Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 15:51:17
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
معرض الكتاب يسأل: أين صناعة القارئ في إعادة العمران ؟ بقلم : د. فؤاد شربجي
دام برس : دام برس | معرض الكتاب يسأل: أين صناعة القارئ في إعادة العمران ؟ بقلم : د. فؤاد شربجي

دام برس:
بمناسبة معرض الكتاب العربي في دمشق , تذكرنا الشام أنها كتاب أصول الإنسان, قرأ العالم على صفحاتها أرقى الحضارات ويكتب أهلها اليوم قصة الانتصار على الإرهاب واستعادة الروح لمعنى الرحمة والمحبة والسلام . وكتاب الشام اليوم يذكّر بالحديث القدسي, حيث يقول جل جلاله: (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق) وهكذا فإن الحب الإلهي لأنْ يَعْرِف الناس الله, هو سر الخلق كله , الحب والمعرفة , أصل الخلق , وهل تعني دمشق إلا الحب والمعرفة والألوهة؟!
قبل سنوات وبمناسبة معرض الكتاب أيضاً جعل التلفزيون العربي السوري شعاره ( في البدء كانت القراءة), وتابعنا على الشاشة معرضاً تلفزيونياً للكتاب كان صدى لمعرض كتاب مكتبة الأسد وكملته يومها جريدة الثورة بنصف صفحة يومية, وكانت القراءة هي الأساس وكانت تجربة إعلامية تكاملت مع معرض الكتاب ولم تغطه إعلامياً فقط. والسؤال: لماذا لم نراكم ونطور هذه التجربة الإعلامية الثقافية؟!
عن دمشق والكتاب روى الكاتب المصري المشهور أنيس منصور أنه زار دمشق عندما كان في العشرينيات من عمره, يومها لم يكن أصدر أو فكّر في إصدار أي كتاب وأثناء تجوله في سوق الحميدية وجد على إحدى بسطات الكتب كتاباً على غلافه عنوان:
(وحدي بين الكبار) تأليف (أنيس منصور) قلّب منصور الكتاب فوجد أنه مجموعة من مقالاته التي نشرها في مجلة مصرية, ولم يجد على الكتاب اسم الناشر وهذا الناشر الدمشقي -حسب أنيس منصور- سبق المؤلف وأصدر له كتاباً لم يخطر على باله إصداره , ويقول أنيس منصور إن هذا الناشر الدمشقي المجهول كان الدافع له لأن يبدأ بإصدار الكتب وأصدر منها العشرات, ولاحظ منصور أنه وجد الكتاب في سوق الحميدية وهو سوق يتبادل فيه الناس المنافع وهذا السوق يربط بين الجامع الأموي من طرف وقصر العدل من الطرف الآخر, وتعلّم منصور من عبقرية دمشق أن منافع الناس تمتد بين رحمة الله في الجامع وبين العدل بين الناس في قصر العدل عبر سوق لتبادل المنافع وبين هذه المنافع الكتاب المعروض لمن يريد القراءة ويبدو أن الناشر الدمشقي المجهول كان يلبي طلب القارئ بإصداره الكتاب وابتداعه.
وبمناسبة معرض الكتاب لا بد من السؤال عن (صناعة القارئ) لأنها الأساس لـ(صناعة الكتاب) ويرى كثيرون أن الإهمال والفشل في صناعة القارئ باتا جريمة لا يجوز السكوت عنها, كما هو معروف فإن مناهج التعليم هي الأساس في صناعة القارئ ويبدو أن مناهج التلقين تقتل التطلع للمعرفة والقراءة عند الطالب, كما أن الأستاذ في العملية التعليمية هو أيضاً منهاج بحدّ ذاته, فإن كان بأسلوبه محفزاً على القراءة والمعرفة وتحسس الجمال في الأدب والعلم فإن الطالب يصبح مندفعاً للتماهي مع معلمه ويصبح قارئاً جيداً , أما إن كان الأستاذ محدود المعرفة بليد الحماس للتعلم ومحبطاً, أو مغلقاً أو محافظاً, .. أو… أو فإنه سينتج من الطالب كائناً على شاكلته عديم الاهتمام بالقراءة, كذلك فإن وسائل الإعلام تتحمل مسؤولية كبرى في التحفيز على القراءة.

عبر إطلاق الحوار بين الآراء المتباينة, وعبر إفساح المجال للنقد المعرفي والأدبي والجمالي, كذلك صياغة مشروع وطني للحاضر والمستقبل من أهم محفزات (صناعة القارئ) كذلك فإن للرقابة والمنع تأثيراً سلبياً, يوازي التأثير السلبي لانخفاض القدرة الشرائية عند المواطن, وكلها مسائل علينا التفكير بها ونحن بصدد إحياء (صناعة القارئ)… إن صناعة الكتاب مثل (صناعة القارئ) جزء رئيس من العملية المعرفية للمجتمع: وهي جزء أساس من إعادة عمران الإنسان, والمجتمع, وهكذا فإننا, وبمناسبة معرض الكتاب, نطالب الحكومة باعتبار العملية المعرفية أساساً من أسس إعادة العمران وهذا يقتضي الاهتمام بصناعة القارئ, بدءاً من إعادة النظر بالمناهج التربوية, واستبعاد التلقيني منها واعتماد الحوار في الأفكار وتحفيز التذوق الإبداعي وتشجيع غواية الابتكار, بما يجعل الأنوار تملأ عقل طلابنا, وتطرد الظلام عبر المعرفة والحوار والجدال وهذا ما يستوجب إعادة النظر بتأهيل المدرسين وتوفير الظروف الملائمة لخلق المدرس المفعل لقدرات الطالب للتطلع إلى العلم والمعرفة.
– أما في (صناعة الكتاب) فإننا نطالب المؤسسات المعنية باحترام الكتابة وعدم اللجوء إلى طباعة الكتب لتنفيع الأصحاب والرفاق, من دون اعتبار جودة الكتابة, بل ندعوهم للحرص على إنتاج كتب تستحق صفة الكتب, بما تحويه من فكر أو معرفة أو إبداع أدبي- أو فني- أو.. أو..إلخ لأن بعض مؤسساتنا وللأسف تقتل المستودعات بما تطبع من كتب غير ذات قيمة, وهنا نقول لهذه المؤسسات أن تستذكر تجربة الناشر الدمشقي المجهول الذي حوّل أنيس منصور من كاتب مقال جيد إلى مؤلف كتب جيدة, -وباع وربح-
بمناسبة معرض الكتاب, نذكر ما قاله فولتير عندما سئل عمن سيقود الجنس البشري مستقبلاً؟ حيث أجاب: (الذين يعرفون كيف يقرؤون)
انتبهوا إلى (كيف)- رجاء…
 

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz