Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 16 نيسان 2024   الساعة 20:16:29
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
التداعيات الشاملة لتصريح ‘‘ترامب‘‘ الأخير على المشهد السوري

دام برس  - محمد خربوطلي :

"سننسحب من سوريا قريباً جداً".. هذا ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في آخر تصريح له، كلامه واضحٌ و مفهوم، و لكنه بذات الوقت يُثيرُ الجدل و يترك الكثير من إشارات الاستفهام، إذ  لا يتوافق مع معركة النفوذ ضد موسكو، كما أنه معاكسٌ لحديث مسؤولي البنتاغون و الخارجية الأمريكية الذين أكدوا بقاء قواتهم في سوريا، فضلاً عن موجة تهديداتهم الأخيرة بتحرك عسكري ضد أهداف حكومية سورية على خلفية العمليات العسكرية التي يشنّها الجيش السوري على مواقع التنظيمات المسلحة في الغوطة الشرقية.
و للحديث بشكل شامل عن تداعيات كلام الرئيس الأمريكي على المشهد في سوريا قال الخبير و الباحث السياسي الدكتور أسامة دنورة  لـ"دام برس" أنّ " تصريح ترامب لم يخرج عن السياق العام لتصريحاته "الانسحابية" تجاه سوريا، خاصة فيما يتعلق بالبعد السياسي، فعلى الرغم من أن البنتاغون، والخارجية الامريكية من قبله، لوحا ببقاء طويل الأمد للقوات الأمريكية، إلا أن ترامب ومنذ مجيئه الى الحكم انسحب بشكل شبه كامل من البعد السياسي للأزمة السورية، و لم تتبلور استراتيجية سياسية واضحة المعالم للتدخل الأمريكي بالأزمة السورية، كما حال الاستراتيجية العسكرية التي لم تتضح معالمها أيضاً رغم استهداف مطار الشعيرات العسكري و تواجد قوات أمريكية على الأرض و الاحتكاكات المستمرة في قاعدة التنف و شرق الفرات مع قوات رديفة للجيش العربي السوري، فالوجود العسكري الأمريكي ليس غزواً، وليس بطلب من اصحاب السيادة على الأرض، ولا بتفويض دولي، كما أنه لا يحظى حتى بتفويض واضح من الكونغرس".
و أضاف أنّ " مجمل مدخلات مشروع الانتشار الامريكي في شرق الفرات مهتزة، ففضلاً عما سبق حول شرعية الوجود والتفويض، هناك مفارقة تكمن في أن دعم قسد يجعل من تركيا و قسد الحليفين الأمريكيين في وضع صدام، كما أن الوجود الامريكي بدأ يتعرض لضغط غير مباشر نتيجة التهديد التركي بالانتشار في منبج، وضغط عراقي - ايراني غير مباشر بتحريك ملف التواجد العسكري الأمريكي في العراق، فضلاً عما قد يترتب عليه من تصادم مع الاستراتيجية الروسية والوصول مع الروسي الى حافة الهاوية".
مؤكداً أنّ "تداعيات تصريح ترامب عديدة، فهي أولاً تعني أنّ ظهر قوات "قسد" قد بات مكشوفاً، ولا يوجد في الواقع أي داعم إقليمي أو دولي يمكنه أن يعوّض غياب الدعم الامريكي لها، وبالتالي فعلى قيادات "قسد" إعادة حساباتها تجاه الدولة السورية وتجاه المواجهة مع تركيا على حد سواء، كما أنه على التركي أيضاً أن يعيد حساباته تجاه "قسد"، فممارسته للضغط غير المباشر على الطرف الامريكي بما يؤدي الى قيام الامريكيين بطمأنة المخاوف التركية تجاه "قسد" ولجمها قد أصبحت خارج الحسابات التركية، وبهذا فينبغي على التركي أن يفكر ويحسب جيداً المفاضلة ما بين قيامه بالتورط عسكرياً بصورة أوسع وصولاً الى مساحات شاسعة من مناطق سيطرة قسد حتى تخوم الحدود السورية - العراقية، وما بين دعم استعادة الدولة السورية سيطرتها السابقة على كل اراضيها، بما يضمن استعادة الرؤية التي أسست لاتفاق اضنة التركي - السوري ١٩٩٨، وبهذا فإن الانسحاب الامريكي في حال تحققه سيمثل من حيث المحصلة سبباً جديداً يدفع التركي للإقرار بضرورة استعادة سيطرة الدولة السورية على جميع اراضيها، حتى ولو لم يتحقق هذا الاقرار على المدى القريب، فلربما يكون محصلة تدريجية ولاحقة ضمن مسار استانة حسب حديث دنورة.
التصريح الأمريكي ذاته تزامن مع توجه فرنسي لنشر قوات في مدينة منبج شمال سوريا،  و  ترامب قال في تتمة حديثه: "دع الآخرين يتعاملون معها الآن"، في إشارة لسوريا، و يرى دنورة أنّ حلول قوات فرنسية محل الامريكية لا يعوض شيئاً من غياب الغطاء الاستراتيجي الامريكي، فضلاً عن أنه سيشكل ورطة لفرنسا تجعل قواتها هدفاً لتركيا ووكلائها، وهدفاً مشروعاً للجيش السوري والقوات الرديفة له أيضاً، ولكنه يشير في حال تحققه الى معطى هام، وهو أن السياسة التركية في سورية ستبقى عارية من الغطاء الاطلسي، لان فرنسا العضو في الاطلسي في هذه الحالة ستكون في موقع مضاد.

الطرف الروسي سيرحب ضمناً بتراجع احتمالات تقسيم سورية و الصدام مع الطرف الامريكي، ولكنه في المقابل سيواجه مروحةً جديدة من التحديات مثل أساليب التعامل الممكنة مع قسد، والتطورات التي قد تحصل في حال توسيع التورط التركي في الشمال والشمال الشرقي لسورية حسب دنورة الذي لفت خلال حديثه لـ"دام برس" إلى أنّ " كيان العدو الإسرائيلي سيكون بلا شك المتضرر الأكبر، فالتواجد الامريكي في سورية يهدف لمنع تكامل دور محور المقاومة، و بذات الوقت سيصعب على الصهاينة فتح النار على ترامب وهو بصدد نقل سفارة بلاده للقدس وطرح صفقة القرن، فضلاً عن كونه عراب التطبيع مع السعودية ومحمد بن سلمان".
و نفَت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت عِلمَ الوزارة بما قاله ترامب في تصريحه، و هنا أضاف دنورة قائلاً أنّ " الخارجية الامريكية اليوم في فترة انتقالية ما بين تيلرسون و بومبيو وهو ما يؤثر بلا شك على فعاليتها المؤسسية، ولكن ايضاً يفهم من تصريح الخارجية والتصريحات السابقة للبنتاغون أن الطرح الذي عبر عنه ترامب خطوة غير متوقعة بالنسبة لهم، وهذا الامر قد يعرض موقف ترامب لانتقادات وضغوطات سياسية وادارية سرية وعلنية، ولكن مقاربة ترامب حول تحويل المال الذي ينفق في الشرق الاوسط نحو بناء المدارس داخل الولايات المتحدة غير معهودة نسبياً في الادبيات السياسية الامريكية، كونها تربط الخارجي بالداخلي، كما ان التأزم الحالي في العلاقات مع روسيا يُصعّب انتقاد نوايا ترامب تجاه سورية من زاوية تراجعه او مهادنته للروس. وبصورة عامة عدم معرفة الخارجية والبنتاغون بتوجهات ترامب تشير الى استمرار ضعف روح الفريق، وأن التنسيق في حدوده الدنيا بين الادارة (ترامب تحديداً) وبين باقي مستويات صناعة السياسة الخارجية الامريكية، فنحن ما زلنا امام رئيس يفرض رؤاه دون نضوج الاتصالات والمشاورات، عبر طرحها على الرأي العام قبل طرحها على المستوى الحكومي".
و من جانب آخر ينسجم كلام ترامب حول الانسحاب مع مقاربة "الجدوى الاقتصادية" للسياسة الخارجية وفقاً لحديث دنورة، وهي مقاربة مبنية على معطى واقعي يتطلب خفض عجز الموازنة الامريكية المزمن نتيجة الانفاق العسكري، وهي منسجمة مع تصريحاته خلال حملته الانتخابية، والتي وصل على أساسها للبيت الابيض، أما "اطعام" المجمع الصناعي - العسكري فيتكفل به حالياً الانفاق العسكري السعودي، فلا ضرورة للإنفاق عليه حالياً من أموال دافع الضرائب الامريكي.
و ختم دنورة حديثه قائلاً أنّ "قسد ستصبح في حالة انعدام وزن سياسي وعسكري، ومهما كان شكل الضمانات التي يمكن ان تقدمها الولايات المتحدة بعد انسحابها المفترض فلن تحل محل التواجد العسكري المباشر، وستتعرض قسد لكل انواع الضغط العسكري واللوجستي والسياسي والاستنزاف، ولا بد انها في مثل هذه الحالة ستعيد درس خياراتها بشأن التعاطي مع دمشق، خاصة في ظل تصريحات و تمددات التركي".

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz