دام برس :
تجمدت عقولهم بفعل الغرور والوهم، ولم يعد بإمكانهم إدراك حقيقة التغيرات على الساحة العسكرية بالمنطقة، فكان لابد من صدمة تعيد صياغة الرسم البياني لموازين القوى المتغيرة أمامهم، هؤلاء هم الصهاينة، الذين تلقوا ضربة قاصمة وجهتها اليهم سورية، تجمدت خلالها أنفاسهم التي لم تغاردر مخابئ سارعوا بالنزول اليها.

إن التغيرات في موازين القوى العسكرية واضحة جلية للجميع، ولكن يبدو أن البعض لا يمتلك سرعة ترجمة المنحنيات والعلامات البيانية، ويحتاج إلى فعل مباشر كي يدرك ويستطيع عقله الترجمة.

كانت سورية قد وجهت إلى مواقع حربية صهيونية بالجولان المحتل صواريخها، وقرر الصهاينة التكتم على الأضرار الناجمة عن الإستهداف، والتصريح إعلاميًا بأن الصواريخ التي أطلقت من الجانب السوري لا تتتعدى 20 صاروخًا، في حين أن العملية السورية بأمتياز قد اشتملت على رزمتين صاروخيتين في ضربتها، ضمت الرزمة الأولى بمفردها 70 صاروخًا، ضربت 4 تجمعات يشمل كل منها مراكز عسكرية صهيونية، فتم قصف مركز عسكري رئيسي للإستطلاع الفني والإلكتروني، ومقر سرية حدودية من وحدة الجمع الصوري 9900، ومركز عسكري رئيسي لعمليات التشويش الإلكتروني، ومركز عسكري رئيسي للتنصت على الشبكات السلكية واللاسلكية بالسلسلة الغربية، ومحطات اتصالات لأنظمة التواصل والإرسال، ومرصد لوحدة أسلحة دقيقة موجهة أثناء عمليات برية، ومهبط مروحيات حربية، ومقر القيادة الحربية الإقليمية للواء 810، ومقر قيادة قطاع كتائب عسكرية في حرمون، والمقر الشتوي للوحدة الثلجية الخاصة المسماه "البنستيم".

لم يكن لدى الصهاينة من مجال للمنافسة، سوى بإطلاق صافرات الإنذار التى صارت في تسابق صوتي - فقط - مع أصوات الصواريخ العربية السورية، لكن مع دوي الإنفجارات الناجمة عن تلك الصواريخ، هرع المستعمرون يهبطون في المخابئ، ويرتدون الأقنعة الواقية من الأسلحة الكيميائية، بيد أنهم لم يبتكروا بعد أقنعة للحماية من ارتجاف القلوب وذعر العقول الناجم من أثر الصواريخ السورية.

 أصوات صهيونية سارعت عقب القصف السوري، إلى مطالبة الإحتلال بتهدئة الأوضاع، محذرين من نشوب حرب يكون الخاسر فيها هو الكيان الصهيوني، تلك الأصوات هي ذاتها التي اتسمت بالغطرسة والتبجح من قبل، وكان حديثها يصاحب بنرات التعالي، ولكنها اليوم أصوات أحنت رؤوسها أمام الضربات السورية، بل وراحت تحمل قياداتها الصهيونية أسباب ما جرى.

كما برز الذعر الصهيوني في مئات الحجوزات التي تم إلغاءها بالفنادق الصهيونية بشمال الأراضي المحتلة، وفي تصريحات مسربة لعدد من قادة الإحتلال الصهيوني تفيد بأن كافة مواقعهم الحساسة في الجولان المحتل قد تعرضت للقصف وأن القبة الحديدية – المزعومة - فشلت في التصدي للضربات السورية.

وفي هذا التوقيت، تخيلت آلية الحرب الصهيونية أن افتعال عدوان لها على الأراضي السورية سيكون له أثر في الصراع، وإخفاء هزيمتها، وبالفعل عدوان لها كان له الأثر، ولكن بعكس ما خططوا، فقد كان الاثر في إبراز القدرات السورية بأكثر مما كان واضحًا، حيث وجهت قوات الإحتلال 60 صاروخًا جو أرض، من خلال 28 طائرة، إضافة إلى 10 صواريخ أرض أرض باتجاه الأراضي السورية، فأسقطت وسائط الدفاع العربية السورية غالبية تلك الصواريخ المعتدية، وتزينت سماء سورية بكرنفال ملحمي مع تفجير وإسقاط الصواريخ الصهيونية، في حين كانت المخابئ بالأراضي المحتلة تعج بالهاربين من جراء الصواريخ السورية.

تفوق عسكري سوري لا جدال فيه، وتغير جلي في موازين القوى العسكرية لا يمكن لأحد أن ينكره، ولكنها العمالة والصهينة التي صارت سمة عائلات حكم بالخليج، جعلت وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة يظهر الإنبطاح الفج في تصريحه الداعم للضربات الصهيونية على سورية، والذي قال فيه “طالما أن إيران أخلت بالوضع القائم في المنطقة واستباحت الدول بقواتها وصواريخها، فإنه يحق لأي دولة في المنطقة ومنها إسرائيل ان تدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر”، وهو التصريح الذي تلقاه وزير الإتصالات الصهيونية أيوب قرا ووصفه بأنه "دعم تاريخي”.

فارق شاسع بين دولة تعمل لتتفوق عسكريًا استعدادًا للنصر وتحرير كامل التراب، وبين دويلات تعمل من أجل إنبطاح أكثر، وهو الفارق بين دولة صنعت التغيير في موزاين القوى العسكرية فهزمت المؤامرة، وبين دويلات لا تجد لها جيشًا فتستعين بشركات من عينة "بلاك ووتر" لتكون شريكًا في مؤامرة صهيونية خاسرة لا محالة.

ما تقوم به الدولة السورية الأن هو الإنتقال من مواجهة مؤامرة والإنتصار عليها، إلى الإستعداد لتحرير الأراضي المحتلة صهيونيًا، وهو فعل لم يكن في حسبان من تأمر ومن سار في ذيلهم.