Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 16 نيسان 2024   الساعة 10:27:03
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
واشنطن إلى قطبٍ مهزوم .. وترامب إلى رجل السلام
دام برس : دام برس | واشنطن إلى قطبٍ مهزوم .. وترامب إلى رجل السلام

دام برس :
بعد أحداث أيلول الشهيرة ومع سقوط بغداد , لم تتوان الولايات المتحدة في الدفع بمشاريعها الكبرى خصوصا ً في عمق منطقة الشرق الأوسط , مستغلة سنوات تفردها بحكم العالم , وعززت تحالفاتها مع أعدائها السابقين من الدول الأوروبية الكبرى المهزومة في الحرب العالمية الثانية , على قاعدة الشراكة المتوحشة بالقيادة والقوة العسكرية والهيمنة الإقتصادية , وركزت جهودها للعمل على مستويين , أولهما الإهتمام الدائم بإضعاف شركائها الأوروبيين , وثانيهما حصار حليفها السابق ووريث القطب السابق دولة روسيا الإتحادية ...

فقد أوصلها إحتلال العراق إلى حدود إيران و سوريا , مستفيدةً من عربدتها وفائض قوتها العسكرية , وإنفتاح  اّفاق تحركها العسكري نحو قلب الشرق ومركز توازنه , لتبدأ من هناك حروب تفتيت المنطقة وتقسيمها , و لترسم ملامح العصر الجديد بالريشة الأمريكية , مع إعتمادها على استراتيجية جديدة وحلفاء جدد بما يتناسب مع طبيعة المهمة والهدف , واتجهت إلى التحالف مع دول لا تتفق معها إيديولوجيا ً ولا فكريا ً , إلاّ أنها تلتقي معها في أهداف استراتيجية معلنة مرتبطة بمحاربة الإرهاب الدولي وحماية الأمن القومي ونشر الديمقراطية , بما يُمكنها من تحقيق أهداف أخرى أكثر أهمية وغير معلنة , فأظهرت تحالفاتها الجديدة إلى العلن بإعتماد السعودية وقطر وتركيا والأردن وجماعات التطرف الديني والعملاء في سوريا والمنطقة.

فقرار واشنطن ببدء العمل العسكري المباشر في الشرق الأوسط , ومع الأثمان البشرية والمادية الباهظة التي تكبدتها لإحتلال العراق , حتم عليها استخدام غير جيوش وتأمين مصادر تمويل جديدة بعيدا ً عن خزينة المال الأمريكية ما أمكن , وكان لا بد لها من فرض أدوارٍ على أهم اللاعبين الدوليين الفاعلين والإقليميين القريبين من مسارح عملياتها العسكرية للمحافظة على قدراتها في ضبط وتوجيه دفة الصراعات دون أن تتعرض لمفاجئات أو منغصات .

واعتمدت على إستراتيجية التحالفات المؤقتة , مع المحافظة حليفها الإستراتيجي الدائم "إسرائيل" , وأبقت باب خيارات أمنها القومي مفتوحة تجاه السعودية وتركيا من جهة , وإيران وأطراف المقاومة والممانعة من جهةٍ أخرى , على الرغم من إبرامها الإتفاق النووي معها.

إن تحضير البيئة والمستلزمات والأدوات ورسم الأدوار الإرهابية لم يكن كافيا ً لضبط وقيادة المشروع , فإحتاجت إلى رسم أدوارٍ لشركاء دوليين كالإتحاد الأوروبي لتنظيم إدارة التعامل مع المنافسين الحقيقيين كروسيا الإتحادية والصين , مع قناعتها بأن حسم الصراع في سوريا لن يتم بشكل متوازن دون التعامل معهما .

لم يكن من السهل عليها إدارة هذا الصراع دون ضمانٍ كلي لمواقف السعودية وتركيا , ومدى التأثير السلبي لفشلهما أو تمردهما وإنقلابهما , وكان عليها استعمال التهديد والتحكم  بقدراتهما في السيطرة على جيوش الإرهاب الإسلاموية على إختلاف عقائدها الإيديولوجية وتجنيدها لصالحها فقط , فأظهرت مَيلا ً- ظاهريا ً- للإهتمام بمصالحهما القومية ما أفقدها فرص إقحام دولٍ أخرى في الصراع كمصر على الرغم من أهميتها كموقع و دور عربي وإقليمي.

المفاجئة الكبرى ... لم يكن صمود الدولة السورية وجيشها الوطني وحيدا ً ولأربع سنوات هو المفاجئة الوحيدة , بل تعداها إلى حجم الدخول الواسع والفعلي لحزب الله , وما تلاه من مشاركة الدولة الروسية الحرب على الإرهاب مع استمرار الدعم الإيراني العسكري والسياسي والإقتصادي للدولة السورية , بالإضافة إلى جملة الإنتصارات الإستراتيجية التي حققها الفريق المقاوم مجتمعا ً قد أدى إلى تراجع مؤهلات وفعالية الدور التركي والسعودي وملحقاته الخليجية , ما أدى إلى صياغة تعقيداتٍ كبرى على الرغم من سيطرة تنظيمي "داعش و النصرة" على مساحاتٍ واسعة من البلاد , ما أجبر واشنطن على توزيع توازناتها بين البر و الجو لضبط تحركات "الشركاء" , وبدت عاجزة عن إرسال قواتها لإستدراك الموقف , لكنها وجدت البديل في قوات الحماية الكردية وما تسمى "قوات سورية الديمقراطية" , وكان عليها تحمل مفاجئة إضافية في ظهور تشكيلات الحشد الشعبي في العراق , وصلابة الحوثيين في اليمن .

إن جملة الهزائم التي تكبدتها الجماعات والنظيمات الإرهابية , مع إنعدام أفق الحرب العسكرية على سوريا دفع كلا ً من السعودية و تركيا للبحث عن مصالحهما الخاصة , ما استدعى حربا ً سعودية ً على اليمن , وحربا ً تركية على الأكراد في سورية و العراق تحت عنوان الأمن القومي .

لم تنفع إزدواجية المواقف التي اتبعتها الولايات المتحدة حول إعتماد الأكراد أم الأتراك والسعوديون , فإنتصارات سوريا وحلفائها تجاوزت حلب ودير الزور والبوكمال مؤخرا ً, مع بدء العد العكسي لدورة حياة تنظيم "داعش" في سوريا و العراق , ومع ضبط الجبهات الجنوبية ما بين عمليات التحرير والمصالحات , والتواجد القوي للجيش السوري وحلفائه .. ومع بدء تاّكل دور "قسد" وخسارتها تأييد بعض القبائل العربية , وما بين التتريك و التكريد فقدت الميليشيات الكردية رصيدها , وتقزم دور الإحتلال التركي ليتحول شيئا ً فشيئا ً نحو سلوك الدولة الضامنة , بعد المواقف الحازمة للدولة السورية وإعتبار تحركاته المخالفة لإتفاق أستانا إحتلالا ً .

صورةٌ مأساوية تعيشها واشنطن وحلفائها المؤقتين وحليفها الدائم , وتحولت مراهنتها السابقة على عامل الزمن إلى عاملٍ حاسم يصب في صالح الدولة السورية وسيؤدي بالنتيجة إلى إنتصار كبير وإلى وقف الحرب العسكرية , بالتوازي مع الطرح الروسي لعقد مؤتمر "الحوار الوطني السوري" في إطار هذه الصورة .

ومن جهةٍ أخرى لم يعد مجديا ً الحديث عن إلغاء أو تعديل الإتفاق النووي الإيراني , والتمسك الواضح والكبير للدول الأوروبية به بما يفوق تمسك واشنطن نفسها , وسط ميل تلك الدول للخروج من تحت عباءة واشنطن نتيجة استخفاف واستحقار الرئيس ترامب لها وتجاهله لمصالحها , ما دفعها للتفكير جديا ً للبحث عن مصالحها و مصيرها بإعتراف الرئيس ماكرون و المستشارة ميركل , في وقتٍ فقدت خربشات ترامب قيمتها في تهديد كوريا , واستسلمت لصعود القطب الروسي من جديد , وتقدم الصين ودول البريكس وصعودها درجات إضافية على سلم التوازنات الدولية , بعد لجم التحركات المشبوهة للولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي ..

فالصدمة وقعت والعالم تغير والتفرد والهيمنة الأمريكية انتهت , والهروب إلى الأمام لن يجدي نفعا ً, فالميدان والإنتصار السوري ومحور المقاومة يرسم ملامح العالم الجديد ويدفع بالريشة الأمريكية نحو إبتزاز حلفائها الخليجيين والإنتقام منهم وتشجيعهم على المزيد من الجنون والإنتحار الذاتي , فالعبث الإقليمي لن يعيد للسعودية دورها السابق في المنطقة , فإقدامها على إختطاف وإحتجاز رئيس الحكومة اللبنانية وإجباره على الإستقالة , لن يضخ الأوكسجين في شريان عملائها اللبنانيين , ولن يحفز "إسرائيل" على خوض حربٍ مصيرية كرمى لعيون العرش السعودي وملكه المغامر القادم وطفل السياسة , فما فعله سرّع تاّكل حكم اّل سعود ونظرائه في دول الخليج .. وعلى "إسرائيل " القبول بنتائج الحرب التي شنتها بنفسها , فالسلام في سوريا يفرضه الإنتصار العسكري , ولا نعتقد أن "نتنياهو" يُشارك في جنونٍ مشترك ولي العهد السعودي أو بمفرده , فالنتائج ستكون وخيمة وكارثية ووجودية لا تستطيع حكومة الكيان السرطاني تحملها .

ترامب يرضخ في سوريا ... إن إعلان البيان المشترك للرئيسين بوتين وترامب على هامش قمة آسيا- المحيط الهادئ, والذي أكدا فيه أن "لا حل عسكري" للأزمة في سوريا , والتزامهما ب"سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها ووحدة اراضيها"، وبمحادثات سلامٍ ترعاها الأمم المتحدة في جنيف وفقا ً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254, وما صرّح به الرئيس ترامب بأن "الإتفاق سينقذ عددا ًهائلا ً من الأرواح" .. يأتي من خلال حصيلة الإشتباك الدامي على مدى سبع سنوات , وسلسلة الهزائم الأمريكية , وما يشبه بطوق النجاة الذي ألقاه بوتين وتلقفه ترامب خصوصا ً بعدما تحرك الجيش العربي السوري وحلفائه بعد تحرير البوكمال شمالا ً , ما أربك ترامب ورفع منسوب مخاوفه من محاصرة "قسد" في الرقة وإخراجها سلما ً أو حربا ً , الأمر الذي سيحرج واشنطن إن صمتت , أو سيضعها في مواجهة مباشرة مع الجيش العربي السوري وحلفائه ... أيُّ نتيجةٍ أفضت إليها الحال الأمريكية , فواشنطن لم تعد قطبا ً و ترامب أصبح رجل سلام !.

المهندس : ميشيل كلاغاصي

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz