دام برس :
لم يكن هذا "الكاوبوي" دونالد جون ترامب ليتخذ قراره بالتوقيع على قانون يعتبر القدس عاصمة للكيان الصهيوني، إلا وهو متيقن تمام اليقين من رد الفعل، وهو هنا لا تكفيه توقعات أجهزة الأمن، فالتوقعات مجازفة لن يخاطر في ظلها، بل دون شك هناك إتفاقات وترتيبات أعدها بشخصه أو عن طريق أحد معاونيه كنائبه "مايك بنس" الذي وقف خلفه في المؤتمر الصحفي أثناء التوقيع ونظرة عينيه تلقي في ذاتها بيان صحفي لمن يستطيع قراءتها، وهي الترتيبات التي تمت مع حكام يعتلون عروش ومؤسسات رئاسية عربية.
إن حالة السكون التام التي أحيطت ببعض الأنظمة العربية قبيل إتخاذ القرار وبعده، أو حتي ما اتخذته أنظمة آخرى من بيانات شجب على استحياء، تؤكد تلك الترتيبات التي لولاها ما كان ليفعلها "ترامب" الذي أشار في كلمته بالمؤتمر الصحفي إلى تلك التفاهمات حينما قال "نعلم بأنه سيكونه هناك رفض، لكننا في نهاية الأمر سنتوصل لسلام وتعاون وفهم"، وهو ما يشير إلى أن بياناتهم كتبت قبل الصدور في البيت الأبيض، فقط لاستقطاب أصوات الجماهير الغاضبة، ثم تهدئتها.
إن أنظمة تعرت في الخفاء والعلن، لا يمكن أن ينتظر منها حراك يحرر فلسطين، أو خطوة توقف القرار الأمريكي، ولنكن أكثر واقعية، فما يمكن أن يٌنتظر من حكام طرحوا ولا يزالوا يطرحون ما يسمى بحل الدولتين؟!، إنهم يقزمون الصراع ويصلون به الى خلاف حول مساحة من الكيلومترات، إنهم يريدون أن تقام دولة فلسطينية كي تهدأ الأوضاع ولا يعنيهم أين تقام، أما أصحاب الطريق الصحيح فما يعنيهم هو زوال الكيان الصهيوني من الوجود، فهما دون شك طريقان لا يتقاطعان.
إن "الكاوبوي" ترامب خرج في مؤتمره الصحفي من خلال قاعة مٌلئت بأشجار عيد الميلاد التي زٌينت بالهدايا والألعاب، وكأنه يقول للجميع بأنه لا يعبأ بشئ، ولا يخشى أحد، بل والأكثر إنه يستعد للإحتفال ولإستقبال الهدايا، كما أن وقوف نائبه المتشدد "مايك بنس" خلفه تمامًا وبتلك النظرات التي ظهر بها، وكأنه يريد القول بأنه لسان حال المتشددين.
ولا يمكن تجاهل رجل ظهر في خلفية بعض اللقطات عبر كاميرات الإعلام، وهو رجل ملتحي كان يتحرك في الحجرة الملاصقة التي دخل وخرج منها ترامب، ومن هيئته لا يبدو عليه إنه أحد رجال الحرس الرئاسي، فيأتي ظهوره وكأنه يرمز بلحيته إلى بعض من العرب، ووجوده في الطرقات دون عمل فعلي هو إشارة إلى حكام عرب - يدركهم الجميع - لا دور لهم ولا خوف منهم فقد تم تحييدهم وشراءهم في طرقات المخطط.
اعتبر ترامب أن هذا القرار السافر قد تأخر كثيرًا، وانه جاء الوقت ليوفي بوعد قد قطعه على نفسه، وقال إن "القدس عاصمة للشعب اليهودي" ولم يستخدم هنا مصطلح الشعب "الإسرائيلي"، والذي نرفضه أيضا دون شك، ولكنه وضوح تام لمخططهم الصهيوني دون مواربة في خطاب ترامب، كما هدد بالحرب ضد من يعترض، حينما تحدث عن النقيض بقوله "إن القرار أساسي من أجل السلام"، وكأنه يرغب في القول "لن تنعموا بسلام إذا اعترضتم".
إن ما حدث مساء يوم السادس من ديسمبر/كانون الأول لا ينتظر إدانات أو مؤتمرات شجب واستنكار، بل يحتاج إلى صحوة فعلية، وعودة للطريق الصحيح، بفض غبار يسمي بالتسويات والمفاوضات والمعاهدات، فما "كامب ديفيد" و"وادي عربة" و"أوسلو" إلا تمهيد طريق لما وصل إليه الحال اليوم.
لن يأتي تحرير القدس، وفلسطين،وكافة الأراضي العربية المحتلة على أيدي حكام أدانوا منذ أيام المقاومة، حينما اعتبروا "حزب الله" المقاوم منظمة إرهابية، ولا يمكن أن يكون الحل فيمن يطلق على نفسه "التحالف العربي" وهو يسعى لإبادة اليمن العربي، لا يأتى التحرير ممن دعموا ومولوا ودربوا وساندوا جماعات الإرهاب في السر والعلن من أجل إنفاذ مخطط صهيوني، واستهدفوا سورية الممانعة الصامدة، إنهم إرادوا تقسيم الدول العربية وإنهاك جيوش المواجهة من أجل هذه اللحظة.
اليوم لا كلمة إلا للمقاومة، ولا فعل إلا لها، فمن أراد اللحاق بها ظفر، ومن القى لها ظهره تسابقت اليه الطعنات.
2017-12-07 18:54:05 | ملاحظة |
لا يجب ان يزج اسم سوريا ...المقدس...بهذا الطحل.....ولو بالإشارة.....لاسلبا ولا إيجابا............................ | |
هانيبعل |