دام برس:

يلاحظ في الفترة الأخير أن المواقف الامريكية التي تعكسها تصريحات وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية جون كيري توحي بدء ابتعاد الإدارة الامريكية عن "المعارضة" السورية، في خطوة أولى للتخلي عنها لاحقاً وتحميلها المسؤولية عن فشل ما حاولوا - عبثاً - تسميته بـ "الثورة" السورية.
فبالاضاقة إلى تصريحي وزير الخارجية الامريكية جون كيري الأخيرين الموجهين للمعارضة السورية، اللذين كان أولهما أثناء لقائه مع "الهيئة العليا" للمفاوضات في الرياض، حيث هدد المعارضة بخسرانها لدعم اصدقائها إذا بقيت متمسكة بشروطها المسبقة ولم تذهب إلى جنيف. وثانيهما كان بعد تعليق المؤتمر في جنيف وعلى هامش مؤتمر المانحين في لندن، عندما صرح بانه يتوقع ان يتم اجتثاث المعارضة السورية خلال فترة ثلاث اشهر. كما اننا نلاحظ أن درجة اهمال الإدارة الامريكية لهذه المعارضة وصلت حد تجاهلها، وعدم الرد على الاستفسار الذي تقدم به رياض نعسان أغا باسم المعارضة السورية يطالبها فيه بتوضيحات تخص التصريحات "الصادمة" لوزير خارجيتها. وأخيراً الرد العنيف الذي وجهه  كيري لأحد اعضاء المعارضة الذي استفزه اثناء مؤتمر المانحين المذكور اعلاه، عندما قام هذا المعارض بتوجيه اللوم إلى الإدارة الامريكية متهماً اياها بعدم بذل الجهود الكافية من أجل "انقاذ المدنيين السوريين"، حيث جاء رد كيري بلهجة مستهجنة قائلاً: “هل تريدني ان أذهب الى الحرب مع روسيا من أجلكم.. هل هذا ما تريده؟".
إن التمعن في مضمون هذا الرد ومحاولة قراءة ما بين سطوره، يوحي بأمر غاية في الخطورة بالنسبة للمعارضة، وهو أن الإدارة الأمريكية أصبحت مقتنعة تماماً، ودون أي شك، بان روسيا مصممة على المضي قدماً في دعمها لحليفتها سورية حتى النهاية، ولن تتراجع، وأنها مستعدة لدخول حرب مع الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها اي كانوا هؤلاء الحلفاء، في سبيل انتصار سورية والمحافظة عليها، ومن أجل إعادة سيادة الشرعية الدولية إلى النظام العالمي. بينما الولايات المتحدة الامريكية غير راغبة في هذه الحرب أو غير قادرة على الدخول فيها، ولذلك قررت العمل على الخروج من هذه "الورطة" بأقل الخسائر، أو - في احسن الحالات - بأي مكاسب مهما كانت صغيرة.

المغترب السوري د. غسان أحمد عبود

مدينة طشقند(جمهوريةأوزبكستان)