دام برس :
من الأمانة أن نعطي الفرص للإصلاح ضمن الممكن ، و بالرغم من أن المعاناة المجتمعية تنوءُ بحملها الحكومات الغنية التي لم تتعرض لما تعرضت لهُ بنيةُ سورية التحتية ، هي تذكرةٌ مع التحية إلى السيد وزير التربية الذي تناط به مسؤولية و مهمة تعليم الأجيال و رسم الخطط الملائمة للخروج من عنق الزجاجة ، وهي دعوةٌ حقيقية لتحري الأسباب و العمل على معالجتها ، فهناك الكثير الكثير من السيارات المسندة على الأرصفة في كل أنحاء سورية ، فقدت كل مقومات الأداء و باتت عبارة عن منظرٍ لسيارة ميتة ، حتى عجزت البلديات عن رفعها ، و لا نرجوا أبداً أن يكون هذا حالُ مدارسنا و معاهدنا ، إنه تحدٍ كبير لأصحاب القرار في زمن أصبح الشعار الأساسي فيه محاربة الفساد .
مع إطلالة عام 2019 تستمر الحيرة التي تلف عقول من تجاوزوا مرحلة التحصيل العلمي و التعليمي بتساؤلٍ مطروحٍ و مُلح ، هل أصبح تعليم الأجيال الحاضرة مرتبطاً بسوق العمالة كما هي الحال في بقية المهن الأخرى العلمية و العملية ، و هل تراجع دور المدرسة الحكومية بكافة مراحلها إلى ما ينطبق عليه المثل العامي المعروف ( عد أيام و خود معاش ) و ما السبب في ذلك ؟ و الذي لا يحتاج إلى تساؤل ، لماذا لا نعترف بالحقيقة ؟ أن المشكلة مادية ، لقد أصبح المعلمون وهم من يطلق عليهم أنهم العلماء ورثةُ الأنبياء مضطرون إلى تحري سُبل أخرى لتأمين متطلباتهم الحياتية كي يعيشوا حياة كريمةً و يسدوا رمق أطفالهم ، و من هنا أصبحت المدرسة بحراً يلقون فيهِ شباكهم كي يتصيدوا الطلبة العاثرين و المدللين ليقدموا لهم الدروس الخصوصية و من هنا أصبح سوق العمل في الدروس الخصوصية رائجاً و بمردودات تتجاوز التوقعات ، و أصبح الارتباط ببعض الأسماء الشهيرة مرتبطاً بالمستوى الاقتصادي لأهالي الطلبة العاثرين الذين تجاوزت نسبتهم الـ 75% من أبنائنا الطلبة و قد تكونُ أكثر من ذلك ، لا نحتاج إلى الإشارة إلى المدارس الخاصة الفارهة التي تجاوزت أقساطها الأرقام الخيالية لا بل تجاوزت أرقام أقساط الجامعات الخاصة التي تقدم العلم الحقيقي .
أعود لذاكرتنا القديمة التي عشناها و التي كانت تتميز بأسماء براقة و علمية حقيقية من الرعيل الأول الذين درسونا و تربينا على أيديهم و استطعنا أن نجتاز جميع المراحل الدراسية بما في ذلك الجامعات ، دون مساعدة أو دعم علمي أو أية دروس خصوصية .
صورةٌ باهتة و مبكية إلى حدٍ كبير ما وصلَ إليه العلم و التعليم في بلدنا الذي ما زالَ يلملم جراحه وهو يلهث نحو تحقيق المتطلبات الأساسية إلا ما رحمَ ربي.
إلى أينَ نسير .