Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 12:08:09
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
المشروع الاستعمارى الغربي .. والغباء العربي .. بقلم : الدكتور محمد سيد احمد
دام برس : دام برس | المشروع الاستعمارى الغربي .. والغباء العربي .. بقلم : الدكتور محمد سيد احمد

دام برس :
المشروع الاستعماري الغربي ضد الأمة العربية مشروع قديم ومعلن, وعلى الرغم من ذلك يتعامل معه العرب بغباء شديد وكأنه ليس موجودا, وبعيدا عن الرجعية العربية الخائنة والعميلة والتى تعاونت مع المشروع الاستعماري الغربي وأدت أدوارا وظيفية فى خدمته, من أجل مساعداتها على البقاء في سدة الحكم, فإن باقى الدول العربية الخارجة عن محور الرجعية العربية سواء على مستوى الحكام أو الشعوب قد تعاملت مع المشروع بغباء شديد وتجاهلت وجود هذا المشروع من الأصل, لذلك لم تسعي لمحاولة إجهاضه, وهو ما أدى الى نجاح المشروع في تحقيق أهدافه المعلنة على مدار ما يزيد عن قرن من الزمان.
وبدأت معالم المشروع المعلنة فى الظهور فى مطلع القرن العشرين عندما ظهر التقرير النهائي لمؤتمرات الدول الاستعمارية الغربية الكبرى فى عام 1907, والمعروف باسم تقرير " بازمان " وهو رئيس وزراء بريطانيا فى ذلك الوقت, والذى قرر أن منطقة شمال أفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط هي الوريث المحتمل للحضارة الغربية الحديثة, لكن هذه المنطقة تتسم بالعداء للحضارة الغربية, لذلك يجب العمل على تقسيمها, وعدم نقل التكنولوجيا الحديثة إليها, وإثارة العداوة بين طوائفها, وزرع جسم غريب عنها يفصل بين شرق البحر الأبيض المتوسط والشمال الإفريقي, هذه هى الأهداف الكبري المعلنة للمشروع الاستعمارى الغربي ضد أمتنا العربية, فماذا فعل المشروع لتحقيق أهدافه ؟ وماذا فعل العرب لإجهاض مشروع المؤامرة عليهم منذ ذلك التاريخ ؟
وللإجابة على السؤال الأول يمكننا القول أن المشروع الاستعماري الغربي قد نجح فى تحقيق أهدافه المعلنة بشكل تدريجى منذ ذلك التاريخ فبالنسبة للهدف الأول المتعلق بعملية التقسيم فقد نجح عبر اتفاقية " سايكس – بيكو " 1916, وهى اتفاقية سرية تمت بين بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية, بهدف تقسيم الأراضى العربية فيما بينهم, وبالفعل نجح الدبلوماسيين الانجليزى مارك سايكس والفرنسي فرانسوا جورج بيكو فى التوصل لاتفاق يتم بمقتضاه تقسيم الأراضى العربية فى المنطقة الواقعة بين شرق البحر الأبيض المتوسط والشمال الإفريقي فيما بينهما كما جاء فى التقرير النهائي لمؤتمرات الدول الاستعمارية الغربية الكبري فى عام 1907.
وبالطبع لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية من بين القوى الاستعمارية الغربية الكبرى فى ذلك الوقت, لذلك عندما تحولت لقوى استعمارية كبرى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وجدت أن عملية التقسيم عبر " سايكس – بيكو " ليست فى صالحها لذلك قررت أن يكون لها مشروع تقسيمى جديد بدأت فى العمل على تحقيقه منذ نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات من القرن العشرين وهو ما برز جليا وبوضوح وبشكل معلن فى وثائق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى تحققت أجزاء كبيرة منه من خلال الربيع العبرى الذى شهدته المنطقة منذ العام 2011.
وبالنسبة للهدف الثانى للمشروع الاستعمارى الغربي والمتمثل فى عدم نقل التكنولوجيا الحديثة لمجتمعاتنا العربية فقد نجح المشروع قديما وحديثا فى حرمان مجتمعاتنا العربية من التكنولوجيا الحديثة بحيث تمكن من تحويلنا لمجتمعات مستهلكة للتكنولوجيا, وأصبحنا فقط مصدر للمواد الخام التى يحصل عليها الغرب بأسعار رخيصة يحدد هو سعرها ثم يتم تصنيعها وإعادتها لأسواقنا بالأسعار التى يحددها هو أيضا, فتحولنا لمجتمعات فقيرة ومتخلفة غير قادرة على إنتاج حتى طعامها.
وفيما يتعلق بالهدف الثالث للمشروع الاستعماري الغربي والمتمثل فى إثارة العداوة بين طوائفها فقد نجح المشروع قديما فى ذلك لكنه لم يكن بالشكل الواضح الذى يتم تنفيذه الآن فعملية التقسيم والتفتيت على الأسس الطائفية والمذهبية والعرقية قد أصبحت معلنة خاصة فى الدول التى تتميز تاريخيا بهذا التنوع الطائفي والمذهبي والعرقي فالحرب فى لبنان ثم العراق واليمن وأخيرا سورية ترفع فيه الشعارات الطائفية بشكل فج ولا يمكن أن ننسي الهتافات البغيضة في بداية الحرب الكونية على سورية " المسيحية على بيروت والعلوية فى التابوت " ولم تسلم مصر من محاولة ضرب وحدتها الوطنية بين المسلمين والمسيحيين, وكذلك إثارة النزعات القبلية فى ليبيا.
أما الهدف الرابع للمشروع الاستعماري الغربي والمتمثل فى زرع جسم غريب عنها يفصل بين شرق البحر الأبيض المتوسط والشمال الإفريقي فقد نجح المشروع قديما وعبر وعد بلفور عام 1917 في منح اليهود إنشاء وطن قومى لهم فى فلسطين, تحول الى – دولة معلنة – عام 1948, ومنذ ذلك التاريخ والمشروع الاستعماري الغربي يدعم هذا الجسم الغريب ويقويه لدرجة أنه أصبح يمتلك ترسانة نووية لا تمتلكها أى دولة عربية, بل ويمتلك منظومة تسليح تتفوق على منظومات التسليح التى تمتلكها كل الجيوش العربية الكبيرة, وأخيرا جاء قرار اعتبار القدس عاصمة لهذا الجسم الغريب المزروع فى منطقتنا ليؤكد أن المشروع الاستعماري الغربي لن يتوقف عن السعى لتحقيق أهدافه التى وضعت منذ ما يزيد عن قرن من الزمان.
وفيما يتعلق بالإجابة على السؤال الثانى ماذا فعل العرب لإجهاض أهداف المشروع الاستعماري الغربي ؟ فالإجابة القاطعة تقول أننا فشلنا فى المواجهة بل تعاملنا مع المشروع بغباء شديد, ونجح العدو الغربي قديما وحديثا فى تجنيد الرجعية العربية لتكون أدوات وظيفية يتم بها تنفيذ أهدافه, ووقفت باقى المجتمعات متفرجة وكأنها غير معنية بالاستهداف, لكن رغم ذلك كان هناك دائما أمل فى بعض القوى العربية الواعية لأبعاد المشروع الاستعماري الغربي وأهدافه التأمرية والتى سعت دائما الى مواجهة التقسيم بالوحدة, ومواجهة عدم وصول التكنولوجيا الحديثة بالاعتماد على النفس عبر مشروع تنموى مستقل, ومواجهة إثارة العدواة بين الطوائف بزيادة اللحمة بين المكونات الطائفية والمذهبية والعرقية, ومواجهة الجسم الغريب المزروع بالتصدى لهذا العدو الصهيونى والسعى لاقتلاعه, إنه مشروع المقاومة العربية الذى قاده جمال عبد الناصر قديما ويقوده الآن بشار الأسد وحسن نصرالله, اللهم بلغت اللهم فاشهد.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz