Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
قراءة باردة في كف مصر .. بقلم : محمد فياض
دام برس : دام برس | قراءة باردة في كف مصر .. بقلم : محمد فياض

دام برس :
لسنوات طويلة كانت مصر المخطوفة من المصريين تتقاذفها المؤامرات الداخلية والتي كانت أشد قسوة من نظيرتها الخارجية .

حيث فَطِنَ الأجنبي خطورة استهدافها من الخارج المباشر.وعلى عَجَلة من الأمر أرسى أنور السادات قواعد مغايرة لِلُّعبة.

هال التراب على زمن ناصر ومفرداته ؟ وأسس لإسقاط مشروعه عبر أبجدية التَّخلِّي الطوعي من الجماهير ودفعها قهراً أوعِمَالة سواء كانت العِمالة هنا للأجنبي أم للوطني ، لِتَقَبُل مايُصْرَف لها من نظام الحكم ومشروعه البديل ، وإعمالاً للديموقراطية المأسوف عليها كان أمام الجماهير أن تختار بين تبني المشروع والدوران في فلكه والصيرورة تِرْساً بين تروسِه فيكون الرّضا ومكافأة الترقِّي الطبقي والوظيفي  ، وبين الإصطفاف في المقاومة ودفع تكاليفها التي باتت وبسرعة بعد أحداث 18و19 يناير غالية الثمن بما أعطى درسا للنظام بتفكيك هذه القوى المناهضة لمشروع السادات .

واعتبر الرئيس المؤمن الدرس على غرار منهج قادة الرعيل الأول لبناة إسرائيل (إن ماحدث في حرب أكتوبر يجب ألا يتكرر بعد ذلك أبداً) ، فوضع البذرة لاجتثاث الفكرة العروبية والقومية من السياق الوطني وجاء خلفه مبارك الذي تمترس خلف ذات المشروع وبدوره قام بتفكيك الحالة الثقافية والحزبية على جانب .وعلى الجانب الآخر فكَّكَ القلاع المصرية العتيدة في الزراعة والصناعة بهدف إلهاء المصريين وإغراقهم في المشكلات اليومية حدَّ المرض .

وتَلَى ذلك تسريح العمالة المصرية والكفاءات إلى الشارع وتفريقهم وفك البنى الصناعية ليدرأ عن نفسه ونظام حكمه هجمة العمال وصداع إعتصاماتهم وإضراباتهم ليؤجل المواجهة مع الجماهير ويجعل من قدرة العصا الأمنية حزاماً ناسفاً لأي خروج جماهيري داهم يهدد الحكم.

فتصرَّف بعد ذلك في بيع القطاع العام وسنَّ من التشريعات ماشرعن البيع والرهن لكل ماهو وطني من التعليم والثقافة والإعلام بهدف التخريب لخلق مجتمع يتآكله الهزال العام ليقدر الفتى جمال مبارك على إدارته ، وضَعُفَ النظام وخرجت الجماهير في ينايرآخروبعد أكثر من ثلث  قرن من الزمن .ليقيل الحكم وأركانه العتيقة.ويطلب بالحناجر ملخص أهدافه وخروجه العبقري (عيش .حرية.عدالة إجتماعية).وجرت في النهر مياه كثيرة  صافية وخالية من الصفاء حتى وصلت مصر إلى يومها المُعَاشْ....وأظن  والظن في بلادنا إثمٌ عظيم ، أن مصرنا لم تطأ أقدامها للآن سكة الوصول إلى تضميد جراح المصريين على أى صعيدٍ .

ولم تفتح مدارسها السياسية لتخريج قادة للمستقبل ، ليس هذا فحسب .. بل والتفتت عن التجربة برُمّتها وعن الدروس المستفادة من خروج الجماهير المكلومة في يناير 2011.

فلا اقتربت يد الحكم بمشرط الإصلاح الجابر لضمانة حقوق الشعب الفقير ، ولا أسس للآن قواعد الإنتصار لحقوق الفقراء في المستقبل _أي مستقبل _..إنه لنوع من الغباء السياسي ألّا يتم للآن وضع المذكرة التفسيرية لشروط العقد الإجتماعي الذي أبرمته الجماهير المصرية وهي تقف بالملايين في الشوارع وعلى قارعة الطرق في كل ربوع مصر والتي أعلنتها مدوّيةً (عيش .حرية.عدالة إجتماعية ).

ولم يشرع الحكم في وضع لبنات التنفيذ الطوعي أو الجبري _بما لديه من سلطات دستورية لشروط العقد الإجتماعي بعد... بل طالت هجمة توحُّش رأس المال دواء المرضى وعيش الفقراء. ويسعى رأس المال اللقيط إلى زيادة التجريف وتسريع البطش بالطبقات الإجتماعية لإخراجها تماما من الخدمة .. إما بالموت كمداً..أو بالموت جوعاً... أعرف أن الخوض بهذه الطريقة والصراحة التي تنزف وجعاً بات مفخّخاً..فربما يتشدق البعض دفاعاً أو نفاقاً_أن مصر تحارب .

وأقول له : نعم ..ونريدها حرباً بحرب..حربا شاملة ..وهنا تجب الإجابة على التساؤل المُلِح .هل نظام الحكم ركن إلى مقاومة الإرهاب . أم يذهب إلى محاربته..مقاومة الإرهاب بالبندقية وعسكرة الأزمة ..؟.. أم محاربته ..؟

وأقول للرئيس : إن الذين يتملقونك غير أكِفّاء في طرح مشاكل مصر..فهم بذواتهم قد فعلوا ذلك مع نظام مبارك ومن بعده المجلس العسكري ثم نظام الثيوقراط ..وهاهم حولك..يخرجون في الإعلام ومقابل ملايين الجنيهات وربما الدولارات لمهاجمة من يحاول شرح الأزمة واقتراح الحلول ..ألسنا ياسيدي الرئيس شركاء في هذا الوطن ..؟؟.أَلَمْ نقدّم السبت والأحد في تحدّي حفر القناة الجديدة..؟

أَلَمْ نثبت نحن فقراء مصر أننا وقودك في كل المعارك الوطنية ونصْلُح لكسبِها..وأثبتنا الجاهزية في حال لم يتقدم واحد من أغنياء المعمورة لدفع نصيبه من مؤازرة التحدّي في طريق الذهاب إلى المستقبل ..؟.أعرف أفرادا لايجيدون القراءة والكتابة الوطنية في سفر بلادنا كانوا يبذلون كل الجهد للانفاق على المأكل والمشرب ودون الدواء وقد أصبحوا الآن يمتلكون مايكفي لشراء شارع بأكمله في مدينة القاهرة..ودون أن يحاسبهم أحد عن مصادر الثروة ..أليس هذا فسادا ياسيدي ؟ أليس حجبهم عن دفع تكاليف الوطن من الضرائب هو محض إعادة إنتاج للفساد ؟

أَلَم يكفِ  الهجوم الشرس على خبز الفقراء _واتسعت رقعة الفقراء لتشمل أكثر من 90% من المصريين في السنوات الأخيرة لصياغة قفزة إصلاحية وفق مشروع رئاسي جديد تتقدم به كوثيقة ملزمة .ولشعب مصر حق المحاسبة على نفاذها من عدمه ..؟..إن الشعوب ..كل الشعوب تقريبا في عالمنا الثالث يدفع الفقراء تكاليف رفاهية وبذخ الأغنياء .لكن إلى حد السفه ؟

إلى حد تجريف مقومات الحياة في حدّها الأدنى ..؟.لا....وليُلقي النظام نظرة سريعة على التاريخ ليتعرّف على مسيرة الشعوب بطبقاتها ليتيقن من أن الأغنياء إلى حد التوحش في بلادنا لاينتظرون حدوث الأزمات ثم يهربون بأموالهم إلى أوطان أخرى ..فوطنهم نقودهم ..بل يعملون على تهريب أموال الشعب ليومٍ هم لن ينتظرونه حتى يفاجؤهم .

إن مصر الآن تتجاذبها عدة سيناريوهات _في رأينا_إما أن نذهب إلى إصلاحات إجتماعية تكنس الفساد وتردعه وتفرض على رأس المال الأعباء الإجتماعية .وهذا لن يكون سهلا مالم تعُد الدولة المصرية تخطط للإقتصاد الوطني وتقود تنفيذه.وتضع نصب عينيها الطبقات المحرومة من حق الحياة الكريمة (تعليم وصحة ومستوى معيشي لائق ) يفتح الطريق واسعا وحازما على إمتلاك أدوات أخرى جادة وحقيقية للقضاء على الإرهاب بتجفيف روافد العنف فكرا وتمويلا وبيئات حاضنة .وإما حكم مصر وفق قواعد التجربة والخطأ والإستمرار في إطلاق حرية رأس المال ليعيث في البلاد خرابا وفسادا إجتماعيا يكنز إسقاط كل ثمار التنمية على ذات طبقة رأس المال والمرتبطين بها فسادا وإرهابا..وهنا نقع أمام أمرين .

الأول :تكريس السقوط والرسوب الإجتماعي لتصل مصر إلى ذروة ضعفها لهشاشة الطبقة الحاضنة لنظام الحكم وارتباطها بالأجنبي دون أي اعتبار للمصريين..والثاني:ونتيجة حشر الطبقات الفقيرة داخل النفق المظلم لتزداد الكوابيس الإجتماعية فيخرج المارد مستدعيا قدراته على هزيمة نظامين في وقتٍ قياسيٍ لم يسجله التاريخ البشري لغير المصريين .

ونخشى على بلادنا من مغبة الخروج ..وقد جهّزَت كل عواصم الأعداء لخروجنا سيناريوهات وتجهّزت عواصم أخرى لفتح خزائنها لدفع تكاليف هزيمة مصر من الداخل أخذاً في الإعتبار قضاء كل أجهزة الإستخبارات العدوّة الساعات والليالي الطويلة أمام فيديوهات الشارع المصري في خروجه العظيم في يناير وخروجه الأعظم في يونية..لا لدراسة عبقرية المصريين إعجاباً بهم ...بل لدراسة خطوط وخطط المشروع القادم لهدم مصر..السيد الرئيس..مصر وشعبها البار في حاجة إلى أن تنحاز انحيازاً واضحاً ودقيقاً .

فهل تنحاز لمصر القوية التي لاحصانة لها إلا في رفعة طبقاتها ونسيجها الإجتماعي المتجانس إقتصاديا أولا وقبل أي شئ....ولن تنهض مالم تعٌد لأداء دورها القومي والإقليمي وعدم  التنازل عنه لعواصم أخرى مهما كانت المغريات.

ولن تقدر مالم تشعر الطبقات المهزومة إحتماعيا واقتصاديا بانتصارك لها .مازلنا ننتظر...ومازلنا قادرون على قراءة الخطوط المتقاطعة والمتوازية بل والمتعرّجة في كف مصر..قراءة متأنية باردة ..ونرجوها أن تبتعد عن مبررات التسخين حتى اشتعال اللهب

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz