دام برس:
رغم كل ما نرى من فسادٍ مستشري في كل جانب من جوانب الحياة السورية و مهما حاولتَ أن تكونَ حيادياً ، فإنك تشعر برغبة جارفة في رفع الصوت عالياً ضد الفساد و الإفساد .
الدعوة لمحاربة الفساد تنطلق ما بين الحين و الآخر عن مراكز صنع القرار التي تملك إرادة التغيير ، و القرارات تلو القرارات تصدر كل يوم سعياً وراء السيطرة على الأمور التي فقدت السيطرة عليها ، و رغم معرفتنا بأن الإصلاح ليس قضية سهلة و رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ، و لكن يبدو أن بعض مراكز القوة التي لا تلتزم بهذه القرارات تعتبر أن امتثالها لتلك القرارات سينقص من هيبتها و مرتكزاتها ، مما لاشك فيه أن الواجب الوطني يقتضي من الجميع رفع الصوت عالياً ضد الفساد ، وهو في أقل الإحتمالات يعطي أصحاب القرار المحاربين للفساد الثقة بأنهم مدعومون من المواطنين و أنهم على الطريق السليم في محاربة الفاسدين و المرتشين و السماسرة ، يجب أن لا ندفن رؤوسنا في الرمال ، و إلا فهذه الصفحات ما كانت لتسمى صفحات التواصل الإجتماعي ، فما زلنا نرى السيارات المفيمة حتى الآن تجوب الشوارع و تتحدى إرادة أصحاب القرار ، و لا زال بعض سائقي سيارات الأجرة الصغيرة يغطون سوءاتهم بلبس الجاكيت العسكري المبرقع و الذي يعني بأنهم يملكون الحق في المخالفات و عند اجتياز الحواجز فهم يسلكون الخط العسكري و الذي أوجد في الأصل للحالات الإسعافية و يتقاضون الأسعار التي يرغبونها فلم تعد هناك تسعيرة و لم يعد هناك عداد معتمد و حتى الميكرووات التي وجدت لتأمين حركة المواطن الفقير بأسعارٍ زهيدة نسبياً أصبحت تحدد خط سيرها بما يناسب ما تكسبه من عرق الفقراء و المعوزين و بات الراكب مضطراً لدفع الأتاوة مرتين و ربما أكثر حتى يصل إلى المكان الذي يريد .
إلى متى سوف يستمر الصمت ضد الفساد من المواطن العادي المنهك بالغلاء و القبول بدفع الخُوات و الرشاوي في نقاط معينة هنا و هناك لتيسير أمورهم و حل مشاكلهم العالقة ، هذا الموضوع الشائك ينسحب على كل جوانب الحياة دون استثناء ، و الناجين فقط من هذه التبعات هم أصحاب الحظوة أو السلطة ، مع إدراكنا الكامل بأن هناك رغبة جارفة لدى أصحاب القرار في التخلص من ظاهرة الفساد التي أصبحت شريكاً للمواطن في كل ثانية من حياته ، في النهاية هل سنجد من يستمع لآهاتنا و عذاباتنا ، و إذا كان المرض في الهالة المحيطة بمراكز صنع القرار ، ألم يحن الوقت للبحث عن هالةٍ أخرى قد تكون أقل جوعا ، أو أكثر شرفاً و ولاء للوطن و المواطن و لأصحاب القرار.