Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هل نستطيع من خلال التسويق الفكري تجاوز الفجوة بين مبادئ وأفكار الإسلام الصحيحة وبين الفهم الواقعي له ؟ بقلم الدكتور : سامر حسين المصطفى

يحتل التسويق مركزاً حيوياً في النظم الإدارية والاقتصادية ، نظراً لما له من تأثير إيجابي على عملية التنمية الاجتماعية للمجتمعات بجميع أشكالها. وخاصة في ظل وجود تسويق أفكار للاتجاهات الصهيونية في داخل الكنيسة المسيحية الأصولية الأمريكية المعاصرة وإظهار قوة تأثيرها على منابع القرار في السياسة الخارجية الأمريكية عامّة في الصراع العربي الإسرائيلي، وخلق نزعة منحازة على الدوام إلى إسرائيل.
يعتبر التسويق الفكري في أيامنا الأخيرة من أخطر الأنشطة تأثيراً على المجتمعات عامة، ومجتمعنا خاصة، هذا التسويق المتعدد الوسائل، والذي نرى من خلاله خصوصاً في هذا العصر التكنولوجي المعتمد على العقل البشري، الكمبيوتر والإنترنيت، وتوليد المعلومات وتنظيمها واختزانها واستردادها بسهولة وتوصيلها بسرعة فائقة.
وكذلك يرى الناظر إلى واقع التسويق في عصرنا الانفتاح الثقافي ، حيث توفرت وسائل الاتصال الحديثة السريعة والآنية تعبر الحدود بلا حواجز ولا قيود برسائلها ومضامينها من أي مجتمع لأي مجتمع آخر، خصوصاً من خلال الإرسال والاستقبال عبر الأقمار الصناعية، فبدأ العالم يطرق أبوابنا دون استئذان، وأصبح من السهولة استقبال مضامين البث بواسطة أجهزتنا التلفزيونية، وبهذا وصلنا إلى نقطة لم يعد باستطاعة أحد أن يخفي عنا المعلومات، وأصبحنا أسرى لترويج يوجه إلينا من دول كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، ومن صهيونية عالمية، تحمل قنواته الإعلامية الفضائية الكثير من السموم والسلبيات، التي تسيء لأخلاقنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا التي نسير على نهجها ودستورها.
ولما كانت هذه التقنيات في متناول أيدينا، يطرح أمام أذهاننا مدى الاستفادة من هذه التقنيات وتوظيفها في خدمة أهدافنا في عملية التسويق الفكري التي ننشدها عرباً ومسلمين، وتوجيه خطابنا إلى الآخر باللغة التي يفهمها، ودحض التهم والشبهات المزيفة التي يقدمها لنا، وكذلك إيصال مبادئ الإسلام بتعاليمه السمحة، ومقاصده العظيمة، وحقيقته وجوهره إلى شعوب العالم   مسخرين التسويق الفكري في القنوات الفضائية لذلك، وخصوصاً من خلال الدعوة إلى دين الإسلام، مستفيدين أيضاً من الرسول محمد  وآل بيته وأصحابه الطاهرين عظة وعبرة وقدوة في دعوته لهذا الدين الحنيف، واستفادته من كل ما أتيح له في عصره في توظيفه لنجاحها في المساجد والجامعات والمدارس ، يقول الله تعالى مخاطباً رسوله {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }
الحقيقة إننا نعاني اليوم من ضعف اهتمام القائمين على قضايا النظام الإداري والاقتصادي بكتابة دراسات في التسويق وأثره على عملية البيع والشراء دون الخوض في أثر التسويق الفكري الإسلامي على نجاح وفعالية العملية الإدارية و الاقتصادية وأثر هذه النشاطات الترويجية الفكرية التي يمكن أن تساعد على تحقيق أهداف النشاط الإداري و الاقتصادي.
هذا الواقع يقودنا إلى ضرورة توجيه الأسئلة التالية :
هل يتم تقديم التسويق الفكري الإسلامي وخصوصياته بشكل سليم ؟ 
هل من صفات وشروط خاصة لرجال التسويق الإسلامي العاملين في التسويق الفكري للإسلام؟ 
هل نعتمد على وسائل التسويق الفكري في ضوء الإسلام بشكل فعال في مواجهة التسويق المعادي للإسلام ؟ 
هل جودة التسويق الفكري في ضوء الإسلام المقدمة لنا بكل أبعادها تساهم في زيادة التنافس السليم بين القنوات الإعلامية الفضائية وأجهزة الاتصال المتعددة؟

وللإجابة على هذه التساؤلات لابد من العمل على :

• التأكيد على أهمية التسويق الفكري في ضوء الإسلام ودوره في تحسين أخلاقيات المجتمع وتطويره بشكل سليم من خلال البحث عن الوسائل والأساليب التي تساعد على زيادة فعالية أداء عملية التسويق الفكري في ضوء الإسلام.
• التركيز على معرفة محفزات الجودة في التسويق الفكري في ضوء الإسلام( كالفرص المرتبطة بالتطور الهائل في مجال الاتصالات والمعلومات،...). بل إن الجودة في تسويق الأفكار الإسلامية الصحيحة تلعب دوراً حيوياً في نشر المفاهيم السليمة للإسلام والتصدي لشبهات التي يثيرها الآخرون على الإسلام.
• لفت الأنظار إلى الدور الفعال الذي يلعبه تطبيق التسويق الفكري الإسلامي في مستقبل المؤسسات والحياة الاقتصادية والأفراد وتوضيح المتطلبات وآلية العمل المطلوبة لتحقيق أهداف إستراتيجية للأفكار الإسلامية الصحية التي تخفف من الصراع بين المذاهب المختلفة داخل المجتمعات الإسلامية وتوحدها في مواجهة أعداء الأمة الإسلامية .
ويتم تحقيق ذلك من خلال ما يلي :
1- أن يعتمد التسويق الفكري للإسلام الصحيح على القرآن الكريم ورسوله محمد, فأعظم الكتب الإعلامية هو القرآن الكريم، وأعظم رجل إعلام في التاريخ هو سيدنا محمد وهذا القول لا يختلف فيه اثنان في الأمة الإسلامية .
2- إنشاء قنوات فضائية إسلامية توجه الناس باتجاه الابتعاد عن الجزئيات والتركيز على المبادئ العامة الأساسية للإسلام . خاصة وأن هناك حرب إعلامية شرسة على الإسلام والمسلمين، امتدت إلى كل بقاع الدنيا، ودخلت البلاد العربية والإسلامية لتخريب الإسلام من الداخل والخارج.

3- التعريف بالصورة الحقيقية عن الإسلام بالاعتماد على القائمون بالإعلام الإسلامي في القنوات الفضائية ليكونوا علماء ودعاة إلى الله من المستوى الأول دون التجريح والتشهير بالأديان والمذاهب الأخرى ، وأن يتصفوا بصفات خاصة، بعيداً عن المذاهب التي ينتمون لها والتزامهم بمبادئ الإسلام قولاً وعملاً.
4- الابتعاد عن الإفراط والتفريط بصحة الرأي وتكفير الآخرين وأن تكون الدعوة بالاعتماد على دستور الإسلام القرآن الكريم في الدعوة إلى الله، وممارسهتا عملياً.
5- على الإعلامي المسلم أن يتقن اللغة العربية لغة القرآن الكريم، ويوجه رسائله إلى الشعوب، ويخاطبهم بلغاتهم، ويوضح المفاهيم السليمة لأفكار الإسلام بعيداً عن المحاباة والمغالاة بما يساهم في محاربة نشر الفساد والضلال والدعارة والعنف والجريمة وخاصة التلفاز .
6- على القائمين على الإعلام الإسلامي أن يهتموا كثيراً بشكل رسائلهم، ويتقنوا الإخراج والتصوير والصوت بما يساهم في نشر الخير والفضيلة، لينقذوا الإنسانية من مستنقع الشر.
7- التسلح بكافة أجهزة التطور والتكنولوجيا وبشكل خاص استخدام الإنترنيت في مجالات التعريف بأفكار الإسلام السليمة والعادلة والسمحة . وإقامة حملات دعائية في صفوف الغرب وندوات ومحاضرات تتحدث عن المعاني السامية التي ينادي بها الإسلام بما يساهم في تفنيد تلك الحجج والشبهات التي غرست في أذهان الغربيين عن الإسلام.
8- العمل على إصلاح بعض خطبنا الدينية على منابر المساجد وبخاصة تلك العقائد التي تعتمد على الإيسكاتولوجيا الغيبية والأساطير والخرافات وربط الإسلام بالحياة الواقعية العملية.


أخيراً يمكن القول أن وضع قضية الإعلام الإسلامي في أولويات عمل التسويق الفكري للإسلام , ودعم ذلك بإنشاء مؤسسات أهلية إعلامية تنشر مبادئ الإسلام الصحيحة التي توحد جميع مذاهبه وفئاته المختلفة بالاعتماد على دعاة يمتلكون نواحي روحية وأخلاقية وثقافية ومهنية بعيدة عن الجزئيات المذهبية الخلافية , من أجل عدم ترك الساحة الإعلامية فارغة للأدعياء الدخلاء أو الدعاة المأجورين المشوهين لصورة الإسلام ومبادئه الصحيحة.

الدكتور سامر حسين المصطفى
كلية الاقتصاد
جامعة دمشق

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz