Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 19 آذار 2024   الساعة 16:21:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
«إضرام حرب الأفكار» واستهداف الدولة الوطنية .. بقلم د. عبد اللطيف عمران

دام برس :

لفت حديث الرئيس الأسد أمام وفد من علماء الدين الإسلامي منذ أسبوع انتباه المهتمين بالأزمة الراهنة ولاسيما قول سيادته «ستكون المرحلة المقبلة أصعب من الناحية الفكرية: عقائدياً وثقافياً ومجتمعياً»، بعد أن أكد ضرورة الاهتمام بالأجيال المقبلة ومخاطبتها بأسلوب التحليل وليس التلقين.
ومن اللافت في هذا الحديث المقتضب توجيهه إلى رجال الدين، في الوقت الذي يخال للمرء فيه للوهلة الأولى أهمية توجيهه إلى السياسيين وأصحاب القرار. لكن الواقع هو أن اتخاذ الدين مشجباً ومطيّة للعبث السيسيولوجي والجيوسياسي بشعوب المنطقة وبدولها صار حقيقة ساطعة، وخاصة الدين الإسلامي. وهذه قيمة أخرى تضاف إلى أهمية الحديث برؤيويّته الراهنة والمستقبلية.
فلطالما استهدف المشروع الصهيو-أطلسي منطقتنا وشعوبنا ودولنا بخطط ومؤامرات عديدة متنوعة، وأكد توالي السنين والعقود أن أخطر الاستهدافات لم تكن تلك ذات الطابع العسكري، بل ذات الطابع العقائدي الذي ينغرس بذور شر مستدام في المجتمع. ولا شك في أن الرجعيتين العربية والعثمانية كانتا الأرض الخصبة لغرس هذه البذور وتغذيتها وتنميتها فكانت حصاداً مريراً.
فمنذ مطلع القرن الماضي تركّز اهتمام المستشرقين الأوروبيين على البحث في أعماق المجتمعات العربية والإسلامية انطلاقاً من المذاهب  والإثنيّات، وكانت مؤلفات جولدتسيهر وماسينون ونيكلسون وآدم ميتز وبروكلمان تصب في صميم البحث العقائدي الفتنوي بما فيها من جهود كبيرة وفّرتها المنازع الاستعمارية ومؤسساتها الاستخباراتية.
ولقد تصدى قليل من المفكّرين العرب لهذه الظاهرة ومن أهمهم العروبي الفلسطيني إدوار سعيد خاصة في كتابيه«الثقافة والامبريالية» و«الاستشراق».
أما اليوم فنحن أمام ظاهرة أخطر وأكثر صعوبة تتمثّل باشتراك «مثقفين» عرب في هذا الاستهداف بعد أن وقعوا في شرك الارتزاق، ثم الخيانة.
ويزداد الأمر صعوبة حين يركّز الغرب جهوده ليس انطلاقاً من أمثال هؤلاء المستشرقين ليحل محلهم اليوم «عملاء CIA الأمريكية، وMI-6 البريطانية وصولاً إلى الموساد والوهابية وبرايمر وروبرت فورد ورايس وبيريز وبرنار ليفي وجين شارب… ومراكز دراسات البترودولار في قطر والإمارات.
هذه المراكز سيطرت على الميديا الإقليمية والدولية وعلى بعض دوائر صنع القرار, وكانت طروحات «السلام» والتطبيع والشرق الأوسط الجديد، والفوضى الخلّاقة.. إلخ التي ركّزت أول ماركّزت على تأجيج أفكار الصراع المجتمعي في المنطقة على حوامل مذهبية وعرقية، وأضرمت النار في الرؤوس قبل الأيدي مستنبطة من الماضي أحقاده، فقط… وكانت بداية الطريق استهداف الدولة الوطنية. وإضرام حرب الأفكار Waging the battle of ideas… مبدأً ومنهج عمل تبنّته الاستراتيجية الأمريكية مع 2004 بعد احتلال العراق.
والدولة الوطنية في بلاد مثل سورية بفسيفسائها التاريخية لا تترسّخ الوطنية فيها أبداً إن لم تقترن بالتقدميّة، فكان هذا الاستهداف الأشرس لها والذي يختزله قول الرئيس الأسد «المرحلة المقبلة ستكون أصعب».
لكن معرفة العدو وتشخيص المرض هما البداية الناجعة للمعالجة الصحيحة والواعدة، والداعية إلى التفاؤل من طرف آخر.. وعلى كل حال سيرحل كثيرٌ من المتآمرين قبل أن تنتهي الأزمة، وقد رحل، وستبقى سورية صامدة.
فقد  كنّا منذ عقود قليلة لانقبل بين ظهرانينا إلاّ الوطني التقدمي، لكننا اليوم صرنا نقول يا ماأحلى الليبرالي؟! الذي كنا نستهجن حضوره ودوره، وبعدها أوصلنا الغرب بلعبه بالإسلامويّة إلى القول يا ماأحلى المعتدل؟!، وإذ بنا نفاجأ بأن المعتدل في رأي الغرب هو أخو الإرهابي، بل شقيقه.
هذا الكلام ليس في سياق الحزبية. إنه رأي عام يتسع عند شعوب الأرض، فبالأمس أوضح الباحث الكندي مارك تاليانو في موقع Global Researsh أن«كل دولة تطالب بتغيير الحكومة السورية هي حتماً داعم للإرهاب، ونحن نعلم كشعب كندي كيف يعمل الغرب على تدفق الإرهابيين إلى سورية، وعلى تشويه سمعة حكومتها».
وبالأمس أيضاً أكّدت الكاتبة الأمريكية في صفحتها, وفي موقع    21stcentury wire.com  «إن النخب الغربية المسيطرة وصحافتها تقوم بشن هجمات على القادة الشعبيين، منها الأكاذيب التي تتعرض لها القيادة السورية التي يشبه تصديقها التسليم بأن نابليون كان يأكل لحم الأطفال.. وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن الرئيس الأسد لايزال يتبوّأ تلك الشعبية التي كان يتمتع بها قبل الأزمة لأن السوريين يرفضون تماماً ودائماً وصول الإرهابيين إلى السلطة».
بالمحصّلة وللحقيقة فإن سورية شعباً وجيشاً وقيادة هي ليست أمل العرب وحدهم، بل بصمودها وثوابتها هي أمل أحرار العالم وشرفائه.. وإنها لأسئلة عمل جاد أمام القوى السياسية الوطنية التقدمية المستهدفة.
د. عبد اللطيف عمران

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz