Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الإيجابية الأمريكية .. انصياعٌ للمتغيرات أم مراوغة جديدة!

 دام برس - حيدر مصطفى :

متغيرات السياسة الدولية في سوريا طوال سنوات الأزمة الماضية، حتمت عدم منح الثقة لأي أطراف لطالما لعبت دوراً متقلباً واتبعت نهج المعايير المزدوجة تحقيقاً لمصالحها.

من جديد دخلت العلاقة الروسية الأمريكية في مرحلة التوافق على حل الأزمة السورية، هذا ما يقال عبر الإعلام وفي التصريحات الرنانة التي أطلقت بعد لقاء الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين في هامبورغ الألمانية.

الجانب الروسي أعلن عن نية روسية أمريكية لوقف إطلاق النار في الجبهة الجنوبية السورية، وتحدثت بعض المصادر عن أن الرئيس ترامب قد تخلى مبدئيا عن قراره بضرورة إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لكن هل يعقل أن التاجر الأمريكي قبل بذلك دون مقابل؟ بالتأكيد متغيرات الميدان في سوريا وإسقاط مشروع المناطق الآمنة الذي كانت ترمي إليه إدارة ترامب منذ مطلع العام ألفين وسبعة عشر وقبلها إدارة أوباما في بعض الفترات، وتبديد النوايا الأمريكية بشن ضربة عسكرية جديدة على سوريا بحجة وجود قرار سوري بتنفيذ ضربات باستخدام السلاح الكيميائي غير الموجود أصلاً، ناهيك عن أن الجيش السوري قطع الآمال بوصل القوات الأمريكية في الجنوب السوري بتلك التي تتقدم في الشمال، كل تلك متغيرات حدت من سقف الطموح الأمريكي في سوريا، وبات مقتصراً على ضمان وجوده في الشمال وسلامة القوات التي تعاونت معه (أي قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الكورد غالبية عديدها).

لم تتضح معالم الاتفاقات التي تم التوصل إليها في اجتماع الساعتين والربع بين ترامب وبوتين، لكن حضور ثعلب السياسية الأمريكية على هامش اللقاء كان بارزاً، ربما كان هنري كيسنجر مرة جديدة عراب الصفقة الروسية الأمريكية الجديدة. قبل ساعات من اللقاء سرب موقع ديلي بيست الأمريكي معلومات من البيت الأبيض مفادها، أن ترامب يريد بحث الاستراتيجية الأمريكية الجديدة بخصوص سوريا مع بوتين، والتي تعتمد على تقديم الضمانات الروسية للمصالح الأمريكية في الشمال السوري مقابل التخلي عن مطلب رحيل الرئيس الأسد.

فيما خرج من معلومات.. يبدو الروسي منتصراً، بيد أن الثقة بالإيجابية الأمريكية لا يمكن أن تكون كاملة، سيما وأن تصريحات متناقضة أطلقها وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون تزامناً مع انتهاء لقاء الزعيمين في هامبورغ، قائلاً : لا نعلم إن كان هناك إمكانية لبقاء الأسد وعائلته في سوريا على المدى الطويل. هذا التصريح لا بد من التوقف عنده وقد يفهم في سياقين، إما مرواغة على الرأي العام وتحديداً في أمريكا، خصوصاً أن ترامب كان قد وعد خلال حملته الانتخابية بضرورة إسقاط الأسد، أو اعتراف ضمني من واشنطن بعدم قدرتها على تجاوز الأسد في سوريا. والاستراتيجية الأمريكية هذه تتطابق بشكل أو بآخر مع التوجه الفرنسي الجديد الذي أعلنه الرئيس الفرنسي المنتخب مؤخراً إيمانويل ماكرون، الذي قال إنه لا مشكلة حالياً بالنسبة لفرنسا القبول ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، لكنه بالتأكيد غير قادر على إنهاء الصراع لوحده.

ما يمكن استنتاجه أن الأمريكي وحليفه الفرنسي لن يقبلا بالتراجع الكلي دون أخذ حصة اللبوة على الأقل في حال كان لا يمكنهما تجاوز حصة الأسد وشريكه الروسي، وهنا السؤال ما هي حصة اللبوة هذه؟ الجميع يعلم أن الشمال السوري وبعض أجزاء الجنوب الشرقي باتت متخمة بالقواعد العسكرية، التي تشارك فيها قوات فرنسية وبريطانية، فما هو مصير هذه القواعد إن توصلت الأطراف السورية إلى حل؟ وهل ستقبل واشنطن وباريس بسحب قواتهما من على الأرض السورية، طالما أن القاعدة الروسية وقوات موسكو في حميميم باقية وتتمدد.

وماذا عن الحل السياسي، ما هو الستاتيكو الذي قد تقبل به واشنطن وباريس، وإلى أي مدى يمكن القول أن واشنطن قد تخلت عن حلفائها من ما يسمى (بالمعارضة المعتدلة) على حساب التوافق مع موسكو. جميعها تساؤلات لا بد من الوقوف عندها، مع عدم اتضاح ماهية الآلية التي ستحكم وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، وسبب استمرار الفيتو الأمريكي على مخرجات اجتماعات أستانة. وعلى فرض أن الأمريكي قد قبل بالشروط الروسية لفرض هدنة في الجنوب، فماذا عن التركي في الشمال، كيف ستتمكن واشنطن وموسكو من إرضاء أنقرة وإقناعها بعدم وجود تهديد كردي مصيري لها ؟ ، وإن لم تقبل بذلك فهل ستكون واشنطن مستعدة لإعطاء الضوء الأخضر لموسكو ودمشق للشروع بعملية عسكرية كبرى نحو إدلب، خزان الجماعات الإرهابية المرتبطة بتركيا ؟.

من جهة أخرى، قد لا يمكن المقاربة ما بين الحالة السورية والعراقية في الكثير من الأماكن، لكن الأمريكي الذي فرض على العراق شرط وجود شركات أمنية أمريكية كبلاك ووتر لتأمين الطريق الدولي الواصل بين بغداد ودمشق من الجانب العراقي، لن يقبل بحد أدنى من المطالب في سوريا على المدى البعيد، لضمان مصالحه وحصته من النفط والغاز السوريين ووضع العثرات أمام المحاولة الجدية لإعادة ربط المحور السوري اللبناني العراقي الإيراني عبر عقدة الحدود السورية العراقية، خصوصاً أن لا معلومات توضح مصير القواعد العسكرية الأمريكية في الجنوب السورية التي أرسل إليها المئات من الجنود مع مدرعاتهم وآلياتهم مؤخراً.

وإن كان حديث واشنطن الحالي عن عدم وجود نية لمحاربة القوات السورية، يوحي بنية أمريكية لتسليم مفاتيح حل الأزمة السورية إلى موسكو ومن خلفها دمشق، إلا أن الحذر وعدم المبالغة في الثقة بالأمريكي ضرورة، حتى اتضاح حقيقة النوايا الأمريكية التي وبلا أدنى شك لن تتعارض مع الإرادة الإسرائيلية، وتلك الأخيرة لن تقبل بأي وقف لإطلاق النار في الجنوب يمس مصالحها وحزامها الآمن الذي سعت لترسيخه واقعاً خلال سنوات الماضية. الأيام المقبلة قد تكشف الكثير، وستوضح فيما إذا كان الروسي قد وضع الأمريكي بين فكي الكماشة فعلاً، أم أنه فقط يتماشى مع الاستراتيجية الأمريكية الجديدة.

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz