دام برس :

من الغريب حقا"أن نلاحظ أن المحللين السياسيين أو الإقتصاديين أو الاستراتجيين والمتنبئين وضاربي الفال , الذين ازداد عددهم بشكل مذهل خلال الحرب على سورية , لم يفلحوا  في كشف خفايا هذه الحرب وقضايا الربيع العبري وما ستؤول إليه هذه المعمعة  . على الرغم من أنه  يتحفنا يوميا" المئات من هؤلاء على مختلف المحطات الفضائية الموالية أو المعادية بنظرياتهم وآرائهم وافكارهم عن مسارات الأوضاع في سورية والمنطقة .

بالرغم من أن المحللين الوطنيين والمناصرين للحلف المقاوم قدموا جهودا" جبارة في توضيح خلفيات هذه الحرب والمؤامرات التي حيكت لتحقيقها والرد على العديد من الفبركات والأكاذيب التي كانت تروحها وسائل الإعلام المعادية والمحللين المعادين الذين يعملون فيها , والتي وصلت إلى مستوى من الكذب والخداع والدجل والأضاليل التي لم تصلها حرب اعلامية في تاريخ البشرية كلها . وذلك بسبب التطور غير المسبوق لوسائل الاتصالات الحديثة بفضل دخول الانسان عصر الفضاء وإطلاق توابع الاتصالات التي تزودنا بكل البيانات والمعطيات وتسمح بنقل أي لقاء أو معلومة بشكل لحظي من أي شخص على وجه الكرة الأرضية مهما كان بسيطا", حتى ولو كانت مفبركة ومختلقة وكاذبة وغير دقيقة وهنا الطامة الكبرى , التي نعانيها الآن .

المحللون المعادون كان همهم الكذب والدجل والتحريض على الدولة السورية لمحاولة القضاء عليها والمحللون المؤيدون للدولة الوطنية السورية يحاولون إيضاح حقيقة الحرب القائمة علينا . إلا أن أي منهم لم يستطع التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع , التي تدحرجت بكرات متعددة الاتجاهات. وهذا يعود في تقديري إلى عدة أسباب :

1-   عدم قدرة هؤلاء على سبر أغوار هذه الحرب ومخططات الطرف الآخر , وبالتالي عدم النجاح في وضع خارطة واضحة للمشاهد أو المستمع والى أين ستتجه الأمور وهذا مستمرحتى الآن , وذلك لعدم توفر المعلومات الحقيقية , التي يحتاجها المحلل .

2-   التعقيد الشديد لهذه الأزمة وتداخلاتها المتشظية محليا" وإقليميا" ودوليا" , لأن مايدور في الكواليس والغرف السرية المغلقة لايظهر على السطح مباشرة , فما يعلن على الملأ غير الذي يكتب في دهاليز المخابرات العالمية , وغالبا" ماتعطى اشارات متعددة الاتجاهات للتضليل وهذا ماوقع به معظم المحللين .

3-   الأمر الآخر الذي يجب التنبه إليه هو أنه في مرحلة التحول من القطب الواحد إلى عالم متعدد الأقطاب وهو مانعيشه حاليا" سيتم تمزيق العديد من الدول , لأن صاحب القطب الواحد ( وهو أمريكا ) لن يسلم بسهولة وسوف يستعمل كل مالديه من امكانات وعملاء ومرتزقة حتى النهاية .

إن الذي جرى في سورية على مدى 2555 يوم من عمليات الإعتداء والقتل والتدمير والتشريد والتهجير والخطف وقطع الرؤوس بيد عملاء وادوات القطب الواحد  يفوق كل وصف . وقد قابل ذلك صمود سوري منقطع النظير غير كل المعادلات القائمة وأدى لانتصارات مذهلة للدولة  السورية مع أصدقائها قلبت لمرات عديدة خطط الأعداء وأهلت لعملية التحول نحو القطبية المتعددة وظهور القطب الروسي والصيني من جديد في طريق التوازن , إلا أن ذلك ليس نهاية المطاف فالقادم أصعب لأن الطرف الآخر سيرمي بكل ثقله من خلال عملائه ومرتزقته ودخوله المباشر , كي تكون عملية التحول بطيئة ومكلفة وضئيلة المفاعيل قدر الإمكان حتى لايحدث انهيار كامل في القطب الأمريكي المتفرد .

ولكن سبق السيف العزل فنحن نتجه بفضل انتصاراتنا إلى عالم متوازن متعدد الأقطاب وهذا لم يستوعبه الكثير من المحللين .