دام برس:

إن الأفكار النمطية هي تعميمات مفرطة عن خصائص مجموعة من الوسائل والاشخاص الذين ينتمون الى فئة معينة وعن الطريق التي يسلكون بمقتضاها، وقد اشارت الدارسات الى ان الصورة النمطية تميل الى وضع مجموعة من هذه الوسائل والافراد ضمن توقعات معينة ويتم التعامل معهم كما لو انهم جزء من نمط معين.

وتتجلى الصورة النمطية إما بشكل ايجابي وتقوم على مجموعة من السمات والخصائص التي تعتبر مشاعر الحب والتعاطف والتأييد والرغبة في التقليد، ويكون ذلك من خلال تصوير هذه الفئات أو الوسائل بأنها تعتنق قيماً خيرة تقوم على رفض الظلم ومواجهته والصمود والمقاومة ومواجهة الأقوياء والانتصار عليهم والرغبة بالسلام، أو بشكل سلبي تقوم على رفض الآخر وأفكاره ومعتقداته واسلوبه ومنهج تفكيره وتكون سبباً للخوف منه والحقد عليه.‏

والتفكير اللانمطي هو التفكير المبدع، الابتكاري، التجديدي، التخيلي الذي يرفض القياس على ما سبق ويتجلى في قدرة الشخص على إحداث فرق أو خرق في منظومة أو قانون أو نظرية معمول بها لأن الصورة السلبية تلعب دوراً كبيراً في تسويغ الحروب والاعمال العنيفة ضد الشعب صاحب هذه الصورة والمشكلة الكبيرة تكمن في أن لا مجال لاختبار سمات أية صورة نمطية في هذا العصر من خلال الخبرة الشخصية اذ أن وسائل الاعلام أصبحت هي المصدر الرئيسي لكل أفكارنا وتصوراتنا عن الدول والشعوب والثقافات والديانات والأشخاص.‏

ان الفكرة الأساسية لكسر الصورة النمطية في الاعلام هي إتاحة مناخ التجادل بين الناس حتى تسود الحجج الجديرة بالسيادة، وهذا المناخ ممكن أن يحصل في ظل اعلام له توجهات مخالفة للصورة النمطية التي حاولت بعض وسائل الاعلام العربية المدعومة فكرياً من الغرب بزعامة أميركا بما يتوافق مع أجنداتها السياسية، ومالياً من العرب أنفسهم الذين يدورون بفلك أميركا ومشاريعها، لأن الاعلام لا يمكن أن يكون حيادياً وله دور رئيسي في تشكيل الوعي واتجاهات الرأي العام من خلال خلق صورة نمطية عن الجماعات والدول والأفراد.‏

وفي ظل الظروف العسكرية والسياسية والثقافية والبيئية التي نتجت عن الربيع العربي الذي أصبح خريفاً دموياً على شعوب هذه الامة من الطبيعي وسط كل هذا أن تكون هناك فوضى اعلامية، شارك فيها بروز دور وسائل التواصل الاجتماعي التي لعبت دوراً مدمراً في احيان كثيرة، حيث ان تنظيم داعش انشأ عشرات آلاف المواقع التي تروج للإرهاب والتطرف والكراهية، وقد أغلقت شركة تويتر 150 ألف حساب لهذا التنظيم بسبب الترويج لهذه الأفكار، وكل هذا ظهر باسم حرية الاعلام.‏

كتب جون آدمز في هذا السياق: إذا طرأ في يوم من الأيام تحسن على مصير الإنسانية، سيكتشف الفلاسفة والعلماء والساسة والمصلحون أن تنظيم الإعلام هو المسألة الأكثر صعوبة وخطراً وأهمية التي يتعين عليهم حلها.‏

صحيفة الثورة