دام برس :
قام الرئيس الامريكي دونالد ترامب بزيارة قاعدة عين الاسد الامريكية الجوية في العراق و التقي بالقوات الامريكية العاملة هناك و تفقدها في زيارة مفاجئة من حيث توقيتها لأنه لم يتم الإعلان عنها قبل حدوثها ، و السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في الاوساط السياسية العربية حاليا، لماذا زار ترامب العراق بشكل مفاجيء و لماذا اصطحب معه زوجته ؟ .

ترامب عبر هذه الزيارة الخاطفة و المفاجئة إلي العراق أراد ان يحقق عدة اهداف و منها ان يعلن بأنه يتحدي الدولة العميقة التي رفضت استراتيجيته الجيو سياسية و العسكرية في سورية و افغانستان ، فاراد ترامب ان يتحداها و يبرهن لها انه متمسك بقراراته علي المستوي الاستراتيجي و يصمم علي تنفيذها في موعدها كما تعهد  بخصوص الانسحاب العسكري الامريكي من سورية و افغانستان و هو ما يفسر سبب زيارة ترامب للعراق بدون ان يبلغ قيادات وزارة الدفاع الامريكية بتلك الزيارة الا قبل حدوثها بساعات قليلة و هو تطور غير مسبوق في العلاقة بين الرئاسة الامريكية و وزارة الدفاع ، فزيارة كهذه في دولة كالولايات المتحدة الامريكية كان يفترض ان يتم تنسيقها بشكل كامل بين مؤسسة الرئاسة و وزارة الدفاع و لكن ما حدث ان ترامب قرر زيارة العراق من تلقاء نفسه بدون ان يبلغ وزارة الدفاع الامريكية بالقرار الا قبل الزيارة بساعات قليلة ، فترامب وجه رسالة تحدي واضحة بانه لن يرضخ للدولة العميقة و انه سيفعل ما يشاء و يقرر جميع الامور الاستراتيجية و العسكرية حتي لو تعارضت تلك الامور التي يقررها مع مصالح الدولة العميقة المتمثلة في وزارة الدفاع و المخابرات الامريكية و شركات النفط و السلاح .

و اصطحاب ترامب لزوجته معه الي العراق رغم ان الزيارة ليست رسمية لان الجانب الامريكي لم يبلغ الجانب العراقي بها الا قبل ساعات قليلة من حدوثها ، هو ايضا رسالة تحدي من ترامب للدولة العميقة فهو يقول لها ، بأنه قوي علي ارض الواقع و لديه سلطة مطلقة في الولايات المتحدة في اتخاذ القرارات الهامة حيث انه زار العراق بدون ان يتشاور مع وزارة الدفاع الامريكية و لم يكتف بذلك بل اصطحب زوجته معه في الزيارة و كأنه في رحلة للتنزه معها ، و ترامب لم يفعل ذلك من باب المصادفة لكن هو اراد ارسال رسالة واضحة للمعاديين له داخل مؤسسات صنع القرار الامريكية و تلك الرسالة هي انه حاكم مطلق و ذو سلطة قوية داخل الولايات المتحدة و لن يستسلم لمحاولات الدولة العميقة تعطيل مشروعه الذي يسعي لتنفيذه و هو انهاء الصراع مع روسيا و التركيز الكامل علي الصراع مع الصين .

و احد اهداف ترامب من هذه الزيارة هو ارسال رسالة مبطنة لمحور المقاومة في المنطقة سورية و ايران و حزب الله بأن انسحاب الولايات المتحدة من سورية لا يعني انتصار محور المقاومة عليها ، فالولايات المتحدة مازالت متواجدة في العراق بجوار سورية و مازالت قادرة علي تنفيذ غارات داخل الاراضي السورية عبر قواعدها الجوية في العراق و لذلك قال ترامب في تصريحاته بأنه سيستخدم الاراضي العراقية لمهاجمة داعش داخل سورية اذا عاد التنظيم للظهور مرة اخري في سورية و ترامب لم يقصد تهديد داعش فالتنظيم الارهابي صناعة امريكية بامتياز لكن ترامب يقول لمحور المقاومة سورية و ايران و حزب الله بأن الولايات المتحدة مازالت قادرة علي تنفيذ غارات هجومية داخل الاراضي السورية ، و زيارة ترامب لا توجه رسائل مبطنة لمحور المقاومة فقط بل توجه رسائل تطمين و دعم معنوي للكيان الصهيوني ايضا الذي رفض الانسحاب الامريكي من سورية لانه يعزز قوة محور المقاومة جغرافيا من خلال انشاء طريق بري متواصل و متشابك بين دول محور المقاومة مما يسهل عمليات نقل الاسلحة و الذخائر و المقاتلين بين دول المحور لذلك فترامب اراد تطمين الكيان الصهيوني انه مازال متواجد في المنطقة لدعمها و لحمايتها من محور المقاومة الذي يرعبها و يهددها وجوديا .

ختاما زيارة ترامب المفاجئة الي العراق ستزيد من حدة الصراع بين ترامب و الدولة العميقة حيث ان زيارة ترامب اهانة لها و تقليل من دورها و تحدي صريح من ترامب لها لانه لم يستشرها قبل حدوث الزيارة ، و بخصوص الصراع الامريكي مع محور المقاومة سورية و ايران و حزب الله فإن هذه الزيارة محاولة للتغطية علي الهزيمة الامريكية الكبيرة التي تحققت عبر هروبها من سورية خوفا من المقاومة المسلحة التي كانت ستحدث عاجلا ام اجلا ضد قوات الاحتلال الامريكي فضلا عن ان هذه الزيارة رسالة تطمين من ترامب للكيان الصهيوني الذي يعيش حالة تخبط بعد انتصارات محور المقاومة علي مشاريعه التقسيمية و التوسعية في سورية و لبنان و فلسطين المحتلة .