دام برس - حسين الفياض :

خمسة عشر عاما .. مدة أطول مما توقعها أكثر المتشائمين في العراق بعد الاحتلال الأمريكي، حتي يطالب مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان بالانفصال علنا، وبالعودة قليلا إلى غزو نظام صدام حسين للكويت في 1990 وما تبعه من أحداث دموية خصوصا في محافظات العراق الشمالية (اربيل ودهوك والسليمانية) وخروج المدن الثلاث عن سيطرة حكومة بغداد بشكل كامل في 1991، فيبدو الدور الذي لعبته واشنطن وتل أبيب واضحا حتى في وقف الإقتتال الداخلي بين الأكراد الذي استمر طويلا.

في المعلومات الواردة من عاصمة الإقليم، فإن الوفود الأجنبية التي زارت مسعود بارزاني نصحته بتأجيل الاستفتاء الانفصال المقرر اجراؤه في 25 أيلول القادم، فالظروف غير مواتية لعقد هكذا استفتاء في ظل الاحداث التي تشهدها المنطقة، والنقمة واضحة من دول الجوار وتخوفهم الصريح من الدولة الكردية، وفي المعلومات أيضا، فإن الأمريكيين ورغم مخططهم الصريح بتقسيم بلاد الرافدين، إلا إنهم وفي حساباتهم، فإن هذا الاستفتاء سيوحد الموقف العراقي والتركي والإيراني والسوري، وهذه كارثة بحد ذاتها على ما خُطط له أمريكيا، وهذا ما أبلغه المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى العراق لمسعود، إلا أنه قوبل بموقف مختلف تماما عن حكومة الإحتلال الإسرائيلي التي ترى في إعلان دولة كردستان .. حلما يجب أن يتحقق وسياسهم بتفتيت الجوار السوري الإيراني التركي.

العراقيون يدركون تماما وأصبحوا على دراية بالسياسة التي ابتعها مسعود بارزاني في الأعوام الماضية، مطالبة بأعلى الصفقات للحصول على ما أمكن استثماره سياسيا، لكن .. وبعد موجة التأييد المخيفة لدى أكراد الجوار، واختلافهم حتى مع المحيط الكردستاني الذي وصل حد الاشتباك مع القيادات الكردية، يزداد حلم مسعود الذي أوصي فيه من والده مصطفى بارازاني الحاصل على رتبة (جنرال) شرفية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بتحقيق الدولة الكردية، ومع التصريح الذي اطلقه قبل يومين بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال المؤيد لانفصال الشمال العراقي، يتلقى بارزاني جيدا الدعم ويستمر فيه، لنبدأ مرحلة جديدة من الصراع.. بعد الانتهاء من مسرحية داعش.

العبادي يهدد بالخيار العسكري، اردوغان يهدد بالاجتياح، الجنرال قاسم سليماني يلوح بالعمل العسكري، وسورية لا تعلق حتى اللحظة على ذلك، رغم تأكيدات سابقة من دمشق على ضرورة وحدة العراق والتمسك باستقلاله وسيادة أراضيه، لكن المشهد في الشمال السوري الملتهب، ينذر بمرحلة أخطر .. أولا : شهدت القامشلي والحسكة حيث تهيمن الأحزاب الكردية وميليشياتها على كثير من المفاصل، شهدت موجة احتجاجات حتى في الشارع الكردي بعد ظهور أصوات أيدت خطوة بارزاني، ونحن مقبلون على انتخابات اعلن عنها حزب الاتحاد الديمقراطي في مناطق (روج افا) والذي يعني (غرب كردستان) أواخر هذا العام، ثانيا : واضح أيضا الرد السوري على تقدم قسد في شمال الدير والموقف الغاضب من الحكومة والعشائر العربية وقبل ذلك، من الجيش العربي السوري في الميدان، والحديث عن اشتباك قريب .. يدق ناقوس الخطر، لكن ربما هو الحل الأقرب للتنفيذ مع سرطان (روج افا) اذا ما استمر المشهد ما هو عليه.

أيام معدودة تفصلنا عن 25 أيلول في العراق .. وأسابيع قليلة تفصل أكراد سورية أيضا في الشمال عما خططه الأمريكي والإسرائيلي بعناية.

 في بلاد الرافدين .. لن يتنازل العرب عن نفطهم في كركوك، ولا عن أي شبر في نينوى وصلاح الدين وديالى، وفي بلاد الشام، لن يتنازل السوريون عن أي شبر يحُتل من البككا أو وحدات الحماية الكردية أو أي مسمى كان .. أمريكيا أم إسرائيليا، والصدام المباشر أقرب إلى الواقع والتنفيذ، فهل سنشهد مرحلة جديدة من الدماء ؟ وهل سنرى تحالفا رباعيا سوريا إيرانيا عراقيا تركيا؟ وهل سيتنازل اردوغان عن دعمه للارهاب في سورية ويطرق أبواب دمشق؟ وهذا يعني بأن الحرب على سورية ستدخل مرحلة جديدة أيضا، وللحديث تتمة...