Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 14:25:34
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
زلة اشتباك .. بقلم : الدكتور عفيف دلا
دام برس : دام برس | زلة اشتباك .. بقلم : الدكتور عفيف دلا

دام برس :
تدفع الظنون والأوهام صاحبها في بعض الأحيان لدفع أثمان باهظة نتيجة تصديقه إياها، واعتقاده بأنها الحقيقة دون التفكير بعواقب الأمور ، فتزل قدمه لموطئ ما كان يجب أن يخطو تجاهه ، أو يزل لسانه بقول لا يجب أن يقال ، فيكون التقدير الخاطئ مدخلاً لمتاهة قد يستطيع أو لا يستطيع المتورط بالتراجع عنها أو على الأقل الخروج دون تكبد خسائر كبيرة نسبياً ..
هذا ما حصل مع العدو الصهيوني الذي قدر أنه يستطيع الارتكاز على المناخ السياسي الإقليمي والدولي الذي هيئه له الأمريكي بانسحابه من الاتفاق النووي مع إيران، وتسخين جبهة الاشتباك معها ومع اقتراب موعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية بالمعنى السياسي الرمزي لانتفاء التزام الولايات المتحدة المعلن حول اتفاق الدولتين .
فهاج الإسرائيلي وماج ، وظن أن الوقت مناسب اليوم في ظل الحاصل لتغيير قواعد الاشتباك مع سورية ومحور المقاومة ، فيضرب عصفورين بحجر واحد؛ فيقوم بعدوان على سورية يعيد من خلاله تعويم قدراته العسكرية عل حسابها ، ويوجه أيضاً رسالة إلى إيران مفادها أنه من المحظور الاقتراب من مياه المتوسط والحدود مع فلسطين المحتلة .. وهو عملياً بالمعنى الاستراتيجي يحول دون قيام محور المقاومة ببلورة انتصاراته العسكرية على الأرض السورية بما يسمح له بالتموضع في خارطة اشتباك جديدة معه .
وكان الموعد في العاشر من أيار لعدوان إسرائيلي على الأرض السورية استهدف مواقع عسكرية سورية في ريف القنيطرة ، فما كان من الدفاعات الجوية السورية إلا التصدي لصواريخ العدو الصهيوني وإسقاط معظمها ، مما دفعه لرفع وتيرة العدوان وإطلاق عشرات الصواريخ المعادية وقيام سرب طائرات مقاتلة صهيونية مؤلف من 28 طائرة بالمشاركة في العدوان أيضاً ، وكانت المفاجأة حقاً بقدرة الدفاعات الجوية السورية بالتصدي للعدوان واحتوائه كلياً بكفاءة منقطعة النظير ، أما الصاعقة الكبرى كانت في الرد المباشر من الجيش العربي السوري باستهداف عشرة أهداف عسكرية حيوية في هضبة الجولان السوري المحتل حققت إصابات مباشرة ، وتصديها للطائرات المعادية وإصابة عدد منها كما سرب من بعض الوسائل الاعلامية في ظل حالة ذعر وهلع شديد في الداخل الصهيوني نتيجة الصواريخ السورية التي هتكت سماء بني صهيون وقبتهم الحديدية المزعومة وجعلت منها سخرية وألعوبة ، وأجبرت المستوطنين التدافع نحو الملاجئ .
لقد فاجئ الرد السوري - الذي يعتبر أول رد من نوعه منذ عام 1974 منذ حرب الاستنزاف وتوقيع معاهدة فض الاشتباك- العدو الصهيوني الذي كان سقف تقديراته يتمحور في التصدي فقط للعدوان وليس بالرد على الصواريخ ووضعه مع قدراته العسكرية على محك المواجهة مباشرة ، وبالتالي أمسى العدوان الصهيوني أشبه بالوقوع بحفرة عميقة لا يمكنه الخروج منها دون خسائر ، فما كان يأمله من تغيير قواعد اشتباك تحول إلى كابوس يواجهه في يقظته ، فمعادلات الردع هذه المرة كانت قاسية وغير متوقعة فكانت حقاً موجعة ووضعت مجدداً الكيان الصهيوني على محك الخطر .
وفي قراءة معمقة لما حدث ، نجد من المهم جداً الوقوف عند الأهداف التي طالتها الصواريخ السورية والتي تعكس وجود بنك اهداف مسبق لدى القيادة العسكرية السورية وبالتالي لم يكن الرد عشوائياً بمجرد اطلاق عدة صواريخ في العمق الإسرائيلي ، وإنما كان هناك استهداف دقيق ومباشر وحقق أهدافه بدقة متناهية في ظل عجز كلي لمنظومات العدو الدفاعية؛ وهذا كان الفشل الكبير الثاني للعدو الصهيوني في حماية عمقه من صواريخ محور المقاومة فضلاً عن الأسئلة الكبرى المثارة حول نوعية الصواريخ التي تم استخدامها سواء في التصدي للهجوم او في الاستهداف وفيما إذا كان الجيش السوري يملك منظومات صاروخية أكثر تطوراً منها !
وفي اليوم التالي كان تصريح وزير الحرب الإسرائيلي ليبرمان يعكس المرارة التي غص بها حلقه بقوله : " لا نريد التصعيد أبداً إنها صفحة وقد طويت " وهي ذات الغصة التي ارتسمت على وجه نتنياهو الذي ظن أن بمشاركته في حفل ذكرى الانتصار على النازية في موسكو - حيث دعى نفسه بنفسه - ووقوفه إلى جوار الرئيس بوتين سيكون بمأمن من أي خطر وبأن ذلك سيشكل رسالة لسورية بأن هناك مباركة روسية بأي خطوة إسرائيلية ضد سورية وإيران فكان العدوان في فجر اليوم التالي للزيارة وكانت الخيبة الكبرى لنتنياهو وزبانيته .
إن منظومة الحلفاء لسورية تتوازع الأدوار فيما بينها على قاعدة الفهم العميق والاستراتيجي للواقع ولمسارات تطوره المستقبلية مع الوعي الكامل لطبيعة كل الاطراف المنخرطة بالصراع ومصالح كل منها وخياراته والتبدلات المحتملة على خارطة المصالح القائمة، ولطالما حاول العابثون هنا وهناك ان يلعبوا على وتر العلاقة بين منظومة الحلفاء ، لكن الوقائع على الدوام كانت تخذلهم ، فيزداد زللهم في التقدير والحسابات، فكانت خطواتهم مقدمة لتورط أكبر ودليلاً على أن الخطأ في التقدير في الحساب في الصراعات الكبرى لا يمر دون تكاليف باهظة جداً لا يمكن استدراك نتائجها في كثير من الأحيان .
وبكل الأحوال كان العاشر من أيار يوماً مجيداً إضافياً في أجندة الانتصارات السورية التي سطرها بواسل جيشنا الأبطال والذي أثبتوا فيه أن سورية ورغم مرارة السنوات السبع من الحرب لا تزال قوية ومتماسكة لا تغفل عن جبهة صراعها الاساسية مع العدو الصهيوني ولم تختل بوصلتها بحكم الانشغال بمواجهة الارهاب في الداخل، لا بل إنها تدير معركتها برؤية ثاقبة وبصيرة نافذة لما يجب أن يكون ذو أولوية وبحنكة فائقة، وضعت العدو مع حلفائه في حالة تخبط وارتباك نتيجة خلل تقديراتهم حول القوة السورية وجهوزية جيشها للقتال لا بل بقدرتها على فرض معادلات ردع لأعدائها وفق معاييرها هي .

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  2018-05-18 02:31:55   زلة اشتباك
تحليل استرتيجي عميق فبدل ان يفرض العدو الصهيوني على سورية قواعد اشتباك جديدة بحنكة قائد الوطن فرض على الكيان الصهيوني قواعد اشتباك جديدة وان سورية سترد في عمق الاراضي المحتلة.rودلّل الرد السوري على أن محور المقاومة دائماً جاهز يكنس الوكيل (الارهاب)وعينه على الاصيل الصهيوأمريكي والمنافقين من الأعراب والاخونجي العثماني..rتحليل رائع دكتور عفيف.rيسعد اوقاتك وشكرا لموقع دام برس.
عبد الكريم ونوس  
  2018-05-14 16:00:17   ملكية حي الحمراوي
دمشق القابضة تحصل على ملكية حي الحمراوي قرب المسجد الأموي
ملكية حي الحمراوي  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz