي اللامحدود ، فصار له صفة الخلود الدائم في الامتدادين الزماني والمكاني ..إن هناك من يؤمن أن الإسلام توقّف عند حدود القرون الثلاثة الأولى، وإن محاولة التجديد خارج المفاهيم التي طرحتها تلك القرون هي محاولة تدميرية...! وهذا ما تدعو إليه الوهّابية، والواقع أن مثل هذه الأفكار هي التي جاء الإسلام ليحاربها لأن الذي حدث قبل مجيء الإسلام أدّى إلى اعتناق الأفكار المُناقضة تماماً للعقل البشري ولِما ورد في الرسالات السماوية ما قبل الخبرة ، مع أن هذه الرسالات كانت إقليمية أي أنها جاءت إلى أقوام معيّنة بذاتها وليست عالمية مثلما عليه الحال في الرسالة الخاتمة، رسالة الإسلام. إننا لنُخطئ حين نعتقد أن الإسلام مجرّد أشكال وشعارات بل ونُسيء إلى أنفسنا أمام الآخرين بذلك.. لقد تأثّرت حين سمعت أحد رجال الإعلام وهو يعلّق على قول رجل أعمال آسيوي بقوله : "فإن العذاب هو طريقنا الوحيد للبقاء ..." في الوقت الذي نجد فيه بعض ولاة أمور المسلمين والإسلام يؤكّدون على أن البذخ والإسراف هو طريقهم الأبدي.

 محمّد لواتي
رئيس تحرير يومية المُستقبل المغاربي

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz