Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 21:37:24
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الحرب على التنوع السوري والفكر السوري والشخصية السورية .. بقلم : بديع عفيف
دام برس : دام برس | الحرب على التنوع السوري والفكر السوري والشخصية السورية .. بقلم : بديع عفيف

دام برس:

قال الرئيس الأميركيّ باراك أوباما في الذكرى الـ15 لاعتداءات 11 أيلول، إنّ: "التنوع ليس ضعفا ولكنه من دعائم القوة الأساسية لنا". وأشار إلى عزم الأمريكيين على حماية بلادهم وأمتهم والحفاظ على "شخصيتهم". وقال إنّ القاعدة وتنظيم (داعش) "يحاولان ممارسة الإرهاب أملاً بأن يدفعنا الخوف إلى أن نقف الواحد في وجه الآخر". وذكّر أوباما بأنّ أناساً "جاؤوا من كلّ أصقاع العالم، من كلّ الألوان، من كلّ الديانات" صنعوا من الولايات المتّحدة ما هي عليه اليوم؛ لنأخذ ما قاله الرئيس الأمريكي ذي الأصول الإفريقية، ونطبّقه على سورية؛

أولاً، التنوع في سورية موجود منذ آلاف السنين، وهذه البلاد قائمة على التعايش والتنوع، بل إنها استقبلت وهضمت كل أنواع الهجرات والأعراق وتخطت كل الأزمات والحروب، ولطالما كانت السوريون رمزاً للتعايش وقبول الآخر على مدى قرون، فلماذا لا يمكن ذلك أن يستمر الآن؛ ما الذي حصل حتى "يصبح" العيش المشترك ووحدة المجتمع والحياة الكريمة ممنوعين على السوريين؛ لماذا على السوريين تمزيق نسيجهم الاجتماعي الذي صنعوه على مدى التاريخ وكانوا وما زالوا سادة العالم واسم "سورية" (صفة تكتب بالتاء المربوطة)، أكبر شاهد على ذلك؟! لعل الأمريكيين أنفسهم أدركوا هذه الحقيقة المهمة من خلال التعامل مع القيادة السورية والوفد السوري لمفاوضات السلام التي رعوها بين سورية وإسرائيل في النهاية القرن الماضي؟!

لم يعد سراً أن شعوب ودول العالم تسعى لخلق أسس للتعايش على أساسها، فيما الحرب على السوريين لنسف الأسس التي يمتلكونها منذ آلاف السنين

ثانياً، الشخصية السورية؛ ندرك أن الحرب على سورية في جانب منها، هي حرب فكرية ثقافية اجتماعية لتدمير الفكر السوري والعقل السوري الأخلاق والشخصية السورية الفريدة؛ لذلك كانت الحرب على القيم السورية والثقافة السورية والتاريخ السوري وحتى على الآثار السورية التي تعرضت وما تزال لمحاولة تدمير وتخريب وسرقة ممنهجة، لإلغاء الماضي السوري العريق ولتشويه الحاضر السوري القوي، ولتشويه وعي الإنسان السوري وعلاقته ببيئته وجغرافيته وتاريخه، وبالتالي نسف الحضور والدور السوري والمستقبل السوري، من خلال دفع الجميع في سورية للقتال ضد الجميع، عبر التحريض وبثّ الفتن ونشر الأكاذيب، ومن خلال محاولة الأعداء فرض ذلك على السوريين في حرب إعلامية رهيبة ضد سورية والسوريين.. أملاً بأن يدفع الخوفُ السوريين إلى أن يقف "الواحد في وجه الآخر"؛ فيما الأمريكي الذي يعدّ طارئاً على التاريخ البشري يسعى للحفاظ على شخصيته وكيانه الذي يسعى لتشكيله وبلورته؛

ثالثاً، ذكّر أوباما بأن سكان بلاده مهاجرون جاؤوا من كلّ أصقاع العالم، وصنعوا من الولايات المتّحدة ما هي عليه اليوم؛ بالمقابل، السوريون هم سادة هذه الأرض وهذه البلاد، وهم أهلها الذين ارتبطوا بها وزرعوها وبنوها وعمّروها ودافعوا عنها ضد كل الحروب والغزوات؛ السوريون هم الذين استوعبوا حضارات الشعوب الأخرى عبر الاتصال معها من خلال الرحلات التجارية والاحتكاك الثقافي وحتى من خلال الحروب.. وليس سرّ أن سورية تضم أكثر من ثلاثة آلاف موقع أثري تعود لخمس حضارات متعاقبة؛ فإي إرث بشري أغنى من الإرث السوري..؟!

ربما لهذه الأسباب والخصائص السورية العظيمة العريقة مجتمعة كانت الحرب على سورية؛ ولكن، بالطبع هناك أسباب أخرى لها علاقة بالحاضر السوري وقوة سورية ومنعتها ودورها الحضاري، وقد قالتها بوضوح صحيفة "هآرتس" العبرية قبل يومين؛ "إن إسرائيل، ورغم انها لم تعترف بذلك، حققت مكاسب، خلال خمس سنوات ونصف من الحرب في سورية، على رأسها انهيار الجيش السوري. وبالتالي فان استقرار وضع النظام في السنة الماضية، بفضل المساعدة الروسية، أثار قلق اسرائيل، لأن هذا يعني احتفاظ محور ايران والاسد وحزب الله، بقوته". هل يحتاج هذا للشرح والتوضيح أكثر؟! ربما؛ فالمطلوب إسرائيلياً هو إنهاء وجود بلد اسمه سورية يقاوم ويوقف المشاريع الصهيونية التوسعية الاستعمارية؛ ونحن ندرك منذ زمن، أنه وبسبب مواقف سورية الوطنية والقومية، أنه "ممنوع" علينا "غربياً"، كبلد عالم ثالث، أن نحقق الاكتفاء الذاتي غذائياً، وأنّ لا تكون علينا ديون خارجية للبنك الدولي وصندق النقد؛ ممنوع علينا أن يكون التعليم مجانياً وأن تكون الطبابة مجانية وأن تغزو الصناعة السورية الأسواق العالمية، وأن يكون السوري المتعلم المثقّف الجدير، بكل العلوم والاختصاصات، موجوداً في كلّ الميادين، وأن نكون بلد الأمن والأمان... ألم يكن هذا هو الحال عشية الحرب على سورية عام 2011؟! بلى، هكذا كانت سورية ولهذا كانت الحرب عليها.

بالأمس، وخلال جولته في مدينة "داريا"، بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك، سُئل الرئيس بشار الأسد عمّا يقال في الإعلام المعادي، عن قيام الدولة السورية بتهجير الأهالي وتغيير التوزيع الديمغرافي؛ الرئيس الأسد، أوضح أنه لو لم يسأل، لما ردّ على هذا الكلام لأنه سخيف وقديم ومكرر؛ اعتبر أن "هذا المصطلح خبيث وخطير"، لأنهم يريدون تكريس قضية طائفية بالدرجة الأولى؛ أجل، أصبحنا نتابع فعلاً عند كلّ عملية مصالحة وطنية تجري في منطقة من المناطق، قيام حملة إعلامية مسعورة موازية ضدّ هذه المصالحات وضد كلّ نوع من العيش المشترك بين السوريين؛ ألمانيا استقبلت العام الماضي مئات آلاف اللاجئين وتسعى لدمجهم بين مواطنيها، فيما مطلوب من السوريين نسف كل الأسس والقيم والحضارة والتاريخ الذي عاشوه، بل وإلقاء ماضيهم وحاضرهم جانباً ليصبحوا مشردين على قارعة طريق التطور البشري والحضاري.. وهذا لم ولن يحصل وستعود سورية أقوى وأمتن لأنها تدرك أن "الضربة التي لا تقتل، تقوّي".. وهي لم تمت ولم تسقط؛ قوتها من ذاتها ومن حيويتها وديناميكية شعبها العريق..؟!

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz